كاتب الموضوع :
زهرة منسية
المنتدى :
روايات احلام المكتوبة
وصل أنريكو وجنيفر تساعد عامل الأسطبل فى الكنس كان الجو بارداً رطباً فى الأسطبلات ورائحة الخيل كالترياق لنفسها المضطربة تمتعت بالرفقة التى شاركتها مع الهندى العجوز الذى فهم كل ما تحاول قوله بالأسبانية
ودوت ضحكة رئيس العمال وقال:
-ما هذا؟ قالت لى العجوز أنك ترتاحين نينا !
فأستوت واقفة لكن ظهرها آلمها نتيجة إنحناءها
-أردت التنزهة راكبة لكنك لم تكن هنا لمرافقتى
آهه لكننى هنا الآن لقد جئت بشخص يود مقابلتك أبنى غابريل
-أبنك؟
لحقت به إلى الخارج كانت قد سمعته يتحدث عن أبنه من قبل وقد ذكر لها أنه يعمل عند نيل لكنه كبقية العمال نادراً ما يقترب من المنزل
ما كانت تتعرف على الشاب المتكئ إلى جذع شجرة الكالبيتوس القديمة فى الخارج على أنه أبن أنريكو فبنيته كانت أنحف من بنية أبيه وقسمات وجهه بيضاء لا سمراء أما عيناه فكانتا خجولتين لا وقحتين كعينى أبيه وشعره كان ناعماً مسترسلاً لا أجعد كا أبيه
أستقام لدى أقترابهما مبتسماً بلطف فأحست فوراً بحالة يديها ووجهها الملئتين بالغبار
-هذا أبنى غابريل هذه السنيوريتا هانت
فرد غابريل بإنكليزية جيدة كإنكليزية أبيه لكن بصوت هادئ :
-أعرف هذا
-غابريل يعمل فى المزرعة منذ أنهى كليته أى منذ ثلاثة أشهر لكن عمله مؤقت سيكون مهندساً مثل الباترون
فأبتسم غابريل ثانية :
-ما يحاول والدى قوله إننى غير موظف فى الوقت الحاضر فليس هناك عمل لمهندس كما يوجد لغارتوش أى عامل مزرعة
فأبتسمت جنيفر إنه حقاً شاب وسيم وسرها أن تجد شخصاً غير نيل يستطيع إرباك أنريكو فسألته:
-هل يعجبك العمل كغارتوش ؟
-فى الصيف العمل جيد أفضل بكثير من العمل فى مكتب ولكن مع قدوم الشتاء....
فقاطعه أنريكو :
-فى الشتاء ستعمل فى البرازيل أنت تعلم أن جاكسون عرض عليك وظيفة
هز غابريل كتفيه :
-لست أدرى ما إذا كنت أريد الذهاب للعمل فى البرازيل على أية حال خططى للمستقبل قد لا تهم السنيوريتا
-أوهت بل تهمنى
فقاطعها أنريكو :
-هذا صحيح...سنيوريتا غابريل هنا ليحل محلى لبضعة أيام الباترون يحتاجنى وأقترح أن يكون غابريل البديل المناسب لى إذا كان ليس لديك إعتراض
أقترح نيل؟أحمر وجه جنيفر رغم الإنكماش الذى أحست به هل أقترح نيل حقاً أن يرافقها هذا الشاب الوسيم؟ولماذا ؟ ألأنه لا وقت لديه يضيعه فى رفقتها ؟ أما أنه يريد أن يبعدها عن ظهره ؟ ستجعله يخسر الكثير من غروره بسبب هذا التبديل غابريل شاب وسيم متعلم وذكى عمره يقارب عمرها هذا أن لم تكن مخطئية
مسحت يديها القذرتين على مؤخرة سروالها وقالت:
-هذا....لطف منه....منكم كلكم خاصة وأننى واثقة من أن غابريل لديه أعمال أكثر أهمية من مرافقتى
فقال الشاب بتلهف :
-أنت تمزحين ! سأكون سعيداً بخدمتك سنيوريتا
فقاطعه الأب ليطمئنها :
-سيعتنى بك جيداً...
ثم رفع رأسه للشمس وأكمل:
-ولا تنسى قبعتك
أحست بالسعادة للشعور بالفرسة البنية اللون تحت جسدها من جديد فأطلقت لمهرتها العنان متحدية فوق عنقها وهى ترمح بها عبر المروج بخفة وطيش حتى وجد غابريل صعوبة فى اللحاق بها فوق جواده القوى المعد لسرعة فائقة وأخيراً أستراحت جنيفر وأنتظرته ليلحق بها
-أسفة لهذا....ولكننى لم أخرج إلى هنا منذ زمن طويل
-أخبرنى أبى أنك كنت مريضة لعلك أستعدت عافيتك حالياً
ضحكت :
-أوهـ أجل لم يكن مرضى سوى رشح بسيط
-لكنه كان خطراً فدفعهم ذلك لإحضار الطبيب
لكزت جنيفر فرسها فقفز الفرسان معاً
-أوهـ تلك كلنت فكرة الأنسة تيوبولت أنت لم تقابلها بعد أليس كذلك ؟إنها....مـ.....مرافقتى
فهز رأسه بمرح :
-لقد شاهدتها الجميع شاهدها تركب الجواد أنها ترتدى قبعة مستديرة وسروالأً....هكذا!
وأخرج أطراف سرواله ليفتحها إلى أخرها يقلد حجم سروال الأنسة تيوبولت فأبتسمت جنيفر ثم اتسعت أبتسامتها لتصبح ضحكة:
-هذا صحيح فى الواقع هذه الثياب التى يرتدونها لركوب الخيل فى إنكلترا مع أن ثيابها قديمة الطراز
أظهر غابريل تفهمه وأكملا الركوب بصمت متبعين الطريق الذى أعتادته جنيفر مع أنريكو سارت على طول تعرجات النهر فترة ثم تسلقت بخط مستقيم سفح التلة
كانت رائحة الصنوبر والعرعار قوية بعد المطر وقوة الشمس كانت تبعث تبخرات من الأرض على شكل ضباب
أحست بالغبطة للبرودة التى توفرها لها أطراف قبعتها لكنها كانت دائما تمد يدها لتبعد شعرها عن وجهها
أستدارت فوق سرجها قليلاً فرأت سطح منزل المزرعة تحت الوادى والنهر قد أرتفعت مياهه بسبب العاصفة وشاهدت أغصان شجرة الأكاسيا (السنط) مغسولة بماء المطر خلف غرفة المستودع ورأت كذلك أزهارها متساقطة منها خلال الليل
ثم أستدارت ثانية إلى غابريال وقالت له فجأة :
- تظن أننا سنرى الحصان الأسود اليوم ؟إنه وحش جميل قوى ملئ بالحيوية ! لقد شاهدته عدة مرات ولكننى أتتوق للأقتراب منه
-أليس هذا ما نتتوق إليه جميعاً ؟ لكننى لا أظن أن هذا ممكن سنيوريتا. من الأفضل إلا نصل إلى الأخدود قبل أن يلقى القبض على السارقين....قال والدى....
قاطعته :
-أى سارقين؟
وعرفت من تعابير وجهه أنه أحس أنه شيئاً خاطئاً
-ليس الأمر مهم
وإستدار ليشير إلى سرب أوز برى يصعد من ضفة النهر:
-أنظرى إلى ألوان أذنابها سنيوريتا أليست جميلة ؟لدى صديق فى الجامعة يرسم الطيور.....
فقاطعته بحدة بعد أن مدت يدها تمسك بقرن سرجه :
-غابريال....! لا أعبأ بالطيور بل أود معرفة ماذا عنيت بالسارقين! أتعنى أن هناك....رجالاً....
-رجال؟لا !أنه ليس سارقاً بشرياً سنيوريتا ليس فى سان غابريال
-إذن ما هو؟ قط وحشى؟قط الجبال؟حيوان من نوع ما؟
لدى مراقبة تقاطيع وجهه أثناء حديثها علمت أنها فى الطريق الصحيح :
-أسد؟ هذا هو إذن........أسد الجبل؟
فأنحنت كتفا غابريال وقال متثاقلاً :
-إنه نمر....نمر جاكوار على الأرجح سيقطع أبى رأسى لأننى أخبرتك عنه
-إذن لهذا أصر نيل.......
وصمتت فجأة تحس بوخزات الخوف الحقيقى واستدارت متسعة العينين إلى غابريال :
-لكن الجاكور يلتزم منطقته ولا ينزل إلى الوادى
قرر غابريال بما إنها عرفت الأسو فلا مانع من التحدث فتنهد :
-ليس فى العادة فهو حيوان مفترس نهاب لكن كما قلت لا يقترب عادة من الأنسان لكن هناك شاذ لكل قاعدة.وعندما يصبح الحيوان كبير فى السن أو مريضاً...فلعقت جنيفر شفتيها الجافتين :
-أتعنى...أن هذا الحيوان كما وصفت؟
فتردد...ثم أعترف :
-أظن هذا
لكنها أحست إنه يخفى عنها شيئا فسألته:
-وهل شاهدته؟
فهز رأسه:
- لا أنا لا
-والداك؟ أو نيل؟
-ربما
لكن رده لم يرديها فصاحت بإحباط :
-غابريال! إذا كنت تعرف شيئاً أخر أخبرنى!...يجب أن أعرف!
أخذ غابريال يتحرك فوق سرجه بقلق ثم قال:
-حسنا الجاكور مصاب جرح غوميز أحد رجال الباترون أطلق عليه النار منذ ثلاثة أسابيع
-هل أنت واثق؟
-أيستو سيغور...أيل باترون شاهده بنفسه لكن للأسف لم يكن معه بندقيته
-يا إلهى!
تصورت أسوأ ما كان يمكن أن يحدث فهزت رأسها بيأس
-و.....ذلك المخلوق إلى الوادى؟
-ينزل بعد حلول الظلام...أجل
-وهل قتل شيئاً؟
-ألا تقتل مثل هذه الحيوانات عادة سى سنيوريتا قتلت الخراف الماشية ومنذ ليلتين حصان
-ما أفظع ذلك !
ونظرت إلى الجبل أمامها بنظرة من نوع جديد وأكملت:
-و...وهل هو مختبئ فى مكان ما هناك؟
-أجل...فى مكان ما والآن تعالى! أظن أن علينا العودة
فالتوت شفتاها :
-هل انت خائف؟
وأحست بالندم على سؤالها لأن السخط ظهر على وجه الفتى وهو يجيب بشراسة :
-لا لكن والدى
-أعلم...أعلم والداك قال لك إلا تأخذنى إلى الجبل هيا إذن سأسابقك حتى النهر
فصاح بها:
-أحذرى
لكنها كانت قد لوت لجام فرسها ولكزتها بقدميها وأبتسمت وهى تبتعد والهواء يتلاعب بشعرها باعثاً إليها الراحة بعد القلق
كانت تقترب من النهر عندما شاهدته أقرب من أى وقت آخر كان الحصان الأسود يقب بكبرياء على حافة النهر فى الجانب الأخر وبدأ لها أنه يحدق فيها مباشرة وعلمت أن أهتمامه كان بالفرس التى تمتطيها أكثر من راكبتها فشدت اللجام وفغرت فمها أمام جمال ذلك الجسد وتناسقه
غابريال المسرع كالعاصفة خلفها بهت للمنظر فشد لجام جواده بسرعة وتراجع محتجاً وهذا ما أجفل الحصان الأسود رافعاً ذنبه بكل عجرفه ودار على عقبيه وقفز مبتعداً عبر العشب
أحست جنيفر بالغضب لما أعتبرته قلة حذر من غابريال ثم زاد غضبها رؤية الحصان الأسود متوحشاً متوتراً
-أنه جميل ! أجمل حيوان رأيته فى حياتى !
وحثت فرسها إلى الأمام وصولاً للنهر بسرعة خالية من الحماس فجأة أحست بدنو الخطر قبل أن يحدث...
لكنها لم تستطيع منع الفرس من خفض رأسها بسرعة جعلت جنيفر تتدحرج رأساً على عقب فوق العشب
لم تتأذ فى الواقه بل صدمت فأنقطعت أنفاسها من الخوف وتابع غابريال الطربق وراءها وتعابير وجهه ملؤها الخوف واللهفة ففكرت فى تمثيل دور المغمى عليها لكن أحساسها الداخلى المنصف لم يسمح لها أن تمازحه لهذه الدرجة خاصة أن اللوم يقع عليها وصياحه:
-جـنـيـفـــر !
وهو يسرع إليها جعلها تبتسم وتقول بصوت منخفض :
-أنا بخير
فأنتزع قبعته وأخذ يتلاعب بإطرافها بين أصابعه بقلق :
-آديوس غراسيس (شكراً لله)
أصفر وجهه أكثر من وجهها وأنقلبت تجثو على ركبتيها ثم مد يدها نحوه معتذرةوقالت:
-لقد ناديتنى بأسمى جنيفر وأتمنى أن تستمر بإستخدامه فـ سنيورا رسمية كثيراً !
فأغمض عينيه قليلاً ثم فتحهما ومسح العرق عن جبينه :
-قلقت عليك......ألم تتأذى حقاً ؟
مدت ذراعيها تلوحهما حولها
-وهل أبدو لك متاذية ؟
تعالى الأحمرار على قسماته الوسيمة وقال بصوت منخفض :
-لا....بل تبدين موى هيرموسا...(رائعة)
-أعرف ما تعنيه هذه الكلمة
-صحيح؟
ومدت يدها إليه ليساعدها على الوقوف عندما وضعت يدها بيده قالت له :
-أنت أنيق وشهم
فضحك :
-فتاة جميلة تستحق دائماً الشهامة لقد هربت الفرس أظن أن علينا الأسراع فى العودة قبل أن يعتقد الجميع أن أضعتك
سمحت له أن يساعدها لتصل إلى حيث يقف جواده العربى الأصيل
ثم قالت:
-لا أستطيع أخذ جوادك هذا ليس إنصافاً
-لن أعطيك أياه أنه قادر على حملنا معاً...لو سمحت؟
ترددت جنيفر لحظات قصيرة قبل أن ترفع نفسها فوق ظهر الجواد ولماذا لا؟ إذا لم يعجب هذا نيل فلا يلومن سوى نفسه
كانت الأنسة تيوبولت تتنتظر عند سياج الحظائر عندما وصلا ووجهها متوتراً إشارة إلى الدقائق القلقة التى قضتها فى الأنتظار حلت الراحة سريعاً مكان الأستهجان عندما شاهدته سالمة ونظرت بإستنكار للطريقة التى عادت بها آمنة بين ذراعى غابريال فأسرعت تساعد الفتاة على النوةل حالما وصلت إليها فأسرعت جنيفر للقول وهى تبتسم لـ غابريال :
-إنها غلطتى كنت غير حذرة أود التظاهر ! يؤسفنى القلق الذى سببته عودة فرسى وحدها
فمطت الأنسة تيوبولت شفتيها:
-الأسف لا يعوض عما شعرت به عندما عادت فرسك وحدها!رباه!ماذا كنت تفعلين ؟ العشب يغطيك حتى شعرك
فضحكت جنيفر وقالت بخبث :
-لقد دحرجنى غابريال فوق العشب !
نظرة الرعب التى أطلت من عينى الشاب أقنعت الأنسة تيوبولت أنهالا تقول الحقيقة فسألتها :
-أيمكن أن تخبرينى هذا فيما بعد أذهبى الآن وأستحمى أستعداداً للغداء وأشكرى حظك أن السيد ستيوارت لم يكن هنا عندما عادت مطيتك
تلاشت بهجة جنيفر فقالت بخشونة :
-أشك فى أنه لاحظ ما حدث ,هل سأراك فى الغد غابريال ؟
-إذا رغبت...
-أرغب
وأتجهت نحو المنزل قبل أن تتمكن الأنسة تيوبولت من الإعتراض على ما قررته
منتديات ليلاس
نهاية الفصل الثامن
|