المعلومات |
الكاتب: |
|
اللقب: |
فريق تصميم الروايات فريق كتابة الروايات الرومانسية |
|
مدونتي |
|
الإتصالات |
الحالة: |
|
وسائل الإتصال: |
|
|
كاتب الموضوع :
جمره لم تحترق
المنتدى :
روايات احلام المكتوبة
10 - ذهـــب لــيصـــــاد
10 ـ ذهـــب لــيصـــــاد
(( عزيزتـي الآنــسة يونغ
إيفـــــــا آشتــــــــــون تـــــرغــــب فـــي أن تحضــــــري العـــــرض الخــــــاص
بإعلان [ [ الخيال ] ] . سيقام العرض في قاعة المؤتمرات في مبنى آشتون في
الخامسة من بعد الظهر يوم الجمعة في التاسع والعشرين من آذار .
يحق لك أن تأتــي معك بضيف إذا شئت . ))
المخلص مايكل ويذرس
ـ حسنـــاً ؟ .
خـدشت الرقـــة واللهــفة فــي صوت أمهـــا أذنـي جانيس . . وضـعت افلين
يونغ الرسالـة بين يدي ابنتهـــا , تطلب أن تقرأهــا فوراً فلا شـك أن الشعار
الموجــــود على المغــــلف أثــار تســـاؤلات الأم . . فيمـا كانت جانيس فــي
الخــــارج تتسوق .
ردت جانيس : (( لا شــــيء محــدد )) .
ـ لا بد أن هناك أمــراً ما فلن يرسلوا إليك رســالة من أجــل لا شــــيء .
كانت أصابع افلين يونغ تتحــرك بعصبية وتنهــدت جانيس وناولتهــــــا
الرسالة . . لن يهدأ لهـا بال حتى تقرأ أمهـا الرسالة , وربمـــا بعد ذلك
أيضـــاً .
منذ عادت من الشــاطئ , عاشــــت جانيس مخـــدرة العواطف غير قـــادرة
على الحماس لــشـيء أو لعمل فالمستقبل أمــامها بات كئيباً , رمادياً , غير
متبلور ولا تريد التفكـــير فيه . أما أمها فكـانت ترفض الكلام بالمسألة .
أشرقت عينا افلين يونغ إثـــــــارة :
ـ هذا رائع جانيس ! لن يزعجوا أنفسهـــم بعرض الفيلم لولا اهتمامــهم
به . . . ولن يدعوك لولا . رغبتهم في إبرام عقد معك اقـــرئــي ما بين
السطور تفهمــــي . . .
ـ ليس هـناك التزام يا أمـــي . . فلا تنجرفــي بعيداً ! إنها مجــرد دعوة .
ـ لكن الــدعوة تتحدث عن نفسها . . لا أدري كيف تظهرين هـــذا
البرود أمــام دعوة كهذه . فكري في ما تعنيه لك . . آه . . . لا أستطيع
انتظـــار يـوم الجمعة لأشاهـــد عملك وأقابل أيضاً آشتون . . . سيكون
هــــذا . . .
ـ لا أريد منك أن تذهبــــي أمـــي .
علا وجه افلين الألــم ثــم الصدمـــة .
ـ جانيس أنت لا تعنين هذا بالتأكيد . . الرسالــة تقول إن بإمكانك
اصطحــاب ضيف معك .
تنهدت جانيس : (( أمـــي . . . لا أظننــي سـأوقع العقد حتـى لو عرض
علي . . . لن أستطيع القيام بعمــل كهذا مــرة أخرى )) .
فجــأة تساقطت الــدمـوع على خديهــا . . فمسحتهــا بسرعة , لكن
الدموع تابعت تدفقهــــا . . .
ـ جانيس . .
سارعت الأم تواسيها فضمت ابنتها إلى صدرهــا وراحت تربت على
ظهرها وتلمس شعرها , وتتمتم كلمات مهدئة , بينما كانت جانيس
تنتحب نحيباً متواصــلاً .
أبعدت جانيس نفسها أخيراً خجلة من انهيارهـــا وراحت تعتذر
بكلمات غير مفهومة فأدخلتها افلين يونغ إلى غرفة الجـلوس , وأجلستها
على الأريكـة , وأمسكت يديها تدعكهمـا بعطف رقيق .
ـ جانيس . . لقد أبعدتنــي عنك منذ انفصالك عن ستيفنز .
هزت جانيس رأسهــا .
ـ لم ترغبي في الاستمــاع إلـــي .
ـ أنا آسفة . . ظننت أننــي أعـرف ما هو أفضـــل لك . . لكننــي لم أعــد
أعرف ماذا يجري . . لقد أصررت على المضـــــي وحدك , وربمـــا كنت
أنا . . . مسيطرة جداً عليك في الماضـــــي . . لكن لم يكن لـديك توجـــه
خـــاص . . كنت بحاجــــة إلى رعـايـــة . . كنت تعتمــدين علي لاتخـــاذ
القـــــرارات .
سحب نفساً عميقاً وتابعت :
ـ الآن تريدين اتخـــاذ قراراتـــك بنفســـك ويجــب أن أقبل بهـــــذا . لكــن
أرجــوك ألا يمكننــا التكلم عن هذه القرارات ؟ الدنيا مكان موحش وأريد
أن أساعدك . . . قد تظنين أننــي أنني لم أكن أماً صالحة , لكننـي أحبــك .
وأهتم بك كثيراً , وبما يحدث لك . . أرجوك لا تبعدينــي عنك ! .
ـ آه ! أمــي . . لا أعـــــرف ما أريـــد . أحسســـت بالوحــدة الرهيبة فـــي
الأسابيع الأخيـــرة .
ـ لماذا لا تريدين منــي أن أذهب يوم الجمعة جانيس ؟ .
ـ لأنك . . . سترين . .
كيف تشرح لهــــا أنهـا ستشعــر بالـــحرج المشاعر التـــي أظهرتهــا . .
وتنهـــدت . .
ـ بإمكـــانك المجيء معــي , لكــــن أرجـــوك لا تدفعيننــي إلى أي شــــيء
ولست واثقة إن كنت أريد فــي المستقبل أية علاقة مــع آشتون . . إنهــــم
متطلبــون كثيراً .
ـ ماذا تقصدين ؟ .
ـ كل ما يهتمون به هو تسويق منتجاتهم .
ـ لكنه عملهــم .
اكتأبت العينان الخضراوان أكثــر .
ـ أعرف , لكننــي لا أرغب أن أكون بيدقــاً ضعيفــاً في لعبـة شطرنج
السلطـة بحيث يتلاعبون بــي ويتقاتلون علي قبل أن يرمونــي جانباً .
ـ لكنه سلاح ذو حديـن عزيزتــي . . أنت استغليتــهم أيضاً للحصــــول
على ما تريدين ويجب ألا تأخذي الأمور على محمـل شخصـي , هكذا .
لكنها كذلك أمور خاصة شخصية . . و جانيس لا تستطيع أن تشــرح
هــذا , فالكلام سيؤلمهــا كثيراً .
ـ ربما أنت على حق أمــي . . لكننــي لا أستطيع الاحتمال .
ـ أتتركيننــي أساعدك ؟ أستطيع الوقوف بينك وبينهــم . . مـا تحــــتاجين
إليه هو مـــدير أعمــال يحميك .
ـ أمــي . . لا تدفعينــي , أرجوك ! دعــي الأمر كمــا هو الآن , انتظــري
حتى يوم الجمعة , وسأرى كيف أشعر بعد عرض الفيلم .
للمرة الأولى لم تحاول ايفلين يونغ ملاحقــة وجــهة نظــــــرهــــا . .
وحرجت عن عادتهـا فراحت تدلك جانيس , وأخذت تطهـــو لها الوجبــات
اللذيذة لتفتح شهيتهـــا , واشترت لهـــا البطاقات للحفـلات الموسيقية . .
وفتحت معهـــا أحـاديث تنعــش القلـب وعاملتهــا بتساهـــل ولكـــم امتنت
جانيس لمجهوداتهــا . . هناك فجوة كبيرة في تفاهمهمـا لكن هـذا أمـر لا
يسهل ردمه . فنظرتهمـا إلى الحيــاة مختلفـــة , لكن على الأقــل بينهمـــا
تواصـــل وتعاطف أراح وحــدة جانيس .
حل يوم الجمعة وفــي هذا اليوم أصبحــت جانيس أكثــر صمتاً وتوتــــراً .
حاولت أمها أن تدفعهـــا إلى ارتداء شــيء لم يرها فيه جمــاعة آشتون ,
لكنهــا اختارت الفستان الوردي والأخضــر الذي ارتدته يوم المقابلــة مع
ايفا آشتون . ووضعت مــاكياجاً مناسبــاً تخفـي شحوبها والظلال الخفيفة
تحت عينيها . تركت شعرها على طبيعته فهذا أسهــل من الذهاب إلـــى
المزين لتسريحة رسمية . وبعد ذلك وضعت عطر الخيال الذي أعطتهــا
إياه ايفا آشتون . . كانت الرائحة مميزة بشكــل غريب , تدفع المرء إلى
تنشقهـــا مرات ومرات .
ارتــدت ايفلين يونغ كعادتهــا بذوق خـــال مـــن الشــوائب . بـــدت أنيقة
بشعرها الأشقر المرفوع وتبرجها الماكــــر الدقيق . . وابتسمت بسعـــادة
حقيقية حين قالت لها جانيس هذا .
وصلتـــــا إلى مبنى آشتون قبــــل خمــــس دقائـــــق من الموعد , وهنـاك
قابلهما مايكل ويذرس الذي رافقهما إلى قاعدة المؤتمرات وهـــو يرد على
أسئلة السيدة يونغ . أدخلهما إلى قاعة بدت مليئة بالناس . . وسرعان مـــا
تعرفت جانيس إلى بعض الوجوه . فجأة تفرق الجمع وتقدمت إيفـــا آشتون
نحوهمــا بكـل جلالة الملكـــة .
ـ عزيزتــي الآنســـــة يونغ . . مـــن دواعــي سعادتــي أن تكونـــــــــي معنـا
مجدداً . . وهذه . . .
ـ أمـــي . . السيدة افلين يونغ .
ـ حــقاً ! أهلاً بك وسهــــلاً سيدة يونغ . . في هــذا المكـــان جميــــع النــــاس
الذين اشتركــوا في إنتاج عطرنا الجـديد من المختبر إلى الإعـــلانات . . لــــن
أضيـع الوقت في التقـديم الرسمــي . . فأنا واثقة أنكمـــا ملهوفتــان كـــالجميع
لرؤية الفيلم . . تعاليا , اجلــــســا معـــي .
كـــان استقبـــالاً مهذبـــاً وضخمـــاً , ابتسمت جانيس لنظـرة الامتنـــــــان على
وجه أمهــا . كان في الغرفة همهمــة إثارة وهن يتقدمن إلى الأمــام ومــن كـان
واقفــاً جلـــس بسرعة . رأت جانيس براند آشتون يقــــود ســيــدة حــــاملاً إلى
مقعــد بذراعين وعندئذٍ قفــز قلبها بسقــم وسارعت لتشيـــح بوجههــا عنهمــا .
ابتــــسمـــت كارا مارثاين ابتسـامــــة رفيـــعة . كــــانت تتحـــــــدث إلـــى وودي
وينثرز المبتسم بلـــطف . . ولــوحت لهـــــا ميرنا ويرنر . . وجـوه أخــرى بدت
تنظــــر إليهــا بفضــول , وكانت مسرورة لجلـوسهـا فـــي الصف الأمــامي قرب
ايفا آشتون , وركـــزت نظــرهــا على الشاشــة الكبـيرة . . وتمنت لـــو كـــــانت
أصغــر حجمــاً , وتمنت أكــثر لو أنهـــا لم تأت .
انطفــأت الأنــــوار . . وكــانت الظلمــة مريحـــة . مـاتت التمتمــــات المتبقيـــة ,
ولمعت الشــاشـــة بلـــون أزرق , وظهـــرت عليهــا كلمــــات ســوداء وذهـبية .
آشتون تقدم الخيــــال
سرعــان ما ارتفـــع هديــــر البحـــر , وبدأ مــزمــار يعزف لحنـــاً حزينـاً . .
وظهـر البحر متقلب الألــوان يلمع حتى أصبح أفقـاً من الألـوان المبهرجــة .
لاحظـــت الكاميرا الألوان الـمتلاشــية حــــول السمــاء حتـى ظهــرت جانيس
فجــأة على شــاطئ تحمـــل حقيبة الأصداف .
أول ما أحســـت أنها بحاجــة إليـه , هـو أن تغمــض عينيهــا . . لكــن كـــان
هناك سحر فظيــع في مراقبــة العواطـف الباديــة على الوجــه الظـــاهر على
الشاشة , وبدا أن الإحساس العاطفــي هذا يزداد حــدة مـع صــوت المـــزمار
المرتعـــش , المتدفـــق . واستخــــدام الضــباب لإخفاء عمــلية التحويل مــن
حورية إلــى فتاة وتتم تنفيــــذ ذلك ببراعة وذكــــاء , ولاحظــت تبدل الألوان
نفخـة طويلـة من المزمــار . . كان الإخــراج رائعاً بحيـث استحـال القول أين
أخــذ براند آشتون مكــان كايرد بيترسون .
انكمشـــت جانيس عندمـــا ركــــــزت الكــاميرا علـــى وجههــا في المشهـــد
الأخـيرة . . وهناك على وجههــا كـان كل شيء . . . الفرح , الإثارة ونشوة
الحـــب المتبادل والتــرقب . وإذا لـــم يكــن كـــل هـــذا واضحاً , فالموسيقى
تكفلت برواية الحكاية . إذ كانت تصدح وتصـدح حــتى انتهى الفيلم بلقطـــة
لصدفة العطــر حول عنقها وهي تنزلق في آخـر عناق . . ولــو شمل الفيلم
تلك اللحظــات الأخـــيرة مـــن النشوة لمــــاتت خجــــلاً وحــرجاً . . اسودت
الشاشة وأضيئت الأنوار وسـاد صمت رهيــب , كســره وودي وينثرز بفرح
عارم :
ـ ألست عبقرياً ؟ .
ضحك أحدهــم , ثم انفجـرت القاعة بالتصفيق الـــذي كــــــان يــصـــــــــــــم
الآذان . . تقدم وودي وينثرز إلى جانيس . . وجـذبتها لتقف . . ورفــــع يده
يطلب الصمــــــت . .
قال يربت علـــى كــرشه :
ـ أنتم علــى حــق ! أنا بكل تـأكيد عبقري لكننـــي أقدم لكـــم نجمــة قـــــادرة
على منافسة انغريد بيرغمان الصغـيرة . . إذا استطاعت أن تشفي نفسها من
أن تكون كــابوساً للمخـــرج .
ارتفــــع الضحــــك , وازداد التصفيق . . واحمــــرت جانيس بــــشـدة , فــلن
يتركهــــا المخرج الذي حصل على مركـز الاهتمــام , ولن يتخلى عن المركــز
بسهولــــــة .
ـ إن لــــم يســوق هـــذا الفيلم عطــر الخيــال . . فـــلا شــــيء قد يسوقــه . .
وأشكـــر الجميــع للمســاهمة على عملـــي الفنـــي .
طــــاف الانتصــار والفــــرح فــــوق هدير الأصـــوات الـــذي تــلا . واغتنمت
جانيس الفرصــة تعـــود إلـــى مقعدهــــا وفـــي هـذا الوقت ارتفع صوت مايكل
ويذرس يدعو الجميع إلى الهـــــدوء .
ـ اعتقد أن السيدة آشتون ترغب في قول بضع كلمـات .
وقـفـت السيــــدة العجـــوز فـــران الصـــمــت .
ـ أهنـــئ كــل مـن عمل في هذا المشــــروع . . . اســـم آشتون سيزداد ثــراء
بهــذا العطــر الجديــد الذي هو أفضــل ما أنتجنـــــاه أبداً , كمــا أعتقد . ولهذا
أردنــا أن نتخــذ مســاراً مميـزاً جديداً في الإعلان , وأنا أهنــئ ابنـــــي على
فكــرته المــبدعة , وعلى بعد نظــره لأنــه اختار الآنسة يونغ للعــب الــــدور
الـــرئيســـي .
نظـرت جانيس إلــى براند آشتون الــذي لــم يتحـــــرك من جــــانـب المــــرأة
الحـــامل . . كانت عيناه جامدتين ووجهه كتمثــال قد من حجــر , ولم تكــــن
على وجهه تعابير ظــاهرة . . لا شــيء تغير , ولم تتوقع أن يتغير . . لكـــن
الألــم فــي قلبهــا ازداد عمقــاً وارتسمت على وجهه ابتسامة جــافة :
ـ أهنــئ السيــــد وينثرز علـــى عبقريته . . فالإخـــراج والتصــوير كــــانـــا
رائعين حقـاً . . وأهنــئ السيـــدة لينغ , المعروفــة للعامــة أكثــر ككاتبــــــة
أغنيــات , سـالي روجرز التي قبلت مشكورة تــأليف الموسيقـى التصـويرية
التي عبرت بكــل جمال عن الجــو الذي ساد الفيلم .
ســــرت همـهمــة اهتمــام , واشرأبت الأعنــاق لــرؤية المرأة الـــتي ارتبط
اسمهــا بــأغنيات عديــــدة مثيرة للذكــريات . . وفهمت جانيس أخيراً سـبب
الاهتمــام الكبيــر الذي بيديه براند آشتون للسيدة الحـامل . . ســالي روجرز
ضيفــة مميزة . . لذا ذوت عارضة الأزياء البسيطة أمام اسمهـا اللامــع . .
تنهدت . . وتمنت مــرة أخرى لو أنها لـم تـــأت .
نظــرت إيفا آشتون مباشــرة إلى جانيس, وتابعت :
ـ كمـــا تعرفون جميعاً . . سياســة الشركة منذ سنوات عـــدة تعتمــــد علـى
استخدام نجمــات متألقــات للإعلان عن منتجاتها , وفــي هذه المرة قامرنا
مع الآنســة يونغ . كان بعضنا يشك في قدرتهـــا على التمثيل والتفاعل مع
المشاهد التي صُورت وأعترف أن ما من واحد منا توقع منهــا هذا الجمال
وهذه الشفافية المؤثرة فــي الأداء الذي ستبقــى ذكــراه لـسنوات عــديدة
قادمة . . إننا محظوظون بشكـل لا يصدق لأنها ستكون ولو لبعض الوقت
على الأقــل موضوع الساعة في أنهـا [ [ فتاة خيال آشتون ] ] .
كانت جانيس مذهولـــة جــداً حيـن أمسكــت العجـوز بيدهـــا وجذبتهــــــا
لتقف . . ران صمت متوتـر متحفـز . . كـــان الجميع ينظـر إليهــا وفجأة
أدركـت أنهم يرونهـا , ليس كامـرأة وقفت أمـامهم , بل يرون الفتاة التي
ظهــرت علــى الشاشــة .
شــيء ما هو أشبه بتنهيدة مختنقة جمــاعية مرت فـــي القاعـــــة . . .
وغرقـت جانيس فـي عـــــذاب الارتـباك . هذا أســوأ بكثيــر من التصفيق
ومن غير وعــي منها سعت عيناها إلى براند آشتون الـذي كان هو أيضاً
ينظــر إليهــا .
كـــل هـــذا كــان لـك . . لـك وحـدك . . ألا تعــرف هــذا ؟ كــانت صيحــة
صامتة من الأعمـاق . . ولكنه أغمض عينيه وأحنى رأسـه وكـأنه لا يريد
استــلام الرســـالة .
أنهت ايفا آشتون كلمتهــا :
ـ أدعوكم الآن جميعاً للاحتـفال بإنجـاز عملكــم .
وكان هذا إشــارة للمزيد من التصفيق الـذي تبـــع الضجــة العارمة بسبب
وقوف الجميع . . وكانت جانيس ممتنة لكــل من وقف . . . فهـذا جعـلــها
أقل بروزاً , ولــكن الضغط الخفيف على يدهـا أشار إلى أن ايفا آشتون لـم
تنته منهــا بعــد . فالتفتت إلى السيدة الكبيرة وهــي تشـــعر بالقلق من أي
حديث شخــصي .
ـ حضرنا لك عقـــــداً آنسة يونغ . . . وهو ينتظــر أن تدرسيه ثم توقعيه .
سيحدد مايكل ويذرس موعداً معك قبل مغـــادرتك هذا المســاء وأرجــو أن
يرضـيـــــك .
قالت جانيس بــهدوء :
ـ سأدرســه سيدة آشتون .
اخترقت العينان الســـوداوان دروع جانيس بحدة , لكـــن دفــاعاتها كــانت
في مكانها الصحيح فــ جانيس لن تلزم نفسهـا بأي شــيء الآن .
أدارت ايفا آشتون نظــرها إلى افلين يونغ التــي وقفت وكــأنها مصااااااابة
بــــدوار .
ـ لا بد أنك فخــــورة بابنتك , سيدة يونغ .
ـ لا أدري مــا أقول . لم أتصـــور قط . .
ونظــرت إلى ابنتهــا بحيرة واضحــة .
ـ جانيس . . كنت مذهــلة . لم أدرك قط أن لإمكــانك التمثيل بهذه
الــروعة .
قالت ايفا آشتون التي نظرت إلى جانيس بتســاؤل .
ـ مع ذلك فقد قالت ابنتك بصراحــة إنها ليست ممثلة . . لكن أداءهــا
كان رائعــاً . . آه . . كارا .
ارتدت إلى ابنتهــا التي وصلت إليهن وعـلى وجهها اهتمام مفتعـــل .
ـ هذه السيدة يونغ . . والدة جانيس . . وهذه ابنتــي , كارا مارثاين .
تمتمت افلين يونغ التي مازالت مرتبكــة :
ـ كيف حالك ؟ .
هزت كارا مارثاين رأسهــا بطريقة ملوكـية قبل أن تلتفـت إلـى جانيس .
ـ يا لهــا من مفاجــأة رائعة , انقلبت إليها , آنســة يونغ ! لكــن , لـيس
هناك شيء يضاهي معرفة ما في أعماق المرء . ومن المـؤكـد أن براند
يعرف جيداً ما في أعماقك ! أليس كذلك ؟ قد أخبرني وودي وينثرز للتو
كـــيف . . .
قاطعتها ايفا آشتون بكــل رقة السكين الحادة :
ـ كارا . . . الحصـــرم لا يفيد .
ثم ابتسمت كلبوءة تكشف عن أنيابها : (( تجرعــي شراباً ما ليطفئ مــا
في أعماقك كارا )) .
وصــل ســاق يحمل صينية , وجــاء مـــن خلفــــه براند آشتون ورجـــل
آخـــر . . دايفد كينغ , الـذي لم يكن فقط زوج سالـي روجــر , بل منتـج
تلفزيونــي أيضــاً .
تقـــــدم وودي وينثرز مجــــدداً . وانضــم إلـــى الــجميــع مايكل ويذرس
وميرنا ويرنر . وعندئذٍ تعالت صيحات المهنئين لجانيس بنجاحها , ولكن
لم تبدر من براند آشتون كلمة واحدة . ابتسمت جانيس . وهزت رأسهـــا
تجاوباً ولكنها لم تكن تعــي ما يقال . . لأنهــا كانت تحس بشــيء وأحـــــد
وهو صمت براند الذي أرادت منه أن يقول شيـئاً , أي شـــيء . . أن يفتـح
ولو باباً واحد للتواصـــل .
كان يراقبهــا بتحفــظ بـــارد . . في هذا الــــوقت أبدى دايفد كينغ اهتمــامه
بالاتصال بمدير أعمالهــا فســارعت افلين يونغ تقول إنهــا هــي التي تديـــر
أعمال ابنتهـــا . . وتــكلم وودي وينثرز عن مستقبــــل جانيس المـــــشرق .
مستقبلــها . . عمالهـــا . . مستقبلهـا المهنــي . . شعرت بأن مطرقة ثقيلــــة
تضرب على التوتر الـذي يفـــرق بينهمــا , وتدفــــع براند إلى الابتعاد أكــثر .
كــــان انسـحــابه مـلمـوســاً . . فـأرادت أن تــمــد يدهــا إليـــه , توقفــــه , أن
تصيح أن عملها لا يعنـي لهـا شيئاً . فمـا أظهــرته على الشاشــة هو الحقيقـــة
الوحيدة . . . إنهــــا لا تـــريد الأضـــواء المبهــرة . . بل تـــريد دفئه وحـــبه .
تغلب اليــأس علــى الكرامــة , فنظـــــرت إليه بعــــذاب وحب وظــــهرت فــــي
عينيهــا الخضراوين حـــاجتهــا إليه . وعندمـــا نظرت إليه رأت مــــا يشبــــــه
الاستجـــابة في عينيه اللتين سارع إلى إبعادهمـــا عنهــا , وفــي وجهه رفــض
واضــح . . رأته يتمتــم بضــع كلمـــات لأمــــه , قـــبل أن يبعــد نفســه عـــــن
المجمــوعة التــي حول جانيس . . ثم اخـــترق الجموع بخطــوات هـادئة وترك
القـــــاعة .
أمســك مايكل ويذرس ذراعهــا وقال شيئاً عن العقد , ولكــــــم قلبهـــــا كـــــان
يخـــفق محتجــاً متوســلاً . . . مطــالباً بفرصة أخيرة . . ولحقت قدماها بمـــــا
أمــلاه عليهـــا قلبهــا , وحملتاهـــا بعيداً عن الناس مختارة بشكــل آلــي طريق
براند آشتون وراحـــت تســرع بلهفة حتى وصلت إلى الباب .
كــان الممــر فـــي الخـــارج فارغـــاً . . هــرعت إلى حيث المصــاعد ورأت أن
أحدها يهبط فضغطت علـــى الــــزر الآخـــر . . يجـــب أن تلحق بــه , يجـب أن
تخبـــره . . يجب أن تجعله يصغي . اغرورقـت عيناهـــا بدمـــوع الإحبـــاط لأن
الأبواب ظــلت مقفلــة .
ـ جانيس . . انتظــــري ! .
ارتدت إلى مايكل ويذرس بنفاذ صــبر وذعـر . . وصــاحت به :
ـ لا أريد عقدكــم .
امتدت يداهــا إلى أزرار المصعــد مجدداً . . وسمعت صوتاً يصيح :
ـ أوقفهـــا مايكل .
أمسكتهــا يدان تمنعانهــا من فتح أبواب المصعــد . . وصــاحت جانيس
باكيــة منتحبة .
ـ دعني أذهب ! يجب أن أذهب ! .
ـ سيدة آشتون ؟ .
سمعت طقطقة حــذاء فـي الممر .
ـ شكــراً لك . . لن أحتاج إليك أكــثر من هذا .
سمرت المفاجأة جانيس في مكــانها للحــظة , ثم أدركــت أنهـــا حـــرة .
دخلت المصعد وضربت يدهــا على زر الهبوط وأقفلت الأبواب إنمـا ليس
قبل أن تخطــو ايفا آشتون إلى الداخــل .
نظرت العجــوز إلى جانيس نظرة الخبير بالحياة .
ـ هل تعرفــين مــاذا تفعليـن ؟ .
ـ لا أهتم . . لا أهتم بمــستقبلــي العملــي .
تسمرت عيناهــا على أرقــام الطوابق الـــتي كانت تنطفــــئ وتضــاء فـي
اللوحة . . الطابق الرابع . . الثالث . . المصعد يزحف نزولاً . . . يا الله !
اجعلــه يســرع أكثـــر .
ـ عزيزتــي , علــى المرء دائماً أن تبقـى خياراته مفتوحــــة . . العــــــقد
بانتظــارك حتى يوم الاثنين إذا غيرت رأيك .
ـ لـن أغير رأيي .
الطابق الثـانــي . . هيا . . هيا . .
ـ لا . . لا أظنك ستفعلين . . . على فكـــرة , إذا كــان هــذا يعنـــي شيئــاً
لك . . قال لــي إنه ذاهب لــيصطـاد السمك .
يصطــاد السمك . . امتلأ قلبهــا بالمشــــاعـــر وارتــدت إلـــى السيـــدة
العجوز . . ودمــوع الراحــة تتدفق علـى وجنتيهــا .
ـ يجب أن أذهب . . فأنــا أحبه .
ابتسمت ايفا آشتون ابتســامة متعبة .
ـ سأخبر أمك بالمكــان الذي ذهبت إلــيه .
كــانت ابتسامــة جانيس مرتجــفة .
ـ شكــراً لك .
انفتح باب المصعـد على البهـــو . . وخرجت جانيس والأمـــل يُشعـرهـــا
بأنهــا تطير بينمـا تفكيرهـا وقلبها يقفزان أمامهــا نحو الرجـل الذي على
الشـــــــــــاطئ .
* * *
نهاية الفصــل (( العاشر )) . . .
|