كاتب الموضوع :
نيو فراولة
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
لم تصدق ما سمعته ، الى أن وصل إيقاع كلامه الى وعيها ، فإستبدت بها النشوة ، وراحت تتأمله بعينيها الحالمتين اللتين إغرورقتا بدموع الفرح وهي تساله بشوق ولهفة:
" صحيح يا براد ، إنك.....".
وتوقفت الكلمات في حلقها كانها عجزت عن النطق من شدة الفرح والبهجة ، ثم تابعت:
" احقا تعني ما تقول؟".
" تماما ، كدت اجن يا كيت في الشهور الثلاثة الماضية ، من فرط شوقي وحنيني اليك كنت أفكر بك ليل نهار حتى عيل صبري فرحت ابحث عنك كي اراك ثانية واشفي غليلي....".
ومع ذلك ، كانت لا تريد أن تصدق ، وصارت تهز راسها وهي بين مصدق وغير مصدق ، ثم رفعت يدها ولامست بها خده ، وهي تقول بإنفعال:
" أنت....... انت تقول أنك تحبني!".
" آه لوتعرفين كم أحبك ! أرجوأن ياتي يوم تعرفين فيه مقدار حبي لك يا كيت ، لكنني أشك في ذلك لأن حبي لك هو من العمق بحيث لا يمكن سبر غوره بسهولة ، تجاهل الموضوع وقال:
" هيا بنا نمشي قليلا للتفريج عن نفسينا بعد تلك الجولة الصاخبة من الجدل والعتاب".
وهكذا نهضا وسارا في الطريق التي سلكاها سابقا ، وهي متأبطة ذراعه ، تشعر بالدفء والطمانينة بجانبه كما لم تشعر من قبل ،وبعد مسيرة قصيرة ، إستمهلته وراحت تتأمله بفرح ، قالت له بصوت ناعم رخيم:
" إنني أحبك يا براد ، أحببتك منذ اللحظة الأولى لكنني لم اجرؤ على البوح لك بحبي إذ كنت اعتقد بأنك لا تهتم إلا بجمع المعلومات عن والت مارلو و.......".
" و.......... ماذا؟".
" ومجرد الإستمتاع بمغامرة عابرة......".
" وماذا تفيدني يا كيت؟ لا يا كيت ، كنت أريدك أن تصبحي شريكة حياتي ، ولكنك لم تعطني الفرصة الكافية لإثبات هذه الحقيقة ، إذ كنت تتهربين مني دائما".
" كنت أحاول الإبتعاد عنك قدر الإمكان لأنني كنت أخاف منك يا براد ، لا تلمني ، إذ كنت خائفة منك على مستقبل والدي ، الى ان ظهرت الحقيقة وبراءته من كافة الأمور التي كانت تلوح في افق ماهور مهددة بالسوء".
" إطمئني يا كيت ... لا خوف بعد اليوم ، لا على حبنا ومستقبلنا ، ولا عل سعادة وكرامة ومستقبل والدك ، بعد ان ظهر الفاعل الحقيقي لكل تلك المشاكل والمتاعب... تعرفينه ، طبعا ، إنه السيد والت بعينه".
وتبع ذلك الإعتراف بالحب المتبادل في جلسة مصارحة إمتدت لساعات ، تخللتها أحاديث عن والت والنهاية المفجعة التي أوصلته الى السجن، وعن إنتحار ليلي ، والفتاة الصينية الموهوبة ، والمركز الجديد الذي سيحتله في شركة ماهور كمدير للدائرة الفنية ، والبيت الجديد الذي إشتراه هناك ، وزواجهما المنتظر في المستقبل".
ولم يخف عليها إرتيابه بالعلاقة التي كانت قائمة بين والت ووالدها يوم وصوله الى ماهور للتحقيق في حقيقة اسبابها ودوافعها ، لكن التحقيقات التي أجراها حول علاقتهما كانت كفيلة بجلاء الحقيقة ، والكشف عن المجرم الحقيقي ، وأصبح والدها في مأمن من تهديدات والت ، ومحاولات إبتزازه التي لم تكن إلا من نسيج خياله ، كي يتجنب شر والدها الذي كان الوحيد بين موظفي الشركة الذي يعرف عن المخالفات التي كان يرتكبها والت وتلاعبه بقيود المحاسبة.
اما ليلي ، فقد عاشت مقهورة وماتت مقهورة ، إذ نشات في بيئة فقيرة جاهلة ، وترعرت على ايدي والدين يتخاصمان ويتشاكسان بصورة دائمة ، وزاد في سوء حظها أنها لم تتزوج الرجل المناسب لها ، هذا هو قدرها.
ثم اخبرها عن محاولات السيدة فانهان اليائسة لتسفير الفتاة الصينية الموهوبة الى اميركا وإمكانية معالجة شللها وإعادة أملها في الحياة ، في حال نجاح المعالجة ، كما اخبرها عن إهتمام بعض الشركات اليابانية باعمالها الفنية والعروض المغرية التي تلقتها منها لتزويدها بمجموعة من تلك الأعمال بغية إدخالها في بعض برامج الدعاية عن أجهزة الترانزستور والتلفزيون والآلآت الحاسبة.
طال الحديث بينهما وتشعب ، وكان حديثا من القلب الى القلب بين شخصين إتفقا على الزواج بعد كل تلك المعاناة والتجارب المريرة التي عاشاها معا ، وذاقا مرها وحلوها ، فلم يترك شريدان نقطة غامضة إلا واوضحها ، ولم تترك كيت سؤالا الا وطرحته عليه ، بغية تنقية الأجواء بينهما وإزالة كافة الشؤائب التي كانت تكتنف علاقتهما الماضية ، حدّثها عن والت ، وعن مخالفاته وتلاعبه بقيود الشركة ، وعن مطاردته له ، والتحري عنه بكافة الطرق المتوفرة ، وعن إرتيابه بإمكانية تورط والدها معه في تلك الإنتهاكات ، وعن إنتحار ليلي .
وقبل ان ينتقلا الى تبادل الانخاب أحتفالا بالعثور على حبهما الضائع ، وعلى الثقة المتبادلة التي كانت تتارجح بين الشك واليقين ، طلبت كيت منه أن يوضح لها سبب إصراره على مرافقتها في تلك الرحلة التي كانت تنوي القيام بها في تلك الليلة المشؤومة ، فتأملها طويلا ثم أجابها والبهجة تشع من عينيه:
" كنت خائفا عليك يا كيتي ، إذ أدركت بحدسي انك ذاهبة لمقابلة والت فتشبثت برأيي للذهاب معك كي احميك منه".
قال ذلك وعانقها إستجابة لذراعها الممتدة نحوه بصورة عفوية .
وفي اليوم التالي شهد مطار لندن وداعا بين شخصين احبا بعضهما حبا تتوجه الثقة المتبادلة والتصميم على الزواج ، والعمل معا يدا بيد في سبيل بناء مستقبلهما على أسس قوية وشديدة ، كانا يعانقان بعضهما وسط ذهول الناس ودهشتهم ، بحرارة وشوق ، ويتهامسان قائلين :
" الى اللقاء يا حبيبتي ، الى اللقاء يا حبيبتي ، قريبا ونلتقي ، سنلتقي قريبا يا حبيبتي ، ولن يطول الغياب ". إختلطت دموع فرحتهما بامواج همساتهما الحالمة الناعمة ، بعد ان فرقتهما الأيام وكادت أن تبعدهما عن بعضهما الى الأبد.
تمت
|