كاتب الموضوع :
نيو فراولة
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
تابعت بيث الإبتسام ، ممسكة بذراع هيو ، وعيناها تدرسان مظهر سارة المشعث قليلا بنظرة باردة حقود ، وبدا واضحا انها إستخلصت نتائجها الخاصة ولم يعجبها ما رأت.
وأدركت سارة ذلك عندما تمتمت بيث بسلاسة:
" لقد رايتك وجيل تدخلان كوخ الفنان البارحة ، يا سارة ، ولكنني كنت مستعجلة جدا فلم أتوقف ، كنت على وشك سؤال جيل أن تصطحبه معها اليوم ، ولكنيا لحسن الحظ كانت من النباهة بحيث توقعت الدعوة".
كانت سارة تعرف بأن بعض النساء قادرات على التصرف بذكاء شيطاني عندما يتعرضن للإثارة ، وكانت تعرف أيضا بان بيث كانت تعلم بوجود كولن وبعض الخلاقات والمناقشات بشأنه ، ومن المحتمل ان جيل قد سدت الثغرات في معلوماتها ، الى حد الإفضاء اليها بدور سارة في الموضوع ، وكل ما تحتاجه بيث الآن هو تشويه بعض الحقائق، مستعملة المعلومات من أجل الوصول الى غرضها .
زحفت البرودة الى جلد سارة ، ومعها شعور بالحتمية، فإن الشيء الذي خشيته أكثر من غيره قد حدث أخيرا ، عن هيو يعرف الان دورها في محاولة خدعه ، وبدا الإحتقار الذي يشعر به إتجاهها واضحا على وجهه ، وتناهى اليها صوته يقول بإقتضاب من خلال ضباب العذاب الذي إكتنفها:
" إسمحي لسارة ولي يا بيث بإنهاء هذه الرقصة فقط".
قبل ان تستطيع سارة الإعتراض جرها بعيدا عن عيني بيث المشمئزتين الى حلبة الرقص ، ولكنها لم تشعر بالإمتنان له في قلبها ، فلا شك ان الإستجواب سيبدأ الآن ، بدأت التعاسة تتجمع في نفس سارة إذ أخذ خوفها يتفاقم ، وتعثرت قدماها على الأرض المصقولة ، فشدّها هيو بسرعة الى الأعلى ، محيطا إياها بذراعيه الشديدتين وقال بصوت خافت قاس:
" حاولي على الأقل ألا تفقدي قدميك وقد فقدت كرامتك".
" من فضلك ، يا هيو".
همست وهي تحاول أن تسيطر على نفسها ، ولكنه قاطعها بصوت متحجر :
" لا تقولي انك تملكين تفسيرا ، وانك لا تعرفين عما كانت بيث تتحدث ، لأنني لا أريد أن أسمع تفسيرا".
حدقت سارة فيه بعينين وجلتين واسعتين ، مميلة رأسها الى الوراء لكي ترى وجهه ، لا شيء يمكن أن يكون أسوأ من هذه اللحظة ، إن هيو إنسان غريب ! لا صلة له بالرجل الذي إحتواها بين ذراعيه بحب عميق في الحديقة ، وشملتها عيناه بنظرات كالسياط ، وقد لاح النفور في كل خلجة من خلجات وجهه.
" من فضلك يا هيو ، يجب أن تصغي الي ، من أجل جيل على الأقل ، ألا نستطيع أن نذهب الى مكان ما لكي نتحدث؟".
رفض هيو توسلاتها على الفور ، كما توقعت ان فعل.
" هذا المكان يصلح للكلام كأي مكان آخر ، ولو أنني وجدت نفسي معك بمفردنا لوقعت في خطر إستعمال العنف الجسدي ، أو أتحت لك الفرصة ثانية لكي تتلاعبي بي كما تشائين ، وهو شيء يبدو أنك قد تمتعت به جدا في الماضي".
من ذا الذي قال بان الكوابيس لا تستمر ؟ هذا الكابوس يمكن أن يستمر العمر كله ! وحاولت سارة تحت عنف صدمتها أن تنتزع نفسها بعيدا عنه ولكنه أمسك بها كالكماشة ، وأحاطت اصابعه بخصرها الرقيق كالفولاذ ، ووجدت انها إذا ما ارادت ان تتجنب إثارة الإنتباه ، فمن الأفضل لها ان تتبعه حيث يريد.
وبدا من غير المنطقي ، إنه على الرغم من تهكمه ، كانت ما تزال تتآكلها الرغبة الملحة في ان تدعه يرى بأنها لم تتعمد أن تخدعه ، وأنها تصرفت كما فعلت مدفوعة بتيقنها من ان كولن براون قد تعرض للظلم في الحكم عليه ، ثم انه بوجود أخت كولن في الكوخ معهما طوال الوقت بدا من الحكمة إتاحة الفرصة لجيل وكولن لمعرفة حقيقة مشاعرهما دون التعرض للمعارضة وتأثيراتها السلبية.
" على الأقل ، دعني اقول لك بأنني شخصيا اعتقد بأن كولن براون هو شاب جيد يمارس مهنة جيدة ، وهو يرغب صادقا ، بالتعرف عليك".
" ما الطف هذا ! لا أحد يستطيع الإدعاء بانك لم تزنيه وتقيميه جيدا ، ولكن، بحق السماء ، وفري عليّ التفصيلات".
" إنني أكرهك!".
" الشعور متبادل".
قال منفجرا بلهجة يفعمها عنف مستكن ، وومض بريق الخطر في عينيه وهوو يستوعب شحوبها الشديد ، لم يكن هنالك من مخبأ وأحست بمصابيح الثريات المطلة من سقف الصالة المزين تلسع وجهها بنورها المتألق ، ولاح هيو تجسيدا للقتل ، القتل المجرد العاري.
" انا أعرف كل شيء عن عزيزنا السيد براون ، هذا يعني ( إستطرد مصححا ) إنني اعرف الآن ، وبناء على معلوماتي أجدني اتفق معك في الرأي في انه لا غبار عليه ، ولكن ليس هذا هو الموضوع المطروح ، وانت تعرفين ذلك ، فلقد تعمدت أن تخدعيني ، وانا لا أهتم مطلقا بالأساب المخففة ، لأنني طلبت منك ان تفعلي شيئا ووافقت ، ولكنك لجأت من وراء ظهري الى العمل ضدي طوال الوقت".
قابلت عينا سارة الكبيرتان المحملقتان عينيه بتوسل بينما راح الألم والإستياء يصطرعان في نفسها.
" إنني لا أرى الأمر كما تراه ، يا هيو ، لقد ظننت بأنني كنت أتصرف من أجل خير الجميع ، ثم إنني قد وضعت كل مشاعري الخاصة بشأن دوري في الموضوع في المكان الثاني ، لأن إهتمامي الرئيسي كان منصبا على مصلحة جيل".
" ما الطف هذه الخطبة الصغيرة، يا سارة ، هل كنت تتوقعين التصفيق والثناء ؟ بدلا من ان تكثري من الإحتجاج ، لماذا لا تعترفين بأنك كنت قد قررت أن تتصرفي كما تشائين منذ البداية ؟ مثل طفل افسده التدليع ، حسنا ، إنني أرى الآن والفضل هو لبيث ، وأنا أعرف تماما حقيقة معدنك".
" كيف تجرؤ.......؟".
وإندفعت الدماء الحارة الى خديها ، وتحولت الى عاصفة من الغضب ، وإنتهت الرقصة بمرافقة لحن صاخب من الأوركسترا ، فتوقفا يحدقان كل منهما في وجه الآخر ، غير عابئين بالناس حولهما ، وتصلب ظهر سارة من شدة الغضب الذي خنق دموعها في مهدها ، ورمت برأسها الى الوراء متحدية.
" ألا تظن ، بانه قد يكون هناك تفسير مختلف؟ لقد إكتشفت بانك كنت مخطئا فيما يتعلق بكولن براون ، ولكن لم تفكر بأن تأتي لتصارح من يعنيهم المر بحقيقة ما إكتشفت ، كيف إستطاعت مثل هذه المعلومات أن تنزلق من ذاكرتك العجيبة ! ولو أنك فعلت ، لكنت أنا وجيل لك من الشاكرين".
ثم إستدارت ، إذ لم تعد تملك السيطرة على كلماتها ، ودون أن تنتظر أي جواب جرت مبتعدة ، ولم تكن من المغرمات بالخناق ، وقد لاحظت انها وهيوقد اخذا يجذبان إنتباه الموجودين ، وسارعت سارة لمغادرة قاعة الرقص ، وتنفست الصعداء عندما عثرت على أيان في طريقها.
|