كاتب الموضوع :
نيو فراولة
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
"تصوري نفسك مكانها ، يا عزيزتي كيت".
وقالت تعليقا على معارضة كيت لفكرة إستقدام الفتاة الصينية:
" تصوري لفرحة التي كانت ستغمرك وأنت تتفرجين على مثل تلك اللوحات الفنية الرائعة والأزياء المدهشة التي رسمتها وصممتها بريشتها البارعة وخيالها المبدع ، حرام ان تبقى بعيدة عن مرأى ما أبدعته موهبتها الحارقة ، يجب ، بل من واجبنا نحن ان نعطيها هذه الفرصة للتمتع بمشاهدة إنتاجها الفني وبدون منّة من أحد ، فهي صاحبة الحق الوحيد في الأعمال المبدعة التي اتحفتنا بها ، وعسى أن يكون حضورها سبيلا لفرص أخرى من النجاح على مستوى عالمي ، بفضل ما ستكتبه عنها الصحافة الأميركية والأوروبية القادمة لحضور حفلة الأفتتاح.
تلك لم تكن محاضرة في العلوم الإنسانية وإنما وقفة مصارحة وتأمل بين إمرأتين تنظران الى الفن والمواهب والإداع من زاوية واحدة ، ثم ما لبثتا أن عقدتا جلسة عمل قصيرة لوضع اللمسات الخيرة على الترتيبات الواجب تنفيذها في الأيام القليلة القادمة بالنسبة الى المعرض ، حتى إذا إنتهت الجلسة ، ودّعتها كيت وغادرت الفندق في طريقها الى البيت ، لتجد والت هناك.
ما ان اطلت كيت حتى بادرها والت بالقول ساخرا:
" أهلا بصديقة زوجة رئيسنا ....ولكن شتان ما بين النوايا ن إذ أنك في واد وهي في واد غير واديك ، رويدك ، يا كيت ، إذ لا أظن إلا أنها تحاول إستغلالك وإستعمالك لتحقيق غاياتها.
" لا تكن سيء الظن يا سيد والت ، ثم لا تنسى أنني أقوم بما أقوم به من عمل بملء حريتي وإختياري".
" كذا ، أهنئك على طيبة قلبك وحسن نواياك ، ولكن صدقيني بانك لن تجدي من يقدر لك تضحيتك وأتعابك ... وأن غدا لناظره قريب !".
" لا باس ، حسبي أن أفعل شيئا في سبيل المصلحة العامة... ولا يهمني التكريم او التقدير من احد".
قالت ذلك وإستأذنت منه بحجة أن لديها بعض الأعمال الضرورية الواجب تنفيذها ، إلا أن والت لحق بها وقطع عليها الطريق ، ثم قبض على ذراعها بيه وشدّها بقوة ، فيما رجته ان يرفع يده عنها ويتركها وشأنها ، فاجابها بقوله :
" مستعد ، ولكن بشرط....".
فقاطعته لتقول له بلهجة هادئة:
" هه ، عدنا الى وضع الشروط ، طيب ، هيا ، قل ماذا تريد غير الفدية ، إذ لا يمكنني تلبيتها هذه المرة لأنني مفلسة بالمرة".
" لا ، لن أطلب منك فدية وإنما اكتفي منك بإستعراض تقوم به امامنا الدمى الوافدة الينا قبل ليلة إفتتاح المعرض".
" حسنا ، سارى ما يمكنني عمله في الوقت المناسب".
وهنا تدخل والدها في هذه الدردشة ليقول مداعبا بطرافته المعهودة:
" عندها ستضربين الرقم القياسي في التهريج ، وتحتاجين لفرقة عسكرية كاملة لرد حشود الشباب الزاحفة على بطونها".
ضحك الجميع وأفلت والت يدها فذهبت في طريقها لعمل ما كانت تنوي عمله.
ذهبت وهي تشعر بالرتياح ويراودها الأمل بقرب ساعة الخلاص من مداعباته الثقيلة الظل ، فالمعرض اصبح على الأبواب ، ومشاغلها الكثيرة ستبعدها عنه لفترة طويلة ربما إمتدت الى يوم عودتها الى لندن ،وعندها ، لن ترى وجهه بالمرة ، ويبدو ان الحظ كان يدور لمصلحتها ، إذ كان يتوقع وصول مفتشي المحاسبة لمراجعة قيود الشركة ، وهؤلاء سيشغلون والت عنها من حيث لا يدرون ن إذ عليه البقاء معهم في المكتب بطبيعة وظيفته كرئيس للمحاسبة، لفترة طويلة.
هكذا كانت تشعر في الصباح عندما توجهت الى الفندق للإجتماع بالسيدة فانهان ، والمباشرة بالعمل فور إنتهاء الإجتماع ، وسرت أكثر حينما اخبرتها السيدة فانهان عن موافقة الشركة على إعارتها السيد شريدان للإستفادة من خبرته العملية في ورشة تركيب منصة العرض وغيرها ، والمهندس وينتون زوج إيلين لمساعدتهما في الإشراف على تمديدات الكهرباء اللازمة لإنارة المسرح وأماكن جلوس المدعوين والمشاهدين.
وسرعان ما بدأ العمل ، كيت والسيد شريدان ناقشا خريطة المسرح ، بما فيه المنصة ، والخلفية ، ومنافذ الصعود والهبوط من وإلى منصة العرض ،ومختلف التعرجات والممرات المتداخلة في عملية تركيب المسرح ، وإتفقا على كافة التفاصيل والقياسات ، طبعا ، بعد أخذ ورد ، كان يحتد حينا ، ويحبو حينا ىخر ، وكل ما في الأمر هو أن كيت أساءت فهم المهمة الموكولة الى السيد شريدان ، إذ تصورته جاء لينهي دورها في الترتيبات الجارية الى ان تضحت لها حقيقة الأمور ، بفضل المرونة التي اظهرها شريدان اثناء الإجتماع القصير الذي عقداه في الفندق قبل توجههما معا الى مكان الورشة ، إذ اكد لها بأن دوره في فريق عملها يدخل ضمن إطار التعاون والتوجيه ليس إلا .
ثم غادرا الفندق قبل توجههما الى مكان الورشة للإشراف على الإعمال الجارية هناك ، والتي كان ثلاثة نجارين محليين يقومون بها ، وكم كانت دهشة الانسة كيت عندما شاهدت حركة العمل تنشط هناك بشكل عجيب بفضل دينامية شريدان وحماسته ، رغما عن حرارة الجو اللاهبة ، فقد شعر عن ساعديه ، وخلع قميصه ، وراح يحث النجارين على العمل بحماس منقطع النظير ، فيما جلست كيت أرضا ، بعد أن عياها التعب والحر ، تراقبهم بفرح وشغب وهي تمسح العرق عن وجهها بالمنديل ، كانت الورشة أشبه بخلية النحل ، إذ كان الجميع يعملون بصورة دائمة ، هذا ينقل الواح الخشب ، ويضعها قرب المنشار ، فيأخذ شريدان قياساتها ويحدد لهم طريقة نشرها ، ثم يأتي ىخر ليبدأ بتركيبها ، وهكذا دواليك لغاية أن اصبحت المنصة جاهزة بكافة أشكالها وتعابيرها وإطاراتها وأدراجها ، ولم يبق عليهم سوى وضع اللمسات الأخيرة عليها لتصبح جاهزة لأجراء البروفة ، ومن ثم العرض المنتظر.
|