كاتب الموضوع :
نيو فراولة
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
في وقت اللعب ، ظلت أليسون في القاعة لتراقب من بعيد كيف سيستطيع هذا القادم الجديد أن يجد لنفسه مكانا بين الصبية الكبار ... لكنه قرر ان يبتعد عن المشاكل وظل في صبة هيثر وفيونا ، إبتعدت أليسون عن النافذة مبتسمة ، فإبن نيال ماكيين يسير على ما يرام.
وهكذا بدأت حياة أندريه في مدرسة شيلينغ ، إنها نقطة تحوّل في حياته... ولكنها لم تدرك انها ستكون نقطة تحول في حياتها أيضا .
لم تر اليسون نيال ماكيين لعدة ايام بعد ذلك الصباح ، مع ان سيارته كانت دائما أمام كوخ العائلة في اوقات الظهيرة وعند المساء ، اما اندريه ، فقد بدأ يستقر في حياته الجديدة ، وراح يتعامل براحة مع الأولاد الذين أخذوا يعرفونه الى ملاعبهم وألعابهم المختلفة ، كانت اليسون تدرك أن الطفل خجول للغاية...ولكنها عاجزة عن حمايته من القسوة غير المتعمدة التي يطرح بها الأطفال أسئلتهم حول حياته السابقة.
ودّعته بعد ظهر الجمعة بقلب مثقل وهي تتمنى ان يسمح له نيال باللعب مع الأولاد قرب الشاطىء إذ يبدو عليه أنه بحاجة الى الهواء الطلق والطعام المغذي ليتجاوز نحافته الواضحة.
وقد فهمت اليسون من الملاحظات المتناثرة التي ابداها الأطفال أنه يلازم البيت عندما يعود من المدرسة بعد الظهر حتى صباح اليوم التالي ، دون أن يغادره ابدا.
روت اليسون هذه المعلومات الى جسي وهما تتناولان الشاي بعد ظهر ذلك اليوم ، فرفعت مدبرة البيت العجوز عينين حادتين الى اليسون وهي تقول:
" هل بدأت تميلين الى هذا الصغير؟".
إضطرت اليسون للإعتراف بهذا الواقع مدركة أن شيئا لا يفوت عيني جسي الفاحصتين :
" اجل.... إنني اهتم به كثيرا".
قالت جسي:
" إذا أخذنا بعين الإعتبار مشاعرك نحو نيال ماكيين ، فإنني أستغرب موقفك من الإبن !".
ردت اليسون:
" مشاعري نحونيال ماكيين لا علاقة لها بهذه المسألة ، لو انك رأيت الإبن لعرفت حقيقة موقفي منه ، إنتزع من وطنه الى بلد غريب ... وهو لا يحتاج إلا الى إمرأة تعطف عليه وتهتم به".
عضّت أليسون على شفتها نادمة على كلامها هذا ، لكن جسي كانت اسرع في الرد :
"كم أنا آسفة لك ! آه لو انك ترين تعابير وجهك وانت تتحدثين عنه ، هناك شيء وحيد يمكنك ان تفعليه من أجل الصبي ، عندما يأتي نيال مرة اخرى إعترضي وإسأليه عن موعد حضور زوجته... وقولي له السبب ايضا".
رمت اليسون المرأة العجوز بنظرة حادة وقالت:
" لا أستطيع ذلك يا جسي ، فأنا غير قادرة حتى على الحديث معه دون .... مستحيل فهو سيهاجمني بشدة وفظاظة".
" من أجل الطفل فقط".
إلتقت عيون اليسون وجسي في نظرة عابرة ، فهمت منها جسي الكثير ، صحيح أن مدبرة البيت العجوز طيبة القلب ومرحة ، إلا أنها تتحول الى لبؤة شرسة إذا ما تطلبت الظروف ذلك ، وفي هذه اللحظة أحست أليسون ان العجوز محقة في كلامها ، فقالت مبتسمة:
" معك حق ، سأكلمه عندما ياتي".
ردّت جسي بإبتسامة مماثلة:
" حسنا ، يمكنك ان تكلميه الليلة ، فهو آت هذا المساء".
حكت أليسون بدهشة :
" آه أيتها العجوز الماكرة".
تلفّتت جسي حولها وكانها تفتش عن الشخص الذي عنته اليسون بكلماتها الأخيرة، لكن أليسون تابعت تقول:
" لماذا هو آت الليلة؟".
ردّت جسي:
" هناك بعض التفاصيل الصغيرة التي يجب البت فيها ، فأدوات البناء ستصل الأسبوع المقبل ، ثم يبدأ العمل فور توقيع عقد البيع".
ردت أليسون بهدوء:
" قبل بدء العمل يجب ان نغادر البيت".
" اجل ، لكن عملية ترميم الكوخ وإجراء الديكور اللازم له ستبدأ الأسبوع المقبل ، وقبل أن ننتقل".
صرخت أليسون متسائلة:
" ماذا؟ ومتى تقرر هذا الأمر؟".
" لا ادري ، إتفقا على الأمر فيما بينهما ، اعتقد ان أمك تريد ان تفاجئك ، لذلك أرجو ان لا تقولي انني أخبرتك".
" إطمئني يا جسي ، لن اخبرها".
لكن أليسون أحست بأنها طعنت من الخلف لأن كل هذه القرارات تتّخذ من دون علمها ، وبدا لها ان امها تتآمر مع نيال ماكيين ، وأنهما قررا إبقاءها خارج الموضوع برمته ، اليسون تدرك ان خيالها زيّن لها هذه الأفكار ، لكنها لا يمكن ان تتجاهل التعبير الذي طرأ على امها مؤخرا ، فهي تتكلم وتتصرف وكأنها عادت الى الحياة من جديد ، وكل ذلك بسبب الديكور الذي ستجريه للبيت تحت إشراف نيال.
عندما وصل نيال ماكيين ذلك المساء ، كانت اليسون في الصالة مع أمها تشاهد التلفزيون ، وما ان سمعت صوت الجرس حتى هبّت واقفة وهي تقول:
" انا سأفتح الباب ، اريد أن أحدثه على إنفراد ايضا".
بدات الأم قائلة:
" أليسون ".
لم تدعها أليسون تكمل كلامها :
" لا يا امي ، الموضوع يتعلق بإبنه".
فتحت اليسون الباب لتراه واقفا هناك عملاقا صلبا ، ترددت في الكلام لأعتقادها بأنه لن يقبل تدخل أحد ، لكنها إستعادت شجاعتها عندما تذكرت وجه اندريه النحيل والحزين ، وقالت:
" قبل أن تتوجه الى حيث أمي ، اود ان احدثك قليلا يا سيد ماكيين ".
دخل الى القاعة الجانبية دون أن ينقل عينيه عنها وقال:
" نعم ، ماذا هناك؟".
|