كان ماركوس قد قفز بسرعة وكانه البرق لمطاردة الشخص الغريب .كان ذلك نفس الشخص المرتدي سترة من الجلد الذي كان قد تبع لورين .كان ماركوس يحاول باية طريقة الا يدعه يهرب منه هذه المرة وكان المجهول العجيب قد سبق ماركوس ببضع خطوات .ولحسن الحظ ماركوس استطاع ان يتفادى سيارة كانت توشك ان تصدمه وهو يحاول ان يعبر الشارع باقصى سرعة .واندفعى الرجل مرتدي السترة السوداء نحو السلالم بناية قديمة ودخل في دهليز واختفى في ركن يؤدي الى الشارع الخلفي .
كان ماركوس قد اثبت في مطاردته انه اخف حركة ,كانت المسافة التي تفصل بينهما قد تقلصت كثيرا .
لم تستطع لورين سوى ان تشاهد عن بعد هذه المطاردة السريعة جدا من الجانبين .ولم تتمكن من رؤيتهما مدة طويلة .ولكنها لمحت فجأة ماركوس وهو يبرز من بين الطرق المتشعبة التي كانت تمر بين البنايات القديمة اذ كان الرجل المجهول قد اندفع فيها ,ورفع ماركوس ذراعيه الى السماء بحركة استسلام عرفت منها انه لم يلحق به وانه تمكن من الهرب منه .واومأ اليها ماركوس بحركة منه بانه سوف يذهب الى الفندق ـوبينما كانت تنتظره كي يلتقط انفاسه ثم يلحق بها اذ بـ ماركوس يعبر الشارع الخلفي مرة ثانية متسلقا الانحدار الذي كان يختفي بين مجموعة المنازل القديمة المعقدة وغير المرتبة .
"الى اين هو ذاهب ؟ زوجلست لورين بجوار جدار صغير من الحجارة يحد الرصيف وهي في حيرة من امرها وكان ماركوس يمشي ببطء وهومطأطئ الرأس يبدو مستغرقا في تأملات عميقة .؟ربما كان في حاجة الى بعض اللحظات من الوحدة لكي يدرس الاحداث التي كانت تمر به ."
كانت لورين ترتعش فور التفكيلار في ان الرجل المجهول قد يكون مراقبا لها من احد الشبابيك المظلمة وهو مختف في احد هذه المنازل غير المأهولة بالسكان .لماذا كان هذا العدد من الغرباء يقتفون اثر ماركوس لو كان بالفعل هاربا من القانون لأمكن إبلاغ الشرطة عنه دون ان يعرض أي منهم نفسه لأي خطر مهما كان صغيرا .
كان الفندق يقع بعد مجموعة من المنازل ولكن المسافة كانت بالنسبة لها بعيدة المنال غير ممكن اجتيازها .كانت تدرك أن ماركوس لن يوافق مطلقا بان تستمر بفي كتابة روايتها .كانت هذه الفكرة تعذبها ,كيف ستتمكن من شرح موقفها للناشر وهو انها ترفض متابعة العمل الذي بدأته؟ لم يكن امامها سوى ان تتمشى حتى الفندق لكي تفكر في ايجا عذر .على أي حال لن يقبل هذا الوضع عدد كبير من الجماهير المهمة .
منتديات ليلاس
كانت الافكار تتصارع داخل راسها .وفجأة خطرت لها فكرة .كانت هذه الفكرة تعتمد على ان تتجنب هذا التوقف العنيف لعملها وبينما كانت تحاول السيطرة على القلق الذي كان يسحق قلبها اذا بها ترجع نحو منزل باير وملخص الفكرة التي طرات لها هي ان تخاطر لا ان تتحاشى المخاطر ففي واقع الامر كان هي وماركوس يكتنفهما خطر كبير ولكن المخطط الذي كانت تحاول رسم خيوطه كان يستهذف الخطر نفسه .
وعندما وصلت الى البيت كانت قد اقتنعت بان المخطط الذي دبرته كان افضل حل ,والان كان عليها ان تبحث عن ماركوس حتى تشرح له كل شيء .
كانت كل اجزاء السيدة تهتز عندما ركبت سيارتها .كانت تقود السيارة بسرعة مخيفة خلال الطريق الضيق النحدر وجدت ماركوس جالسا عند دهليز منزل مخيف كان يبدو من منظره الخارجي انه غير ماهول بالسكان منذ وقت طويل كان ماركوس هناك ثابتا لا يتحرك اطلاقا .
توقفت لورين عند اسفل الانحدار الذي يؤدي الى المنازل القديمة اعلى الانحدار ونزلت من السيارة .
صرخت لورين:
ـ"اريد ان اكلمك ؟"
قال ماركوس:
ـ" لست أرغب في ذلك لقد تكلمت كثيرا اليوم "
ـ"انه امر مهم جداـاصرت لورين ـ سوف اصعد بالسيارة"
اخد يصرخ:
ـ"لا تحاولي عمل ذلك فالانحدار وعر وقد تنزلقين "
احتجت عليه :
ـ"سوف اصعد .....فلست عاجزة الى هذا الحد "
نظر اليها بينما كانت تصعد ببطء في طريق ضيق كان يمتد متعرجا بين الحاشائش الشيطانية .وكان ماركوس قلقا فهذا العمل الذي كانت تقوم به لورين لم يكن يروقه على الاطلاق وتسلقت اخيرا المسافة القصيرة التي كانت تفصل بينها وبين البيت وعندما وصلت جلست عند الرواق وهي مستاءة وجلس ماركوس بجوارها .
قالت بعد ان سكتا طويلا :
ـ"يجب ان نتحدث "
ترددت لورين في اخباره بشيء عن خطتها خوفا من غضبه .ولكنها سرعان ما فكرت انه لن يغضب منها اكثر من الغضب الذي كان يحمله تجاهها .كانت جالسة بجواره تحت ظل الاشجار وكانت تشعر بقوة ودفء جسمه ولم تكن تخاف ماركوس بل تخشى اعدائه ز ولذلك كانت تشعر ان قوته الهادئة تستطيح ان تمنحها الحماية المطكلوبة .
قال لها وقد نفد صبره :
ـ" لست ادرك السبب الذي جعلك تتبعينني الى هنا .كنت اعتقد اننا تكلمنا وقلنا كل ما يجب قوله بشان هذه الكارثة "
ردت عليه وهي تصوب اليه نظراتها الفاحصة :
ـ"هل تعرف الرجل الذي كان يمشي في اثرنا ؟"
ـ"لا......لا اعرفه وماذا بشانك انت ؟هل تعرفينه ؟"
ـ"بالنسبة لي فانا لا اعرفه ابدا بالتاكيد .ولكنني اعتقد انه لم يكن يتبعنا نحن الاثنين " وكف الاثنان عن الكلام وساد صمت رهيب كانت لورين تتامل ابواب الرواق الثقيلة التي كان قد اتلفها تعاقب السنين والانواء .
قالت بصوت تحاول السيطرة عليه :
ـ" لدي احساس انه يراقبنا واعتقد ان هذا البيت يراقبنا "
وقفت لورين لتلقي نظرة سريعة داخل البيت .كانت تسال كيف استطاع ماركوس ان يعيش مدة طويلة على الرغم من الجحيم الذي ينهش اعماقه في هذا الوادي الذي تطوقه هذه القمم العالية لم تعد الحرية بالنسبة له فكرة مبهمة وذكرى بعيدة .اليوم بسببها كان صدى الحرية الذي كان يحاول جاهد
ا الحصول عليها قد بدأ أيضا يتلاشى الى الابد.
ـ"لندخل ارجوك يا مركوس لا استطيع احتمال ان احس بان احد يراقبني "
قام وفتح لها الباب,اصبح اثنان الان في قاعة كبيرة في نهايتها سلالم تصعد الى اعلى ثم تضيع في الظلام .كان البيت من الداخل في حالة صالحة لم يصبه أي دمار كما كانت تتوقع لورين مما اصابها بذهول واضح .كان المنزل غارقا في التراب وفي ذكريات سكونه الرهيب وكانه كان في سبات عميق امتد عدة قرون .
قال ماكوس :
ـ"لا يعجبني منظر هذا المكان في الحقيقة لم يكن يعجبني على الاطلاق "
ـ"ولكنك على الرغم من ذلك اخترته لكي تعيش في عزلة عن العالم "
ظهرت على وجهه علامات الجدية ,ثم قال وهو يدخل حجرة الجلوس :
ـ"لو كنت فعلا ترغبين في الانتظار بهذا المكان .....فاتبعيني"
كان هناك غرفة يدخلها النور وكان
عبير ازهار البرتقال ينتشر في ارجائها وكان بها كوة كبيرة تطل على منظر الوادي فائق الجمال .