المعلومات |
الكاتب: |
|
اللقب: |
فريق تصميم الروايات فريق كتابة الروايات الرومانسية |
|
مدونتي |
|
الإتصالات |
الحالة: |
|
وسائل الإتصال: |
|
|
كاتب الموضوع :
جمره لم تحترق
المنتدى :
روايات احلام المكتوبة
3- فكــرة جيدة
3ـ فكــرة جيدة
كانت الساعات القليلة التالية أشبه بكابوس .
كانت غافن وجو مقيدين ومحملين في شاحنة صغيرة . أما السيارة
الأخرى فكانت شبيهة للغاية بسيارة جو الرانج روفر . ولكن مزاج جو
لم يكن يسمح لها بالشعور بالانتصار في مواجهة عيني غافن هاستينغ .
و كانت أكثر خوفاً من أن ترمقه بتلك النظرة القاتلة : ألم أقل لك ؟
حتى أنها لم تقو على شيء عدا عن إغماض عينيها عندما انتزع
الخاطفون سلاح غافن ووضعوه جانباً هازئين عندما تبين أنه لا يحتوي
على أي رصاصة .
إلا أن الهزء والتسلية سرعان ما تحولا إلى غم عندما أدرك الخاطفون
أن النهر عائق لا يستطيعون تخطيه . فهب بينهم جدل عاصف إلى أن
تقرر أخيراً العودة إلى المنزل الرئيسي ومنه الخروج عبر البوابة الرئيسية .
لكن هذه الخطة لم تنجح أيضاً . فالشاحنة غاصت في مستنقع
وعجزت عن التقدم وهي لا تزال بعيدة ربع ميل تقريباً من المنزل , ما
اضطر اثنين من الخاطفين إلى فك وثاق قدمي جو و غافن وسوقهما في
طريق جانبية محاطة بالأشجار . أما الرجل الثالث الذي كان يقود الرانج
روفر فبقي يحاول سحب الشاحنة من الطين .منتديات ليلاس
تبددت انطباعات جو الأولى عن مزرعة كين كان نتيجة المطر
والخوف , وكل ما استطاعت قوله إنها مزرعة شاسعة .
عند وصولهم إلى درجات المنزل الأمامية , حدث شجار صغير,
عندما حاول أحد الرجلين تقبيل جو عنوة . فرفع غافن يديه المقيدتين
وضرب الرجل على رأسه , فسقط أرضاً . إلا أن غافن هاستينغ تهاوى
قربه إذ لطمه الرجل الآخر على وجهه .
أخيراً , سبق كل من جو وغافين إلى داخل المنزل , ورغم أن الخوف
كان مسيطراً عليها . إلا أنها لم تستطع أن تغفل عما يشكله المنزل من تحفة
فنية رائعة باتساعه وأثاثه وفخامته .
بعد جدل آخر , احتُجزا في غرفة للنوم . ومن باب الوقاية والحذر ,
حل أحد الخاطفين الحبل من حول معصميهما وقيد يد الواحد منهما بيد
الآخر .
ـ والآن , لنرَ إن كنت ستستطيع حل قيودك !
مر وقت ليس بقصير قبل أن تتمكن جو من التقاط أنفاسها . كان
كلاهما قد تهاوى على السرير بعد أن دُفع بهما داخل الغرفة . ولكنها
جلست أخيراً وتساءلت إن كان غافن قد فقد وعيه إذ لم يصدر عنه أي
حركة على الإطلاق .
سألته بقلق : (( هل أنت بخير ؟ )).
رفعت يدها , فارتفعت يده معها : (( هذا سخيف ! )) .
وراحت تتأمل القيود الفضية التي تكبل يديهما .
وافقها الرأي قائلاً : (( وكأننا نتشارك في فيلم عصابات! )).
ثم بذل جهداً ليرفع نفسه عن السرير ويجلس : (( قبل أن أقول المزيد ,
هل لي أن أقدم لك اعتذاري , آنسة لوكاس ؟ )).
فتحت جو فمها ثم أغلقته واكتفت برسم ابتسامة على شفتيها .
ـ هذا لطف بالغ منك , جو . يحق لك أن تشتميني قدر ما تشائين .
ـ ولكنني لم أقل إنني سامحتك .
رفع حاجبه مستغرباً : (( إذاً , لِمَ هذه الابتسامة ... بدت لي وكأنها
مسامحة )) .
ـ ربما بدت كذلك , ولكنني كنت في الواقع أفكر بأنك بدوت
وسيماً عندما حلقت ذقنك واغتسلت . أما الآن , فـالوضع مختلف .
ـ حقاً .
ـ أعني , أفضل مما كنت عندما التقيتك .
ـ وما خطبي الآن ؟
هزت رأسها بأسى : (( لقد تسببت اللكمة في إحاطة عينك بهالة
سوداء . ولكنني أشكرك لدفاعك عني بالطريقة التي فعلت )).
ـ لا علـــيك .
وتحسس بيده الحرة عينه المتورمة .
سألته بهدوء : (( ماذا سنفعل ؟ )).
ـ كان لدي فكرة , ولكن هؤلاء الأنذال أكثر خطراً الآن . لدي
شعور بأنهم يُخفون تحت تصرفاتهم الجريئة هلعاً كبيراً . ما رأيك ؟
وافقته الرأي . مُضيفة : (( بدا لي ذلك الطويل القامة أقل .. أقل
ارتباكاً من الآخرين . ربما قد يصغي إلى بعض المنطق )).
ـ مثل ماذا ؟
هزت جو كتفيها : (( ربما يمكنك أن تقول له إن لا فكرة لديك عمن
يكونون ومن الأفضل لهم أن يرحلوا من المزرعة بأسرع ما يمكن بدلاً من
خطف أي أحد ... فكيف بخطف شخصين )).
ـ لست مجـرد وجه جميل على ما يبدو . أنا أهنئك .
ثم تابع قائلاً : (( حتى أنني فكرت في مساعدتهم مالياً ليرحلوا مع أن
ذلك قد يبدو غريباً . ولكن الآن أنت متورطة ... )) .
قاطعه ارتفاع أصوات صادر من الخارج .
ـ يبدو أن اللصوص تشاجروا لمجرد سماعهم بالأمر .
ارتجفت جو .
قال هازلاً: (( لا يمكنني أن أضع ذراعي حولك , ولكن اعتبريني
فعلت ذلك ذهنياً )).
ابتسمت ابتسامة حزينة .
ـ هذا أفضل , حسناً لنلفت انتباههم ونحاول التفاوض معهم .
واحد اثنان , وقوف !
وقفت جو معه ومشيا جنباُ إلى جنب إلى الباب . طرق عليه بقوة
فانفتح بعد قليل وأطل الرجل الطويل القامة الذي قالت عنه جو إنه
الأقل تزمتاً بينهم .
وبعد عشر دقائق , أغُلق الباب عليهما وأُقفل من الخارج .
سأل غافن : (( أتظـنينه صدقنا ؟ )) .
كان الرجل الطويل قد ذهب , وفي نيته استشارة (( زميليه )).
ـ لست أدري . وحده الوقت كفيل بكشف ذلك .
نظر متفحصاً ثم قال : (( أظنك كنت رائعة , جو . معـظم النساء
مكانك كن ليتصرفن بشكل هستيري )).
ثم أشار إلى السرير : (( ما رأيك لو نرتاح قليلاً ؟ )).
نظرت جو إلى الأصفاد التي تكبلهما وقالت : (( سنُحدث فوضى )) .
ـ ومن يبالي ؟ كل ما علينا فعله هو الجلوس معاً ومن ثم سحب
أنفسنا إلى فوق .
وبعد لحظات عصبية بعض الشيء كان كلاهما ممدداً جنباً إلى جنب
على السرير , محاطاً بوسائد ناعمة مريحة .
قالت وهي تنظر في أرجاء الغرفة : (( فهمت الآن ما قصدته عن
الأسرة الوثيرة في المزرعة )).
ابتسم قائلاً : (( والدتي رفيعة الذوق في ما يتعلق بالهندسة الداخلية
والملابس والسيارات وكل شـــيء )).
وافقته جو في ما يخص الهندسة الداخلية على الأقل . فعل الرغم من
صِغر الغرفة , كانت جميلة ومترفة جداً . جدران زهرية , خزائن خشبية
ضخمة وستائر مخملية .
وإذ نظرت إلى السجادة العجمية الجميلة , سألته : (( ما من باب سري
تحت السجاد ؟ )).
ـ للأسف لا , والأسوأ أن ما من أداة حادة قد تفيدنا في الأدراج أو
الخزانة.
ـ لابد أن يكون هناك ما يفيدنا .
هز رأسه نافياً : (( لقد تم تنظيف الغرفة بالكامل , استعداداً لتغيير
ديكورها الداخلــــي )) .
ـ آه !
استدار نحوها قائلاً : (( أنا آسف لأنني أقحمتك في كل هذا )).
ـ كان هذا مقدراً لي على ما أظن . توقيت ســــــيء !
وتصلب جسدها فجأة عندما ارتفعت الأصوات خارج الباب .
أصغى غافن قليلاً ثم أخذ يدها بيده المكبلة : (( أخبريني عن نفسك ,
جو لوكاس )).
ـ أنــــــا ...
بذلت جهداً لتبعد ذهنها عن الخاطفين ثم قالـت: (( أنا .. يتيمة .
توفي والدي في حادث قطار عندما كنت في السادسة , فربتني جدتي
لأمي . كنت في الثانية عشرة عندما أصيبت جدتي بمرض الألزهايمر ,
وتوفيت عندما كنت في الخامسة عشر من العمر )).
اشتدت أصابعه على يدها , بينما تابعت هي سرد الأحداث
والذكريات: (( نبذ جدي ابنه فأقصى والدي عن المنزل وأضاع أحدهما
الآخر . كان إنكليزياً هاجر إلى كندا ثم سافر إلى أستراليا )).
ـ هل آلمك هذا ؟
ـ إلى حد ما . في الواقع لم تكف والدته عن البحث عنه وقد حفظت
حقه وحق ورثته المباشرين في وصيتها . عندما توفيت , لزم محاميها ست
سنوات أخرى للعثور علي . كان عمري عندئذٍ 18 سنة , فتمكنت بما
حصلت علي من مال من الالتحاق بكلية الفنون وإعالة نفسي بنفسي .
ـ أفترض أنك في منتصف العشرينات ؟
ـ نعم ... أربع وعشرون .
ـ وكيف جرت الأمور معك منذ أن بلغت الثامنة عشرة ؟
ـ بشكل جيد .
ـ أعني عاطفياً ... علاقاتك وإلى ما هناك ؟ يبدو أنك ترعرعت
في ظروف صعبة .
ـ مررت بالحلو والمـــر .
ـ ألم يترك ذلــك فيك أي أثر ؟
ترددت وابتلعت ريقها بصعوبة . ولكن سرعان ما وجدت نفسها
تخبره بأكثر مما أخبرت أحداً يوماً في حياتها .
ـ آه , لدي مشكلة صغيرة هنا . لم أعد أثق بأحد تماماً . في الواقع ,
هذه ليست مشكلة , فأنا سعيدة تماماً هكذا .
قال بعد لحظة طويلة : (( مستوحدة إذاً )).
ـ مستوحدة تحب وضعها .
ـ ولكن هل لديك أصـــدقاء ؟
ـ طبعاً , دخلت الجامعة مع زميلتي في السكن (( لين طوسون )) . وما
زلت على اتصال بعائلتين من العائلات التي استضافتني في صغري .
وبإحدى معلماتي في كلية الفنون .
ـ وماذا عن الرجـــــــال ؟
فتحت جو فمها ثم أغلقته وحدقت بالسقف قليلاً . هناك أمور لا
يمكن إخبار الغرباء بها , في ظروف مماثلة .
قالت أخيراً: (( لست على علاقة جيدة بالرجال . لست أدري ...
ولكنهم يجدونني مستقلة جداً . اعتقدت أنني مغرمة عدة مرات ولكن لم
تسفر علاقاتــــي عن أي شــــيء جدي )).
ـ أنت ..
بدأ الكلام وتوقف فجأة عندما تعالى من الخــارج طلق ناري تبعه
ضجيج وأصوات مرتفعــة غاضبة .
أغمضت جو عينيها وأدارت وجهها نحوه مرتجفة , فمرر يده فـــي
شعرها مهدئاً , إلا أنها شعرت بتوتره وسخطــه .
قالت: (( أخبرنــي عنك )).
ـ أنا ؟ حسناً , اعتقدت أن حياتــــي مثالية فقد ورثت مزرعة كين كان
وتزوجت فتاة أحلامــي وأنجبنا طفلة و ... فجأة تهدم كل شـــيء بسبب
حالة مرضية لم يعِ أي من الأطباء وجودها في جسم زوجتــــي فسلبت منها
الحياة ما إن ولدت روزي .
ـ أنا آسفة جداً .
وتشبثت به عندما سُمعت طلقتان ناريتان أخريان , وقد بدا الأمر
وكأنهم يهدمون المنـــزل .
ـ تابع حديثك من فضلك .
ـ ليس لدي الكثير لأقوله . روزي نور حياتـــي ولا أتخيل نفســـي أتزوج
ثانية ... هل تظنين أن هؤلاء الأنذال يتقاتلون ؟
ـ آمل ذلك . ولكن لِمَ ترفض الزواج ثانية ؟
ـ أظن أنك عندما تحصلين على الكمال مرة في حياتك , يستحيل
عليك القبول بما هو دون . أعتقد أنني أعرف نفســي بما يكفي لأعلم أني
لا أرضى الوقوف في وجه سعادة أي امرأة تريد إمضاء حياتها معـي .
أظن أن جزءاً مني لن يسامح القدر أبداً على ما فعله بي .. أنا لا أقبل
الخســـارة .
ـ هل لديك أصدقاء ؟
علت التكشيرة وجهه وهو يجيبها: (( كان لدي أصدقاء ولكنهم
تزوجوا جميعاً الآن وأصبح شغلهم الشاغل تدبير المواعيد برفقة
الزوجات , لذا أتجنبهم قدر الإمكان . ولكن أعز أصدقائي تزوج أختي
وهو الآن صهري )) .
فتحت جو فمها ثم أخذت ترتجف بينما كان الشجار مستمراً في
الخارج . سكت قليلاً ثم سألها باسماً : (( ماذا تحبين في الحياة يا جو ؟ عدا
عن الرسم ؟ أنا , مثلاً , لا أستطيع مقاومة لحم البقر , أما لحم الغنم فلا
أذوق طعمه إطلاقاً . كما أنني متعلق بكلابـــي وأحب الطقس الحار
والممثلة نيكول كيدمان .)).
ـ أنا أحب الممثل غرانت والشوكولاته وبشكل خاص أعشق
رسم الأولاد .
ـ لماذا ؟
ـ لأنهم إذا تكلموا , أخبروك بأمور رائعة , فمخيلتهم خصبة جداَ .
مع أن الأهل يرتاعون أحياناً لبعض الأمور التي يسمعونها من أفواه
أطفالهم .
ـ أتخيل ذلك . هل تعاطيتِ كثيراً مع الأولاد ؟
ـ أجل . بشكل خاص الأولاد بالتبني . إنهم نقطة ضعفي , ولكنني
في الواقع أحب كل الأولاد . غالباً ما نتعلم الكثير منهم .
علت أصوات الجلبة في الخارج من بابهما , فضمها إليه بشدة ثم
جلس وأدناها منه . ثم قال أخيراً مبتسماً ابتسامة المنتصر :
ـ خطرت لي فكرة جهنمية للتو! لِمَ لم أفكر في ذلك من قبل بحق
السمــــاء ؟
ـ لست أدري . ما هي ؟
نظر إلى الأعلى وقال بصوت خافت : (( هناك فتحة في السقف )).
تتبعت جو نظراته , فرأت سقفاً مزيناً بنقوش الزهر الجميلة .
ـ أين ؟ لا أرى شيئـــاً .
أشار بإصبعه إلى زاوية من السقف , فاستطاعت أن تميز مربعاً
مشقوقاً في السقف , ولكن أول ما تبادر إلى ذهنها و أنه يستحيل عليهما
الخروج منها , مكبلين هكــذا .
وعندما عبرت له عن مخاوفها قال : (( يمكننا ذلك , جو . كل ما علينا
فعله هو دفع الخزانة إلى تحت الفتحة والتسلق عليها . إذا تبعت أوامري ,
سيكون كل شيء على ما يرام )).
حدقت به ثم قالت بعينين باسمتين : (( أوامر ؟ )).
ـ أعني التعليمات .
ـ هذا أفضل . ولكن لنفترض أننا نجحنا ولم يقبض علينا أحد أثناء
القيام بذلك , كيف سيساعدنا ذلك ؟ سيسمعوننا نتحرك على السقف
بكل تأكيد. ماذا لو قرروا قبول عرضك ؟
فرك غافن ذقنه وقال مفكراً : (( يمكننـي القيام بذلك بنفســي . لدي
بعض الخبرة في الزحف حول أماكن مغلقة من دون إصدار أي صوت )).
ـ ومن أين لك هذه الخبــرة ؟
ـ لقد أمضيت وقتاً في الاستخبارات . ولكن لنحتفظ بذلــك لوقت
لاحـــــق .
توقف عن الكلام إذ سمع وقع خطوات تقترب من الباب , فتشبث
جو بيده .
أخفض صوته قائلاً : (( اسمعي , مهما حصل الآن , افـعلي تماماً كما
أقول جو . أتعدينني ؟ )) .
ابتلعت ريقها وأومأت .
ـ يبدو أنهم لا يملكون سوى سلاح واحد . لذا أياً يكن من يحمله ,
علينا أن نكون حذرين منه , مفهوم ؟
أومأت مجدداً بينما انفتح الباب عليهما .
وقف عند العتبة اثنان منهم ... لم يكن هناك أثر للرجل الثالث
الذي حاولوا التفاوض معه , وهذا جعل الذعر يدبُ في قلب جو .
أتراهما أردياه عندما حاول التحدث إليهما بشــيء من المنطق ؟
قال أحدهما : (( حسناً يا غاف . كم من السيولة لديك هنا ؟ )).
تنفست جو الصعداء مع إنها شعرت بالخوف يسري في عروق
الرجل المقيد بها . إلا أنه قال بما يكفي من البرودة : (( حوالي ثلاثة
آلاف دولار )).
أشار الرجل برأسه : (( دلنا إلى المال أيها العاشق ! )).
بعد خمس دقائق , كان غافن هاستينغ قد فتح خزنة وأخذ منها رزمة
من فئة المئة دولار وضعها على المكتب المهيب المصنوع من خشب
السنديان .
ساد صمت قصير بينهما كان أحد الرجلين يعد المال قبل أن يدسه في
جيبه . أما الآخر فلم يقل شيئاً وكان من الواضح أنه يجد صعوبة
في الوقوف على قدميه .
ـ حسناً , يداكما إلى فوق !
نفذا الأمر , ففكا لهما أغلالهمــــــــا .
ووقف أحد الخاطفين قبالتهما صامتً . أحست جو أن ثمة خطباً
ما . ولكن كل ما استطاعت رؤيته كانت تلك النظرة الجليدية المخيفة في
عينيه .
لم يستغرق الأمر أكثر من لحظات قليلة لتثـبت صحة حدس جو , فقد
رفع الخاطف سلاحه وصوبه مباشرة إليها . ثم قال من دون أن ينزع عينيه
عنها: (( أترى يا غاف ؟ وجدنا أنه ما من سبب لتكون محظوظاً إلى هذا
الحد في الحب , لذا قررنا أن نأخذ معنا هذه الجميلة المثيرة . وإياك أن
تمنعنا يا صاح , لأنها هي من سيدفع الثمن )).
سادت لحظة صمت مريع , ثم انقض غافن كالنمر ودفع جو إلى
الخلف فأوقعت الرجل الآخر أرضاً . ثم رمى بنفسه على الرجل
الأول .. فطار السلاح من يده .
صرخت جو يائسة وهي تتناول محبرة قديمة من الرخام الثقيل عن
المكتب وترمي بها الرجل الممدد على الأرض خلفها. كان يحاول
الوقوف على قدميه ولكن المحبرة فعلت فعلها وأغمى عليه .
تناولتها جو عن الأرض وتحولت نحو العراك الدائر أمامها بين
غافن هاستينغ والرجل المسلح . رافعة المحبرة فوق رأسها مستعدة
للتدخل . ولكن غافن رفع يده , قاطعاً عليها الطريق : (( لا بأس جو ,
لقد قضيت عليه )).
أخفضت المحبرة وقالت متنهدة: (( آه الحمد الله ! )).
ولكن صوتها توتر مجدداً عندما لاحظت الدم يسيل على أصابعه ,
فانهارت على ركبتيها إلى جانبه : (( لقد أُصبت ! آه لا ! لا! )).
قال لها مطمئناً : (( أظن أنها مجرد إصابة خارجية في ذراعـــي )).
ـ ولكنك أنقذت حياتــي ! لقد رميت نفسك في وجه السلاح . كيف
يمكننـــي أن أعوض عليك يوماً وماذا كنت سأفعل لو مت ؟
كان وجهها شاحباً وهي تقول ذلك وعيناها الرماديتان تغليان
انفعالاً وعدم تصديق .
ـ لن أموت يا جوزي , اهدأي .
خلع قميصه , فأجفلت جو عند رؤية الإصابة في ذراعه ولكنها
سارعت تخلع قميصها وتربط جرحه وتضمده .
رغم الألم الذي شعر به غافن هاستينغ , تلاعب الهزل في عينيه
المسمرتين على جسدها .
ـ كيف يمكنك أن تعوضـــي علي يا جو ؟ أظنها ستكون فكرة جيدة لو
تزوجتنــــــــــــــي .
ثم ترنح فجأة وأُغمي علـيه .
نهاية الفصل (( الثــــالـــث )) ..
|