كاتب الموضوع :
نيو فراولة
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
4- تحت ظل القصر
في الأيام القليلة التالية ، وجدت هارييت ان لديها أعمالا كثيرة لتملأ فراغها ، ذهبت الى روشلاك وعدا الأغراض الأساسية التي إشترتها مثل الحليب والبيض والخبز ، إبتاعت طلاء وأفرشة وقماش ستائر ، كان الصالون الغرفة الوحيدة التي لها ستائر إنما في حالة يرثى لها ، والأثاث الجديد يستحق ستائر افضل ، الخياطة باليد ستكون شاقة ، لكن بإستطاعة سوزان المساعدة بينما تقوم هي بطلاء الجدران.
إنتظرت ان يعود اندريه لتشكره على الأثاث الذي ارسله ، لكنه لم يات واحست بالأنزعاج من ذلك ، أرادته ان ياتي فتشكره وينتهي الأمر ، وأن يجعلهما تنتظرانه لجل غير مسمى تمشيا مع عادته ، ثار غضبها ومسحت بقعة من الدهان لطخت فستانها الأزرق البحري.
مع نهاية الأسبوع بدأ البيت يكتسب جمالا ، زينت حيطان المطبخ البيضاء بعدد من الصور التي وجدتها في سوق روشلاك ، أما الخزانة الصغيرة فبدت أجمل عندما طليت باللون الأصفر ، وعدد من قطع السجاد الصغيرة بسطت على الأرض ، القنديل المتدلي من السقف كان يبرق لأنه فرك جيدا ، نال الصالون وغرفة النوم حظهما من التنظيف والدهان والتوضيب ، مع أن هاريت كفت عن محاولاتها العديدة لإقفال النوافذ ، أما العلية فظلت الجزء الوحيد من البيت الذي لم تكتشفاه إذ كانت تؤجل مضايقة العنكبوت المعشعش هناك ن وحتى تعهّد سوزان بالقضاء على الحشرات الزاحفة لم تغير رأيها.
عندما أصبح البيت على ما يرام قررت سوزان إستكشاف الجوار ، فهما لم تعطيا بيناك وكازيناك إلا إهتماما عابرا وبخاصة أن الضاحية المحيطة بها مبثوثة بالصور بالقلاع والقلاع ، ومن نقط المراقبة الموجودة على سور قصر بيناك كانت مشاهدة وادي الدور دون ممكنة ، قررت هارييت أن تزور قلعة تود الواقعة على ضفاف النهر المواجهة لبيناك ، خلال حرب المئة سنة إحتل الإنكليز قلعة تود ، وجرت عدة معارك دامية بين الجيشين المتخاصمين ، وهذه المنطقة غنية بالتراث التاريخي ، وقد عثر في الكهوف والمغاور على بقايا هياكل عظمية ورسوم لسكان الكهوف.
وبينما سوزان تغسل أطباق الفطور قالت لخالتها:
" لنبدأ اولا بزيارة القصر الموجود هنا ، أقصد إذا كان صحيحا أن مجموعة فنادق اميركية تود ان تشتريه كما قال السيد لاروش فلا بد ان يكون رائعا".
فاجابت هارييت:
" لا أظن أن موقعا كهذا ينال إعجابهم".
وأكملت وهي تفحص درجة السمرة التي إكتسبها جلدها :
" الملاكون القدامى كانوا يعرفون اين يبنون قصورهم ويقيمون قلاعهم في أفضل الأماكن حيث المناظر الخلابة وفي الأراضي التي تصلح لحماية قلاعهم ، اظن مجرد إستطاعتهم أن يكشفوا ما حولهم على مد النظر نوع من التحصين ضد الغزوات".
" أريد ان أرى هذا القصر في أي حال".
اجابتها هارييت :
" لا أجد مانعا لذلك ، كنت ساقترح زيارة كاهورز ، إنما نستطيع تأجيل هذه الزيارة الى يوم آخر".
نشفت سوزان يديها ثم قالت:
" ألا تمانعين حقا؟".
إبتسمت هارييت وأجابت:
" لماذا أمانع ؟ أعتقد أنه سيكون يوما حارا ومن الأفضل ان لا نبتعد أكثر من بضعة كيلومترات عن روشلاك.
وجدتا سيارة الفيات ساخنة بعد وقوفها في الشمس لبضع ساعات ، وفتحت هارييت جميع النوافذ قبل أن تصعد اليها ، كانت ترتدي بنطلونا قصيرا وقميصا برتقالي اللون من دون أكمام ، وجلد ذراعيها تكسوه سمرة عسلية جذابة ، جلست سوزان بقربها وهي تلبس ثيابا مشابهة ، وسالت بقولها:
" هل سأشبهك في يوم من الأيام ؟ ليت شعري كان اشقر مثل شعرك ".
فردت هارييت :
" إن حمراوات الشعر يلفتن النظر أكثر من غيرهن ".
وتابعت وهي تبتسم:
" بالطبع ستكبرين كما فعلنا ، تذكري دائما أنه من الأفضل ان يكون المرء نحيلا وليس سمينا".
فجعّدت سوزان انفها قائلة:
" في المدرسة فتيات ذوات قامات رشيقة".
ادارت هارييت محرك السيارة وقالت:
" هل هن طويلات القامة؟".
" تقريبا بطول قامتي ، أي حوالي خمس اقدام وبوصتين".
" وما قياس حوضهن؟".
" لا أعلم".
" على فتيات الرابعة عشرة من العمر ان لا يبالين بهذه الأمور".
" لكنهن يلقبنني ( بالعظام ) لنحول جسمي".
إستطاعت هارييت ان تخفي ضحكتها ثم قالت:
" لو كنت مكانك لما سمحت لهذا الشيء ان يؤثر في ، سوف تتغيرين مع الوقت".
زمت سوزان شفتيها وغمغمت:
" هذا الشاب... بول".
وتوقفت قليلا لتفهم خالتها عما تتكلم ثم تابعت:
" إنه لم يعرني إهتماما إذ كان منهمكا بالنظر اليك ، هل تظنين انك جذبته؟".
" أوه ، يا ألهي !".
وتجنبت هارييت في آخر لحظة الإصطدام بحصان يجر عربة محملة بالقش ظهرت فجأة على منعطف الطريق ، ردة فعلها كانت عفوية واخفت أي جواب كانت قد تضطر لإعطائه على ملاحظة الفتاة.
وعندما إستعادت رشدها اجابت ببساطة:
" كان يحاول إظهار رجولته فقط يا سوزان".
فاصرت سوزان قائلة:
" إنك أعجبته ، لقد لاحظت ذلك ، ولم لا وأنت تجذبين الرجال كما يجذب الرحيق النحل !".
شهقت هارييت واجابتها:
" لا تبالغي ! انت صغيرة السن لتدلي بتصريح كهذا ، يا للسماء ! أنت تتكلمين مثل...".
توقفت هارييت عن الكلام مرتبكة وايقنت بغضب ماذا كانت على وشك ان تقول ، لكنها لم تخدع سوزان التي تمتمت بحزن:
" في الواقع والدتي قالت ذلك حين سالتها عنك في احد الأيام لماذا لا تتزوجين ... أجابت .... إنك لست من النوع الذي يستقر مع رجل واحد".
جفلت هارييت عند سماعها هذا التعليق وقالت:
" فهمت".
" هل أنت غاضبة؟".
ونظرت سوزان الى خالتها بقلق ، وحاولت هارييت ان تبتسم وهي تجيب:
" طبعا لا ".
|