كاتب الموضوع :
المجنون
المنتدى :
مدونتي
هكذا فعل الرئيس مع وزيره
محمد فضل
أمر الحاكم المستبد بقذف وزيره بين عشرة كلاب جائعة فاغرة الأفواه, ذات أنياب مضّاءة، فكاك فتاكة ممتدة كالمقرضة ومخالب هندوانية؛
تنكيلا, نهشا وسلخا عقابا رادعا لمن خلف هذا الوزير الآبق الذي ارتكب خطأ فاحشا ممثلا بإسداء نصيحة مخالفا بذلك مقاييس الطاعة المطلقة
حسب مزاج الحاكم وهواه.
على الفور كالعادة في مثل هذه الحالات المتكررة والتي ستتكرر تنادت بطانة الحاكم؛ فالفرصة لاحت ولا بد من الوقفة الجادة الحكيمة الحصيفة
بجانب الحاكم المكلوم المفجوع بخدش جلالته؛ لأنه على الحق الذي يحقق رغباتهم، ومصالحهم المعلنة وغير المعلنة وفق موازنات المصالح
وفقهها فانبرى أدعياء الدين, الصلاح، الفهم, التحليل، الاستذكاء, قُرّاء النوايا و الحق متسلحين بالثقة من الحاكم وإلهاماته, وقدرته الخيالية
على المنح والعطايا على النفوس العطشى.
بسرعة كرسي بلقيس وتحريش إبليس: شمرت البطانة عن ساعد الجد لتروج وتسوق لفعلة المستبد في كل اتجاه, وبدأت ألسنتهم
تمزق وتقطع صديق العمر بالأمس وزير الأمس، تجمع الشواهد على سوداوية الوزير, دناءته, ورطاته, إخفاقاته, قناعاته, ماضيه, طفولته,
...........الخ.
أزالت هذه الجوقة بشهاداتها الجماعية المقدمة تحت بند البيع بالنسيء تأنيب ووخز الضمير لدى الحاكم الذي يدعي العدل,
وازدادت طمأنينته الإلهية عندما خرج شيخ الحاكم رئيس مجلس الحل والعقد, الذي يفترض القيومية في نفسه على كل من دب وهب
على وجه الأرض، وقال للحاكم: والله حكمت بحكم الله, أدام الله ظلك, ثم رمق الوزير رامقة الخيانة العظمى على هذه البدعة النشاز,
ثم قال:..................؟
في هذا الوحل من المصالح المختلطة والملبسة بحق الدنيا والآخرة إضافة إلى هول أبواق و طبول ندماء الحاكم و حقنا للعابهم المهراق
في انتظار الرضى بالحطام أمام هذه الرواية أراح البعض أنفسهم بعدم البحث في هذه القضية لاسيما وإنهم رأوا بأم أعينهم عطايا الحاكم الخارقة
لكل المقاييس؛ فالحاكم تسونامي زمانه, في يده الرزق والحياة والموت نهشا.
دخل الوزير المحكوم عليه بالنهش إلى الحاكم واسترحمه بكل صور الهلع قائلا: تفانيت في خدمتك منذ عشرين عاما وأرجو منحي عشرة أيام
ازور أهل بيتي وانهي معاملاتي وديوني, وأتعبد الساعات الباقيات.
قال له الحاكم ممتنا بفضله وكرمه وسعة صدره: لك ذلك.
استثمر الوزير هذه السانحة و ذهب إلى حارس الكلاب وأهداه مالا وطلب منه قبل تنفيذ الحكم أن يسمح له بخدمة الكلاب, فوافق الحارس.
ذهب الوزير للكلاب واعتنى بهن, نظفهن, قدم لهن اللحوم واللبن طيلة العشرة أيام الممنوحة.
جاء يوم تنفيذ الحكم على الوزير فقامت المراسيم التي أجمعت عليها زُمر الحاكم, ثم قذف بالوزير في السجن القفص المكشوف مع الكلاب,
والملك ينظر إليه والحاشية فيستغرب الجميع من المشهد العجيب؛ فالكلاب جاءت تبصبص تحت قدمي الوزير وتحبوا بجانبه, تواده, توادعه,
تواضعه, تجثوا إلى جواره من كل جانب كأنهن الحماية من الحكم والحاكم.
على الفور أمر الطاغية بإخراج الوزير ثم قال له: ماذا فعلت للكلاب؟
فقال له الوزير: خدمت هذه الكلاب 10 أيام فلم تنس الكلاب هذه الخدمة الطارئة, وخدمتك عشر سنين بددها الوهم.
انه الاستبداد
الاستبداد الذي لا يعرف الدين، الجغرافيا, التاريخ انه سلُّ الشعوب وبوابة أوجاعها وأسقامها بل أب وأم الشهوات كلها, وكل دنيئة واعتداء,
ومحط التراجع والانحطاط
لكن المستبد لن يتمكن من رقاب الناس إلا ببائعي أنفسهم من اجل الحظوة والفتات بل التسول الحقيقي من أجل تلبية الحاجات والجيبات.
|