كاتب الموضوع :
نيو فراولة
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
قفزت سارة الى قدميها بقلق ، وشعرت بنظرات جيل تتفحصها بإمعان وكانها لم تقتنع بعد ، إن جيل ماكرة ! قد تكون فتاة مدلعة ، ولكنها تبدو عاقلة ما فيه الكفاية ، وعلى علم بما تريد ، على عكس سارة ، ثم أنها على ما يظهر ، من النوع الذي لا يتورع عن اللجوء الى الأساليب الملتوية إذا دعت الحاجة ، ولهذا فإن افضل خطة للدفاع الآن هي التراجع بلا شك.
" يجب ان أسرع ! ". هتفت ملقية نظرة سريعة على ساعتها :" إعذريني فقد كدت أنسى بيدي ، إنها في السرير ، وعليّ أن أذهب اليها لتبيّن حالتها"
" آة ، هذا يذكرني...".
تثاءبت جيل وهي تفرد جسمها ، ومطت ذراعيها قائلة:
" لقد اخبرني هيو بأن الدكتور ماكنزي يريد التحدث اليك ، وهذا بالحقيقة سبب قدومي الى هنا".
توقفت سارة وهي في منتصف الطريق الى الباب ، وأدارت رأسها المضيء لتلقي نظرة مغتاظة على جيل.
" كان بوسعك ان تخبريني قبل الان !".
" آسفة لقد نسيت " قالت جيل بهزة لا مبالية من كتفيها : " لا تنزعجي فهو شخص عزيز عجوز ، انا واثقة أنه لن يتضايق من الإنتظار ، خصوصا عندما يجد الشخص الذي أضطره للأنتظار فتاة مثلك".
هرعت سارة تهبط الدرج دون أن تتمهل لتسمع المزيد ، إنها تعرف هذه النعوت التي يستعملها الناس عند الإشارة الى اطبائهم حق المعرفة ، مثل ( عزيز ، ولطيف ، وعجوز ).
عندما وصلت سارة الى القاعة وجدت هيو يتحدث الى رجل أصغر منه سنا فخمنت بان يكون أحد جيرانه ، وغمرها الإستياء لأنها لم تجد أثرا لأي طبيب.
إستدار هيو فسارت نحو الرجلين فوق السجادة الثمينة شاعرة بنظراته تنحدر على وجهها القلق ، ولمحت شبح إبتسامة على فمه الصارم.
" أظن انه من الأفضل ن أقدمك الى الدكتور ماكنزي يا سارة ، لأنه يبدو أنك اخذت على عاتقك امر الإعتناء ببيدي".
أوشكت سارة ان ترد بالطريقة الجافة نفسها لولا انها تمالكت نفسها فهذه هي طريقته في التعبير ! وتقدمت الى الطبيب وصافحته وقد غمرتها الدهشة ، لعل جيل ، بالفعل ، ترى الدكتور ماكنزي رجلا متقدما بالسن ، ولكن سارة شكّت في هذا ، لم يكل الطبيب جميل الطلعة ، إلا أن وجهه كان يشع نوعا من الجاذبية البسيطة غير المتكلفة ، وكان أصغر سنا من هيو ، وأشقر الشعر مثلها.
أحست سارة في نظرات الطبيب اليها ببريق الإهتمام ، ولم يكن في إعجابه ، الذي بدا واضحا في عينيه الرماديتين ، أي رياء.
" إذن أنت هي الآنسة التي تريد ان تجبر بيدي على إلتزام السرير ؟".
قال مبتسما وهو يضغط بحزم على أصابعها النحيلة ، وعيناه شاخصتان الى وجنتيها المحمرتين.
ما كان بإمكان سارة ان تحزر بأن مسلك الطبيب ماكنزي إتجاهها لم يكن عاديا بالنسبة اليه ، ولكن وجدت عجابه الصريح بها مشجعا ومثيرا بعد نهار طويل ممل ،وبغريزتها الأنثوية ، اهملت تقطيبة هيو الخفيفة ، مستجيبة لأبتسامة الطبيب بإبتسامة مماثلة فقالت:
" سأجرب".
وسحبت اصابعها من يده بإحتراس ، سائلة فيما إذا كان قد ترك بعض الحبوب لكي تستعملها بيدي.
" إن بيدي لا تستطيع ان تتذكر إسم الحبوب التي وصفتها لها".
" معي بعض الحبوب في السيارة ، سأعطيك بعضها إذا ما رافقتني " وتابع وعيناه لا تفارقان وجهها : " سيكون مفعولها أفضل بالطبع إذا إستطعت أن تحثيها على البقاء في السرير".
" سأحاول".
ردت سارة ، وشعرت فجأة بهيو خلفها يراقبها بإستهزاء ، فتظاهرت بعدم الإهتمام وإبتسمت للطبيب ثانية ، لقد أصبحت خبيرة بخصلة عدم التسامح في طبع هيو ، لكنها لم تستطع أن تدرأ غصة الألم مما اثار الإستياء في نفسها ، وإعترتها الدهشة والغيظ معا عندما تدخل هيو في الحديث قائلا بصوت جاف:
" يبدو من الواضح أنك لست مستعجلا يا ايان ، ولهذا أرجوك أن تفحص ذراع سارة قبل ذهابك ، لقد سكبت بعض السمن الحار عليها في الصباح إذ انها ليست دائما بمثل الكفاءة التي تبدو عليها".
إشتعلت عينا سارة غضبا وهي تجابه نظراته الساخرة ، صحيح ان ذراعها تؤلمها ، ولكن الألم ليس حادا ، وتمنت بإرتباك لو أنه لم يذكرها ، وحوّلت نظراتها عنه مبتسمة لأيان ، محاولة ان تستعيد بعض توازنها .
" لا داعي لن تزعج نفسك".
إحتجت سارة عندما همّ الطبيب برفع الضمادة ، متجاهلة عبوسه الفجائي.
" لقد فحصت يدي بنفسي بعد الغداء ، ووجدتها في حالة جيدة".
" كيف عرفت؟".
وإزداد وجه ايان عبوسا وتابع نافد الصبر:
" هل لديك خبرة في التمريض ؟ حتى الحروق الصغيرة يمكن أن تكون مزعجة".
" لكنني رايت العديد من الحروق !".
اجابت سارة وقد وخزتها لهجة التانيب في صوته ، سامحة لأنفعالها ان يغلب حذرها.
" كنت أعمل مساعدة لوالدي الذي كان طبيبا أيضا".
افلت أيان ذراعها كارها ، ولم يبد عليه الإقتناع التام.
" حسنا ! كما تشائين " وأستقرت نظراته الثاقبة على وجهها : " ومع هذا فساعطيك مرهما قد تحبين ان تجربيه عندما نذهب الى السيارة لكي تجلبي حبوب بيدي".
ثم أومأ يماءة مقتضبة لهيو ، وسار عبر الباب المفتوح .
|