كاتب الموضوع :
نيو فراولة
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
9- إعتراف في طقس بارد
بعد إنتهاء اليوم المدرسي إرتدت ليندا ثيابا خفيفة ، ثم إنصرفت الى تنظيف الغرفة وأمضت وقتا كبيرا في تنظيف الخزائن وتوضيب محتوياتها ، ولجأت بعدها الى حمام ساخن تريح به أعصابها مصممة على عدم الخروج وريك ، وتأكيدا لذلك إرتدت بعد الحمام ثيابا عادية لا تصلح لسهرة.
في السادسة إلا خمس دقائق سمعت ليندا طرقا خفيفا على الباب ففتحت وعلى وجهها إمارات الرفض ، مرر ريك نظراته عليها وقال بهدوء :
" أراك غير جاهزة ، هل علي ان انتظر طويلا لتستعدي ؟".
أجابت الفتاة ببرودة :
" الى الأبد ، آسفة إذا أفسدت مشاريعك فأنا لن أرافقك ".
" ما السبب ؟".
بدأ الغضب يفقد ليندا ثقتها بنفسها فردت بصوت مرتجف:
" لأنني لم أدع...".
قاطعها ريك :
" أذكر بوضوح انني دعوتك ....".
لم تكن ليندا على إستعداد لسماع نهاية الكلام فقالت :
" رفضت دعوتك وها أنت تحاول إصطحابي بالقوة ، إطمئن ، فانا لن اتزحزح من هنا".
تراجعت ليندا لتقفل الباب لكن ريك كان أسرع منها فدفعه ودخل قبل ان يغلقه وراءه ، أسند ظهره الى الباب وأعلن بكل نعومة :
" ولم لا ؟ فلنبق هنا ونتحادث ما دمت تفضلين ذلك ".
عندئذ حذّرته ليندا بعصبية :
" إن لم تخرج ساملأ الدنيا صراخا ! ".
" لن تذهبي الى هذا الحد فأنا لم امسك بسوء ، ماذا ستقولين لدانيال والباقين عندما يهرعون لنجدتك ؟ إسمعي يا ليندا ، أنا آسف لأنني دخلت غرفتك عنوة ، كما آسف لأنني قمت بحيلة تلك الليلة ، جل ما في الأمر أن هناك سوء تفاهم أريد إزالته ، ومن الأفضل فعل ذلك بعد و
جبة طعام في مكان هادىء ، وإذا لم تكوني جائعة لا مانع عندي، رغم تضوري جوعا ، من التكلم هنا ثم الإنصراف ".
" كم ستطول السهرة؟".
أجاب ريك بفظاظة :
" لن تدوم الليل كله إذا كنت خائفة على سمعتك من التخدش ".
" لا تكن سخيفا !".
ضحك ريك عاليا وقال :
" يا لنبرة المعلمة القاسية ".
كان البريق الماكر في عينيه مدغدغا يدعوها الى مشاركتها الضحك ، فوجدت شفتيها ترسمان إبتسامة عريضة ، وبسرعة إستغل ريك الفرصة ليقول :
" هيا يا ليندا ! إرتدي شيئا جميلا لنخرج ، فانا ارغب كثيرا بتمضية السهرة معك ( نظر اليها متوسلا وزاد ) إعتبريها خدمة تسدينها لي ".
فكرت ليندا قليلا ورضخت للأمر الواقع قائلة :
" حسنا ، إجلس فلن اطيل إنتظارك أكثر من ربع ساعة ".
" أنا مستعد لمنحك ربعا إضافيا ".
خرجت ليندا من غرفة النوم بعد عشرين دقيقة لتجد ريك واقفا يتأمل لوحة معلقة على الحائط .
سالته :
" هل اعجبتك ؟".
إستدار ريك قائلا :
" ملابسك أم اللوحة؟".
أجابت جازمة :
" اللوحة بالطبع ".
لا تدري ليندا لماذا تحاول صده دائما وبطريقة صبيانية أحيانا لا تخفى على ريك ، فماشاها وعاد يحدق في اللوحة التشكيلية الليثة بخطوط بنية ، تضيق لتلتقي في الوسط حول دائرة ذهبية لماعة .
إستفسر ريك مدفوعا بفضول فني بحت :
" ما إسم هذه اللوحة؟".
" لا إسم لها ".
" الشعاع الذهبي في الوسط ينقذها ، فهو يجسد أملا مشرقا وسط إطار قاتم متشائم الى حد السواد ( إلتفت ريك صوبها وتابع ) هذه اللوحة لا تلائم طباعك كما عهدتك ".
بدت كلمات ريك وكانها تصطدم بجدار ولا تؤثر بليندا التي علقت :
" كبرت وتغيرت كثيرا ".
عندها قال ريك بكل جدية :
" زادك الكبر روعة وجمالا".
تناول ريك مشلحها الصوفي ذا اللون الفضي ووضه حول كتفيها قائلا :
" الطقس بارد في الخارج ".
ثم فتح الباب وحاد لتخرج قبله ملقيا نظرة أخرى على اللوحة ومعلقا :
" أعتقد أنها تعجبني قليلا ".
خلال العشاء رفض ريك التحدث في موضوع سوء التفاهم معلنا رغبته في التمتع بالسهرة ، وافقت ليندا على التأجيل وصبت إهتمامها على الأطعمة المعروضة امامها.
قال ريك وهو يدفع طبقه الفارغ :
" أتريدين قطعة من الحلوى ؟".
" لا شكرا ، خذ راحتك إذا كنت ترغب واحدة ".
" القهوة تفي بالغرض على ما أظن ، فأنا لا أحب الحلويات كثيرا ".
بعد العشاء إتجها بالسيارة ناحية الساحل فالوقت ما يزال باكرا نسبيا ، ومنظر الغروب يستحق المشاهدة ، نشرت آخر خيوط الشمس حجابا فضيا فوق البحر والأمواج تتلاطم متكسرة على الشاطىء ، قاذفة الحصى الصغيرة في كل إتجاه .
أوقف ريك السيارة تحت شجرة ظليلة والليل يكاد يبدأ ، ثم فتح الباب سائلا ليندا :
" اترغبين القيام بنزهة صغيرة على الشاطىء ؟".
وافقت الفتاة معتبرة النزهة عاملا مساعدا على التصارح والبوح بما يشغل القلب ، فلربما كانت رحابة البحر حافزا لريك على الكلام برحابة ماثلة .
وزاد من سحر الجو وجماله أضواء بعيدة تتلألأ من بيوت على الشاطىء كالنجوم التي تصدر وميضا يتحرق الناظر لأكتشاف سره.
أكملا نزهتهما بهدوء الى أن شدها ريك نحو صخرة ملساء ناشفة من بين الرمال وقريبة من الماء ، جلسا عليها يتأملان المياه وليندا شاعرة بأن ريك يستعد للكلام ، صح ظنها إذ تنفس الرجل عميقا وقال :
" احيانا أتمنى ان أكون من المدخنين ، فالسيكارة قد تساعد في تخفيف وطأة مثل هذه المواقف".
لم تحرك ليندا ساكنا بل ظلت تحدق في سواد المياه الرهيب ، الى أن ايقظها ريك بفتحه الموضوع :
" أخالك ظننت أن ريان سلبني فتاتي ، لذا علي أن اشرح الحقيقة ، لا يعقل أن يقوم ريان بعمل كهذا وهو رجل شهم كما تعلمين ، وأنا لا ارضى بجعلك تعتقدين انه يقدم عل عمل من هذا القبيل خاصة وأنه يحترمك ويحبك ، وهذا الإعتقاد الخاطىء ، سيولد كذلك صورة مغلوطة عن وضعي الحقيقي أود محوها من ذهنك ، خاصة انني انفر من شعورك بالشفقة إتجاهي والذي سئمت منه في الماضي ".
" اتعني ان روث لم تكن مخطوبة اليك ؟".
" تماما".
|