-لست الكراهية الكلمة المناسبة!
لمعت عيناه الخضراوان ببرود فتراجعت مورينا.إنه بكل تأكيد يعرف كيف يجرح ويؤلم فكل كلمة يقولها تنغرز كخنجر فى قلبها إنها لا تذكره أبداً هكذا وربما لولا لطفه الشديد منذ سنتين لما لأحظت هذا الفرق الآن
قبل أن تفكر فى رد لا يكون طائشاً كسابقه تقدم مورى روسيل غير آبه أو خائف من نظرة مادوك الرادعة التى كان من الممكن أن ترهب أى رجل آخر نظر مورى إلى مورينا وهو يتحدث إليه:
-لا يمكن أن تحتكر هذه السيدة الجميلة لنفسك فقط
أبتسم لمورينا وأكمل :
-أتمانعين لو أنضممت إليكما؟
كان أصغر عمراً من شقيقته وفى عينيه بريق لم تلاحظه حين صافحها .نعم لم تكن واثقة إن كان يعجبها هذا البريق مع ذلك هزت رأسها له وردت على أبتسامته فقد أتى لينقذها فى الوقت الذى كادت فيه تجهش بالبكاء بسبب تعليقات مادوك الساخرة.
لم يكن من السهل أسترضاء مادوك الذى أغضبه التدخل ولكنه لم يستطيع فعل شئ لأن مورى ضيفه إلا أن هذا لم يمنع الذبذبات الغاضبة الصامتة المنبعثة منه . هزت كتفها بلا أهتمام ثم وجهت اهتمامها إلى مورى روسيل :
-لا أمانع إنما كنت أوشك على التوجه إلى كارمن لمحادثتها
وقف مادوك دون سابق أنذار يجرها معه هازا رأسه لمورى إلى المقعد:
-أسترخ على المقعد مورى
وجدت مورينا بعد ساعة شاقة إنها قادرة على طلب العودة إلى المنزل .أمر مادوك السائق أن يوصلها ورافقها إلى الخارج...لم تكد كارمن تتحدث إليها فعرفت مورينا إنها تتصرف كالنعامة دافنة رأسها فى التراب على أمل ألا ترى مورينا ثانية وقد أخطاء مادوك عندما ظن إنها بحاجة إلى رفقة مورينا فكارمن لا تشاركه الرأى أبداً صاح مادوك بها بغيظ وهما بالردهة:
-أبتعدى عن مورى!
-لن أصغى إلى جنونك الرهيب ! فأنا بهذا أضيع وقتى !
-أتظنين أنى لم ألاحظ الأشارات الخفية التى كنت ترسلينها له؟
-أنت مجنون....
قاطعها:
-أن تكرارك هذا النعت لممل أصطحبت مورى من أجل كارمن لا من أجلك فقد تصب بعض الأهتمام عليه لذلك كما قلت لك..."إبتعدى عنه"
كان يجب ان يضرب بسبب عجرفته المهينة حدقت مورينا فيه منزعجة إنزعاجاً لا تقوى معه على أن تكون حذرة
-يجب أن يكون هذا الأمر كشتركاً ! لا تستطيع أن تلف رجلاً فى ورق لماع وتقدمه إلى امرأة كهدية.فما الرجل زوج أقراط
لا تفهم لماذا ذكرت الأقراط بهذه الشراسة فهى بقولها هذه تشير إلى القرطين اللذين أهداهما إليها يوماً ربما كان عقلها المتعب يرد له الضربة محاولاً إيلامه بقدر ما يؤلمها لم يحاول إخفاء الغضب المتحد بعينيه:
-ماذا فعلت بالقرطين؟
-تورد وجهها فلم تكن قبل أن يرحل تخلعهما أبداً أما الآن فهى تضعهما تحت وسادتها لتنظر إليهما عدة مرات خلال اليوم ردت كاذبة :
-بعتهما
-ماذا؟!
منتديات ليلاس
-سمعتنى
-أيتها اللعينة الحقيرة....إنهما ملك عائلتى!
بدأ منزعج بسبب وجود طرف ثالث وهو قائد سيارته ولكنها أستغلت هذا الوضع فسارعت إلى ركوب السيارة لكن غضبه أنتقل إلى أصابعه الفولاذية التى كانت تمسك بذراعها بطريقة مؤلمة وهو أمر أعتدات عليه قال لها هامساً من بين أسنانه :
-سأراك بعد يوم أو يومان حين أشعر أن لى رغبة فى خنقك !
عاد غاريت يتصرف بغرابة مرة أخرى حيث سافر إلى سان خوان مدعياً أن له عملاً هناك ولم يسمح لمورينا بمرافقته أما السبب الذى دفعه للسفر فحيرها لكنه لم يزعجها كثيراً بل جعلها الهدوء تحلى به غاريت منذ عودته تشك فى سر يخفيه عنها
فى إحدى الأمسيات وبعد العشاء قامت بنزهة طويلة فأستمرار صمت غاريت يزيد إلى تعاستها العميقة إنزعاجاً وهذا ما دفعها للخروج من المنزل . أضف إلى هذا أن باميلا زارتها لتطمئن على حالها بعد الوعكة التى ألمت بها فى النادى
فاستغلت باميلا الفرصة لتقول لها إنها قررت بعد أنتهاء موسم السياحة أن تأخذ عطلة وأن تقيم المعرض
لم تكن مورينا تحسد باميلا على العطلة فلا تذكر يوماً إنها أخذت عطلة لذا فهى تستحقها لكن ما أقلق مورينا أنه لن يكون لها إيراد مالى حتى تعود باميلا من عطلتها لم تكن مورينا تعرف ما سيحدث فى المستقبل ولكن باميلا لمحت إلى زواجها من ريتشارد والسفر إلى أوروبا معه.أرادت مورينا أن تقترض بعض المال من باميلا لكن كبرياءها حالت دون ذلك
غرقت مورينا فى افكارها البائسة فتأخرت عن العودة إلى المنزل وحين عادت وجدت مادوك يتحدث إلى أبيها
لم تكن قد راته منذ ذلبك المساء الذى تخاصما فيه ولم ترى كارمن كذلك أو الخوين روسيل . ولأنها تستطيع قراءة أفكار كارمن ككتاب مفتوح ولأن كارمن لم تخبر أخاها عن الحادثة أو عن أرغون غارسيا لن يكون هناك فائدة من قول شئ له الآن
وحتى تكون منصفة فى حق كارمن فكرة مورينا بأن كارمن ربما لم تقصد شراً لأنها لا تعرف شيئا عن علاقتها العميقة بأخيهاغ مادوك ولكنها تساءلت عما إذا كانت معرفتها بعلاقتهما قد تشكل فرقا فى تصرفات كارمن الأنانية بطبعها
لولا كرامتها العنيدة لولت هاربة حين شاهدت مادوك الذى عرفت من نظرته الضيقة المصوبة إليها أنه كان يتوقع منها أن تهرب فقال بقسوة:
-لا تهربى مورينا
تقدمت ببطء بسبب وجود غاريت فهى لا تريد أن تظهر عصبيتها وخوفها أمام أبيها ولكن لم الخوف وأسوأ ما قد يطلبه منها زيارة كارمن مرة أخرى التفت غاريت ينظر إليها مخلااً أصابعه فى شعره الخفيف :
-أعدى لنا القهوة مورينا
دهشت مورينا لأن غاريت لا يشرب القهوة فى مثل هذا الوقت من الليل ولن مادوك لم يرفض أو يحتج فقد أضطرت إلى فعل ما طلبه أبوها منها وقد أمهلها إعداد القهوة بعض الوقت لأستجماع أفكارها
حين عادت بعد قليل إلى غرفة الجلوس تجر عربة محملة بالقهوة حاولت أشاحة نظرها عن مكان جلوس مادوك عندما أطلت عليهما مرة أخرى وقف ليساعدها فودت لو أمتنع عن ذلك لأنه حين لامست أصابعه أصابعها وهو يأخذ العربة كادت تقفز إلى الوراء تمتمت بجفاء :
-شكراً لك
لم تلاحظ ما كان غاريت يفعل حتى لاحظت تململه فى كرسيه.فمن عادة والدها أن يجلس كالميت غير مبال أو مهتم بأى كان هذا أن كان لا يقرأ تملكتها ريبة مباغته فثمة ما كدره دون شك.هل أخبره مادوك الحقيقة عن حادثة كارمن أو ما يعتقد أنها الحقيقية؟قالت له مستخدمه الأسم الذى يكرهه:
-ما الخطب أبى؟
منتديات ليلاس
رفع بصره إليها وقد تقدمت لتقف أمامه وتمتم:
-لا شئ محدد قاطعهما مادوك ساخراً أن والدك يواجه مأزقا
سافر غاريت وحده بطريقة غامضة فما الذى زج نفسه فيه يا ترى ؟ أنه ليس مقامراً مع أنه يحب ما يسميه لهواً ولو كان يتحمل النفقات لذهب بشكل دائم إى النادى.أهذا ما فعله حينما سافر إلى العاصمة؟هل ذهب إلى ميدان السباق فوقع تحت الديون؟سألته متجاهلة وجود مادوك :
-هل ذهبت إلى السباق حينما سافرت إلى العاصمة؟
-أجل ...إنما ليس الأمر كما تتصورين
نظر إلى مادوك :
-أخبرها بنفسك:
- كانت أعصابها حتى الآن قد توترت لدرجة كادت معها تصرخ فى وجهيهما معاً . تقدم مادوك ليصب ثلاثة فناجين من القهوة ونظراته المركزة تنتقل من غاريت إلى أبنته وهو يستخدم قسوته هذه عادة للوصول إلى عمق ما يريد وقال بصوت حاد:
-ما يحاول والدك أن يقوله أنه تلقى عرضاً من شركة فنادق لبيع المنزل والأرض التى يملكها
-ماذا؟!!
نظر غاريت إليها بقلق ولهفة فرأى أتساع عينيها الدهشتين ووجهها الشاب المتوتر المشدود بألم قالت هامسة:
لم توافق؟
كانت صدمتها أقوى من أن تفكر فى أمتيازات هذا العرض فلم تستطيع إلا أن تتصور البولدوزر وأطنان الأسمنت والحجارة وما من شك أنهم سينون شيئا فائق الجمال لكن قبل حدوث هذا سيدمرون الكثير من الجمال الطبيعى التى لا يمكن لأى مهندس أو بناء التعويض عنها مهما كان بارعاً فى عمله
حين لم يرد عليها غاري رمت بنفسها على ركبتيها أمام كرسيه وقالت بصوت متوسل :
-أبى....لا تفعل ! أنك بذلك كمن يدنس المقدسات !
تنهد غاريت :
-سيقتلنى ذلك!
-إذن ما المشكلة؟
تحرك مادوك وكأنه يحاول أن يذكرها بوجوده.أدارت رأسها تنظر إليه بغضب:
-ما دورك فى هذا ؟أم تراك تقدم نصيحة الجار ؟
-أن كنت تريدين وصف الأمر على هذا النحو فأجل
-أنت تمزح!
تعرف أن قولها هذا صبيانى لكنها كانت تعرف أن أستخدام مثل هذه العبارات من بين كلماتها الطفولية مفيدة
قاطعها غاريت قائلاً بسأم :
-الأمر أكثر من هذا مورينا نحن نحتاج إلى المال ويجب أن أفعل شيئا لكن جدى وضع فى وصيته شرطاً يقول إن عائلة لامب أحق بالشفعة إذا عرضت أملاكى للبيع
أرتجفت مورينا والتفتت بحدة إلى مادوك :
-أتريدها؟
-بكل تأكيد
سألت غاريت غاضبة :
-لم تذكر هذا من قبل ؟
-كنت سأفعل هذا عاجلاً أو آجلاً
قال مادوك وكأنه يتوقع سؤالها التالى:
-كان جد والدك وجدى صديقين حميمين محافظين ما من أحد منهما يرغب فى رؤية الحياة الطبيعية فى هذا الجزء من الساحل يندثر وهذا ما دفع جدك الأكبر إلى وضع الشرط فى وصيته فقد كانت عائلتنا ثرية وقوية يومذاك فظن أن بيعها لنا الطريقة المثلى للحفاظ عليها
أنبأها شئ ما بأن اللحظات التالية حاسمة فحاولت التحدث ببرود:
-أرى هذا.أنما ما علاقة الوصية بهذه اللحظة....فلست مضطراً أبى إلى بيع إن لم تكن راغباً فيه؟سنتدبر أمرنا وليس على مادوك أن يحشر نفسه فى هذا الموضوع
نظر غاريت إلى أبنته بحزن وتعاسة وكأن منظر البراءة على وجهها يؤلمه:
-تعبت من المقاومة مورينا.......فما أنا بذاك المقاوم بطبيعتى حتى حين كنت صغيراً.حين فكرت مؤخراً فى المستقبل شعرت بالكآبة والخوف عندما زارنى رجل قبل بضعة أيام ع8ارضاً على البيع أستحسنت الفكرة
-أين كنت عندئذ؟
-كنت تسبحين قرب الصخور المرجانية حبيبتى...وأفقت على مقابلة مرؤوسيه فى سان خوان لكننى لم أشأ أن أذكر العرض حتى أعودج
-وهل وافقت؟هل وقعت شيئا؟
-لا...أغرونى كثيراً ولكننى كنت أعرف أن على أن أسأل مادوك أولاً
صاحت بيأس :
-لماذا ؟ألم تقل إن تركك هذه الأرض سيقتلك؟
-أصغى إلى حبيبتى....
ركع على ركبتيه متجاهلاً القهوة التى طلبها:
-يعتمد الأمر كله عليك إنما لا أظننى قادراً على الشرح يجب أن أترك الأمر لمادوك ليشرحه لك أما أنا فسأوى إلى فراشى وغداً أراك وأن كنت تريدين رؤيتى قبل ذلك فأدخلى وأبلغينى قرارك
نظرت مورينا بحيرة إلى أبيها وهو يبتعد ثم سمعت مادوك يقول بلطف:
- أجلسى مورينا رجاء
-لا أستطيع
هزها خوف مجهول راح يضغط على أعصابها حتى عجزت معه إلا عن التحديق فى مادوك....سألته:
-ما الذى يستحيل على والدى إطلاعى عليه؟لم يكن قطً كما بدأ لى الآن .هل وعدك بالبيع دون أستشارتى؟هل الأمر كما أقول؟
أقترب منها ليمسك ذراعها حتى تقف :
-ربما من الأسهل أن تصغى لما سأقوله خارجاً