كاتب الموضوع :
جمره لم تحترق
المنتدى :
روايات احلام المكتوبة
2- يوم ضــاع من الزمن
2- يوم ضــاع من الزمن
أنها السبب في إقدامه على معانقتا فليس هناك ما هو أوقح مما
فعلته عندما مدت يدها إليه تريد إغواءه فكيف السبيل الآن لإيقافه ! ماذا
يمكنها أن تقول ؟ يجب أن تقول شيئاً . . فتحت فمها . . . لكن أية كلمات
كان يمكن أن تقولها , انحبست في حلقها , فقد ازداد عناقه عمقاً , ففجر
في أعماقها لهيباً من المشاعر الغريبة .
شدت يدها على اليد التي تداعب كتفها . . كانت تحس بــسرور
غريب لإحساسها بقربها منه . . . ولكن صوتاً من التعقل صاح في أعماق
منتديات ليلاس
عقلها أن هذا غلط . . فهي لا تعرف هذا الرجل , ولا تعرف اسمه , من
الغلط الفادح الانجراف معه . . . ولكن عقلها كان يغرق برسائل أخرى .
أغمضت جانيس عينيها , وادعت لنفسها أن هذه ليلة عرسهــــا .
لكن هذا ليس عريسها , ليس ستيفنز . . لكن , ستيفنز خانها ,
وغشها . . . إن قرب هذا الرجل منها يولد في أعماقها مشاعر لم تعرف
أنها موجودة عندها . . ولكنها فجأة ثابت إلى رشدها وشعرت بالخوف
مما هو آتٍ فلم يسبق لها أن عرفت رجلاً معرفة حميمة ولن تفعل هذا
اليوم مع غريب .
شعر الرجل بترددها فابتعد عنها ولكنه لمس وجهها بخفــة :
ـ هل أنت بخيـــر ؟
حمل الصوت العميق قلقاً فشعرت بالحرج الشديد , وتمنت لو لم
يتكلـــم . . .
ـ أجل . . أجل . . أنا بخيـــر .
خرجت الكلمات رسمية مؤدبة , نسبة لموقف يدعو إلى العكس
تماماً . . وابتلعت موجة هستيريا وهي تواجه ذلك الموقف .
نظر إليها نظرة عميقة فرأى في عينيها الشوق وشيئاً آخر عرف أنه
الذعر أو الخجل وفجأة فهم . . فـهم سبب ترددها وتقوقعها على نفسها
فهي ليست امرأة رخيصة أبداً . سألها وفي عينيه الاستغراب : (( أنت عذراء
أليس كذلــك ؟ )) .
أحست بالحرج يعود إليها مجتاحاً وجنتيها بدفق من التورد .
رفعت عينيها إليه وقالت بصوت مختنق : (( لم أعرف قط رجلاً )) .
ابتعدت عنه وهي تشعر بالخجل من نفسها فقال :
ـ أنت لم تعرفــي رجلاً من قبل . . . اللعنة ! ولكنك لم تتصرفــــي
كساذجة . . . ولم يخطـر ببالــي أن هذا ممكن .
تنهد يهز رأسه . . وحين تكلم مرة ثانية كان الغضب قد استبدل
بالقلــق :
ـ حسناً . . . سامحينــي فأنا لا أريد أن أزيد الطين بلة . . . ولن أسبب
لك وضعاً أنت بغنى عنه .
ثم ابتعد عنها . . .
امتد الصمت بينهمـا , وكان هذا الصمت أشبه بجدار صلب أكثر من
ابتعاده عنها . . مع ذلك , ابتعادهما فرض عليها ادراكاً أقوى بالرجل .
كان واقفاً وقفة جامدة ولكن حوله طغى شــيء من التوتر .
صدمت فجأة بأن يكون ستيفنز قد ابتعد عن أفكارها لوقت أطول
مما هو ممكــن .
سمعته يتمتم :
ـ أخبرينــــي عن نفسك .
نظرت إلى الرجل بحدة . . إنه يعرف عنها أكثر مما اعترفت به أمام
أحد . . ولسوف تموت حرجاً لو التقت به مجدداً بعيداً عن هنا . .
سألت : (( هل تعيش هنا طوال الوقت ؟ )) .
ـ أجيء واذهب . . أين تعيشين ؟
ـ في سيــدني .
ـ ماذا ستفعلين غداً ؟
ـ لا أدري , سأفكر في الأمر وأنا عائدة إلى المنزل .
ستكره أن تشرح لأمها أن الزواج ألغــي .
ـ لن يكون الأمر سهلاً . . أليس كذلك ؟ الأفضل لك الابتعاد عن
ذلك الجو بضعــة أيام . بإمكانك البقاء هنا إذا شئت .
ردت مسرعــة : لا أستطــيع .
ـ لكنك بحاجة إلى فرصــة لالتقاط أنفاسك . . ولملمة أفكارك . .
هل ذهبت يوماً لصيد السمك . إنه عمل مريح للأعصاب , يفرغ الذهن
من كل الضغوط .
عادت إليها ذكريات من طفولتها جالبة معها موجة حنين أرقت
صوتها .
ـ كنت أذهب إلى الصيد مع أبـــي . . وكان هذا منذ زمن طويل .
|