كاتب الموضوع :
نيو فراولة
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
دهشت سارة عندما وجدت أنها نامت نوما عميقا تلك الليلة في القلعة ، وعندما إستيقظت لم تستطع أن تفهم اين كانت للوهلة الأولى ، ثم صدمتها المعرفة مع عودة وعيها ، انها في قلعة لوخ غويل بجدرانها السميكة المتجهمة ، ولكن سريرها كان مريحا ، غمرتها أشعة الشمس المتسربة من النافذة نصف المفتوحة فرمت اغطيتها بعيدا وقفزت جارية الى النافذة لتنظر من خلالها ، كان المنظر رائعا من برجها المستدير ،وبدا البحر بلا نهاية من الزرقة المتألقة ، وعندما نظرت الى الأسفل رأت مجموعة من الخلجان والرؤوس الصغيرة بمحاذاة الشاطىء الذي أحست به يناديها ، وغسلت وجهها بالماء البارد بسرعة وإرتدت ثيابها على عجلة مختارة بنطلونها الجينز القديم وقميصا مناسبا ضيقا ، وكان هيو فريزر قد ارسل لها رسالة مع كاتي في الأمسية الفائتة ليخبرها بأنه سيكون في إنتظارها في غرفة المكتبة بعد الأفطار ، ولما كان الوقت لا يزال مبكرا ، حوالي السابعة فقط اكدت لها ساعتها ، فقد قررت سارة ان تذهب للإستكشاف.
عندما وصلت سارة ال الردهة ، إرتدت صندلها وقفزت هابطة الدرج الملتوي ، لم تجد أي مخلوق في طريقها ، وكان الصمت مخيما على القلعة الضخمة مما جعلها تحس بانه لو وقع دبوس على الأرض لسمعته ، وحادت عن مدخل القلعة المهيب ، متجهة نحو مؤخرة القاعة ، ولم تجد صعوبة في العثور على الممر الطويل الذي سارت عبره البارحة مع هيو فريزر والذي قادها في النهاية الى ساحة القلعة.
في الساحة أيضا كان الصمت مخيفا مما جعلها تشعر وهي تشق طريقها الى قلب صباح ربيعي مثالي بان العالم كله ملكها ، ودارت حول بإتجاه حافة المنحدر ونظرت الى الصخور الشاهقة والشاطىء تحتها ، كانت حركة الجزر قد عرت جزءا كبيرا من الشاطىء ، تاركة بركا صغيرة عميقة خضراء بين عروق الصخور السوداء ، ولكن الرمال لم تكن بالكثافة التي قدرتها عندما نظرت الى الشاطىء من النافذة ، وقررت وهي تحدق عبر المياه الساطعة الى منحدرات جبل بن مور الهابطة بلطف نحو الأرض المنبسطة على طول الشاطىء المقابل بأن هذا المكان المعروف بلوخ ناكيل ، ولم يخطر ببالها وهي تطل على الشاطىء من فوق بأن المنحدر الذي وقفت فوقه قد يكون شديد الميل ، وظنت أنه لا بد ان يكون هنالك طريق ينتهي بها الى هذا الشاطىء المغري الذي يمتد تحتها.
وقعت سارة في اسار المنظر الجميل المحيط بها ، ووجدت نفسها تستمر سائرة حتى وصلت الى فوهة شق ضيق ينحدر بين الصخور بدا لها وكأنه بقايا مسلك قديم يقود الى الشاطىء ، رغم ان العشاب قد كادت تكسوه بالخضرة مما يدل على انه لم يستعمل لسنوات عديدة.
ومن دون تفكير شقت سارة طريقها بتصميم خلال الاعشاب النامية ، مزيحة الأغصان البرية الميتة ، محاولة أن تثبت قدميها على الأرض الزلقة التي بللتها الأمطار ، وفجأة ، ربما لشعورها بأن الوقت كان يمر ، أحست بأنه من الضروري ان تصل الى الشاطىء ، وإشتبك شعرها ببعض الأشواك التي إنتزعت الشريطة التي ربطت بها شعرها مما جعله يتناثر فوق وجهها حاجبا عنها الطريق ، وإنزلقت قدماها على الدرب فتزحلقت مسافة عدة امتار ، لكنها عندما نهضت وجدت نفسها ، لأستيائها البالغ ،واقفة على افريز صخري لا منفذ له ، ففوقها إمتد الدرب عموديا الى الأعلى ، بينما إنحدرت الصخور ملساء تحتها ، هابطة عدة أمتار نحو الأسفل.
وبحركة مرتجفة من يدها أزاحت سارة شعرها المتمرد عن وجهها وقد عراها الإضطراب ، إن خطتها لم تقدها الى النتيجة التي نشدتها ، فهي لن تستطيع الصعود سالكة الدرب نفسه الذي قادها الى هنا ، كما انه ليس بالإمكان أن تستطيع الوصول الى الشاطىء فوق الصخور الملساء المنحدرة دون ان تكسر قدما أو رجلا ، وفي مخيلتها رأت نفسها تعود الى بيتها في لندن في سيارة اسعاف مما جعلها تبتلع ريقها بتشنج والرجفة تسري في أوصالها ، ثم أنه لو تناهت الى هيو قصة ما أقدمت عليه هذا الصباح لما قبل منها عذرا.
كان من المحتم أن يعتري سارة الفزع ، فلقد كان الجرف الصخري الذي وجدت نفسها فوقه ضيقا وغير مريح ، ولم تجد فيه ملجأ يحميها من الرياح الباردة الهابة من البحر ، ونفذ البرد خلال قميصها الرقيق الى جلدها العاري فجثت خلف الصخور منطوية على نفسها محاولة ان تحتفظ بدفء جسدها ، ورأت بعض الطيور البحرية التي تشبه البط قرب حافة المياه تحتها وبعض طيور ( الغيلموت ) تغوص بينها ، ولكنها لم تجد أثرا لي إنسا ، وجربت ان تنادي ولكن لم يسمع نداءها أحد ، وادركت سارة بانه حتى لو وجد شخص في مكان قريب فإنه من المستحيل أن يسمعها فوق زئير الأمواج.
تنفست سارة ثلاث مرات بعمق متذكرة نصيحة والديها لمعالجة الخوف ، وحاولت أن تغير من جلستها غير المريحة... لا بد أن ياتي أحد ، مست سارة لنفسها بندم ، إنه من المضحك أن تشعر بمثل هذا الفزع ، ولكن كل ما إستطاعت أن تراه في ذهنها كان وجه فريزر الساخر ، ماذا سيقول لو أنه سمع بمغامرتها هذه وراحت تتخيل تعليقاته اللاذعة.
|