كاتب الموضوع :
نيو فراولة
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
وإرتجف صوتها وهي تنظر اليه بإهتياج قائلة:
" هل هذه طريقتك في التأديب؟".
راحت عيناه تحومان حول عينيها الزرقاوين باهدابهما الكثيفة واللتين ما تزالان طافحتين بالعواطف ، ثم قال بسخرية متعمدة:
" لم اجد طريقة أكثر سحرا وجاذبية ".
تراجعت سارة الى الخلف بحركة إحتجاج لا إرادية.
" لم أستسغ ما حدث".
ردت سارة بعنف ، إذ راحت عيناه ترمقانها ، وقد لاح فيهما وميض من التهديد ، ثم قال بصوت ناعم:
" يلوح لي أنك أنت المنافقة الآن أو.... ألا تعرفين؟".
" لقد نصحتني بان أبحث عن علاقة رومنتيكية".
" لن تجدي مثل هذه التجربة مع ايان ماكنزي".
" ماذا تعني؟".
قال هيو هازئا لاويا شفتيه:
" هل تريديني أن افسر؟".
" لا.....أنا....".
وإرتعشت شفتا سارة حتى لم تعد قادرة أن تجبر نفسها على الكلام ، وكرهت ان ترى القناع يزاح عن عواطفها فتتعرى امام عينيها، وحدقت في وجه هيو الأسمر الوسيم ، وشعرت بتاثيره عليها ، لأن جزءا من ذاتها راح يستجيب بطريقة لا قدرة لها على لتنبؤ بها ، لشخصيته المسيطرة ، إذا لم تقاومه فسيخضعها تماما ويسحقها ، وشعرت بالخوف يكتسحها ، فقالت ، ناثرة شعرها الى الوراء باصابع مرتجفة:
" من الأفضل ان نذهب".
فرد قائلا وعيناه تحدقان فيها بوحشية:
" الم يضمك احد من قبل ، أوهل ستحاولين ان تنكري ذلك؟".
وإنتصب رأسه فجأة :
" اعتقد بانني أكرهك".
ردت سارة وهي موقنة أن الحقيقة هي العكس، محاولة ان تتجاهل الألم الذي راح يمزق أحشاءها.
" هذا ما تصرين على إدعائه ، ولكنني أظن بانك تعرفين بأن هذه ليست هي الحقيقة ، وانا استطيع أن ابرهن لك على ذلك ، في الحقيقة قد تستمتعين بالتجربة ، أنا أضمن لك هذا ، ولكنك لست من النوع الذي إعتدت عليه".
" لا يبدو ان هذا قد شكل لك عائقا حتى الان ، ولكنني بالتأكيد ، لست واحدة من نسائك المتوحشات ، ساكنات الغابات الإستوائية أو الصحارى".
شعرت سارة بأن غضبها قد أعانها على إستعادة بعض تمالكها لنفسها وساعد على إبطاء ضربات قلبها ، ولاحظت ومضات التسلية في عينيه وهما تستقران على العرق الذي راح ينتفض في أسفل عنقها.
" في غابة لن يردعني شيء عن التصرف إتجاهك كما اريد ، كم أتمنى أن اعثر عليك في غابة يا سارة ! لأنك لن تستطيعي الإفلات مني هناك".
أدركت سارة بانه كان يهزأ منها ، ضاحكا ، ولكن عينيه راحتا تومضان بنور رمادي كالفولاذ ، وأحست بضعفها المخجل وهي تحدق فيه كالمأخوذة ، لقد إعترفت مسبقا بأنها ليست ندا له من حيث البراعة اللفظية ، وتضاءل بصيص الأمل في أن تستطيع مناورته والإنتصار عليه بوسيلة أخرى ، ثم تلاشى من نفسها تماما ، وعرفت أنه من الحماقة أن تحاول المستحيل.
فهزت راسها غير قادرة على الكلام ، أما هيو فقد إنتصب على قدميه ، قافزا بخفة لا تفق مع حجمه وطوله.
" من الأفضل أن نذهب من هنا".
قال هيو كمن صحا فجأة ، وقد فارقته روح السخرية ، ورفعها نحوه بحركة بارعة في دقيقة واحدة ، فآلمت أصابعه عظام رسغها.
" لن أكون مسؤولا عما يحدث لو بقينا هنا وانت تبدين على هذه الصورة ، بشعرك المحلول وقدميك العاريتين.
أفلت هيو ذراعها وقد راحت تحدق فيه بعينين واسعتين تطلان من وجهها الشاحب ، محاولة أن تسيطر على الشعور الغريب الذي غمر نفسها.
وإنحنت بحركة آلية لتلتقط صندلها ، واحست بغثيان خفيف بسبب الشعور بالمذلة الذي إجتاحها والذي لم تستطع له تفسيرا ، وتمنت لو تستطيع الهرب منه ، وقالت بصوت خال من التعبير:
" لا تقلق ، فإن هذا لن يحدث ثانية".
عادوا الى لوخ غويل ليجدوا الفوضى قد إستتبت في القلعة ذلك المساء ، وكان السبب هو ان بيدي ، بعد مناقشة طويلة أعلنت أنها لزمت الفراش ما فيه الكفاية ، وأن الوقت قد حان لكي تنهض من فراشها وتتولى إعداد العشاء ، فإعترى الفزع كاتي التي سارعت الى إخبار الدكتور ماكنزي بالهاتف ، ووصل الطبيب في اللحظة التي وصلت فيها بيث ، ولما كان ماكنزي في القلعة عند عودتهم من أيونا ، فقد إضطر هي والى دعوته لتناول العشاء معهم ، وقبل ماكنزي الدعوة بسرعة غير عادية ، خالية من الخجل .
" يظهر أنه يريد أن يراقب مريضتنا المقعدة !".
تمتم هيو بجفاء هامسا في أذن سارة ، وهم يجلسون على كراسيهم حول المائدة.
أجفلت سارة متجاهلة هجومه إذ أزاح لها الكرسي لكي تجلس، ألا شيء يفوته ؟ إن عيني أيان لم تفارقا وجهها منذ أن هبطت الدرج قبل خمس دقائق ، وكان من المفروض ان يجلس بجانبها ، ولكن هيو سبقه ببراعة وتعمد كما ظنت سارة .
" أعتقد أن بيدي تستطيع الآن مزاولة عملها؟".
سأل هيو مخاطبا الطبيب بصوت لاذع ، وهو يأخذ مكانه بين جيل وبيث التي بدت جذابة جدا في ثوب أسود أنيق.
" اشاركك الرأي ، كان من الأفضل ان نبقى في السرير مدة أطول ، ولكن المرء لا يستطيع أن يأتي بالمعجزات ، لقد كانت الأعجوبة أن تنجح سارة في إبقائها في السرير مدة أسبوع ، وعدتني بيدي ألا تتعب نفسها".
" إنها لا تطيق فكرة وجود أي شخص آخر في مطبخها " ردت بيث بحيوية " ولهذا حاول ان تداريها ، يا عزيزي هيو".
" إذا ما فكر هيو بالزواج والإستقرار فقد تستطيع زوجته أن تبقي بيدي في مكانها " قالت جيل بجرأة كبيرة ووجهها يفيض بالإستياء " لا استطيع انا شخصيا أن تصرف إتجاه نزوات بيدي ومزاجها".
" قد تثبت زوجتي المقبلة أنها أسوأ منك في هذا المجال".
قال هيو مداعبا جيل بكياسة ، نظرا اليها بإبتسام ، وهو يملأ كأس ايان .
" لا اصدق ذلك !". ضحكت جيل وهي تتناول ملعقة الحساء ، " ماما تقول ... بانه على الرغم من كونك رجلا فإنك ستنتقي جيدا ساعة الإختيار".
أحست سارة بشعور خفيف بالمرض ، وراحت تلتقط الطعام من طبقها إلتقاطا ، غير راغبة برفع رأسها الذي أخذ يدور ، كان شعورها بوجود هيو بجانبها طاغيا ، وراح يلهيها عما حولها بمغناطيسيته الغريبة التي وجدت نفسها غير قادرة على مقاومتها.
|