كاتب الموضوع :
نيو فراولة
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
ما كانت تظن أن البيت متداع الى هذا الحد ألا عندما رأته من خلال عيني رجل غريب ، فقد راقبته وهو يدقق في النوافذ والجدران والسقوف والأرضيات في غرف النوم السبع التي أخذته اليها ، أحست بالخجل العميق لحالة البيت المتردية خاصة أن الذي يراها هو عدوها اللدود.
أخرج نيال من جيب سترته دفترا صغيرا وراح يسجل عليه بعض الملاحظات وهما يواصلان جولتهما ، لم تكن أليسون في مزاج يدفعها للحديث المسهب ، بل إكتفت بتعليقات مقتضبة حول بعض الأمور الضرورية ، وكانت الأسرّة والأغطية الحريرية في الغرف غير المستعملة خير شاهد على مجد زائل تمتعت به هذه العائلة قبل سنوات.
تمهّلت أليسون عند اسفل السلم المؤدي الى العليّة وقالت:
" هل تريد رؤية الغرف الصغيرة في العليّة؟".
" إذا لم يكن عندك مانع".
كان هناك شيء غير عادي في تصرفاته ، إنتظرها حتى تفتح الطريق أمامه.... وعندها أدركت أليسون أنه ربح المعركة لا محالة.
في هذه الغرفة الصغيرة الرطبة ، تراكمت كل الأغراض القديمة التي إستغنت عنها العائلة مثل الكتب والمجلات واللوحات الباهتة وألعاب الأطفال وغيرها ، فكّرت أليسون ان كل شيء هنا يجب أن يرمى لأن الكوخ لن يستوعب كل هذه النثريات ، عبّر نيال وسط هذه الفوضى العارمة وألقى نظرة من خلال النافذة ثم قال وكانه يخاطب نفسه:
" اعتقد ان هذا يكفي".
ثم إستدار نحوها قائلا:
" كم غرفة في العلية ، غير هذه؟".
أجابت:
" اربع غرف ، كلها مثل هذه".
سجّل بعض الملاحظات في دفتره ، وقال:
" حسنا ، سأراها في وقت آخر ، يمكننا أن ننزل الى الطابق الأرضي الان".
عاد الى حيث كانت أليسون ثم سارا معا.
إستغربت اليسون عبارته الأخيرة خاصة أنها لاحظت تعابير الإرتياح على وجهه وهو يتفحص العلية وكانه عثر على شيء يريده ، لكن ما هو هذا الشيء ؟ لا أحد يحتاج العلية إلا إذا كان يملك عائلة كبيرة ، لكنه رجل غامض على أي حال ، أخذته الى كل الغرف في الطابق الأرضي بإستثناء الغرفة التي كانت تجلس فيها أمها مع الكلب ، وعندما ادخلته الى الغرفة الزجاجية الخاصة بالنباتات قال بإعجاب واضح:
" هذا شيء جميل ، من الذي يهتم بكل هذه النباتات؟".
ردّت أليسون بإقتضاب:
" انا ، والآن ساريك غرفة الرسم ، من هنا الطريق".
عبرا ممرا واسعا يجاور الغرفة الزجاجية ويصل مباشرة الى الغرفة المفضّلة عند اليسون ، والتي تستعملها والدتها للرسم ، كانت الغرفة قد اضيفت الى البيت قبل سنوات وهي مبنية من الحجر الناعم الصلب وفيها نوافذ عديدة بحيث يطغى عليها النور طيلة اليوم ، وفي كل مكان ، كانت اللوحات ترتاح على الجدران والمقاعد والكراسي والطاولة ، ومن بينها لوحة للوادي لم تجف الوانها بعد ، وقف نيال امام هذه اللوحة يتأملها ، فأحست أليسون برغبة في طرده من المكان .. لكنها وقفت في مكانها بصمت في حين كانت يدها تضغط بغيظ مكتوم على مقبض الباب ، وسرعان ما شعرت بالتعب والإرهاق الإضطراري الى كبت كل الرغبات العدائية ضده ، بعد دقائق ألتفت اليها قائلا:
" والآن ، هل يمكننا رؤية الحدائق؟".
اجابته بقسوة هادئة:
" لقد شاهدتها من قبل ، أليس كذلك؟".
قال وملامح بسمة ساخرة تعلو شفتيه:
" لم اشاهدها كما يجب لأن زياراتي لها كانت ليلا ، اريد ان أراها في ضوء النهار ، بما في ذلك الكراج والكنيسة ".
رمقته أليسون بنظرة حادة وقالت:
" لكنها لم تستعمل منذ زمن طويل".
"ومع ذلك اريد ان اراها إذا امكن".
وكانت العبارة الأخيرة دليلا على انه مصمم على تنفيذ كلامه ، إبتلعت اليسون متوترة ومتعبة بحيث تعثرت على السلم الحجري المؤدي الى باب البيت ، وبسرعة مد يده يسندها ، فأحست بلمسته تحرق ذراعها ، إستعادت توازنها على الفور وإبتعدت عنه قائلة:
" شكرا لك".
احمر خداها عندما شاهدت نظرة إلتهام في عينيه أحست بأنه يكرهها بقدر ما تكرهه هي ، وتساءلت في سرها عما إذا كان يتذكر الحادث الذي وقع بعد حفلة الرقص قبل تسع سنوات ..... وإذا بها تتذكّر عبارته الأخيرة التي اطلقها في ساعة الغضب:
" إنك بحاجة لمن ينزلك من عليائك".
هل تكون هذه طريقته في الإنتقام منها ؟ رمقته اليسون بسرعة وهي تفتح الباب الأمامي ، فإلتقت عيناه عينيها في لمحة عابرة كانت تكفي لبث الرجفة في اوصالها ، أخذت نفسا عميقا وقد احست بالخوف المفاجىء منه ، إذا كان ينوي الإنتقام فعلا ، فإنه يفعل ذلك بطريقة مرعبة للغاية ستستمر طيلة حياتها ، فهي تدرك انها لن تنسى أبدا الشخص الذي حرمها من بيت ابيها وأجدادها.
إعتقدت اليسون أن الاسوأ قد إنتهى بعد إنتهاء الجولة التفقدية ، لكن الأسوأ فعلا حدث عندما عادا معا الى حيث تنتظر الأم ، رفعت السيدة ماكاي ناظريها الى نيال متجاهلة إبنتها وسالته:
" هل قلت لها شيئا؟".
هز راسه بالنفي واجاب:
" لا من الأفضل أن تقومي انت بالمهمة يا سيدة ماكاي".
|