ـ حقاً ؟
ـ كنتُ أظن أنني بعدم زواجي , أبقى وفياً لذكرى ساشا , ولكنها
تريد منـــي أن أكون سعيداً . وأنا كنت مغفلاً جداً لأدرك ذلك . كنت
أخشى أن أفقد التي سأحب كما فقدتُها هي .
ثم تابع قائلاً : (( مع مرور الأشهر , اتضحت الأمور أمامي , أقله من
وجهة نظري ... ولكن أنت بقيت السر الغامض الذي طالما كنت
عليه )) .
منتديات ليلاس
أغمضت عينيها قليلاً بينما تابع قائلاً : (( لم أكف عن التساؤل ما إذا
كنت سترحلين عندما ترين أن زواجنا لم يعد مناسباً , لهذا السبب أردت
أن ننجب الأطفال , لكـــي لا ترحلـــي )) .
حدقا ببعضهما , ثم أضاف بهدوء : (( لهذا السبب لم أستطع الاعتراف
لك بحبي ... إلى أن خفت أن أفقدك في الفيضان . لم أستطع أن أحتمل
فكرة سماعك تقولين لــي إنك لا تحبينني )) .
أجلت حنجرتها وسألته : (( إذاً فضلت إخفاء شعورك عني ؟ )) .
ـ نعم , أنا آسف .
ـ وأنا أيضاً .
ساد صمت قصير حدق عابساً : (( ماذا تقصدين ؟ )) .
ـ أقصد أنني وقعت في غرامك منذ اللحظة التي عرضت فيها الزواج
علي ... ومن ثم بردت الأمور .
حدق بها غير مصدق , فقالت بابتسامة مرتجفة : (( بصراحة , لم أكن
أعلم أنني أخفي الأمر جيداً هكذا )) .
قال بصوت أجش : (( ولِمَ تخفين الأمر ؟ )) .
ـ لم أحتمل أن يكون الأمر من طرف واحد , وظننتُ أنك إذا لم
تعرف بحقيقة مشاعري , فسيكون ذلك نوعاً من الحماية . حبي لك كان
معجزة .
ـ أفهمك تماماً , ولكن لِمَ تقولين إنها كانت معجزة ؟
تنهدت قائلة : (( لقد فقدتُ كل من أحببت في حياتي : أهلي وجدتي ,
ووالد أمي الذي بحث عني طيلة حياتي ثم توفي قبل أن يجدني . هذا أمر
مخيف ... )) .
قاطعها قائلاً : (( أعرف ذلك حبيبتي من تجربتي الخاصة . وكنت أقول
لنفســـي إنك وحيدة بسبب ذلك )) .
ـ هناك سبب آخــر . لقد أقسمتُ مرة أنني لن أعتمد على أحد في
حياتي وهذا السبب الحقيقي لظني بأنني لن أُغرم أبداً .
ثم أخبرته ماذا حدث معها عندما كانت في الخامسة عشرة من
عمرهـــــــا .
ـ آه حبيبتــــي !
وضع يده على يدها بحب وتفهم كبيرين , فترقرقت الدموع في
عينيها . وقالت بألم : (( ولكنك دستَ على قلبـــي )) .
ـ حقاً ؟
أومأت واشتدت يده على يدهـــا .
ـ عندما قلت لي إنني آخذ سراً حبوباً لمنع الحمل أحييت في ذكريات
الماضي الأليمة عندما لم يكن أحد يثق في أو يصدقنـــي . لهذا السبب
غضبت كثيراً واصطدمت بذلــك الكنغر .
نهض وأمسك بيدها لتنهض هي أيضاً : (( أحبك يا جو لوكاس .
أحبك بجنون . هل تتزوجينني ؟ )) .
اتسعت عيناها الرماديتين : (( ولكننا متزوجان )) .
ـ أعني أن نتزوج بالجسد والقلب معاً . لا أسرار بعد اليوم ولا
قلق .
ابتسمت وأجابته : (( نعم غافن . أرغب في الزواج بك )) .
حدق بعينيها قائلاً : (( فلتكن السماء في عوني . لن أشبع منك أبداً يا
جو )) .
ـ أظن أن بإمكانــــي قول الأمر نفســـه .
بعد عدة أيام , عندما عادا إلى كين كان , أرته جو الرسم الذي رسمته
له للمرة الأولى , الرسم الآخر .
حدق مستغرباً : (( ولكن هذا ... هذا رسم مختلف )) .
ـ أعرف . إنه الرسم الذي عملتُ عليه منذ أن عرضت علي الزواج
أول مرة .
تفحص الرسم مذهــولاً . كان الكوخ مضاءً بنور الموقد وكان هو
جالساً على الطاولة , عاري الصدر , حاملاً سلاحاً في يده .
ـ جو ... لـماذا ؟
ـ قلت لك مرة إن الخطوط و العضلات والتفاصيل تلفتني وأنت
نموذج رائع .
ـ أهذا كل شــــيء ؟
ـ لا . أردتُ ذكرى الرجل الذي خطفنـــي .
رفع حاجبيه : (( حتى وأن كان قد اتهمك بأنك عشيقة أحد رجـال
العصابات ؟ )) .
أومأت بالإيجاب .
ـ هل تنوين عرض هذا الرسم ؟
ـ آه لا . مع أن ذلك مؤسف , فهذا أحد أروع أعمـــالي .
ـ ماذا تنوين أن تفعلي به إذاً ؟
ـ سأعلقه في غرفتنا , كـــي أحلم بك عندما لا تكون حاضراً .
أخذ نفساً سريعاً : (( هل لديك فكرة عما قد يفعله هذا بـــي ؟ )) .
ـ يحضرك إلى المنزل على جناح السرعــة ؟
وضع اللوحة جانباً بحذر وهز رأسه : (( قد تضطرين لطردي عندئذٍ يا
حبيبتـــي )) .
ـ هذا أفضـــل . ولكن لم تقل لــي ما رأيك بالرســـم .
ألقى نظرة إلى اللوحة وقال : (( في الواقع , أنا مذهول بها )) .
ـ من الناحية الفنية ؟ أم لأنك وسيم ؟
وضع يديه على خصرها قائلاً : (( من الناحيتين معاً )) .
ـ كف عن المزاح !
ـ حسناً , من الناحية الفنية , لست أدري كيف أقولها ... ولكنها
أعادتني إلى الكوخ حتى إننـــي استطعت للحظة أن أشتم رائحة الدخـــان
والخشب .
ابتسمت : (( شكــراً )) .
ـ أما في ما يخص الشاب الوسم , فلست أدري , ما أعرفه هو أنني
طالما كنت الرجل الذي تحلمين به , فأقدر رسمك كثيراً .
ملأت السعادة عيني جو ورفعت نفسها لتعانقه بقوة .