بسم الله الرحمن الرحيم .
أول مرة أكتب بهذا المنتدى , ولقد كنت أحاول من قبل الآن فعل ذلك لكنني واجهت صعوبات من نوع ما .
الآن أتشرف بإنزال قصة لي بعنوان ( كنت قد بدأت أكره العدد الفردي ) وهي من تأليفي .
ولدت مميزة ..... أنا لا أردد هذه المقولة داخل نفسي . عمري
الآن ثلاث وعشرون ( 23 ) سنة . فتاة جميلة .......مكتملة الحواس
سليمة الجسد .......... طويلة القامة ......... ملفتة للأنظار , أو هكذا
قالوا لي .
أمي بريطانية , امرأة مناضلة جدا حول قضية البيئة , عاشت طوال
عمرها من بعد سن الثالثة والعشرين وهي تنادي بضرورة نقاء وصفاء
وخلو البيئة من الملوثات أيا كان نوعها , وحصلت على جوائز كثيرة
وأوسمة عديدة , ليس آخرها وسام الأمير مارك فيليب ولي عهد
إحدى الدول الأوربية البارزة . لكن ذلك الوسام كان أبرز جوائز أمي
لأن معه درع منحوت عليه اسم أمي بمداد ذهبي , والوسام لا يسترجع من أمي أبدا .
والدي دكتور في علوم الفضاء , ولقد ظلت وكالة ناسا للعلوم والطيران تدور حوله وتحوم حوله وتقدم له
العروض تلو العروض ليقبل الانضمام لها .
أنا وحيدتهما ........ ولقد ورثت عنهما العقل والذكاء والاعتداد الشديد بالنفس . كنت لا أظن أنني مميزة , لكن
أكثر من صديقة قالت لي ذلك , فأبي العربي الذي درس في أمريكا وعلمني فيها كان يحرص ان أتعلم كل العلوم
,لكنه كان يربطها بديانتي المسلمة . لذلك عقب انتهائي من كل سنة دراسية لي كنت أعود إلى دولتي السعودية
, واستمتع جدا بالخروج لرعي الغنم مع جدتي التي تجيد الحُداء للغنم بكلمات صرت أحفظها عن ظهر قلب .
أمتلك بيتا فاخرا في منطقة الأثرياء في أمريكا , وارفض من أمي امتلاك شقة في لندن . لي عمل
مستقل أديره من مكاني بالإنترنت يدر علي آلاف الدولارات , فضلا عن شهادة جامعية لا تقدم ولا تؤخر
كثيرا فأنا أتمتع بسمعة طيبة مأخوذة من تاريخ وسيرة كل من أبي وأمي .
بدأت ألاحظ منذ بلغت الثامنة عشرة ( 18 ) سنة أنني إذا دخلت مكان ......أي مكان لا بد أن أكون
وحدي داخل هذا المكان لا رفيق لي فيه , بمعنى أنني إذا دخلت مكان يصبح عدد الموجدين عدد فردي ,
يعني ثلاثة , خمسة , سبعة , تسعة , أحد عشر , ................. وهكذا , وبالتالي كل واحد من
الموجدين له زوج إلا أنا , أنا العدد الفردي الذي لا يشكل أحد معي زوجا .
عندما أخبرت صديقتي ( رحيل ) بهذه الفكرة ضحكت حتى استلقت على ظهرها فوق سريرها من
الضحك , ثم أخذت توضح لي أن هذا أمر وارد , لكن دخول الناس وخروجهم من أي مكان يكون بشكل
مستمر وغير ثابت ,وبالتالي العدد لا يثبت بل يتغير في كل مرة ....
نعم لاحظت أن عدد الناس يتغير كل مرة بدخول الناس وخروجهم , لكنه يثبت على عدد فردي مدة طويلة
كافية لألاحظ ذلك وأبقى دون زوج .
ضحكت تماما وأنا أرد على بعض أصدقائي الذين أمطروني بتعليقاتهم على ما كتبته حول هذا الموضوع
على الفيس بوك , فقد كتب م م ر : الله واحد ما له ثاني .
وكتب ص ش : يا عيني مين قدك , فريدة من نوعك يا عيني .
وكتب رر والمهتم بالأدب والشعر : إذا ما خلوت الدهر يوما فلا تقل خلوت ولكن قل علي رقيب .
ووضع خط تحت كلمة خلوت في كل مرة .
وكتب ع ص : أنا وإن كنت الوحيد زمانه لآت بما لم تستطعه الأوائل .
وكتب م د : و بتدي مرة جديدة ودام أنا قلبي جسور تجربة والعمر مرة والسنة اثنا عشر شهر
/ من شعر حامد زيد .
وكتب ه و : أحفظ رقم ( 1 ) وخله تسلسلك يمكن ألف ..... آ آ دور ........ أكون لاهي /
من شعر أحمد عسيري .
كنت أقرأ الردود وأمط شفتي على آخرهما حتى قرأت رد صديق أضفته أخيرا للقائمة رموز اسمه ح ر كتب
لي :لقد لاحظت على نفسي الشيء نفسه , فأنا إذا تواجدت في مكان ما كنت فريدا ولا زوج لي أيضا
...... غريب ....... كنت أفكر أن مجرد التفكير في ذلك فكرة سخيفة ولم أسمح لها كوني رجل لا تلفت
انتباهه هذه الأمور أن تخرج خارج حيز الأفكار السخيفة في عقلي ـــ غريبة أن هناك شخص يعايش هذه
الفكرة .
سمحت لأمي أن تقرأ هذه الرسالة بعد أن كتبتها لها باللغة الانجليزية , وأرسلتها لها عبر بريدها الالكتروني
, واتصلت بي عقب ذلك في فترة الاستراحة خلال مؤتمر دولي تحضره في باريس مهتم بالبيئة . نصحتني
أن أسأل الصديق تفصيلات أكثر .
في غضون شهرين قرأت عن الظاهرة الفردية أكثر , قرأت عنها أكثر , وكثرت رسائل الفيس بوك بيني وبين
ح ر لأجد ح ر طالب ماجستيري في قسم الكيمياء الحيوية , سعودي , مسلم .
فكرت أن أراه , لكنني لن أخون أبي فهذا الأمر ممنوع علي تماما هنا .....
شهور , ولم أسمح لقنوات الاتصال مع ح ر أن تزيد عن كونها عبر رسائل الفيس بوك ., وأخيرا انضممت ل
لأمي في باريس هناك في مؤتمر يناقش فيه استخدام المواد العضوية الحيوية كمواد صديقة للبيئة , حيث
سيتبنى دارس ماجستير فكرة مشروع استخدام البديل والبديل المناظر لخلق بيئة صحية نقية مع عدم
منع الاستفادة من تلك المواد في الصناعات المختلفة .
كان المؤتمر جاذبا لي, مارست خلاله هواية لي أخرى مفضلة وهي كتابة المعلومات التي تعجبني بطريقة
اختزالية معكوسة ابتكرتها لنفسي لا أحد يستطيع قراءتها إلا بطريقة معكوسة .......... أردت التصوير
.....لكنه ممنوع إلا لمن لديه تصريح .
اعتلى المنصة شاب طويل القامة , تبدو عليه ملامح البداوة وقدم نفسه : حامد راشد البركاتي , وقدم
فكرة مشروعه في مدة خمس وأربعون ( 45 ) دقيقة , ولا دقيقة فيها يمكن وصفها بالمملة , بل لقد
قوبلت أفكاره بتصفيق حار ثم وقوف ثلاثة أرباع من في القاعة تقديرا لما قال .
لم ينزل من على خشبة العرض عندما انتهى حيث كان يفترض به فعل ذلك , لكنه استلم الميكرفون مرة
أخرى وأوقف التصفيق بقوله : سيداتي سادتي الحاضرين والحاضرات , أشكر تفاعلكم مع ما قدمت . ....
وما قدمت أثار اهتمامي لفترة طويلة حتى خرج لكم في آخر الأمر مثلما سمعتموه , لكن هناك أمر آخر أثار
اهتمامي أكثر , هذا الأمر اسمه الظاهرة الفردية . لقد لاحظت أن أي مكان أتوجه إليه لا بد أن أكون فيه
دون زوج . وأنا متأكد الآن أننا لو عددنا الحضور لكان العدد فردي . في البداية كانت الفكرة لا تخرج عن
كونها فكرة كنت اسميها داخل نفسي سخيفة , لكن هناك صديقة لي عبر الفيس بوك هي التي جعلت
الفكرة تنتقل من كونها فكرة سخيفة إلى كونها فكرة ممكنة , لقد لاحظت
............................................................ ...............................
واستمر يتكلم ويتكلم ويتكلم , لقد توقف عقلي عن استيعاب باقي كلامه , وجاءتني نوبة ضحك , بداية
كلامه أضحكني رغما عني فبدأت أضحك وأضحك وأضحك وأضحك حتى انتبه الحضور لضحكي , حتى هو
قطع كلامه , وسلطت الأضواء علي تماما وأخذ كل من في القاعة ينظر إلي , حتى أمي بدأت تنظر إلي .
ماذا يمكن لحامد راشد البركاتي أن يستنتج ؟ لقد بدأت في وقت من الأوقات التي مرت علي أكره الرقم
واحد أو الرقم الفردي , ولقد جعلني شخص آخر أفكر أنه رقم مميز للغاية ليجعل منك شخصا مميزا لآخر
الحدود .
بالمناسبة اسمي سوزانا .
تمت . بقلمي : مفك العدة .