كاتب الموضوع :
نيو فراولة
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
إنزعج تشارلز ولم تفهم لماذا وقد حسبته سيفرح لعودتها.... اجابته بصوت بادي الألم:
" لا باس ، سترتاح مني لأربعة اسابيع أخرى ، سوزان تسكن معي هنا ، وسنجد أشياء كثيرة تشغلنا ".
فصاح تشارلز:
" هارييت ! هارييت ! عما تتحدثين ؟ لا نستطيع الكلام على الهاتف ، ما مشاريعك ليوم غد؟".
" سأرتاح ، لقد ارهقتني قيادة السيارة لثلاثة ايام متواصلة!".منتديات ليلاس
" حسنا ، بعد غد يكون الأحد ، ما رأيك لو تشاركايني الغداء ؟".
" يبدوعرضك شيقا يا تشارلز".
" عظيم ، تفضلا الى بيتي ، السيدة ريتشي ستكون سعيدة بتحضير الغداء ، سانتظركما في الثانية عشرة ليتسنى لنا الكلام قبل الطعام ".
فغمغمت هارييت بإرتياب:
" كلامك فيه نذير شؤم ".
فضحك تشارلز وقال:
" إذن الى اللقاء في يوم الأحد ، قبّلي سوزان بالنيابة عني وأوصيها أن تنتبه لنفسها في المستقبل".
طال حديث السيدة انغرام بالنسبة الى حالة سوزان ، وكانت هارييت قد ذكرت ما حدث للفتاة ثلاث مرات ، فإنفعلت الجدة وسألت:
" لا تصور أنك سمحت لفتاة بعمر سوزان أن تستعمل المنجل ! ".
اعادت هذه العبارة عدة مرات وهارييت تحاول إقناعها بدون جدوى إنها لم تسمح لسوزان بذلك ، وتابعت أمها تقول بإصرار:
" لا تحاولي التهرب ، من الواضح انها إستعملت المنجل وكان من الجائز أن تقتل نفسها ! هل تتصورين ذلك ! ألا تظنين أنني تعذبت بما فيه الكفاية عندما قتلت والدتها... ووالدها ايضا؟".
اجابت هارييت وهي تنظر الى سوزان بعطف:
" في أي حال إنها تتماثل للشفاء الآن..".
" يجب ان تحضريها فورا الى هنا ، من الواضح أنك لست مؤهلة لتحمل مسؤولية فتاة بعمرها ، كنت اتردد بالسماح لها بالذهاب معك خصوصا بعد...".
لم تكمل الجملة وتابعت:
" في أي حال ، لك حياتك في لندن ووجود سوزان سيعيقك عنها ".
" قلت يا أمي إنها تستطيع البقاء هنا...".
كانت سوزان تبدو غير مرتاحة وغير مدركة تماما لما يجري على الهاتف وراحت تتوسل الى خالتها بعينيها بأن لا تتأثر بكلام الجدة ، إبتسمت هارييت محاولة التركيز على كلام امها ..
" ماذا ستفعل سوزان طول النهار اثناء غيابك بالمتجر ؟ هل يمكنها المشي ام أصبحت كسيحة ؟ لا تستطيع البقاء لوحدها في الشقة طيلة النهار !".
تنهدت هارييت قائلة:
" سوزان تستطيع التحرك يا امي ، إنها ليست كسيحة ولن تكون وحيدة طول النهار فانا لن أباشر عملي قبل شهر من الآن ، وإذا ذهبت الى المتجر سيكن ذلك لوقت قصير ".
" في أي حال لا يعجبني هذا وانا متأكدة أنه لن يعجب والدك ايضا ، من الأفضل ان نزوركما لنرى سوزان ونسألها رأيها".
" طبعا هذا يتوقف عليك".
" لا نستطيع المجيءغدا لأننا ننتظر اليس والأولاد ، إذن يوم الأحد ".
" ذلك غير ممكن لأننا سنخرج الى الغداء يوم الأحد".
" انتما ستخرجان ؟ مع من ؟ من يعرف بعودتكما؟".
أدركت هارييت أنها في مأزق فقالت بسرعة:
" كان تشارلزهنا يقوم بتهوية البيت وطلب منا أن نتناول الغداء معه يوم الأحد".
إبتسمت سوزان ، ورفعت خالتها شعرها بتعب وقالت:
" هل هذا كل شيء يا أمي؟".
إستاءت السيدة انغرام فأجابتها:
" تعلمين يا هارييت أن والدك لا يحب السياقة بعد نهار عمل ، وانا لا احسن إستعمال القطار".
" إنني آسفة...".
" بوسعك أن تتناولي الغداء في يوم آخر مع الرجل الذي يدعى هوكني ، انت تفتعلين العوائق ، كيف أعلم أنك تقولين الحقيقة لا أصدق انك وجدته في البيت عند قدومك ".
أجابت هارييت ثانية:
" آسفة".
وكانت حقا آسفة لأن علاقتها بأهلها وخصوصا بأمها لم تكن على ما يرام منذ حادثة اندريه....
أحست بالغرابة عندما إستيقظت على صوت السيارات بدلا من صوت العصافير التي إعتادت على تغريدها ... وغريب أيضا أن تستعمل أبريق القهوة الكهربائي بدل أن تضيء الغاز ، وأن تستحم بالدوش بدلا من أن تغطس وجهها بالماء البارد كما كانت تفعل هناك ، ومع أن الوضع مختلف فلم يخل من حسنات... التسويق ، بيرينز ، الخادمة التي سألت إن كان بإستطاعتها ان تقوم بالتنظيف يوم الإثنين ، وأغراضها الخاصة كقطع السيراميك التي إشتاقت اليها وأرادت تفقدها.
قضتا السبت بكسل ، تلذذت سوزان بمشاهدة التلفزيون أما هارييت فتفحصت الجرائد وغسلت ثيابها المتسخة وقرأت عن الإضرابات وإرتفاع أسعاد الأغذية إنما لم يحصل شيء خارج عن المعتاد أثناء غيابهما.
كان منزل تشارلز في الطابق الأخير في بناء فيكتوري مستحدث ، غرف واسعة وسقوف عالية ومجموعة الأنتيكا والأثاث ، كل هذا أعطى نوعا من الراحة لمنزله ، كان يسكن وحيدا بإستثناء قط أسود كبير ، وقد لقبت هارييت القط بإسم بيرسوس لأنه يستطيع القفز بين التحف بدون أن يوقعها وكأنه مجنح.
إستقبلتهما السيدة ريتشي وضحكت بقلق عندما رأت سوزان تعرج وهي تصعد الدرج متكئة على ذراع خالتها ، أدخلتهما البهو الصغير الذي بدا اضيق لوجود صندوق أحضره تشارلز من جوهانزبرغ ، قالت السيدة ريتشي:
" لماذا إستعملت المنجل بدل المقص الأكثر سلامة وفعالية؟".
فردت هارييت بطول أناة:
" لم يكن هناك مقص".
ثم ساعدت سوزان على خلع معطفها ، ووضعت سترتها على الصندوق وهي تسال :
" كيف حالك يا سيدة ريتشي ؟وكيف حال الروماتيزم؟".
دخل تشارلز الى الصالون ووجهه يعبر عن سعادته بلقاء هارييت ، وقال :
" عزيزتي ، كيف حالك وكيف المريضة؟".
أجابت سوزان :
" ساقي في تحسن مستمر".
وجلست فورا على مقعد مغطى بسجادة مطرزة وكأنها تكذب جوابها المتفائل.
الجلوس في صالون تشارلز مريح لأن النوافذ المفتوحة تسمح للهواء بالدخول ، كان الطقس ثقيلا في الخارج ، ولاحظت تشارلز ينظر اليها وهي تتكلم مع سوزان ، تساءلت لماذا يرغب في التحدث اليها؟ هل يريد التأكد من أنها عادت سالمة ؟ أم أن لدعوته معنى آخر ؟ إنها معتادة على دعوات تشارلز ، وربما اليوم تخيلت أنه قلق عليها.
طعام السيدة ريتشي كان لذيذا ، حساء وروستو ثم مهلبية تشتهر بها منطقة يوركشاير.
وقال تشارلز :
" طلبت من السيدة ريتشي أن تحضر هذه الأطباق لظني بأنك ستتلذذين بغداء أنكليزي ".
سالت هارييت :
" هل دعوتنا فقط لتناول الغداء؟".
لم يجب تشارلز لكنه نظر اليها على غير عادته مضطربا ، لم تنتبه سوزان لما جرى لأنها كانت تلعب مع القط على السجادة ، إقترح تشارلز ان يكلمها على إنفراد فدخلا غرفة المكتب ، وبادرته هارييت بالسؤال:
" ما الأمر ؟ لماذا تتصرف بهذه الغرابة ؟ ماذا جرى أثناء غيابي؟".
اجابها :
" لم يحدث شيء ، تفضلي بالجلوس هنا قرب المكتب فانت تثيرين اعصابي بخطواتك القلقة".
فردت بنفاد صبر وهي تجلس قبالته:
" أنت الذي تثير اعصابي ! ماذا يجري ؟ لماذا اردت الكلام معي؟".
تنهد تشارلز وقال:
" هل تمتعت بعطلة سعيدة ؟ كيف كان رب البيت؟".
" تشارلز!".
" إبنتي العزيزة ، لم آت بك الى هنا للإستجواب ، أستطيع أن ادعو مساعدتي الى الغداء بدون...".
قاطعته هارييت بخشونة:
" البيت على ما يرام ، لكن المالك لم يعرف أنه بيع ، وبالطبع كان يحتاج لبعض التصليحات".
هز تشارلز رأسه باسف وسأل:
" هل كانت حاله سيئة؟".
" لقد تدبرنا الأمر؟".
" وهل ستعودين؟".
كان يريد ان يعرف وفهمت أنه يخبىء شيئا ، فردت بصوت اجوف :
" لن أعود وسأبيع البيت الى أندريه عن أراد ذلك".
نظرت الى تشارلز بتمعن وأحست أن شكوكها في محلها ، فتشارلز يدري ان أندريه يعيش في روشلاك وسواء علم أو لم يعلم انه يملك البيت ، فلم يصدم عندما سمعها تلفظ إسم أندريه ، واجه نظرتها المتهمة وقال:
" حسنا ، كنت أعرف أن لاروش يسكن المنطقة ، لكنني لم أعرف انه يملك البيت ، صدقيني ، أظن انك إلتقيت به ثانية ، ماذا حدث؟".
تنفست هارييت بغضب وأجابته:
" إنك تجلس هنا وتجرؤ على القول ان اندريه يسكن قرب روشلاك ، وتنتظر مني ان أخبرك بما حدث ! يا لأعصابك القوية !".
إنحنى تشارلز ليربت على يدها إلا أنها إبتعدت عنه فقال بأسى :
" هارييت ! لا تغضبي ، فعلت فقط ما كان علي ان افعله".
" فعلت الذي خيل اليك أنه صواب ! لو اردت يا تشارلز أن تؤذيني عمدا لما وجدت طريقة أفضل".
" الأنك لا تزالين تهتمين به ؟ إنني اعلم ، ولكن يا هارييت...".
فوقفت تقول :
" من الأفضل أن نذهب الآن قبل أن أقول شيئا اندم عليه".
" كلا إنتظري ! لا تذهبي ! إسمعيني من فضلك".
توقفت هارييت وقالت:
" لا فائدة يا تشارلز".
" ارجوك ، إجلسي".
" لماذا ؟ ماذا لديك من كلام؟".
هز راسه وقال:
" عليك أن تسمعي ما أود قوله قبل أن تسارعي الى إستنتاجات خاطئة ".
ترددت هارييت وقالت:
اوه ، تشارلز...".
" ارجوك يا هارييت ألا تريدين أن تسمعي ما عندي ؟".
" ماذا عندك لتقوله؟".
تنهد تشارلز قائلا:
" إجلسي".
تنفست بعمق وعادت تجلس قائلة:
" حسنا لكنك تضيع وقتك ، فلن تحصل مصالحة كبيرة بيني وبين اندريه ، ولا أحسبك تريد ذلك".
فنظر اليها بعينين مفعمتين بالحنان وقال اخيرا:
" هارييت ، لا تتظاهري معي فأنا أعرفك منذ وقت طويل ، هل سيختلف الأمر لو قلت ل كان أندريه كتب لي رسالة خاصة؟".
|