كاتب الموضوع :
نيو فراولة
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
لم تحتج أليسون الى كثير من الذكاء لترى القلق في عيني شقيقتها فسرعان ما قالت بمرح:
"لتكن هذه الليلة ليلة خاصة تنسين فيها كل شيء وتنصرفين الى اللهو !".
بعد إنتهاء الحفلة أوت ليندا الى فراشها لكنها لم تستطع أن تغفو ملء جفنيها ، فافاقت في الصباح الباكر مصابة بصداع قوي ، وكان من الطبيعي أن يخصص قبل الظهر لتنظيف البيت من بقايا البارحة ، مما زاد من إرهاق ليندا التي تناولت بعد ذلك غداء متأخرا واوت الى السرير من جديد ، وعندما نزلت من غرفتها لتناول الشاي وافاها روبن مستفسرا عن صحتها :
" كيف تشعرين الآن ؟".
" أفضل بكثير ، وأرجوك يا روبن ألا تغرقني بالنصائح لأنني أراك متحفزا للبدء بالوعظ ".
إبتسم الشاب وقال :
" انت على حق فأنا متحرق للكلام ، ولكنني لن أفعل إكراما لك ، على فكرة ، هل تنوين زيارة ريك الأسبوع المقبل ؟".
" بالطبع ".
" أليسون وأنا مدعوان لقضاء عطلة نهاية الأسبوع في لندن عند بعض الأصدقاء ، فهل تودين أن أقلك بسيارتي ؟".
ولم لا ؟ فبذلك تتخلص ليندا من رحلة القطار الطويلة والمملة ، كما ان روبن أكد لها انهم سيصلون الى لندن في فترة بعد الظهر أي في الفترة التي تخصصها المستشفيات للزوار ...
لكن الريح تجري بما لا تشتهي السفن ، فبعد أن قطعت السيارة ثلاثة أرباع المسافة حلّت الكارثة إذ اصدر المحرك أصواتا غريبة قبل أن يتعطل نهائيا .
دفع روبن السيارة الى جانب الطريق وهو يكيل لها من اللعنات ما يعرف ، ثم تفحص الوقود فوجد الخزان شبه مليء ، ففتح غطاء المحرك ولم يصل الى تشخيص للداء إلا بعد ربع ساعة ، فأعلن لشقيقتيه :
" اعتقد أن عطلا طرأ على مضخة الوقود وبالتالي لا يسعني عمل شيء سوى إحضار ميكانيكي ، لذلك سأوقف سيارة تقلني الى أقرب مرآب لأحضر ميكانيكيا أو رافعة تنتشلنا من هذا المكان اللعين ".
ما كادت ليندا تسمع ذلك حتى صاحت :
" لكن الأمر سيأخذ وقتا طويلا وأنا على عجلة من أمري ! ".
رمقها روبن بنظرة متفهمة قائلا :
" اخشى انك لن تتمكني من الوصول الى المستشفى في الوقت المحدد ، ولكن لا باس إن ذهبت الى ريك في المساء ".
" ماذا تقول ؟ نحن على موعد الآن ".
ترددت ليندا :
" سأستقل أول سيارة ....".
قاطعها روبن صارخا في وجهها :
" لن تتحركي من هنا ، بل ستبقين مع أليسون حتى أتدبر امر السيارة ونتوجه راسا الى لندن ! ".
أرادت ليندا الإعتراض لكنها عدلت بعدما نظرت الى وجه اخيها العنيد ، ووجدت فيه من الإصرار ما يقنع ، فرغم طيبته يستطيع روبن أن يظهر قساوة بالغة وتشبثا بالراي كبيرا يجعلان موقفه ثابتا لا يتزحزح .
وهكذا إكتفت ليندا بطلب القليل :
" أاستطيع مرافقتك الى المرآب لأتصل بعم ريك وأشرح له الأمر ؟".
لكن روبن لم يكن في مزاج يسمح له باي تهاون إذ اجاب :
" لن ندع أليسون وحيدة على قارعة الطريق ، إبقي معها وسأبذل جهدي لأتصل بعم ريك ".
بعد قليل توقفت إحدى السيارات لأشارة روبن وأبقى سائقها إلا أن يعرض مهارته الزائفة في إصلاح السيارات .
فأضاع عشر دقائق في تفحص المحرك قبل أن يعلن فشله ، وأخيرا شاهدت ليندا شقيقها يبتعد والرجل بسيارة هذا الأخير بعد أن قطع لها روبن وعدا بالإتصال بريان بيرنيت .
ومرت الدقائق ببطء ثقيل قبل أن يعود روبن وبصحبته الميكانيكي ، وكانت اول كلمة وجهتها له ليندا الإستفسار عن الأتصال .
طوّقت أليسون كتفي ليندا بذراعها وقالت مخففة عنها :
" لا تقلقي يا عزيزتي ، سترينه في المساء وتشرحين له كل شيء ، ألا تستطيعين الإنتظار بضع ساعات ؟".
تنهدت ليندا بيأس وأجابت :
" استطيع الإنتظار لكن ريك قد يفهم المسألة على طريقته ، فأنا لم اذهب لزيارته الأسبوع الماضي وبتأخري الآن سيظن أنني سئمته ولم أعد ارغب برؤيته ! ".
" لكنك شرحت له سبب تغيّبك السبت الفائت ".
" صحيح يا أليسون ، لكن ذلك مضافا الى غيابي اليوم سيجعله يعتقد ان الحفلة كانت مجرد عذر للتهرب منه ".
خرجت اليسون هذه المرة عن تحفظها ونهرت شقيقتها :
" يبدو أنك تقولين للرجل اشياء كثيرة لا يعقل ان يفكر بها لو كان يعرف حقيقتك ! ".
أنار كلام أليسون القاسي وجه ليندا ونبهها الى ما كانت غافلة عنه .
" أنت على حق يا أليسون ، لكنني خائفة لأن ريك المكبل في سريره قد يضخم الأمور بعض الشيء ".
" لست مكانه لأحكم على ذلك ولا أدري من أين جاءتك هذه القدرة على التحليل النفسي ! ".
" أنا اعرف كيف يفكر ريك ".
" وكيف ذلك ؟".
" حدسي ينبئني بالأمر ".
لم تشأ اليسون الإسترسال في هذا الحوار ما دامت غير قادرة على إقناع ليندا بعدم صواب تفكيرها ، وإعتمادها على الحدس الذي غالبا ما يكون خاطئا .
إنتهى إصلاح السيارة أخيرا وتوجه الثلاثة مجددا الى لندن ، وفي الطريق هدأت اعصاب ليندا بعدما أيقنت أن القلق لن يساهم إلا في توتير الجو ، الأمر الذي لن يوصلها الى مقصدها قبل حلول المساء ، فجلست في مقعدها صامتة تنتظر إنتهاء العجلات من إلتهام الأسفلت حتى تلتقي ريك .
فيما دخلت السيارة موقف المستشفى نظرت اليسون حتى تلتقي ريك :
" ما رايك بالدخول لنشرح لريك سبب تاخر ليندا ؟".
لم يمانع روبن في ذلك وولج ثلاثتهم حرم البناء فيما ليندا تتساءل عن ردة فعل ريك عندما سيقابل إثنين من أفراد عائلتها ، هو لم يطلب منها يوما أن يقابل أحدا منهم لكنه ابدى إهتماما ظاهرا لدى أي حديث عنهم ، ولربما حان الوقت لمقابلة أحدهم ، إضافة الى ذلك ، فإن وجود أليسون وروبن الى جانبها سيساعدها في مواجهته لأنه لا بد سيكون غاضبا ، وغضبه إمتحان ليس سهلا تجاوزه .
|