كاتب الموضوع :
جمره لم تحترق
المنتدى :
روايات احلام المكتوبة
5- لن أنســى
ـ ظننتني جاداً يا جو ؟
غزا الاحمرار وجنتيها فاستغل ارتباكها وقال هامساً : (( لن أؤذيك ,
دعـــي الأمر لــي )) .
وكيف يؤذيها بكل تلك الرقة ؟ !
ضمها إليه فكان عليها أن تقاوم موجة لذيذة اجتاحتها عندما
أحست بجسمه الصلب الدافــئ .
ـ هل يعجبك هذا ؟
لم تجب في الواقع , لم تجد الكلمات لتقول له إن هذه الخطوة
تعجبها إلا أنها وجدت نفسها متشبثة بذراعه , فرفع رأسه فجأة وأنّ من
الألـم .
وضعت يدها على فمها : (( آه . أنا آسفة .. نسيت جرحك ! )) .
ـ لا بأس .
ـ ولكنني أشعر بالسوء .
أمسك بكلتا يديها : (( جو ... اهدأي واسترخــي قليلاً )).
لقد استرخت فعلاً لأنها كانت لا تزال قلقة على إصابته ولم تشأ أن
تؤذيه مجدداً . ولكنها تساءلت إن كان ذلك فعلاً السبب الذي دفعها
للاستسلام .
أياً يكن السبب , فقد تبدد قلقها . ثم سمحت لأحاسيسها بالتجاوب
معه .
قال لها : (( هل تعلمين أنك بدوت جذابة جداً الليلة ولكن قاسية ؟
تعجبينني هكذا )).
ـ كيف ؟
ـ مضطربة ولعوب .
ـ لست كذلـك .
تحركت يداه إلى شعرها وأسدله : (( حقاً ؟ )).
ـ أنت من أخذ المبادرة ولستً أنا .
ابتسم بكسل : (( كنت أفكر في القيام بذلك منذ أيام , حتى عندما
كانت الشكوك تساورني حولك , كنتُ عاجزاً عن إبعاد أفكاري عن
جسدك وجمالك )).
ـ عرفت أن أفكارك ونواياك جامحة حول النساء وبالتحديد حولــي
أنا .
ضحك برقة : (( آمل أن يكون هذا شكلاً مناسباً للانتقام )) .
رفعت ذراعيها ومررت أصابعها بشعره : (( الانتقام ؟ )).
ـ أنا تحت رحمتك الآن يا آنسه لوكـــــاس .
فتحت فمها لتقول له إن الأمر معاكس ولكنه سبقها قائلاً : (( أو ربما
الأمر متبادل )) .
كان عناقه نهماً فبادلته الشغف نفسه . وللمرة الأولى في حياتها , تقبل
بأن يعانقها أحد بهذا الشكـــل .
شعرت بالدوار من ثورة تلك الأحاسيس التي كادت تفقدها
توازنهــا .
هذا الرجل الذي أهانها بكل السبل المتاحة في البداية ومن ثم أنقذ
حياتها , سواء أكان ذلك في نيته أم لا , فقد أطلق العنان لأنوثتها الدفينة .
افترقا أخيراً ولكنه وضع يديه على الجدار محتجزاً إياها وأخذ يحدق بها
متأملاً . كان شعرها الذهبي مسدولاً على كتفها وغرتها على عينيها .
فسوت ثيابها ونفخت على غرتها لتنحيها عن وجهها .
ولسبب ما , ابتسم كلاهما للحركة التي قامت بها , وقرر أن يكمل
الأمر بنفسه . فأخذ يسرح لها غرتها بأصابعه , ثم عاد فنظر إلى عينيها
مجدداً .
أدرك أنه سيحتاج للكثير من قوة الإرادة لتهدئة النار المشتعلة
بينهما . سوف يحتاج إلى جهد خارق ليبعد يديه عنها ويمنع نفسه ....
طرفت جو بعينيها عدة مرات وهي تحدق بكم قميصه . فتبع نظراتها
ورأى بقعة دم . عندئذٍ استفاقت جو لوكاس من ذهولها وبدا القلق على
وجهها : (( آه لا ! أنظر ماذا فعلت ! لِمَ لم تقل لي ؟ لا بد أنني مجنونة ! )) .
ـ صدقيني لم أشعر بشـيء على الإطلاق وأنت لست مجنونة .
ـ لا تجادل في أمور تافهة . دعني ألقي نظرة .
بدأت تفك أزرار قميصه بسرعة , فقال متشدقاً : (( أظن أن الوقت
ليس مناسباً للجدل معك الآن )) .
ـ صحيح .
ونزعت عنه قميصه .
ـ هل تمانعين أن أطلق الشتائم ؟
ـ خذ راحتك , فقد سبق وسمعت شتائمك من قبل .
ونظر إلى الضمادة التي تلف ذراعه : (( تحتاج فقط للغير على ما
أظــــن )) .
ـ سوف نرى . تعال معــي .
تبعها إلى حمام غرفتها حيث تناولت علبة الإسعافات الأولية من
الدُرج , ثم أخذت تنزع الضمادة بمهارة وتنظف الجرح قبل أن تضمده
مجدداً .
ـ لقد انتهينا ولـكن عليك مراجعة الطبيب في حال استمر النزف .
ارتدى قميصه والعبوس بادٍ عليه : (( هل أنت ممرضة أيضاً ؟ )) .
ـ لا , ولكنني تابعت دروساً في الإسعافات الأولية .
ـ ويبدو أنها كانت مجدية , نظراً للطريقة التي تعاملتِ بها .
وأخذ يزرر قميصه بصعوبة , متابعاً حديثه :
ـ لِمَ ينتابني إحساس بأنك تجيدين القيام بكل شيء , يا جو لوكاس ؟
رفعت حاجبيها : (( ليس لديك فكرة )) .
وإذ لاحظت أنه زرر قميصه بشكل غير مستقيم , دنت منه وأخذت
تزررها من جديد .
وضع يده على معصميها وأوقف أصابعها المنشغلة , هامساً : (( هل
فهمتِ مــاذا أعني ؟ )) .
أخفضت أهدابها بحيرة واضحة , فأضاف : (( إنه سبب آخر يدفعني
للزواج بك )) .
كانت جدران الحمام مبلطة بالرخام الزيتي والتبني اللون وتعلو
المغسلة مرآة كبيرة . أشاحت جو بنظرها بعيداً عن غافن هاستينغ , لتجد
نفسها بمواجهة المرآة , فتملكتها الصدمة .
كان شعرها مشعثاً ووجهها شاحباً وعيناها مختلفتين , مع أنها لم
تتصور السبب .
قال لها : (( مازال العرض قائماً , وإن كنت تحاولين تغيير الموضوع )) .
حدقت به في المرآة وفكرت في التذرع بسبب وجيه للاعتراض على
هذا الزواج . ولكن هل لديها فعلاً سبب وجيه ؟
ـ كل هذا حصل ... حصل بسرعة !
ـ هذا بسبب الطريقة التي القينا بها . الدراما التي عشناها سرعت
الأمور . كنا نتشاطر فرشاة الأسنان نفسها بعد ساعات قليلة على
تعارفنا , وكُنا قد نمنا معاً قبل ذلك .
هزت رأسها : (( لا , لم نفعل )).
وافقها الرأي : (( لا , هذا صحيح . لكنك نمت بين ذراعـــي بعد
ساعتين فقط على تعارفنا )) .
أبعدت جو نظرها عن الشرر المنبعث من عينيه : (( لن تنسى لي هذا
أبداً , أليس كذلك ؟ )) .
ـ لا .
استدارت جو لتواجهه : (( لا يمكنك أن تطلب مني الزواج هكذا ,
من دون أي تفسير . ليس بعد ما قلته )) .
ـ جو ... أنا آسف إن كنت أستعجل الأمور . كل ما في الأمر أنني
فكرت فجأة بأنني أحتاج إلى زوجة لأن روزي تحتاج إلى أم , وأمي تحتاج
للراحة . ولكن قبل كل ذلك , كنتُ مقتنعاً بأن الشخص الذي أحتاجه
هو أنت .
ـ لماذا ؟
هز كتفيه : (( ربما بسبب الرابط الذي أوجدته مسألة الخطف تلك .
أنتِ فكرتِ بأنني أنقذت حياتك ولكنك نسيت أنك استعملت محبرة
الرخـــام لتنقذي حياتي . نحن نهتم لأمر بعضنا جو )).
ـ هل هذا منافٍ للغرام ؟
ـ أحياناً يكون الاهتمام المتبادل خير أساس يبني عليه الأزواج
حياتهـــــــــم .
أخفضت عينيها بعد ما بدا لها أشبه بسنوات ضوئية وقالت بهدوء
بالغ : (( سأفكر في الموضوع )) .
حدق بها وبدا وكأنه على وشك أن يقول شيئاً ولكنه غير رأيه في
النهاية , واكتفى بتقبيل شعرها قبل أن يستدير ويرحــل .
نهاية الـفصل (( الخامــس )) ...
|