كاتب الموضوع :
نيو فراولة
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
4- من يشعر بالذنب ؟
أحيانا ، كان ريك يتلقى زيارات من أصدقائه اللندنيين ، فإذا وصلوا قبل ليندا إنتظرتهم في الخارج او في غرفة جيمي ، وإذا حضروا وهي في الغرفة خضعت لشكليات التعارف ثم إنسحبت بهدوء لتعود بعد رحيلهم ، ولما لاحظ ريك ذلك سألها يوما :
" ألا يعجبك أصدقائي؟".
" سؤال غريب ".
" لماذا ؟".منتدى ليلاس
" كيف تريدني ان أحكم عليهم جميعا وأنا أكاد لا أعرفهم ؟".
" صحيح ، ما دمت تهربين فور وصول أحدهم ".
" لكنهم ياتون لزيارتك لا لزيارتي ، كما ان وجود العديد من الزوار في آن يزعجك ".
" من قال ذلك ؟ تبدين وكأنك إحدى الممرضات لا بل رئيسة الممرضات ومصابة بعقدة التفوق وبلذة الأوامر ، إعترفي ، أتغارين من مجيء الزوار ؟".
" لا تكن سخيفا ! فانت تعلم ان الإزدحام في الغرفة غير مفيد على الإطلاق".
" ولماذا ؟".
" الضجيج والثرثرة يؤثران على الأعصاب ".
" حسنا ، أنا متوتر ، أتريدين أن أعتذر؟".
" هذا يتوقف على مشيئتك".
مد ريد يده اليها ودعاها الى الإقتراب منه لكن ليندا لم تتحرك قيد أنملة فخفض يده قائلا:
" أنا آسف ، أيكفي ذلك ؟ والان تعالي اليّ ".
وبالطبع لم ترفض ليندا هذه المرة دعوته.
ذات يوم فتحت ليندا باب غرفة ريك فوجدت أن لديه زائرا من نوع خاص ، فقد كانت الى جانبه حسناء شقراء ، لكثرة ما بدا مفجوعة ، إرتمت على صدره منتحبة .
ازاء هذا المشهد وقفت ليندا حائرة ، فرماها ريك بنظرة إستنجاد حتى تخلصه من هذه الورطة ، فاغلقت الباب بهدوء وذهبت تبحث عن الممرضة سيدني التي تستطيع برصانتها إنقاذ الموقف وإنتشال ريك من براثن رفيقته.
" إتكلي علي يا آنسة لورنس ، إنتظريني عشر دقائق في غرفة الجلوس فأكون في هذا الوقت قد حللت المشكلة".
" وكيف ستتصرفين ؟".
" سأعطي الفتاة فنجانا من الشاي حتى تهدأ ثم ارسلها ال البيت ".
وفعلا ، كان ريك وحده عندما عادت ليندا الى الغرفة ، فإستقبلها قائلا بغضب:
" بالله عليك ، اين كنت ؟ الم تعلمي أنني بحاجة الى المساعدة؟".
" رايت أنه من غير اللائق تدخّلي في هذه المسألة ، لذلك آثرت إنتظار رحيلها في غرفة الجلوس ".
" ماذا تقولين ! نصبت نفسك ملاكي الحارس وتركتني في هذه الورطة ! ألم يكن بوسعك عمل شيء ؟".
إرتفعت نبرة ليندا عند الإجابة :
" أولا ، لا تكلمني بهذه الطريقة ! ثانيا ، أنا لم أبق مكتوفة اليدين ، فقد أخبرت الممرضة سيدني بالأمر لأنه من مهامها التعامل مع هذه المشاكل ، وأنا واثقة من أنها تصرفت بكل براعة".
" براعتها لا تقل عن الجدل ، فقد امسكت مارينا بكتفيها واخرجتها بلحظة وهي تطيب خاطرها ".
" يا له من إسم جميل ".
" وصاحبته كذلك".
ضحكت ليندا فسالها :
" ما المضحك في الأمر ؟".
" لا بد انها المرة الأولى التي تستنجد فيها بأحد ينقذك من فتاة جميلة !".
" مارينا إيطالية الأم ولذلك هي تجيد لعب دور المفجوعة بمأساوية بالغة ، لا أخفي عليك أننا أقمنا علاقة لأشهر خلت لكنها لم تتعد التسلية ، وما لبثت مارينا ان إنتقلت الى رجل آخر ، وهي لم تكن لتعود الى هنا وتنعم علي بدموعها إن السخية لو أنها ما زالت مرتبطة به".
" الم تكن على علم بالحادثة ؟".
" هذا ما إدّعته ، وعواطفها في أي حال سطحية وكاذبة ، وكل ما تريد برهنته هو جمال عينيها الداكنتين المرطبتين بالدموع ".
" هل أبكيت الكثير من النساء ؟".
" لا لم افعل ، والدليل أنني ما أبكيتك يوما ".
هزت الفتاة رأسها موافقة دون أن تصرّح بعدد الليالي التي لم يغمض لها فيها جفن ! إلا على وسادة مبللة بالعبرات ، وفي محاولة تهرب من الحقيقة قالت :
" قد تكون مارينا صادقة في حزنها فأنت لا تستطيع الحكم على حقيقة عواطف فتاة بهذه السرعة !".
أسر ريك يدها في قبضته ولما هم بالكلام دخل عمه ريان الغرفة ، فلمحت ليندا علائم إرتياح على وجه الشاب الذي يحب قريبه الوحيد بإخلاص.
لم تبارح ليندا الغرفة فريان يرغب ببقائها ، وهي تستسيغ صحبته وتلتذ بوجوده وحديثه ، والرجل يحبذ بقاءها الى جانب إبن أخيه ما دام هذا الأخير في المستشفى ، وأحيانا كثيرة كان يصطحبها بعد إنتهاء أوقات الزيارات لتناول فنجان من القهوة والتحدث عن ريك ، إستطاع ريان ان يمحو الصورة القاسية التي كوّنتها ليندا عنه ، خصوصا عندما حذّرها من مغبة خذل ريك في منتصف الطريق.
جلس الثلاثة يتحدثون في مواضيع شتى فمر الوقت بسرعة مذهلة حتى رمى ريك بالأغطية متذمرا من الجو الحار ، وبالفعل كانت الغرفة شديدة الدفء على الرغم من كونها مكيفة ، فتبرع ريان بفتح النافذة العليا ، لكن وصول الممرضة سيدني جاء كالعادة في الوقت المناسب ، فقالت وهي تدخل الغرفة :
" دعني اتولى ذلك يا سيد برنيت".
ساعدها ريان على الصعود الى الكرسي لتستطيع الوصول الى النافذة ففتحتها ، ثم تفحصت جهاز التكييف ولاحظت :
" يبدو أن عطلا ما طرأ على الجهاز المركزي فهو لا يعمل كما يجب ، والكثير من المرضى تذمروا من الحر الشديد ".
وقفت ليندا قرب الطرف الآخر للسرير تراقب الرجلين يحدقان بالممرضة الواقفة على الكرسي بثوبها الأبيض الضيق ، والمعقود عند الخصر بزنار أحمر يساعد في كشف قامتها الجميلة وتكاوينها المليئة بالأنوثة.
غرقت الغرفة فجأة في صمت تام فيما الجميع يتفرجون على الممرضة تتفحص الجهاز حتى إنتهى ( المشهد ) اخيرا بنزولها عن الكرسي ، ولم يكن من الصعوبة بمكان ان ترى ليندا في عيني ريك وعمه علامات الإعجاب والرضى بعد ان تاملا طويلا مفاتن الممرضة الحسناء ، خصوصا وأن ريان سارع الى مساعدتها على النزول شاكرا :
" الف شكر يا آنسة ".
|