كاتب الموضوع :
نيو فراولة
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
بعد إنقضاء أسبوع على اللقاء الرهيب مع اندريه ذهبت هارييت تشتري بعض الأغراض في روشلاك فأوشكت ان تصطدم ببول ، كانت خارجة من دكان الحيوانات والشمس في وجهها ، فأخذت تبحث عن نظارتها عندما ظهرت قامة طويلة امامها ، بدات تعتذر لكنه بادرها قائلا:
" مرحبا هارييت".
" بول!".
دفعت بنظارتها على أنفها ، ونظرت اليه بدهشة:
" بول!".
احست بعدم الإرتياح وقالت:
" إنها لمفاجأة ".
" حقا؟".
نظر حوله ثم سألها:
" هل أنت وحدك؟".
نقلت سلتها الى ذراعها الأخرى وأجابته:
" أجل ، سوزان تاخذ حمام شمس فالطقس في غاية الجمال".
" اجل".
أدخل إبهامه في جيب بنطلونه الخلفي وبدا مكتفيا بأن يقف معها وينظر اليها بينما يشاهده نصف سكان روشلاك الحائمين حولهما بإهتمام ، وفكرت هارييت بإنزعاج ، هؤلاء الناس يعرفون من هو... ثم أرغمت نفسها على الإبتسام قائلة:
" حسنا، سررت لمشاهدتك ثانية يا بول...".
" هيا ، تعالي نتناول كوبا من العصير أو فنجانا من القهوة إن كنت تفضلين".
هزت رأسها قائلة:
" كلا لا أظن...".
" لم لا ؟ تذكري أنك مدينة لي".
تحركت هارييت بضيق وقالت:
" بول ، أنت تعلم انها فكرة غير لائقة".
" ابسبب والدي ؟ انا أعلم لأنه أخبرني".
إنذهلت هارييت وقالت:
" ماذا اخبرك؟".
" أخبرني انكما تعرفان بعضكما منذ سنين عديدة ! وأنك لا تحبينه".
يا الهي ! أحست هارييت بالضعف ، أهذا ما قاله اندريه لأبنه ؟ اهذا ما قاله لزوجته؟
" إذن...".
بدأت بالكلام لكن بول قاطعها ثانية:
" والدي ليس هنا ، ولا موجب لأن يعلم وإن علم...".
وبسط يديه دلالة على اللامبالاة.
ترددت هارييت وقالت:
" بول ، إنني متاكدة أن هناك فتاة أخرى تتوق لكي تدعوها...".
فاجاب بحنق:
" كسوزان مثلا؟".
وتنهدت وردت:
" حسنا ، حسنا ، سأتناول فنجانا من القهوة معك".
إختفى التوتر من صوته ، وسار معها الى حيث مقهى السيد ماكون الذي بادرها قائلا:
كيف حالك؟".
لم تستطع هارييت إخفاء إبتسامة اسى وقالت بجفاف:
" أستطيع القول أنني لست بحال أحسن لأنني رأيتك".
وعندما احست أنها جرحت شعوره صحّحت ما قالته:
" كلا ، أنا على ما يرام ، كيف حالك أنت؟".
كانت الطاولات منتشرة تحت الشمس ، فإختار بول إحداها ، وطلب من إحدى المضيفات أن تأتيهما بقهوة فنظرت الى هارييت بإعجاب قبل ان تذهب ، وسألته هارييت بمكر وهي تسند مرفقها على الطاولة:
" هل تعرفها؟".
نظر اليها بإرتباك ثم أجاب وهو يجعد انفه بحتقار:
" ليز؟ إنها فارغة الرأس... اما أنت...".
قاطعته هارييت قائلة:
" إنسني الآن ، هل إصطحبت جدتك الكبيرة في نزهة؟".
أجاب بحنان:
" لويز؟ اجل أخذتها".
لم تستطع هارييت منع نفسها من سؤاله:
" لويز؟ اهذا إسم جدتك؟".
اومأ بول:
" لويز ماري تيريز لاروش ، إنها جدة والدي".
" فهمت".
" هل ترغبين في لقائها؟".
" كلا".
وهزت راسها بسرعة ، كان هذا آخر شيء تريده ، وتابعت متلعثمة:
" اقصد... لم أحلم ب... ب...".
" ..... ان تزوري بيت أبي".
تنهدت هارييت:
" شيء كهذا ، حسنا ، لقد جاءت القهوة ، يا لرائحتها الزكية".
قدوم المضيفة منحها فترة إستراحة من أسئلة بول الثاقبة ، وإفتعلت هارييت إهتماما بالغا بفنجان اقهوة ، لكنه عاد الى الحديث فجأة :
" قال والدي انك تعيشين في لندن".
فإضطرت ان تنظر اليه:
" حقا؟ نعم إنني أقيم هناك".
وضع بول يديه على الطاولة وتابع:
" أظن أن تصادفين أشخاصا شيقين في سياق عملك؟".
" بعضهم".
أحست انها أصبحت عل أرض متينة وسألته:
" هل تهتم بالتحف القديمة؟".
هز بول راسه قائلا:
" كلا ! لكنني احب العيش في لندن".
نظرت ثانية الى فنجان القهوة وقالت بحزم:
" ثق انك لن تحب ذلك".
" كيف يمكنك التكهن بهذا ؟ عن لندن هي المكان الذي يجب أن يذهب اليه كل شخص يسعى الى الشهرة".
" الناس المجهولون في لندن اكثر بكثير من المشاهير".
" ربما ليس لديهم طموح".
" وانت؟".
فأوما بحرارة وقال:
" بالطبع أنا طموح".
اجابته هارييت عابسة:
" " وماذا ستفعل في لندن؟".
" سأجد عملا ، سأعزف على الغيتار".
" فهمت ، أنت تعزف على الغيتار ، إذن دعني أقول يا بول أنه يوجد مئات من الشبان مثلك في لندن...".
" هذا ما يقوله لي والدي ، لكنه لا يعلم انني أجيد العزف عليه ، أعرف انني جيد ، ليتني أستطيع الذهاب الى لندن ، وأحظى بعمل في فرقة موسيقية...".
" لماذا لا تفعل ذلك في باريس؟".
" لأنني اريد الذهاب الى لندن".
إنتهت هارييت من إحتساء القهوة وقالت:
" يجب أن انصرف الآن".
أخذت حقيبتها من السلّة ، لكنه تدخّل عندما رآها تفعل ذلك وقال:
" أنا سأسدد الحساب".
فلم تعترض هاريت.
كانت الساحة الصغيرة مزدحمة أكثر من المعتاد ، وأوضحت أنها تركت السيارة في خارج القرية.
" أشكرك يا بول على ضيافتك".
إلا أنه لم يستأذن بالإنصراف وقال بإصرار:
" ساتمشى معك".
وإضطرت الى القبول ، كانت الشمس حارة جدا وما لبثت ثيابها ان إلتصقت بجسمها ، لكنها لم تتمهل في السير إذ أرادت ان تفهم الشاب أنها لا تنوي ان تتأخر ، تساءلت عن ردة فعل تشارلز لو رآها الآن وهي تمشي في روشلام مع إبن أندريه.
|