كاتب الموضوع :
نيو فراولة
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
وإستدارت نحوالدرج ، لكنها تذكرت هندامها ، فذهبت الى الخزانة وسحبت تنورة وقميصا مناسبا ، نظرت اليها سوزان وهي ترتدي ملابسها بدون ان تتكلم ولما حاولت هارييت للمرة الأخيرة ان تناشدها ، إستدارت وإتكأت على حافةالنافذة تنظر بتحد الى الحديقة ن أحست هارييت أنها هزمت فنزلت الدرج ببطء.منتديات ليلاس
كان بول يلوّح بالمنجل في الحديقة الخلفية ، وقد نزع قميصه وجلده الأسمر دلّ على أنه قلما يرتديه ، لقد جزّ ما يقارب ستة أقدام مربعة ، والعرق يتصبب من وجهه.
وبالرغم منها ، اثنت عليه لأنه عمل بجد ، وسارت نحو الباب ثم سالته:
" هل تريد ان تشرب شيئا؟".
إنتصب بول وإبتسم قائلا:
" وهل لي ان ارفض؟".
إبتسمت هارييت ودخلت المطبخ ، لم يكن عندهما ثلاجة ولكي تبرد الأشياء كانت تضع قناني العصير على الأرض في مكان لا تصل اليه الشمس ، أخذت كوبا كأنها تزنه ثم أعادته الى مكانه إذ أحست ان بول يفضّل الشراب من الزجاجة.
إقترب منها حين عادت ، فمدّت له الزجاجة وقالت:
" عندي عصير ليمون إن كنت تفضله".
لكنه هز رأسه وأخذ الزجاجة ودفعها الى شفتيه ، إبتلع نصفها بجرعة واحدة ، ثم مسح فمه وإمتدح برودة الشراب بالفرنسية كما كان يفعل حين يكونان وحيدين، ثم سالها:
" لماذا غيّرت ثيابك ، جسمك يسمح لك بإرتداء ما تشائين ، معظم الفتيات لا يستطعن ذلك".
" تقصد اللواتي في عمري؟".
فإحمر وجهه الناضح عرقا وقال:
" لماذا تقولين أشياء كهذه؟".
ولأول مرة لاحظت أنه جدّي فإستدارت ولوّحت بذراعها قائلة:
" إنك تعمل جيدا ، الف شكر".
رفع كتفيه واكمل شرابه ، ثم القى الزجاجة الفارغة من يده وغمغم :
" تظنين انني ألعب لعبة معينة ، أليس كذلك؟".
تنهدت هارييت وقالت:
" أظنك تتغابى ، هل يعلم والدك انك هنا؟".
" وهل هذا يهم؟".
" أعتقد ذلك".
" لماذا ؟ ألأنك تعتقدين أنه لا يوافق؟".
وتوقف قليلا ثم تابع:
" أم أنك لا تريدينه أن يغار؟".
إنحبس نفسها في حلقها وقالت بصعوبة:
" لا أعرف عما تتكلم".
" كلا؟".
إنتصب ثانية ونظر اليها قائلا:
" إنك تعرفين أبي ، أليس كذلك؟".
" لدي اعمال كثيرة تعيقني عن التبارز معك بالكلام".
ثم إستدارت ودخلت البيت.
كانت تفرط البازلاء عندما ظهرت سوزان، دخلت تجر رجليها وأبت أن تنظر الى عيني خالتها ، وسألتها بوقاحة:
" هل تمانعين إذا ذهبت وتكلمت الى بول؟".
فرفعت هارييت رأسها وقالت:
" إفعلي ما تشائين".
فإندفعت الفتاة الى الخارج بدون ان تزيد كلمة واحدة .
كانت الساعة تناهز الواحدة إلا ربعا حين ظهر بول في باب المطبخ وشعره الطويل متدل على كتفيه بخصل رطبة وقال:
" الحشيش خلف البيت قد تم قصه ، يلزمه الان تنميق بالآلة ، فهل عندك واحدة؟".
هزت هارييت رأسها ، فقال:
" سأحضر غدا لأقص عشب الحديقة الأمامية إذا أردت".
" أوه ، بول!".
تركت هارييت عملها وقالت بنظرة مشفقة:
" لا بد أنك مرهق".
ثم نظرت الى خلف واكملت:
" هل أنت ...؟ حسنا ، هل ترغب في البقاء لتناول طعام الغداء معنا؟".
تضايقت من نظرته المركزة عليها لكنها حافظت على هدوئها ، أجابها:
" من الأفضل ان أعود فلويز تتساءل حتما أين أنا".
هذا الإسم ثانية !
" هل تريدين أن أعود غدا؟".
"من المحتمل أن لا نكون هنا غدا ، كنا نفكر بالذهاب الى بيناك ".
" بيناك".
أومأ مفكرا وقال:
" حسنا ، لا يهم أن تكونا هنا".
تململت هارييت في جلستها وقالت بإرتباك:
" احس أنه يجب عليّ أن أدفع لك أتعابك....".
فغير الموضوع بقوله:
" قالت سوزان انك تحبين السباحة ، تعالي لنسبح معا بعد غد ".
" بول....".
" بإمكان سوزان أيضا ان تأتي معنا ".
نظرت اليه هاريت بتعاسة وسالته:
" اين يمكن ان نسبح؟".
" في النهر ، اعرف مكانا حيث الماء عميق والأشجار مظللة".
فأجابت بإستياء :
" ذهبت الى هناك مرات عديدة على ما أظن؟".
فإبتسم بول وقال برجاء:
" قولي أنك ستأتين".
" سأفكر في الأمر".
أخذ قميصه وإرتداه .
" سأحضر بعد غد في حوالي الحادية عشرة".
توقف ثم تابع:
" وغدا أيضا إن كنتما هنا ام لا".
أمطرت في اليوم التالي ، لم يكن شتاء ضعيفا مثل ما يتوقع في أنكلترا ، إنما شتاء كثيفا ومركزا بدا كستار رمادي حول البيت ، فغرقت الأشجار والعشب ، ولم تعد فكرة السباحة واردة.
إنزعجت هارييت لأنها أملت ان ترطب هذه الرحلة الجو بينها وبين سوزان ، فالعلاقة بينهما كهدنة حرب ، أمضت سوزان النهار مسترخية تقرا ، أما هارييت فأخذت تقوم بتجارب في المطبخ حيث خبزت كعكا جميل المظهر لذيذ الطعم ، لكنها لم تعمل من قلبها ، إذ لا بد لها أن تتصرف كوالدة سوزان لا كخالتها.
لحسن الحظ أشرق الطقس صباح اليوم التالي وكانت هارييت في رداء النوم حين سمعت الباب يقرع.
نظرت من النافذة قبل أن تفتحه وإذا بها ترى بول واقفا في الخارج ، فتحت الباب وبادته قائلة:
" بكرت في المجيء".
أيّد كلامها مجيا ببساطة:
" اردت أن أنتهي من قص الحشيش باكرا ، نحن على موعد في الحادية عشرة".
نظرت اليه بإستسلام وقالت:
" حسنا ، لكن لا تتصور أن تصبح هذه عادة ، سآتي معك هذه المرة إنما...".
تنهدت بإذعان وأضافت:
" تعلم أين تجد المنجل".
أخذ بول يشم الرائحة اللذيذة المنبعثة من المطبخ وسألها:
" ألا تقدمين لي فنجانا من القهوة؟".
لكنها هزت رأسها وأقفلت الباب في وجهه.
هبطت سوزان الدرج وعيناها ترفان ، لا بد أنها سمعت أصواتا ، وإحتملت عناء إرتداء بنطلون جينز وقميص ، نظرت حولها بإستغراب عندما رأت خالتها لوحدها ، فقالت هارييت:
" بول هنا وسيقطع الحشائش في الحديقة الأمامية".
سارت سوزان الى النافذة ونظرت الى الخارج.
" أين هو ؟".
أجابت هارييت وهي تسكب فنجانا من القهوة:
" أظنه يأتي بالمنجل".
تريثت ثم قالت:
" هل تريدين أن تذهبي للسباحة في وقت لاحق؟".
إستدارت سوزان وسألتها:
" سباحة؟ أين؟".
تناولت هارييت فنجان القهوة ونظرت اليه لتتفادى النظر الى الفتاة وردت:
" يقول بول أنه يعرف مكانا دعانا اليه معا".
هتفت سوزان بتحد:
" أحقا؟".
إضطرت هارييت الى مواجهتها وردّت بالإيجاب ، فحدقت سوزان اليها وسألتها بتمرد:
" وماذا لو قلت أنني لا ارغب في الذهاب؟".
إنقبضت اصابع هارييت على الفنجان وهي تسأل :
" ألا ترغبين بالسباحة؟".
" كلا ، كلا لا اريد".
هبط قلب هارييت وتأوهت بعتاب:
" أوه ، سوزان !".
فردّت الفتاة :
" ماذا ستفعلين الآن ؟ هل ستذهبين بدوني؟".
" كفى يا سوزان، لن أسمح بذلك !".
" ماذا ستفعلين ؟ لا تستطيعين إرغامي على الذهاب ، بالإضافة الى ذلك...".
" بالإضافة الى ماذا؟".
" أنا لا أعرف السباحة".
فشهقت هاريت بإستغراب وقالت:
" لا... تحسنين .... السباحة؟".
" كلا لم أحسنها أبدا".
" ألم يعلموك إياها في المدرسة؟".
" حاولوا إنما بدون جدوى ، ربما أنا من هؤلاء الذين لا يستطيعون تعلّمها".
" هراء! كل إنسان يستطيع ان يسبح إذا حاول".
وضعت هارييت فنجان القهوة وعبرت الغرفة مضطربة ثم إستدارت قائلة:
" سوزان ، تعرفين انني لا أريد الذهاب معه بمفردي".
فهزت سوزان كتفيها بإنزعاج وقالت:
" هذه ليست مشكلتي".
تمالكت هارييت اعصابها كي لا تصفعها ، وفي الوقت نفسه أعجبت بها لأنها إستغلت الموقف بنجاح ، قررت هارييت أن لا جدوى من مناشدتها لتغير رأيها ، فغسلت وجهها وأسنانها فوق المجلى ، ثم ركضت اى فوق لترتدي ثيابها ، كان عليها أن تجد حلا للخروج من هذا المأزق إنما لم تعرف في هذه اللحظة كيف يجب أن تتصرف.
|