كاتب الموضوع :
نيو فراولة
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
سالها والنعاس يغلبه :
" أيزعجك إن أخلدت الى النوم ؟ ( ولم يفسح في المجال للإجابة واردف ) طبعا سيزعجك ، قد أطيل النوم مما سيعرض سمعتك للدمار ".
اجابته بصدق :
" لست قلقة على سمعتي ".
" ماذا إذن ؟".
كانت تخشى أن تفقد صلابتها ومقاومتها له ، وخافت أن يدب الوهن الى إرادتها فتفقد السيطرة على نفسها ".
نهضت تتناول الفنجان من أمامه قائلة بلطف :
" يمكنك النوم إن أردت ، وإن شئت التمدد على الأريكة فعلى الرحب والسعة ".
نظر اليها بعينيه الداكنتين اللتين تلمعان رقة تغلفهما مسحة خفيفة من الحزن ، وسألها :
" هل تثقين بي؟".
" اجل ".
نهض من مقعده وتناول الفنجان من يدها وأعاده الى الطاولة ، ثم وضع يديه على منكبيها بنعومة فائقة هامسا :
" المشكلة ، أنني لا أثق بنفسي ".
فكرت ليندا بكلامه لتجده ينطبق عليها هي الأخرى ، سألها ريك :
" هلا أخبرتني شيئا ، لماذا ترفضين دائما التجاوب ؟".
" معك ؟".
" مع الجميع ".
" الأسباب كثيرة ، لكن السبب الأهم ، هو إيماني بان الألفة الكاملة بين شخصين يجب أن يجاريها إلتزام كامل ".
أحست بيديه تضغطان على كتفيها ، وبمسحة من الألم تحل محل الحزن في عينيه :
" لا يمكنني أن أمنحك الإلتزام ".
كانت تعلم ذلك ، فلم يشعر نحوها يوما بما يفرض عليه ذلك بالرغم من إعجابه وإهتمامه بها ، همست تجيبه :
" أدرك ذلك ، كما انني عاجزة عن منحك ما هو اقل من ذلك ".
دنا منها وضمّها بنعومة شديدة ، أحست بوجنتيها تتبللان ، فأدركت انها تبكي ، فأسند راسها الى كتفه دافنا وجهه في شعرها .
شعرت بالبرد عندما افلتها فلازمت مكانها واقفة مغمضة عينيها الى ان سمعت صوته قبل ان يخطو الى الخارج ،هامسا برقة وتحبب :
" الى اللقاء يا حبيبتي ".
وقفت ليندا وسط غرفتها مصعوقة لا تقوى على الحراك ، إكتشفت أنها كانت وستبقى ضحية حظها العاثر ، فللمرة الثانية يخذلها القدر ويرميها فريسة سهلة بين براثن التعاسة .
ندر ظهور ريك في في المؤسسة ذلك الأسبوع ، مما بعث في نفس ليندا شعورا كبيرا بالراحة ، عادت تجتمع بأصدقائها ، مبددة شكوكا بدأت تنمو في أذهانهم ، ردا على سؤال كليو عن ريك وعن مصير المؤسسة أوضح دانيال ان إختفاء ريك دليل على قرب إنتهائه من تحقيقاته ودراساته ، مع إعتقاده بأنه الآن يمضي عطلة يستحقها بعد العمل المضني الذي قام به .
اثار كلام دانيال قلقا لم تنجح ليندا في إخفائه من وجهها بالرغم من محاولاتها ذلك ، لاحظت كليو ما تعاني منه صديقتها فتعاونت مع دانيال وبيغي على التخفيف عنها وصرف تفكيرها عن امور محددة ، من غير ان يطرحوا اسئلة.
قدم شارلي غراهام وزوجته لتمضية ثلاثة ايام في رحاب المؤسسة ، وصلا نهار الجمعة وتوجه شارلي مباشرة الى قاعة الصفوف للتحدث الى التلاميذ عن عمله ، وعن رحلته الأخيرة عبر البحار ، للإشتراك بالمباريات الرياضية التي يشترك فيها معاقون من مختلف الدول.
اصغى الأولاد اليه بإنتباه ودهشة ، خصوصا عندما عرض عليهم صورا لمناظر خلابة في بلدان زارها ، مشعلا فيهم روح الرغبة للقيام برحلات مماثلةعندما تسمح لهم سنّهم بذلك .
امضى الأورد نهار السبت برفقة شارلي ، يتعلمون إستعمال القوس وكيفية إطلاق السهام ورمي الرماح ، كانوا متحلقين حول جسمه الضخم بحماس كبير ، يصفقون له محيين عند كل حركة يقوم بها ، كان يتعمد السير امامهم ليطلعوا على مهارتهم في تسيير كراسيهم المتحركة ، فيسرع حينا ليقوموا بمجهود للحاق به ويبطىء حينا آخر ليريحهم ، فتحولت المساحة العشبية الممتدة أمام المدرسة الى ساحة رياضة تضجّ بصراخ الأولاد وصفارة شارلي.
شعرت ليندا ببعض الحماس وهي تلف الى جانب سوزان تراقبان شارلي وقد جمع حوله التلاميذ ، يروي لهم إحدى قصصه ، ويومىء بيديه في كل الإتجاهات فيستثير ضحك الأولاد .
همست ليندا لسوزان :
" أحسده على ما يتحلى به من صبر وطيبة مع الأولاد ".
أجابت سوزان بفخر وإعتزاز :
" شارلي طيب مع الجميع ".
تتمتع سوزان بقسط وافر من الجمال ، شعر اسود طويل غزا الشيب بعض خصلاته ، عينان داكنتان لا يخبو بريقهما ، قامة ممشوقة ، وخصر ما يزال محافظا على نحافة جذابة.
سألتها ليندا :
" هل عرفته طويلا قبل الزواج ؟".
ردت سوزان بجفاء تطلب إيضاحا :
" تقصدين الإستفهام عما إذا كان عاجزا عندما تزوجته؟".
أجابت ليندا بهدوء :
" لا ، فانا على علم بذلك ".
إستدركت سوزان بصدق :
" إستميحك عذرا ، يبدو أنني بالغت في التأثر ، كان عليّ أن أدرك أنك لست من هواة التطفل ، هل أنت كذلك ؟".
" لا أبدا ".
" عرفت شارلي سنوات عديدة ، فقد كان صديقا لزوجي الأول باعدت بيننا الأيام الى ان توفي زوجي فعدنا وإلتقينا اثناء الجنازة ، كان قوي العزيمة لا يهاب شيئا ، قادرا على القيام باي شيء ، أعتقد أنني إعتمدت عليه بوقاحة في إحدى الفترات ، اقعد المرض زوجي مدة طويلة في الفراش فإضطررت للقيام بدور الممرضة ليالي طويلة مما أرهقني واضعف كثرا عزيمتي ، كان عليّ أن ابدو قوية لأجله لكن في الوقت ذاته ، كادت قواي تخور فجأة ، لم أجد بجانبي إلا شارلي ، فكان خشبة خلاصي بعد فاة زوجي".
" لا اخاله يبخل بتقديم المساعدة لأحد ، انت محظوظة لوقوعك على شخص مثل شارلي ".
" اعلم ذلك ، لكن المضحك في الأمر أنه لم يشعر بإعجابي به في البداية ، استغرب كثيرا فكرة الزواج مني (وإبتسمت لذهول ليندا من كلامها مردفة ) آسفة يبدو أنني أربكتك بجراتي ، لست ثرثارة الى هذه الدرجة عادة".
|