كاتب الموضوع :
زهرة منسية
المنتدى :
روايات احلام المكتوبة
وترها قربه حتى كادت تعترف له بإنها لم تهرب لهذا السبب لكنها لم تستطيع قول الحقيقة وإنه دون شك سيطالب بتفسير سبب إختفائها فى ظلمة وحرارة ليل تموز تألمت لأنه يظنها غير ناضجة بعد وغير مسؤولة كفاية وقد هربت بهذه الطريقة الطفولية بحسب أعتقاده لكن ولتكن عملية يجب أن تشجعه على التفكير فى هذا الأتجاه فقالت :
-لم أترك المنزل لأنك هجرتنى فحسب...هناك...لقد تركتك لعدة أسباب
-أعطينى سببين فقط
-العم ماتيو ورفضك التحدث معى
-صحيح وربما لم نتحدث بما فيه الكفاية لكننى كنت لا أرى كيف تمكنت من حل المشاكل بالفرار الذى جعل التحاور والمناقشة بيننا مستحلة إختفاؤك ليس بالحل الذكى كايت
-تباً غراى! أنت تفعل الآن ما فعلته بى دائماً ها أنت من جديد تعتبرنى غبية بلهاء بينما تعتبر نفسك صاحب العقل والتعقل ! والله يعلم أننى حاولت أن أقول لك ما يزعجنى....لكنك كنت دائماً تتركنى وتسافر إلى لندن لقد حاولت مراراً جذبك إلىّ بعيداً عن أمك وخالتك والعم ماتيو وعن أندرو مالفود ومساعديك ومستشاريك السياسين لكن يبدو أن الوقت الوحيد الذى كنت أستطيع الأنفراد بك فيه كان فى الفراش وما أن تكون فى الفراش حتى تفقد رغبتك فى الكلام ! كنت كلما وددت التهرب من سؤال تبدأ بالتحرش بى
وضعت يدها على فمها تحاول أبعاد الصورة التى مازالت راسخة إلى حد الإيلام ثم أردفت بصوت متهدج من الألم النفسى :
-ألا تعرف ما حدث لى فى الأسابيع الأخيرة من زواجنا يا غراى ؟ ألم تفهم أننى وصلت إلى مرحلة كرهت فيها حتى قبلاتك !
سألها بصوت أبرد من الثلج :
-لماذا؟ لأننى كنت دائماً أتمكن من جعلك تتجاوبين معى ؟ أهذا ما كان يغضبك؟
فولولت صائحة :
-أجل...! أجل أجل أجل ! ألم تفهم أن من الخطأ أستخدام المعاشرة الزوجية سلاحاً لتجنب الحديث مع زوجتك ؟ ألم تفهم أننى كنت أحس بالمهانة فى كل مرة تجبر جسدى على التجاوب دون إرادتى ؟ خلال الشهرين الأخيرين لم نكن زوجين بل جسدين يلتقيان فى الظلام !
وميض غريب ظهر فى عمق عينيه الرماديتين ثم أختفى بسرعة وقال ببرود :
-هذا ليس صحيح تماماً مهما كانت مشاعرك كنت دوماً أحبك ونحن معاً
حرارة داخلية مفاجئة صدمتها فتحركت بسرعة لكنه تحرك بسرعة أكثر مما جعل جسديهما يتلامسان بشكل حميم لم تكن متحضرة له أحنى رأسه حتى كادا يتلامسان وأحست بأنفاسه تداعب عنقها وخدها وتمتم :
-أتذكرين المرة الأخيرة التى قبلتك فيها ؟ كنت فى شهرك السادس وضعت يدى على بطنك هكذا وعنما لأمستك شفتاى أحسست بالطفل يركل راحة يدى فأخذت يدى لتضعيها هنا...أتذكرين كايت ؟
ورفع رأسه قليلاً لينظر إلى عينيها فأجابت بهمس خشن :
-لا...لست أذكر...أى شئ
فرد بصوت هامس مثلها :
-غريب...أنا أذكر ذلك بوضوح
أخذ يداعب شفتيها بإصبعه ويمرره على خدها فحاولت إغلاق تفكيرها عما يفعل لكنه لم يكن يلامس تفكيرها بل جسدها ولسوء حظها أن لجسدها إرادة منفصلة . أحست بالحرارة وأصبحت بشرتها حساسة بشكل غريب موجات من الرغبة اجتاحتها فأطبقت قبضتها ودفعته عنها :
-لا تفعل ! لا أطيق لمساتك
فأبتعد عنها لكن عينيه الرماديتين بقيتا تنظران إلى جسدها بصمت ساخر :
-أسف لكن عندما تذوبين بين ذراعى كما فعلت الآن من الصعب أن أذكر أنك كنت تجدين قبلاتى مهينة لك
جعلهما صوت خفيف يستديران فإذا بهما يجدان سندى تقف بباب المطبخ تحتضن الدب وتنظر إلى كايت متجاهلة تماماً وجود غراى . مدت يدها بالدب متهمة :
-الدب بلل السرير...الدب فاسد شرير
حملت كايت الطفلة فوراً وأحتضنتها :
-لا الدب ليس شريراً ربما أصابه شئ ما وأنا فخورة لأنه تعلم بسرعة أستخدام الحمام الدب جيد وأنت كذلك
-لكن الدب بلل سروالى
فأبتسمت كايت وهى تربت مؤخرة أبنتها العارية :
-حسناً لقد تدبرت أمرك أليس كذلك يا سندى ؟ فلنذهب ونرى إذا كان فى درجك سروال داخلى نظيف
وتدخل غراى :
-أهناك مكان للغسيل فى هذه البناية ؟ سأغسل الشراشف لو شئت
توقفت كايت فى منتصف خطوتها نظرت هى وسندى نحوه بذهول مماثل كايت لأنها لم تتصوره يغسل الشراشف وسندى لأنها لم تتوقعه أن يتكلم
-هناك ماكينات غسيل ونشافات فى الطابق السفلى أتظن أن بأمكانك تشغيلها ؟
-أعتقدنى قادراً على قراءة التعليمات الخاصة بها فالجامعة علمتنا بعض الشئ
أحمر وجه كايت :
آسفة لم أكن أقصد ان أكون مجحفة أشكر عرضك غراى فى هذه الشقة ثلاثة شراشف سنحتاج إحداها لك
دخل معها غرفة لانوم ونزع الشرشف بصمت وكفاءة بينما ركزت كايت على تغير ملابس سندى
كانت فى غرفة الجلوس تقرأ قصة لـ سندى عندما عاد غراى ومعه كومة من الشراشف المطوية النظيفة المرتبة و زوج من السراويل الصغيرة الزهرية اللون
-شراشفك نظيفة ودافئة الآن سندى أتأتين معى لمساعدتى فى أعادتها إلى السري ؟
تراجعت الطفلةى منكمشة فى حضن أمها وتمتمت :
-أبقى مع ماما
لم يظهر تغير على وجه غراى لكن كايت أحست بخيبة أمله وكأنها أصابتها هى نفسها فوقفت تقول لأبنتها :
-من الأفضل ان نساعده غراى لم يرتب فراش فتاة صغيرة من قبل وربما لن يستطيع ترتيبه كما يجب
سألها غراى وهما يضعان آخر بطانية فوق السرير :
-أهناك ترتيبات خاصة تحتاجين إليها لتركك الشقة فى الغد؟
-لا شئ ضرورى المالك يسكن فى الطابق الأرضى ولديه صندوق رسائل أمام بابه نستطيع وضع المفتاح مع رسالة تقول أننى ليست عائدة لست مدينة بأجر
-وماذا عن أغراض المنزل مثل المناشف وثيابك ألست بحاجة لتوضيبها
-هذه شقة مفروشة ليس لى فيها شئ ثيابى وثياب أبنتى جميعهما فى الحقائب التى فى السيارة وليس معنا سوى بدل وأحد نظيف من الملابس هنا
-يبدو أنك تعلمت الخفة فى السفر أيستحق الأمر هذا كله ؟ أكان زواجنا سيئاً إلى حد أن تفضلى وضعاً كهذا عليه ؟
فى تلك اللحظات بالذات للمرة الأولى من سبعة وعشرين شهراً لم تعد واثقة لو كانت تعلم أن العم ماتيو مات أكانت ستعود ؟ لكنها أبعدت الفكرة عن ذهنها مذعورة من ضعفها المفاجئ إن غراى يشكل خطراً عليها فبضع ساعات معه جعلتها تنسى الحقيقة فهى لم تترك منزله فقط بسبب العم ماتيو لقد تركته لأن زوجها نائب البرلمان الوسيم المحترم غراهام فولوود كان محتالاً فأدارت وجهها عنه ترفع رأسها بكبرياء :
-نعم هذا وضع أفضل وأحذرك من الآن غراى سأحاربك حتى الناهية لأربح وصاية سندى
برزت فى عينيه كآبة غير معهودة :
-لم أتوقع غير هذا
أبتعد عنها ثم تقدم وركع أمام الكرسى الذى تجلس عليه سندى وأخذ يداعب الدب :
-فكرت أن نخرج لتناول العشاء أتحبين تناول الطعام فى الخارج؟ رأيت مطعماً فى آخر هذا الشارع حيث يقدمون النقانق والهامبرغر والآيس كريم فخم
لكن سندى التى تعتبر الآيس كريم نعمة من السماء بقيت صامتة عابسة فاردف غراى يقنعها :
-نصطحب الدب معنا إذا أردت حيث نجلسه فى مقعد وحده
نظرت سندى إلى أمها متسائلة :
-ماما؟
أجبرت كايت نفسها على الأبتسام :
-سيعجبنى تناول الطعام فى الخارج...وأنت ؟ أنا جائعة ونحن لم نأكل الآيس كريم منذ زمن طويل
هزت الطفلة رأسها فوقف غراى وسندى جانبه وقال :
-أمك ستحضر معطفك وتسرح شعرها هل ننتظرها فى السيارة ؟
لم ترد عليه بل مدت يدها ووضعتها فى يده وسمعت كايت تنهيدته الخفيفة وقال لها وهو يتوجه نحو الباب :
-سنلتقى فى السيارة بعد دقيقتين
منتديات ليلاس
-حسن جداً
وخفق قلبها لدى خروجهما وما أن ألتقطت سترتها ومعطف أبنتها حتى أكتشفت أن دموعها تنهمر دون وعى منها فالتقطت منديل ورق ومسحت خديها....إنها لم تبكى منذ أكثر من سنتين....فلماذا البكاء الآن ؟
قد يظن غراى أنه كسب الحرب لكنه سرعان ما سيكتشف أن المعارك لم تبدأ بعد.........
|