لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > روايات عبير > روايات عبير المكتوبة
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

روايات عبير المكتوبة روايات عبير المكتوبة


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack (1) أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 12-12-11, 04:43 PM   المشاركة رقم: 36
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: May 2010
العضوية: 162960
المشاركات: 2,906
الجنس أنثى
معدل التقييم: نيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالق
نقاط التقييم: 2759

االدولة
البلدLebanon
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
نيو فراولة غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : نيو فراولة المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

وهكذا عاد الصمت سيد الموقف ، سكت السيد شريدان وهو يضحك في سرّه دون ان يلهيه ذلك عن مراقبة وجهة سيرها ، وسكتت الآنسة كيت غصبا عن إرادتها وهي تشعر بالقلق والحيرة من عدم معرفتها كيف واين ستنتهي هذه الرحلة ، خاصة بعد أن أصبحت الطريق تضيق وتتخّذ أشكالا غريبة لم ترها من قبل أبدا ، فباتت تتوجس خيفة من الوقوع في حفرة من حفر الماء والوحل ، او في مستنقع من المستنقعات الكثيرة هناك ، وقد تفاقم قلقها عندما بدأت تشعر بحركة الدواليب تتعثر وتباطأ ، وتدور أحيانا في الهواء ، بسبب إنزلاقها فوق أرض موحلة ولزجة ، بالإضافة الى ما بدأ يظهر أمامها من طلائع النباتات والطحالب المستنقعية ، وإرتطام بعض قضبانها وأوراقها وأغصانها بزجاج السيارة وأطرافها ، وما لبثت السيارة أن مالت قليلا وصارت تتحرك بصعوبة الى الأمام ، مما أهاب بالانسة كيت لتدعس على الفرامل لأيقافها قبل ان يحدث ما ليس من الحسبان ، وهي واجمة من هول ما كانت تتعرض له السيارة وينذر بأوخم العواقب ، غير ان الواقعة وقعت رغم التحذير الذي اطلقه شريدان بعد فوات الأوان ، ولم يجد شريدان وسيلة للخلاص إلا بفتح باب السيارة والترجل منها ، والإبتعاد عنها قبل أن تبتلعهما مياه المستنقع الذي إرتطمت السيارة بطرفه وتعطلت .
وهكذا اسرع شريدان في الترجل من السيارة ثم ساعد كيت في الخروج منها وهي تصرخ مذعورة:
" الحقيبة ، الحقيبة ! ضاعت الحقيبة ... والقنديل ، اين القنديل ... أريد الحقيبة".
وإندفعت مسرعة نحو السيارة القابعة في الوحل فردّها شريدان وتولّى عنها جلب الأغراض من السيارة ، وعاد ليساعدها في مشيتها بعيدا عن منطقة الخطر.
وقفت الانسة كيت هناك شاحبة اللون ، تتامل السيارة وهي تولول وتقول له بحزن وتحسّر :
" إنظر يا براد ، إنظر كيف ان السيارة آخذة في الغور ... أليس بوسعنا أن نفعل شيئا لأخراجها من هناك؟ يجب أن نفعل شيئا لأنقاذها ... إنظر يا براد ، إنها تغور أكثر وأكثر مع مرور الوقت ، يا حسرتي عليها ، لقد أنتهت ! ماذا تقول ، يا براد ، يجب أن نفعل شيئا لأخراجها من هناك قبل فوات الأوان....".
" ماذا يمكنني ان أفعل ؟ فلا دفاع مدني ،ولا أطفائية ، ولا طوارىء ، ولا من يحزنون ! ما رايك ؟ إقترحي شيئا وأنا انفذه".
" إنني أسالك......مجرد سؤال ......ممنوع؟".
" كلا ، غير ممنوع ، لكن السؤال لا يفيد في مثل هذه الحالة ".
أمسك بذراعها ليقودها بعيدا عن هذه الأرض التي تكاد تميد تحت أقدامهما ، الى بقعة جافة يشعران فوقها بشيء من الأمان ، وإن لم يكن كل الأمان ، الى أرض أكثر صلابة وتماسكا ، حيث يمكنهما التحرك فوقها بإطمئنان أكثر.
قرفصت وبدأت تزيل بقع الوحل والطين عن رجليها وحذائها ، وتندب حظّها على هذه الورطة التي تورطت فيها ، ووجدت نفسها امام حائط مسدود ، وهي ملوبة الأرادة فاقدة الأمل ، حتى ولو ساق القدر سيارة لتمر من هناك ، ليس ما يطمئنها بأن وجهتها ستكون في الأتجاه نفسه ، وهنا صارت تحدث نفسها : ( ترى ، كيف عرف شريدان ؟ كان من الواجب ان أصغي لنصيحته وأنعطف بالسيارة الى تلك الطريق الفرعية او أن أعكس وجهة السير ، على أقل تقدير ، كان شريدان على حق حينما لفت إنتباهي الى الغلطة الفادحة التي أرتكبتها بعدم الإنعطاف بالسيارة نحو الطريق الوحيدة المؤدية الى مكان والت ، فلو لم أتجاهل نصيحته ، ولو لم أحاول تضليله ، لما كنت أوقعت نفسي في هذه الورطة او عرّضت نفسي للمخاطر في هذه المنطقة النائية عن المدينة .بالإضافة الى الخطار التي احاقت بهما حتى الان ، كانت هناك أخطار عديدة متوقعة ، لا يمن التكهن بنتائجها نظرا لوعورة المنطقة وعدم وضوح الرؤيا أثناء الليل ، وفكرت والمرارة تهزها من أعماق ذاتها بالمصير الذي كان ينتظرها ويحميها من المخاطر ، وكم كانت بحاجة الى الصبر والشجاعة وبرودة الأعصاب والتعقل ، كي تتمكن من التغلب عليها والخروج بسلام من هذا الأسر القسري الذي تضربه حولهما عوامل الطبيعة القاسية التي لا ترحم.
ولكن ماذا يفيد الندم بعد فوات الأوان ودون أمل في إيجاد مخرج للإبتعاد عن هذه المنطقة قبل ان ينبلج الفجر وتتحسن الرؤيا ؟ أما الموعد المضروب لموافاة والت وتسليمه حقيبته ، وما سيكون رد فعله على التأخير الحاصل غصبا عن إرادة الجميع ، فيجب عليها ان تتجاهله الآن وأن لا تدع تفكيرها ينشغل بتهديداه المبطنة ساعة إتصل بها وطلب منها نقل الحقيبة اليه بأية طريقة من الطرق ، عليها أن تركز تفكيرها على الظروف التي تعيشها الان ، وإيجاد مخرج من هذا المأزق مع حلول شمس الصباح ، ليس أمامها سوى الترقب والإنتظار وعدم الإستسلام لليأس.

 
 

 

عرض البوم صور نيو فراولة   رد مع اقتباس
قديم 12-12-11, 04:45 PM   المشاركة رقم: 37
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: May 2010
العضوية: 162960
المشاركات: 2,906
الجنس أنثى
معدل التقييم: نيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالق
نقاط التقييم: 2759

االدولة
البلدLebanon
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
نيو فراولة غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : نيو فراولة المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

تابعا المشي فوق ارض لا تختلف طبيعتها عن طبيعة الأرض التي تكثر فيها الأطلال ، نظرا لوعورتها وخشونتها ، ارض تغطيها الحجارة وشتّى أنواع النباتات ، وتكثر فيها الحفر والمطبات مما يجعل حتى مجرد المشي عليها محفوفا بالخطر بسبب فقدان التوازن أثناء المشي ، وهكذا كانت كيت تمشي بخطى متثاقلة وهي تشعر نفسها معرّضة لزلّة قدم في اية لحظة ، أو الوقوع ارضا بمجرد إرتطام قدميها بصخرة مطروحة هنا وهناك ، لو لم يكن شريدان يكشف لها معالم الطريق بواسطة المصباح اليدوي الذي حملته معها ، ويقوّم خطواتها كلما تعثّرت ، ومع ذلك لم تنج من خطر التعرض لحادثة بسيطة أثناء المشي ، إذ تعثّرت قدمها بحجر وكادت ان تهوي الى الأرض لو لم يهرع شريدان لدعمها والحيلولة دون تعرّضها لخطر أكيد ، ويسالها برقة وحنان:
" إنتبهي يا كيت ! هل اصابك سوء؟".
" لا والحمد لله ، شكرا لك يا براد".
" هل أنت متأكدة؟ أريني رجلك".
وسلّط عليها المصباح وهو يتحسس بيده مكان الصدمة ، وأضاف:
" يبدو لي ان كاحلك أصيب برضّة خفيفة".
" معقول جدا لأنني بدأت اشعر بوجع بسيط".
وعضّت شفتيها من اللوعة والحسرة وهي تضغط على نفسها للتحرك الى الأمام بمساعدة السيد شريدان وتقول له:
" لا باس يا براد ، دقائق ويزول الألم".
" يجب أن تنتبهي يا كيت لئلا تتعثري مرة أخرى وتكون النتيجة أسوأ بكثير ... ظلي متمسكة بذراعي... وهاتي هذه الأشياء لأحملها عنك".
ود يده ليأخذ من بين يديها حقيبتها وحقيبة والت ، لكنها اومات له بالنفي ، بعد أن جمدت في مكانها خشية أن ينتزعهما منها ،وهو يقول:
" ما زلت إياك يا كيت.... عنيدة ، لم تتغيري ولن تتغيري ، لا باس ، كل مناي ان تكوني عند حسن ظنه بك ".
" ماذا قلت ؟ لم أفهم !".
فغرت فاها وفتحت عينيها الى أوسع مداهما كمن يصاب بصدمة.
" بلى سمعت وفهمت ، ولكن لا حياة لمن انادي ، يؤسفني القول يا كيت ان لا فائدة ترجى بعدفوات الأوان!".
" ماذا تعني يا براد ؟ صدقني ، لم أفهم".
" بل تفهمين وتعرفين حق المعرفة ، هيا بنا الان ، لا باس ، هيا وتحركي الى الأمام".
ومشت طائعة ، دون تردد ، تفكر بقصده ليعاودها الشعور بانه بات يعرف وجهتها الان ، إن لم يكن عرفها للوهلة الأولى ، وإلا فماذا كان يقصد عندما نبّهها الى الطريق المؤدية الى ماس تيلوك ؟ وكأنه أرد ان يذكّرها بأن لا فائدة من الإختباء وراء أصبعها ما دامت وجهتها أصبحت معروفة ، إن لم تكن مكشوفة.
إلا ان تفكيرها بواقعها الذي تمر به الآن طغى على كل ما عداه ، حتى أنه نساها إصابة كاحلها والوجع الذي سببه لها ، وهو واقع مرير يفرض وجوده من خلال مسلسل من صور الرعب المتداخلة ببعضها البعض ، من ظلام دامس يخيّم على المنطقة بحيث لا يستطيع الإنسان ان يرى شيئا أبعد من أنفه ، وحشرات هائمة على وجهها تحط وتلسع ولا ترى ، ورطوبة ترهق النفس بدون حساب ، وحرارة تلسع الجلد ، ووحشة رهيبة تزداد وتناقض مظاهر المدنية والحضارة ، وإذا بهذه الرحلة تنقلب الى صراع في سبيل البقاء ، صراع سلاحه مختلف ، سلاح من نوع آخر ، سلاح معداته وأدواته الأساسية الصبر ، والجراة والجلد ، والإيمان ، والثقة بالنفس ، ومع ذلك لم يغرب عن بالها التفكير بحقيبة والت والسيارة ومستقبل والدها المرهون بموقف والت.
وزاد الطين بلّة أن السماء بدأت تمطر ، إذ أن المطر في المناطق الإستوائية يهطل ويتوقف بصورة مفاجئة ، ياتي عاصفا وجارفا ، سرعان ما يتوقف بعد ان يصب جام غضبه على الأرض ليطهرها من ذنوبها وعيوبها ، وهكذا كتب على الآنسة كيت ان تعاني من المطر اضعاف ما عانته من متاعب الرحلة حتى الآن ، إذ تبللت بالماء من قمة رأسها الى أخمص قدميها وكادت تتعرض لأوخم العواقب لو لم يكن شريدان برفقتها ، يساندها ويشجعها ويقيها من المطر بسترته ، تماما كما كان يفعل والدها ، عندما كانت تخرج معه وهي صغيرة.
حيال هذا الواقع المرير لم يكن بوسع السيد شريدان ان يفعل سوى ان يشجعها على الصمود ووقايتها بسترته على امل أن يهتديا الى زاوية آمنة يقضيان فيها ما تبقّى من الليل.
وكم كانت دهشتهما عندما إكتشفا أنهما وصلا الى مشارف مكان سرعان ما تكشفت لهما معالمه بعد ان اصبحا على قاب قوسين منه.
هنا إنتعشت آمال كيت إذ إنطلقت تجري برشاقة إستجابة لتوجيهات شريدان الذي قال:
" هيا بنا لنذهب الى هناك يا كيت ، حيث الراحة والفرح".
شعر لدهشته بذراع كيت تستند اليه بصورة لا شعورية كأنها شاءت ان ترد على مبادرته بإشاعة الدفء والحرارة في نفسها ، بمبادرة حلى وأكثر دفئا.
وما ان صعدت الى باحة ذلك الهيكل القديم المهجور الواقع في هذه البقعة الخالية من كل أثر للمدينة والحضارة ، بمساندة شريدان حتى شعرت بالإرتياح والطمأنينة ، بعد ان اصبحت بعيدة عن دائرة المستنقعات وفي مأمن من الوقوع فيها ، ومن المطر المفاجىء ولسع الحشرات والبرغش ، ومن وخز الأشواك.

 
 

 

عرض البوم صور نيو فراولة   رد مع اقتباس
قديم 12-12-11, 04:46 PM   المشاركة رقم: 38
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: May 2010
العضوية: 162960
المشاركات: 2,906
الجنس أنثى
معدل التقييم: نيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالق
نقاط التقييم: 2759

االدولة
البلدLebanon
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
نيو فراولة غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : نيو فراولة المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

الا أن شيئا واحدا ظل يشغل بالها إلا وهو التهديدات التي لوّح بها والت في حال تخلّفها عن إيصال حقيبته اليه في الموعد المحدد ، وهذه الليلة بالذات ، وقد طغى قلقها هذا على كافة الإنشغالات اخرى التي طالما حيّرتها وأربكتها ، بدءا بقلقها على سيارتها المهددة بالغوص في وحول المستنقع وإنتهاء بقلقها من أن يتركها شريدان وحدها في هذه المنطقة ويذهب دون رجعة.
بعد قليل إقترب شريدان منها وراح يلاطفها ويتحسس بيده كاحلها المرضوض ويقول:
" كيف تشعرين الآن ، احسن ، أليس كذلك؟".
ثم نصحها بأن تخلع حذاءها وتمدد ساقيها.
"نعم ، احسن بكثير ، شكرا لك يا براد".
وإبتسمت له ملء شدقيها ، ثم أضافت بلهجة تدل على شعورها بالضجر:
" الى متى تظن ستبقى في هذا المكان ؟ إنني لا اطيق البقاء هنا طويلا يا براد".
" وهل من خيار آخر ، يا كيت ؟مهما يكن ، سنبقى هنا حتى بزوغ الفجر".
" هذا مستحيل يا براد ، مستحيل ، إذ عليّ أن .....".
فقاطعها قائلا:
" اعرف ذلك ، يا كيت ، ولكن ليس باليد حيلة".
" هناك واجبات عليّ ان أقوم بها".
" ومنها تسليم والت حقيبته ، أليس كذلك؟".
وصمت يتاملها وهي واجمة ، تشهق وتتنهد بعمق ، ثم أضافت :
" صارحيني الحقيقة يا كيت ، إذ لم يعد امامك مجال لإخفاء الحقيقة بعد أن فات الأوان وهرب والت الى غير رجعة".
" أنا لست في وارد التظاهر بالجهل أو التهرب من الواقع".
صمت تتأمله قليلا ثم تابعت تقول:
" ومن قال لك بان هذه الحقيبة حقيبة والت ؟ هل يمكنك إثبات ذلك؟".
" هيا يا كيت ، وكفاك ضحكا على الذقون ، لتعلمي أنني أعرف بالتفصيل كل ما تحتويه هذه الحقيبة التي تجلسين عليها".
كان يحدّق فيها بنظرات فاحصة ، ثم اضاف:
" نصيحتي اليك ان لا تعاندي أكثر من اللزوم لئلا ترغميني على إثبات القول بالفعل".
" لا ، لا ، إنك لن تفعل شيئا كهذا ! انت انبل من أن تكون بهذه الخسة".
إنتصبت في جلستها وهي تحاول تغطية أطراف الحقيبة بيديها ، وأضافت:
" هذه حقيبتي أنا".
" اجل ، إنها حقيبتك في الوقت الحاضر".
حدّق فيها بطرف عينه كمن يتحفّز للمبارزة ، واضاف:
" هل تظنين أنك قادرة على منعي من أخذ الحقيبة وفتحها لأثبت هوية صاحبها أمامك؟".
" جرب يا براد ، وسترى....".
فقاطعها ليقول:
" لا حاجة لأن أجرب ، يا كيت ! لقد فات الأوان".
" فات الأوان ! ماذا تعني؟".
وبدأت تعرق كمن أصابته رعشة باردة فجأة واضافت:
" ما دمت إعترفت بأن الأوان قد فات ، لماذا رافقتني لتتحمل كل هذه المشقات؟".
" لأسباب محض شخصية".
" متأسفة يا براد ، لست أفهم ماذا تقصد أن تقول".
قالت ذلك بصوت هامس وهي ترطب شفتيها الناشفتين بلسانها وتحدق في وجهه ، رد عليها قائلا:
" يجوز انك تقولين الحقيقة لأنك جئت الى ماهور متأخرة لتعرفي حقيقة الأمور".
هبّ واقفا ثم مشى ببطء بعيدا عنها حتى لم تعد تراه بسبب الظلام الدامس ، وهي تتساءل بهلع : ( ترى من كان يقصد بحديثه ! أيظن ان والدي متورط في المخالفات التي يرتكبها والت ، أم أنه يقصدني أنا شخصيا ولا يريد ان يتهمني صراحة بالتورط معهما بطريقة من الطرق؟) .
ما أشبه السكون الذي يعقب العاصفة بالسكون الذي يسبقها ، هكذا بدا الجو بعد هدوء العاصفة ليعيد الى كيت بعض الشعور بالأرتياح وإن لم يكن هناك ما يجعلها تشعر بذلك سوى الوحدة والوحشة ، خاصة بعد غياب شريدان المفاجىء ، وظهوره المفاجىء ليباغتها وهي تحاول عبثا فتح حقيبة والت ، ويقول لها:
" إذا كان فعلا يهمك معرفة محتويات حقيبتك ، أنا مستعد لمساعدتك في تحقيق رغبتك هذه".
فهزّت راسها بالنفي وهي ترد عليه قائلة:
" لقد فات الأوان يا براد ، الحق معك"
وصمتت تتأمله وهو يحدق فيها بنظرات أثبتت لها مدى رجولته وشهامته وإهتمامه بها في الظروف العصيبة التي يمران بها ، ثم أضافت:
" علينا ان نرحل من هنا بعد ان يتوقف المطر ويطلع القمر ".
" المحاولة لن تفيد قبل إنقشاع الظلام وطلوع النهار".
لبث ينتظر جوابها ، ولما بقيت صامتة ، أضاف قائلا:
" كيت ، يجب ان تبقي هنا ريثما أذهب وأعود ، إنني ذاهب للبحث عن وسيلة نرحل بواسطتها من هنا الى أي مكان آخر".
"وهل تظن انك ستجد غير عربات الخيل في هذه الديار؟".
" سيكون من حسن حظي إذا وجدت عربة خيل".
" لا ارجوك ، لا تتعب نفسك إذن يا براد".
منتديات ليلاس
لكنه ذهب وتركها لأحلامها وقد بدأت تتذكر السيارات والمسابح ، والمنازل الهادئة وغرف النوم الدافئة ، وتفكر بالصدمة التي ستصيب والدها العائد غدا عندما يسمع بأن والت هرب ، وبما يقوم به شريدان من تحريات ومطاردات ناشطة لمعرفة حقيقة العلاقة الحميمة القائمة بينه وبين والت مارلو ، فضلا عما تقوم به هي من محاولات يائسة لتفادي الكارثة ، أو بالأحرى لتاخيرها ، والدهشة التي ستغمر والدتها حينما تكتشف ان ظنونها لم تكن من نسج خيالها وغنما كانت حقيقية ، دون أن تنسى المعرض وحفلة الإفتتاح الليلة القادمة.
وكم لامت والدها على تردده في توضيح أسباب وحقيقة العلاقة القائمة بينه وبين والت ، والاسباب الكامنة وراء صمته المطبق رغم محاولات الإبتزاز والتهديد التي يمارسها بحقه وهو راض وقانع ، لا يقول كلمة سوء ضده ، وتساءلت : ( ماذا كان يضره يا ترى لو فعل؟ لو انه اوضح لي بعض الجوانب المحيطة بالعلاقة القائمة بينهما ، ربما كان يتصور انني أحاول التدخل في ما لا يعنيني ويجهل أنني إنما كنت احاول ذلك بدافع غيرتي على مستقبله وعلى سعادته وسعادة والدتي ) .
كانت لا تزال غارقة في بحر تلك التصورات المقلقة لما ظهر امامها بغتة وسالها:
" أي ساعة تتوقعين وصول والديك غدا؟".
" قبل الظهر".
" حسنا ، قد يحالفنا الحظ لعودة قبل أن يصلا".
" ارجو ذلك ، إذ يجب عليّ ان استقبلهما , والسيارة ؟".
" سنذهب الى المطار بسيارتي ، سأحاول إنقاذ سيارتك أثناء النهار ، إطمئني يا كيت".
قال ذلك بلهجة ناعمة ، لطيفة ، اشاعت في نفسها الإطمئنان الى صدق ما يقول ، لم يخالجها أدنى شك في سلامة نواياه ، وكانت واثقة بأنه سيفي بوعده ، سينقذ سيارتها ، سيضع سيارته تحت تصرفها لأستقبال والديها ، وسوف يعيدها الى بيتها سالمة ، باتت متأكدة من نحقيق كل هذه الأمور ، وإنماالذي كان يقلقها هو ان كل تلك الإيجابيات لا تنسجم مع الوجه الآخر من سلبياته والطرق المخجلة التي يلجأ اليها في سياق القيام بواجباته ، لدرجة أنه لا يتورع عن مطاردة الجنس اللطيف والتودد اليهن ، لا لشيء إلا للحصول منهن على بعض المعلومات عن المهمة التي إنتدب لها ، بعد أن يثقن به ويتصورن علاقتهن معه بداية لرحلة طويلة الى الحب والزواج.
سالها:
" كيف كاحلك الآن ؟ يبدو أن لفافته نشفت ويلزمها ترطيب".
" لا حاجة لذلك , لا تتعب نفسك".
" لا تعب مطلقا".
" أرجوك ، لا تتعب نفسك ".
وهنا ، إحتدم النقاش بينهما ، كان يتهمها بالعناد والمشاكسة دون أي مبرر ، وعدم ثقتها به بعد كل بوارد الإطمئنان التي كشف عنها في مناسبات مختلفة ، وكانت هي ترد عليه محمّلة إياه مسؤولية كل ما كان يجري بينهما من مماحكات ومشاحنات ،ومواجهات صاخبة احيانا ، بسبب التصرفات التي يمارسها نحوها ، الى أن إنتهت الى إتهامه بزعزعة ثقتها به وعدم توفير عناصر الإطمئنان الى صدق نواياه ما دام لا يكف عن مطاردتها ، ناسيا ان الحب شعور متبادل بين شخصين لا يتكامل وينمو في قلبيهما بدون الثقة المتبادلة والأحترام المتبادل ، والمودة والألفة ، إن الحب ليس سلعة ، وإنما هو شعور له قدسيته وحرمته.
تأملها شريدان ، ولكن بنظرات مختلفة الآن ،وهو يعرق ويلهث ويبتسم كأنه خارج من معركة ضارية ، كأنه إنتصر على ذاته الأنانية بفضل ذكائها وجرأتها وصراحتها ، وإبتعادها عن التفكير باللهو العابر ، خاطبها قائلا:
" هنيئا لك هذا الإنتصار ، يا كيت".
وإستدار وذهب في طريقه.

 
 

 

عرض البوم صور نيو فراولة   رد مع اقتباس
قديم 12-12-11, 04:48 PM   المشاركة رقم: 39
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: May 2010
العضوية: 162960
المشاركات: 2,906
الجنس أنثى
معدل التقييم: نيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالق
نقاط التقييم: 2759

االدولة
البلدLebanon
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
نيو فراولة غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : نيو فراولة المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

8- الغيوم تتبدّد


( إصبري يا نفسي وتحمّلي ، فلكل شيء نهاية ولا بد من أن تكون لهذا الليل نهاية....).
هكذا راحت تناجي نفسها وهي جالسة في زاوية ذلك الهيكل القديم المهجور ، تصغي لصدى كل خطوة من خطوات شريدان حتى تلاشى الصدى وغابت صورته عن ناظريها ، فراحت تسلّي نفسها بمراقبة ما تستطيع رؤيته في الظلام الذي غطّى الدنيا حولها ، نجوم متللئة ، وفراشات وحشرات حائمة هنا وهناك ، وأشجار ونباتات ، واشواك ، ووطاويط تتحدّى الريح بطيرانها الخاطف ، كانت تصغي الى هدير المياه المنسابة بقوة نحوالتجمعات والمستنقعات جارفة معها الحصى والحجارة وأغصان الشجر والشوك وكل ما تصادفه في الطريق الى طنين الحشرات والبرغش ، وعواء الثعالب ، وحفيف أوراق الشجر ، وقعقعة الحجارة المتدحرجة مع المياه من كل حدب وصوب.
منتديات ليلاس
لا تذكر أنها شعرت ولومرة واحدة في حياتها بالوحدة والوحشة مثلما تشعر الان ، لا سيما ان الوحدة هنا كانت من نوع مختلف ، وحدة مقرونة بالوحشة والكآبة والخوف على المصير ، وزاد في حدّتها وضراوتها ان رفيق السفر الذي قاده القدر ليشاركها الهموم والمتاعب قد فارقها ليذهب ويبحث عن وسيلة ما تنقذهما من هذا الجحيم ، جلست هناك تنتظر عودته بفارغ الصبر ولسان حالها يقول : ( ما اضيق العيش لولا الأمل).
لبثت تنتظره وتمضي الوقت تارة بمراقبة القمر والنجوم واشياء الطبيعة التي تسمع حركاتها ولا تراها ، وتارة أخرى بالمشي ذهابا وإيابا عل أرضية الهيكل القديم ، حتى غلبها النعاس ونامت بضع ساعات ، لم تستيقظ خلالها ابدا إلا عندما شعرت بمن يلكز كتفها ويقول لها بصوت هامس:
" هيا إنهضي يا كيت... صارت الساعة السادسة وعلينا أن نفعل شيئا".
ظل واقفا أمامها يتأملها وهي تتململ وتفرك عينيها بيدها لتنفض عنهما النوم الذي إستبد بها ، ثم راحت تمط وتمدد ذراعيها ورجليها لتحريك الدورة الدموية ، وهي تسوّي تغضنات سترته قبل أن تناوله إياها بعد أن إستعملها لتغطية جسمها اثناء النوم.
قال لها بلهجة رقيقة وهو يتأملها تتهيأ للنهوض:
" هناك بركة ماء قريبة من هنا لتغسلي وجهك ، ولكن إياك ان تشربي منها".
" لن اشرب منها ، إطمئن".
نهضت ومشت الى جانبه وهو يسندها بذراعه لئلا تتعثر في خطاها المترجرجة ، سارا معا نحو بركة الماء التي كانت أعشاب الحزاز والطحلب واللوتس النامية حولها ، تضفي عليها صورة لوحة رائعة من الوان الطبيعة وسط هالة من الضباب الذي ينتشر عادة في المناطق الإستوائية في الصباح ، مصحوبا بلفحة باردة سرعان ما تتلاشى مع إنتشار أشعة الشمس أثار منظر البركة والاعشاب التي تظللها رعشة حلوة من النشوة في نفسية الآنسة كيت ، لدرجة أنها كانت تقفز فيها لتسبح لولا ضيق الوقت الضاغط عليها للعودة الى البيت سريعا كي تستطيع التوجه اى المطار لإستقبال والديها المتوقع وصولهما ذلك اليوم ، وإكتفت بغسل يديها ورجليها وإزالة الوحل العالق بقدميها واطراف تنورتها ، ثم مشّطت شعرها وعادت أدراجها الى حيث كان ينتظرها وقد إستعادت حيويتها ونشاطها.
كان السيد شريدان لا يزال ياكل بعض الأناناس الطازج عندما وصلت الانسة كيت ، فعرض عليها أن تشاركه في أكل هذه الفاكهة الغنية بعصيرها الذيذ ، لكنها إعتذرت له عن ذلك ربما بسبب فقدان شهيّتها عن تناول أي شيء مهما كان مثيرا للشهية بعد كل تلك المتاعب التي واجهتها أثناء الليل.
وما أن انتهى شريدان من أكل الأناناس حتى إنطلقا في مسيرتهما نحومضرب لخيام إحدى القبائل الأفريقية ، حيث جاء شريدان اثناء الليل وإتفق مع رجل هناك يملك سيارة قديمة كي ينقلهما بها الى إحدى المستوطنات التجارية الأوروبية ، ليتابعا السفر منها بسيارة حديثة الى ماهور.
وكم كانت دهشة كيت عندما شاهدت شريدان يحتل مقعد القيادة ، ثم أجلسها بجانبه وأوعز لصاحب السيارة بالجلوس في المقعد الخلفي ، وقد تجمع حولهم حشد كبير من الأهالي ، يحدقون فيهم بدهشة وإستغراب ، أما دهشتها هي من تولّي شريدان قيادة السيارة عن صاحبها فقد زالت عندما عرّج بها على السوق وقد جذبته رائحة الخضار والفواكه والفراريج الطازجة ليشتري منها كمية وافرة يحملها معه الى ماهور.
ثم تابع المسيرة بإتجاه ماهور حتى إذا قطعت السيارة مسافة غير قصيرة صارت الآنسة كيت ترقص طربا من مقعدها بعد أن لمحت صورة ضواحي ماهور تبرز أمامها بوضوح فيما كانت السيارة تقترب منها ، مما أثار في نفسها موجة عارمة من الحنين كأنها عائدة الى ماهور ، بعد سنوات طويلة من الغربة.
كانت الساعة تشير الى الحادية عشرة لما إنعطف شريدان بالسيارة الى الطريق المؤدية الى منزل الآنسة كيت ، وإذا بها تقفز من السيارة الى الأرض بصورة لا شعورية ، قبل ان يتسنى لشريدان توقيف السيارة نهائيا وضبط فرملها ، لترى الخادم بيني يجري مسرعا نحوها لأستقبالها وهو يلوّح بيديه مرحبا بمقدمها كمن يجد واحدا من أهله بعد ضياعه وفقدان الأمل بعودته ، بعد ان أمضى الليلة الماضية ساهرا وهو قلق على مصيرها.
" انا بخير ، أنا بخير ، يا بني ، لا تخف ! آسفة على كل ما سبّبته لك من قلق وإزعاج".

 
 

 

عرض البوم صور نيو فراولة   رد مع اقتباس
قديم 12-12-11, 04:49 PM   المشاركة رقم: 40
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: May 2010
العضوية: 162960
المشاركات: 2,906
الجنس أنثى
معدل التقييم: نيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالق
نقاط التقييم: 2759

االدولة
البلدLebanon
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
نيو فراولة غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : نيو فراولة المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

وإقتربت منه وهي تلاطفه وتطيّب خاطره وتربت على كتفه ، سالها:
" ماذا أصابك؟ أين كنت يا سيدتي كيت؟".
وأشار بهلع الى قدمها المرضوضة والملفوفة بمنديل.
" لا تخف ، لقد تحسنت كثيرا الآن ، سأحكي لك عن كل شيء ، هل وصلتني رسالة من أحد؟".
" كلا ، لم تصلك أية رسالة ، ماذا تريدين أن أحضر لوجبة الغداء قبل.....".
لكنها دخلت الدار قبل ان ينهي كلامه وهي تفكر بعدة امور عليها أن تفعلها قبل الذهاب الى المطار وكانها في سباق مع الزمن ، لم يكن أمامها أكثر من أربعين دقيقة لتنظف نفسها ، وتغيّر ثيابها ، وتحاول الأتصال بالسيد والت ، ثم الى المطار ، لتعود بعد ذلك وتستعد للإشتراك في إفتتاح المعرض الليلة.
كل ذلك وهي حاملة حقيبة والت بين يديها ، تبحث في دليل الهاتف عن رقم بيته ، ثم بدات تطلب الرقم وأصبعها يرتجف ، كانت تشعر بالحرج بعد مرور كل ذلك الوقت على الموعد المضروب ، ردّ عليها صوت من الطرف الاخر يقول:
" آسف ، السيد والت ليس موجودا .... ترك باكرا في الصباح دون أن يترك عنوانه أو أية رسالة لأحد....".
وإنقطع الخط ، فوضعت السماعة في مكانها وهي تشعر بان رجليها لم تعودا قادرتين على حملها من فرط الفزع الذي إعتراها ، وهي تتساءل : ( ماذا عساي افعل الآن ؟ وأين ذهب يا ترى ؟) ثم إستدارت لترى لدهشتها السيد شريدان واقفا في وسط المدخل يخاطبها قائلا:
" لقد قلت لك بأن الوقت قد فات".
وتاملها قليلا ثم أضاف:
" أمامك ربع ساعة كي تستعدي للذهاب الى المطار ، الطائرة ستصل بعد نصف ساعة".
" سأكون جاهزة في الوقت المناسب".
" حسنا ، ساذهب لتغيير قميصي واعود بعد ربع ساعة".
وهمّ بالخروج ولكن شيئا إستوقفه فإستدار وقال لها:
" متاسف ولكن الضرورة تقضي علي بأن آخذ هذه ، يا كيت".
تناول حقيبة والت بيده ومشى مسرعا نحو الباب فلحقته كيت وهي تصرخ:
" لا ، لا ، لا تأخذها ، هاتها يا براد ، إن لم يكن لشيء فإكراما لخاطري إذا كان يهمك".
" اجل ، كرامتك محفوظة يا كيت ، ولكن هناك امورا أخرى تهمني ومن واجبي الإهتمام بها ، هل تريدين قائمة بها؟".
" كلا ، لا أريد ، لكنني أريد إستعادة الحقيبة".
" لماذا ؟ اتريدين التخلص منها؟".
" ربما ! إذا قضت الضرورة".
" آسف يا كيت ، لن اسمح لك بذلك".
" حتى وإن أخبرتك بانها تحتوي شيئا يسيء الى كرامة والدي أو يحطّم مستقبله".
" لكن الموضوع لم يعد يتعلق بي وحدي ، فماذا اقول للشرطة؟".
" الشرطة ! وما دخل الشرطة بالموضوع ؟ لا ، لا اصدق".
" بلى ، يجب أن تصدقيني يا كيت ، هناك فضائح كثيرة لم يعد بالإمكان السكوت عنها".
" هل تعني انك عازم على التعاون مع البوليس حتى النهاية؟".
" نعم ، حتى النهاية ، إذ لا مفر لي من ذلك ، هذا هو الواقع ، يا كيت ، آسف ! سيئتان لا تعادلان حسنة واحدة ، أليس كذلك؟".
" اهكذا تنظر الى الأمور؟".
" نعم ، لأنه ليس أمامي أي خيار آخر يا كيت".
ومشى صوب الباب للخروج فتبعته وهي تصرخ يائسة:
" حرام عليك يا براد ارجوك أن تعيدها الي".
وكادت أن تنقض عليه وتختطف الحقيبة من بين يديه وتمزقها أربا اربا ، لو لم تتغلب الحكمة على إنفعالها الاني وتصدّها عن الأتيان بمثل هذا العمل المحفوف بالمخاطر ، لتستعيد رزانتها وترضى بالهزيمة على مضض ، قالت له وهي تشهق وتتنهد بعمق:
" طيب ، خذها ،ولكن اعلم أنك إذا حطّمت سعادة والدي فإنني سأكرهك ما دمت أحيا".
" أنت مخطئة يا كيت ! ما سأفعله قد ينقذ سعادتهما ومستقبلهما ".
" مستحيل ، مستحيل أن أصدق ذلك ، ما يهمك هو إنقاذ عجرفتك وكبريائك وعنادك ، ومن اجل تحقيق ذلك لن تتورع عن القيام بأي عمل مهما كان تافها ومنحطا ، إنني لن أغفر لك ابدا ما سيطال والدي من إساءة بسبب الأعمال التي تنوي القيام بها ، لا تنس".
" سامحك الله يا كيت على سوء ظنك بي ، لكنني ما زلت عند قولي بأنك مخطئة ولا فائدة من كل هذا الجدل العقيم لأقناعك".
وخرج من البيت.
ما أن أغلقت الباب حتى رن التلفون فركضت كيت على غير هدى لترد ، فتعثرت في خطاها إذ شعرت بدوار أفقدها صوابها ، وصارت ترى العتمة تغطي جو الغرفة ، وتتردد في أذنيها أصداء اصوات صاخبة مخيفة ، مدّت يديها الى الحائط كي تستند به لئلا تقع ارضا ، فخانتها المحاولة وهوت الى الأرض فاقدة الوعي للمرة الأولى في حياتها.

 
 

 

عرض البوم صور نيو فراولة   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
مارجري هليتون, margery hilton, روايات, روايات مترجمة, روايات مكتوبة, روايات رومانسية, روايات عبير, روايات عبير المكتوبة, روايات عبير القديمة, the beach of sweet returns, عبير, قبل ان ترحل
facebook




جديد مواضيع قسم روايات عبير المكتوبة
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


LinkBacks (?)
LinkBack to this Thread: https://www.liilas.com/vb3/t170495.html
أرسلت بواسطة For Type التاريخ
ظ‚ط¨ظ„ ط£ظ† طھط±ط­ظ„ ظ…ط§ط±ط¬ط±ظٹ ظ‡ظٹظ„طھظˆظ† This thread Refback 04-08-14 01:27 AM


الساعة الآن 07:28 AM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية