كاتب الموضوع :
زهرة منسية
المنتدى :
روايات احلام المكتوبة
2-الهدية الأولى
××××××××××
كان لدى مورينا فستان طويل واحد أشتراه لها والدها عندما سافر قبل عام إلى أمريكا لتناول العشاء مع أمها التى هجرت زوجها ومورينا فى الثالثة من عمرها ومن سوء حظها أن والدها لم يكن مستعداً لأنفاق أى مبلغ من المال على ثيابها.كان الفستان بعد سنة شاحب اللون لا شكل لقماشه القطنى
ومع ذلك هزت كتفيها دون اكتراث....ماذا يهم؟هنا فى بورتوريكو على الرغم من إنها موطنهما ما كانا يخرجان ويمارسان الحياة الأجتماعية إلا نادراً,فمنذ أن هجرته زوجته راح ينزوى ويتقوقع على نفسه أكثر فأكثر بما أدى ذلك إلى أفول نجمه وبراعته أيضاً.نعم هى لا تنكر أنه حين يبذل جهداً ينتج ما هو مميز ولكن الوقت الشاسع بين التحفة والأخرى كان يطول أكثر فأكثر حتى أيقنت مورينا أنه لولا وجودها فى حياته لتخلى عن أى عمل...وهى حتى تكون صادقة مع نفسها تجد حياتها هنا فى التراخى والكسل مقبولة جداً وإن كان يندر فى حياتها هذه المال والأصدقاء.
لكنها ذلك المساء عندما نظرت إلى صورتها فى المرآة أحست بخيبة أمل للمرة الأولى علماً أن الفستان الوردى لم يكن سيئا عليها بعدما أرتدته وعدلت حزامه قليلاً خاصة وأن من غير المحتمل أن يدعوها مادوك للخروج ثانية معه
كانت أداة التجميل الوحيدة التى تملكها إصبع أحمر شفاة براق أعطتها إياه كارمن شقيقة مادوك...صحيح إنها كانت تمضى معظم وقتها على شاطئ البحر حتى أصبحت بشرتها براقة حمراء لا تحتاج إلى مساحيق إلا إنها لم تستطيع رفض أحمر الشفاة حين قالت لها كارمن أنه هدية....وقد حدث بعد أن قبلته منها أن أدركت أن إستخدامه بتعقل يزيدها جمالاً ولكن هذا النوع من الفن لن تتقنه إطلاقاً.منتديات ليلاس
لم تكن قد أخبرت مادوك إنها تعرف شقيقته وإن كان لن يمانع وأضف إلى هذا أنهما لم تكونا صديقتين بما للكلمة من معنى وقد تساءلت أحيانا لماذا تزعج كارمن نفسها بصحبتها؟إنها أكبر منها وهما إلى ذلك لا يملكان قاسماً مشتركاً فكارمن متعلمة مثقفة منفتحة على العالم الذى زارته كثيراً أما مورينا عدا رحلتها إلى أميركا فلم تذهب إلى أى مكان .
سمعت هدير سيارة مادوك فعلمت أنه وصل وكانت قد شعرت بلطفه الفائق لأنه تأخر قليلاً لئلا تحس بالقلق إذا ما أنتظرها .
أضفى قرع الباب مزيداً من الأحساس بالدفء فقرعه هذا يشير إلى إنه لا يسعى إلى لقاء سرى فأعجبتها رغبته فى التأكد من موافقة والدها على الرغم من أنها قالت له إنه نائم...إلا أن الباب لم يكن مقفلاً وحين ظهرت كان مادوك يقف منفرج الساقين يداه فى جيبى سرواله إنه رجل ضخم لماذا لم تلاحظ هذا من قبل؟سمعته يتنفس بحدة ويقول:
-هناك قول"حلاوة العشرين"لكنك فى الثامنة عشرة.أين كنت مختبئة طوال حياتى يا أنستى الشابة؟
نظرت إليه وعيناها تبرقان كالنجوم وشفتاها تطلقان ضحكة صادقة لم تحاول مورينا إخفاءها :
-كنت هنا طوال الوقت لكنك لم تلاحظ
-نادراً ما يرى الناس ما أمام أنوفهم.مع أننى كنت أفتخر بنفسى مدعياً أننى مراقب غير عادى
ثم تلاشت بسمته وسأل:
-أواثقة أن غاريت فى الفراش؟
-طبعاً...أتظنه لن يأتى إلى هذا البهو لو كان مستيقظاً ! نحن لا نستقبل إلا القليل من الزائرين
-لكن نومه لم يكن ثقيل يوماً
تنهدت:كيف يعرف هذا؟
-ومازال لكن رأسه كان يؤلمه فتناول على ما يبدو حبات عديدة من الأسبرين مع ان حبتين كافيتان لأرساله إلى النوم,تفقده إن شئت فى غرفته بنفسك
-لا...سأقبل بكلامك ثم أن علينا الأنطلاق حالاً...هيا بنا
وجدت نفسها مندفعه لتقول:
-غاريت يثق بى فأنا أخرج مع أصدقاء
وضعها مادوك فى سيارته وهى سيارة طويلة رياضية المظهر لا تذكر أنها رأت مثلها من قبل كانت تجيد قيادة السيارات إلا أن غاريت لم يقتنى سيارة منذ مدة طويلة لذا تعتبر مطلق سيارة فخمة.سألته :
-إلى أين سنذهب؟
-تريثى ترى ما يسرك
-أيجب هذا؟
-يجب...مورينا براندز أقسم أنه سيعجبك
-لا أريد الذهاب إلى مكان فخم
أبقى عينيه على الطريق حذرا من الحيوانت الرابضة فوقه ومن الناس أحياناً...سألها:
-ما هى الحياة التى تعيشها حقاً مورينا الصغيرة؟
-أعيش حياة هادئة على ما أعتقد
أنتقلت عيناه إلى عينيها قبل أن تتمكن من إبعادهما ثم تمتم بعدما أعاد بصره إلى الطريق لمرور شئ ما أمامه:
-هادئة جداً على ما أعتقد
همست بقلق:
-ولم تظن ذلك؟أعرف أنى كنت محبطة نفسياً حين قابلتنى هذا المساء ولكنى أرضى بواقعى عادة
-وهذه ميزة نادرة فى امرأة ...ميزة نادرة فى هذه الأيام على الأقل ربما يعود السبب إلى مساءلة المساواة التى تضج بها أدمغة النساء اللاتى يشعرن دائما بأن لديهن نقصاً ما وبأن العشب فى الناحية الأخرى من السياج أخضر وهذا ما يجعلهن غير راضيات أو قانعات بما لديهن وغير واثقات بما يردن كذلك
كان كلامه مبنياً على تجربة شخصية فنظرت إليه بفضول وسألت:
-تتحدث وكأنك لا تعتبرنى إحداهن
أبتسم:
-لا أظنك مثلهن على الأقل حتى الأن فلست كبيرة جداً
أحست بالحرج فردت بشموخ :
-إن لم أكن فقريباً أكون
تنهد بعمق:
-ها قد فهمتى بكلمات رديءة وأنت لم تبلغى بعد من النضوج...عفوك أنستى
لم يعجبها المرح فى صوته فردت بحدة:
-أنت ناقد ساخر للنساء أتصور إنك تعرف الكثير عنهن كما أراك تتحدث عن سابق خبرة!ترى إلى أى نوع تنتمى تلك النسوة اللاتى تعرفهن؟
أبتسم لكنه أجاب بوقار :
-أحب النساء اللطيفات المفعمات بالأنوثة المستعدات للأهتمام بى عوضاً عن الأهتمام برصيدىفى المصارف
بدأ كلامه هذا تعجرفاً بعض الشئ
-أنت تفضل النساء ذوات الروح العالية
-أهـ...الروح العالية...أجل...إنما لم نكن نتحدث عن هذا الأمر فروح المرأة عندى هى أن تحب وتخلص وتقاتل فى سبيل عائلتها وفى سبيل ما تؤمن بإنه على حق فالمرأة قادرة على النجاح إنما يجب ألا يجعلها ذلك تقتل المرأة التى فيها أو الرجل الذى أمامها لإثبات قدرتها.قطبت مورينا جبينها فقد أتخذ حديثهما وجهة مدهشة تمنت معها لو تملك المزيد من الخبرة لتتناقش معه
-وكأنى أراك غير موافق على عمل النساء...هل تتزوج امرأة عاملة؟
-أتزوج المرأة غير الطموحة.أترين يا طفلتى فبينما تجدين النساء عازمات الرأى على التغيير ترين الرجال رافضين التغيير,فمازال العديد منا يرغب فى ربة عائلة تصب أهتمامها على منزلها وزوجها فقط
|