كاتب الموضوع :
نيو فراولة
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
أجابت سارة ببطء ، وبدا لها غريبا الا يكون جيمس قد ذكر لها شيئا عن هذا الحادث ، ولو انها كانت على علم مسبق لإستطاعت أن تتجنّب هذا الموقف المحرج ، وضاقت عينا هيو فريزر ثم قال بلطف، ولكن بنبرة حازمة:
" أن هذا كله لا علاقة له بك ، أما بالنسبة الى تحديد المدة التي سيستغرقها عملك هنا فيمكننا التناقش بشأنها في المستقبل ، إن صدمة موت والدي كانت اكثر مما إستطاع ان يتحمله عمي الذي كان يكبره سنا والذي لم يكن يتمتّع بصحة جيدة ، وكان عمي متعلقا بلوخ غويل ، ولكن لم أدرك الى أي حد اهمل الأمور حتى اتيت الى هنا من أجل ان ارتب وأنسق اعماله".
وتمهل لحظة ن ولكن سارة تجنبت ان تعبر مرة أخرى عن تعاطفها ، فمن الواضح انه إنما يفضي اليها بهذه التفاصيل الان بسبب علاقتها بالعمل الذي جاءت من أجله ن ثم قالت وهي تتذكّر بعض مرضى والدها المسنين:
" ان كبار السن يميلون بدون إستثناء الى إهمال أعمالهم".
وتجاهل فريزر كلماتها ، وتابع قائلا بإستعلاء وتجهم :
" وعندما لاحظت الفوضى التي سادت مكتب عمي لجأت في الحال الى طلب المعونة من جيمس كار ، إلا انه لم يكن بالإمكان الخوض في التفاصيل قبل وصولك ، فبالإضافة الى واجباتك الوظيفية ، هنالك أمر آخر اود ان اتحدث اليك بشانه قبل أن نصل الى لوخ غويل......".
فرددت سارة وهي تحاول ان تخفي إضطرابها الفجائي وراء إبتسامة مشرقة:
" السكرتيرة الجيدة هي سكرتيرة متعددة المهارات".
فأطفأ فريزر سيكارته المحترقة قائلا:
" إن السيدة سكوت مدبرة منزلي ، تحمل الرأي نفسه على الأكثر ، وهي بلا شك ستعتبر إحدى مهماتها مراقبة تصرفاتك ، ولهذا فأنا أحذرك".
إبتسمت سارة رغم التعب الذي كانت تشعر به فهي عادة تملك القدرة على مصاحبة منهم أكبر منها سنا.
" هل هي كبيرة السن؟".
قالت وهي تقابل عينيه الداكنتين بثقة متجددة:
" في الستينيات على ما أعتقد".
وتجعّد جبينه وهو يقول مسلما:
" إن بيدي هي مؤسسة بكاملها او تكاد ، واظن أنه يمكننا إعتبارها فردا من العائلة ، وتحب ان تتصرّف كما يحلو لها".
" لقد تحدّث السيد كار عن اختك غير الشقيقة "، قالت سارة بجرأة ممزوجة بالحذر : " كما ذكر بانك بحاجة الى من يساعدك على رعايتها".
ولاحظت سارة تجهما في وجهه وهي تتكلم ، وكان التعبير المرتسم على ملامحه مزيجا من نفاد الصبر والتسليم.
" إن جيل تقارب العشرين ، ووالدتها وهي أميركية المولد ، تقوم حاليا بزيارة طويلة لأميركا ، ولهذا فإنه من الناحية النظرية تقع مهمة رعاية جيل على عاتقي".
" الا يوجد شخص آخر؟".
" تعنين افضل؟".
ولمعت عيناه بسخرية إذ تورّدت وجنتاها وقال:
" لا ، مع الأسف ، لا يوجد من يستطيع التأثير عليها ".
ورمته سارة بنظرة سريعة إذ ضاقت شفتاه الصارمتان ، وقالت:
" يبدو انك تعاني من مشكلة ".
" قد أكون... وهي مشكلة كنت بغنى عنها ، يبدو أن جيل قد سمحت لنفسها بالإختلاط مع بعض رفاق السوء بعد سفر والدتها ، ويا لسوء الحظ "، قال متنهدا : " كنت أنا مشغولا جدا ، بينما لم يكن لدى جيل ما يشغلها ما فيه الكفاية.
" قد لا يكون يتعدّى الأمر مجرد مرحلة تمر بها".
أشارت بلباقة ، محوّلة نظراتها عن وجهه العابس الى يديه المشدودتين على المقود.
" وفّري عليّ الملاحظات التافهة ". قال ووجهه ينطق سخرية :" انت لا تعرفين اختي ، فهي لا تمر بمراحل ، كما أنها تظن انها تعرف كل الأجوبة ، ولكنها لا تعرف معنى المسؤولية ، وجيل في الوقت الحاضر تعتقد بانها تحب فنانا فقيرا ، وتصمم على الزواج منه".
وقفزت عينا سارة الى وجهه ثانية ، فمن الواضح ، كما بدا من نبرات صوته ، أنه لا يوافق ، هل السبب هو كون الرجل فنانا أو فقيرا ؟ وتمتمت بتردد:
" لو أنه رجل مناسب فقد لا يبقى دائما في غير هذه الظروف".
" قد تستطيعين محاولة الإصغاء الي ، يا آنسة دينتون".
قال مستديرا في مقعده وعيناه الساخرتان تلتقيان بعينيها الواسعتين المكشوفتين.
" مما لا شك فيه أنك قطعت مسافة طويلة ، ومن المحتمل أن التعب قد بلغ بك حدا يحول بينك وبين التفكير الصائب ، ولهذا فأنا ارجوك ان تسمحي لنفسك بالإهتداء بآرائي ، وبالإضافة الى أنني أعرف المزيد عن هذا الشاب ، وما سمعته عن هذا الشاب ، وما سمعته عنه يجعله بحاجة ال الكثير مما يزكيه ، هذا لو توخيت في تقييمه جانب الإعتدال".
" ولكن هل قابلته؟".
سألته سارة بسرعة ، وعلى الرغم من انه كان على بعد سنتيمترات منها ، فلقد أحست بأن المسافة الذهنية بينهما شاسعة ، وفجأة ومن دون سبب تسارعت نبضاتها ، وداخلها شعور بالتعاطف مع جيل المتمردة.
" إن ما يقلقني هو طبع جيل المندفع ، وهي الآن تتماثل للشفاء أثر عملية جراحية ، وستاتي الى لوخ غويل لتقضي فترة نقاهتها ، إن أحدا هنا لا يعرف شيئا عن صديقها ، ولهذا فلا داعي لأن يذكره أحد إلا إذا أشارت اليه هي نفسها ، من المحتمل ان تنساه إذا ما قضت فترة بدون أن تراه ، وهنا أجد مساعدتك ضرورية انا لا أظن بأنه سيتبعها الى لوخ غويل ، ولكنني بحاجة الى من يراقبها ويخبرني فيما لو لاحظ شيئا مريبا ، لا اعتقد بأنك ستجدين هذه المهمة شاقة جدا".
|