كاتب الموضوع :
جمره لم تحترق
المنتدى :
روايات احلام المكتوبة
1- حورية البحر ... غرقت !
سأل بصوت ملؤه الحيرة :
ـ أية صورة ؟ أتقصدين الوجه والجسد ؟ أم الشخصية . . . .
قاطعته بسرعـــة :
ـ لا . . لا . . إنه لا يرغب في امرأة . . امرأة حقيقية . . . كنا
سنتزوج الأسبوع المقبل . الليلة . . . لم يكن يتوقع قدومـــي إلى شقته . .
لكننــي ذهبت . . . كانت الموسيقى مرتفعة , لذا لم يسمعني عندما قرعت
جرس الباب . . فاستخدمت مفتاحـي , ولما دخلت شممت رائحة ثقيلة ,
حلوة . . كرائحة البخور , لا ادري ما هي , ولكنها أقلقتني . دخلت إلى
منتديات ليلاس
غرفة النوم . . فإذا هو مع . . مع . . وكانا . . . كانا .. هربت ورحت أقود
سيارتـــي حتى وجدت نفســـي هنا .
الدموع التي حبستها جانيس لساعات طــويلة بدأت تنهمر على
خديها ... وأصبحت العينان الكبيرتان الخضراوان بركتين من البؤس ,
وبسبب انشغالها بألمها الداخلــي لم ترَ لمعان الفهم على وجهه , ولا
الشفقة التي ظهرت في عينيه .
تابعت الدموع جريانها وتدفقها , فانحنت جانيس إلى الأمام , تضع
رأسها على يدها وتبكــي دونما رادع . . . وبدا لها أن قلبها يكاد ينفجر ,
وأخذت تنتحب وتنتحب حتى شعرت بالراحة من هذا الطيف الذي
يمسك بخناقها . . مضى وقت طويل قبل أن يتحول النحيب إلى تنهيدات
صغيرة محطمة , ومسحت البلل عن عينيها بظاهــر يدها .
لحظتئذٍ فقط أحست بأصابع تنقر على الطاولة لحناً رتيباً , فارتفع
صدرها مرة أخرى وقاومت لتسيطر على نفسها , ثم اختلست نظرة إلى
الرجل فلاحظت العبوس العميق الذي شد حاجبيه المستقيمين معاً . .
توقفت الأصابع عن النقر على الطاولة , وأحست بنظرته عليها .
ـ هل ترغبين في الاستلقاء ؟
حمل السؤال الهادئ التورد إلى خديها , فأحنت رأسها لا تعرف
بماذا ترد , لقد ثابر هذا الرجل على إساءة الحكم عليها ولا تستطيع أن
تعرف ما إذا كان لطيفاً معها أم منتقـــداً .
ـ لا بد أنك تشعرين بالاستنزاف . . لقد كانت ليلة قاسية لك , وأنا
لم أسهل الأمور عليك .
تنهد . وفتح يده دلالة الاسترخاء :
ـ آسف لأننــي كنت . . غير متعاطف .
ـ لم أفكر حقاً في إغراق نفســي . . أنا فقط . . أحسست . . أننــي
بحاجة . . .
لوح يده يصرف النــظر عن حاجته لشرحها :
ـ لا داعي للشرح , احمدي الله لأنك تخلصت منه . .
همست : (( أعرف )) .
رفع نفسه ليقف , ودار حول الطاولة ثم ضغط على كتفيها بلطف .
ـ تعالي إلى السرير , وفي الصباح ستشعرين أنك أفضل حالاً . . .
وكأنه متأكد أنها ستقبل اقتراحه إذ مال إلى الأمام وأطفأ المصباح ,
لكن جانيس لم تستجب بسرعة , فاندست ذراعه حول كتفيها ترفعها
للوصول إلى السرير .
ـ أرجوك . . أنا قادرة على السير دون مساعدتك .
رفع الغطاء لها , وما إن استلقت على الفراش حتى شعرت بالراحة
والأمان . . . وما لبثت أن اتخذت وضعية النوم التي اعتادت عليها , غير
أنها سرعان ما تنبهت , إذ سمعت الفراش يتحرك , إلى الرجل الذي
جلس على السرير وفي عينيها تساؤل .
قالت بصوت مختنق : (( ماذا تريد ؟ )) .
ـ اسمعي ! لقد عاملتك بسوء وكدرتك , وعذري أننــي لم أكن أفهم
ما تشعرين به , ولم أفهم الصدمة التي واجهتها . . وما من امرأة تستحق
الأذى هكــذا . .
امتدت يده بلطف تمسك كتفها :
أنت امرأة . . امرأة . . امرأة جميلة مرغوبة وأنت كامــلة .
نظرت إليه , وعقلها في حيرة . . فابتلعت ريقها بينما يده تتابع
جرينها على كتفها , بخفــة الريش . .
ـ استرخـــي . . وأرخــي أعصابك فلن أؤذيك أبداً . . .
ثم ما لبث أن عـــــــانقها بلطف .
* * *
نهاية الفصل (( الأول )) . . .
|