كاتب الموضوع :
نيو فراولة
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
" عفوا ، القصة ان نيال وشقيقه وبحارين آخرين امضوا قبل سنوات ، احد ايام الصيف في احد مقاهي الريو، وهناك إلتقوا رجلا عجوزا حدّثهم عن منجم يمتلكه في أدغال البرازيل وقال لهم أن ضائقة مالية حلّت به مما دفعه الى عرضه للبيع.
قد يبدوحديث العجوز مختلقا ، لكن نيال والثلاثة الاخرين كانوا مليئين بالمال بعد رحلة بحرية طويلة لذلك إشتروا المنجم بسعر بخس جدا ، حوالي مئتي جنيه أسترليني تقريبا ، وبالمقابل أعطاهم العجوز عدة وثائق ووقّع لهم إيصالا غير شرعي طبعا وغادر المكان مسرعا بحجة عمل عاجل يتطلب وجوده ، ولا داعي للقول إنهم إكتشفوا الخدعة في اليوم التالي عندما راجعوا الوثائق في أحد مراكز الشرطة".
تمهل قليلا لأحتساء رشفة من فنجان القهوة ثم تابع:
" وفي مركز الشرطة أخبروهم أن المنجم حقيقي ، لكنه مغلق منذ سنوات ولا يفيد على الإطلاق".
احست أليسون من الإبتسامة الخبيثة التي علت وجه جوني وهو ينظر اليهم ، أن شيئا غير متوقع حدث بعد ذلك ، وحثّته ميغ قائلة:
" وماذا بعد؟".
" ظل نيال محتفظا بالوراق لمجرد الذكرى ، وفجأة ، قبل ثلاث سنوات عثر عمال منجم آخر على عروق حديدية جديدة في الارض ... وبين ليلة وضحاها اصبح منجم نيال لا يقدر بثمن ، وقد بحث أصحاب المنجم الأول عن أصحاب المنجم الثاني لشرائه منهم ، وبالفعل باع الشركاء الأربعة المنجم بمبلغ مذهل لم يكشف عن قيمته بعد ، وقسموه فيما بينهم ".
ثم توقف عن الكلام وراح يتامل الوجوه المندهشة أمامه ، ثم قال:
" اعرف أنها قصة خيالية... لكنها حدثت فعلا".
تنفست اليسون بعمق وقالت:
" الان عرفنا من اين له الثراء".
وادركت اليسون ان الشائعات والتوقعات المختلفة التي إنتشرت في القرية لم تكن شيئا بالمقارنة مع الحقيقة ، وبسبب الرجل العجوز في ذلك المقهى المجهول تمكن نيال ماكيين من الإستيلاء على البيت ، ووجدت نفسها تتساءل مجددا عن زوجته ، فلا شك أنه كان متزوجا ورزق بأندريه قبل ان تهبط عليه الثروة المفاجئة.... ومع ذلك كان لا يزال يعمل في البحرية التجارية ، وأحست أن هناك شيئا غير معقول في هذا المجال ن لكنها لن تعرفه ابدا ، والملفت للنظر ان أندريه لم يشر مطلقا الى حياته السابقة ، وهي لن تساله مهما كان الثمن ، واخيرا انهى الجميع قهوتهم وتواعدوا على اللقاء ليلة الإحتفالات في اليوم التالي.
كانت الألعاب تجري في حدائق مكشوفة لا تبعد كثيرا عن مركز القرية ،وقد إعتاد الناس المجيء الى الإحتفالات للمشاركة في الألعاب أوالى لقاء الأصدقاء القدامى ، أو لمجرد تمضية أمسية ممتعة من المغامرات والأحاديث الشيّقة.
وصلت أليسون وضيوفها الى ساحة الإحتفالات ، وكان التوامان اسرع في الركض الى الداخل وهما يتراكضان بسرور ، وتساءلت اليسون عما إذا كان الصغيران سيجدان أندريه ونيال ، خاصة ان هذا الأخير لم يات صباحا الى البيت الكبير مع ان سيارته كانت متوقفة امام بيت ابيه عندما عبرا قبل قليل.
إزدحمت الساحة بالسيارات والشاحنات والدراجات الهوائية والنارية ، وإنشغلت أليسون برد التحية لكل الذين تعرفهم ، في حين ظلّت ميغ تلح عليها بالقول:
" لا تنسي ان تدليني على الوحش عندما يظهر".
" لن أنسى ، وأعتقد انك تعرفينه من خلال وصفي له".
" وصفك جعله يبدو كقرصان بلحية سوداء كثيفة ، وأنا اتوقع رؤية رجل بربطة على إحد عينيه ويسير على قدم من خشب".
قاطعتها أليسون ضاحكة:
"لا تبالغي في تعليقك ، فقط إستعملي بعض الخيال".
ثم إلتفتت اليها قائلة:
" آه كم أنا سعيدة لوجودك معي يا ميغ ، لو تصورين كيف يكون الأمر من دون وجود شخص تثقين به وتفتحين له قلبك ، لقد تحولت أمي وجسي الى جانبه ، صحيح انني سعيدة للتغيير الذي طرا على أمي ، لكنها اصبحت....".
توقفت اليسون وكأنها تبحث عن التعبير المماثل ، فامسكتها ميغ من ذراعها بحنان قائلة:
" إنني أفهم مشاعرك يا اليسون ، وصدقيني إذا قلت إنني أشعر نحوه مثلما تشعرين ، لكن..." ترددت ميغ للحظات قبل ان تتابع قائلة:
" لكنه مع ذلك يبدو إنسانا مميزا ، أقصد انه ذو طبيعة خاصة".
وافقت اليسون مرغمة:
" إنه مميز فعلا ، وإذا تجرأت على القول بانه إنسان جذاب فساخنقك بيدي الإثنتين".
إنفجرت اليسون وميغ بالضحك وإنضمتا الى حوالي مئة شخص اصبحوا الآن في الداخل ، بينما العشرات ما زالوا يتوافدون من كل حدب وصوب ، كان الحضور موزعين في الحفل الشاسع يراقبون الباحات المختلفة التي ستجري عليها الألعاب الرياضية التي ينتظرها الجميع .
أشارت اليسون الى مجموعة من الدراجات الهوائية القديمة وقالت مبتسمة:
" قد اجرب حظي في سباق الدراجات".
كانت جسي والسيدة ماكاي قد أكدتا انهما ستلحقان بالجميع بعد الإنتهاء من بعض العمال العاجلة ، تلفتت أليسون تبحث عنهما ، وتساءلت في سرها عما إذا كانت أمها قد قررت التاخر عامدة كي تاتي برفقة نيال مؤكدة للقرية كلها ان النزاع مات الى البد.
وهكذا امضت أليسون وقتها في حديث متشعب مع ميغ وبيل بينما كانت عيناها مركزتين مرة على التوأمين اللاهيين في الحديقة ، ومرة اخرى على الطريق بإنتظار مجيء جسي والسيدة ماكاي.
وأخيرا لمحته قرب المدخل الرئيسي مع اندريه ، وبحركة لاشعورية هزّت ذراع ميغ هامسة:
" إنه هناك".
إستدارت ميغ بهدوء كي لا تلفت إنتباه احد وألقت نظرة خاطفة ثم قالت:
" إنني لا اصدق عيني".
سالتها بإستغراب:
" لا تصدقين ماذا؟".
كانت أليسون قادرة على رؤية نيال من فوق كتف ميغ ، وفجاة لمحها أندريه ، فهزّ يده هامسا بعض الكلمات ، ثم إنطلق مسرعا بإتجاهها ، وقبل أن يصل حذّرت صديقتها:
"اندريه قادم نحونا ، فإنتبهي لما ستقولينه".
ثم رحّبت به قائلة:
" الصغيران يلعبان هناك ، هل ترغب بالإنضمام اليهما؟".
هزّ أندريه راسه موافقا وأسرع ناحية مجموعة الولاد ، وعندما قالت ميغ:
" لا اصدق انني رايته أخيرا ، هل تعتقدين انه سياتي للسلام عليك؟".
أجابت اليسون بلهجة جادة:
"لن يفعل إذا سمحت الظروف ، لكن مي قد...".
وهنا لمحت امها وجسي تدخلان الحفل ، فتابعت تقول:
" لقد وصلت الاان ، وسرعان ما تتضح الأمور".
حدث اللقاء بعد نصف ساعة تقريبا ، كانت الجموع قد تجمهرت على طول طريق السباق ، حيث بدا الصغار العابهم قبل الكبار ، وقفت جسي بثوبها الازرق الأنيق الى جانب أليسون والسيدة ماكاي، وفجأة وجدتها تلوّح لشخص ما ثم تسلم عليه ... فادركت أنه نيال.
وهكذا تم اللقاء ، وتحققت رغبة ميغ ، راقبت أليسون نيال وإبنه ينسحبان ويغرقان في الألعاب الرياضية المختلفة ، وفجأة احست برغبة عارمة في الوقوف على راي ميغ في نيال ماكيين... من دون ان تدرك اسباب هذه الرغبة.
|