كاتب الموضوع :
سلافه الشرقاوي
المنتدى :
سلاسل روائع عبق الرومانسية
رد: 18- رواية امير ليلى بقلم Solafa El Sharqawey .. الفصل الـ 37
ركضت السلم نزولا كي تكون في استقباله فهو اتصل بها ليخبرها انه بالأسفل ، قد وصل للتو الى منزل شقيقتها ويريد ان تكون هي اول من يستقبله ، وها هي تفعل .
توقفت قليلا لتتنفس بطبيعية تخفي لهفتها الى لقائه وتتحكم في دقات قلبها المتصاعدة ، ضغطت شفتيها ببعضهما في محاولة جيدة للسيطرة منها على نفسها ، لترفع راسها بأرستقراطية وتتحرك بكبرياء جلبت عليه !!
فتحت باب الفيلا الخشبي لتخطو منه للخارج في خطوات قوية .. واضحة .. مدللة تمتزج بغنج طبيعي تتسم به كل تصرفاتها .
ابتسمت بإغواء لم تتعمده وهي تنظر باتجاهه يرتجل من سيارته رياضية الطراز – مصفوفة بجانب سيارة خالد ، والتي تراها لأول مرة فهو يعمد لاستخدام تلك السيارة الفارهة الخاصة برجال الاعمال الاقوياء والتي تعتبر عنوان لوجودهم بالمكان .
ولكنه اليوم مختلف . مختلف بطلته .. مختلف بابتسامته .. مختلف حتى بملابسة الغير رسمية والتي اشعرتها بانها باتت اقرب اليه .
تأملته بذاك الجينز الفاتح والذي اظهر طول ساقية وحدد خصره الرشيق ، لتكتم تنفسها وهي تنظر الى قميصه الابيض الذي اظهر عضلات صدره النافرة من ورائه .. وتلك اللمحة الأرستقراطية التي اعتادت منه عليها تطل في هذا الوشاح القطني بألوانه الزرقاء المتدرجة ملتف حول عنقه فازده وسامة .
تقدمت باتجاهه وهي تبتسم بلباقة : مرحبا يا باشمهندس .
رفع راسه ينظر اليها ، لا ينكر انه اشتاقها ، اشتاق تلك الصغيرة الشهية ، فمذاق قبلاتها لم يتذوق مثله من قبل ، كلون الكراميل الفريد الذي يلمع بعينيها فيجعل حدقتيها تشع كالشمس الحارقة فتندلع نيران رغبته القوية بها فيجاهد لان يسيطر على المتبقي من تعقله معها !!
ادار عينيه عليها بتمهل وشفتيه تلمع بابتسامة مغوية قادرة على ان تفقد اكثرهن حصانه وتجبرها ان تركع تحت قدميه .
تأملها من اخمص قدميها المزينتين بصندل خفيف بكعب رفيع يكشف عن صغر قياسها ، مزين بخلخال من الذهب اللامع يلتف حول اول ساقيها مظهرا جمالهما .. ساقيها العارتين لفوق ركبتيها يشعان ببريق بشرتها الذهبية اللامعة .. ترتدي فستان زيتوني اللون ينعكس لونه بعينيها اللامعتان فيعطيهما بريق ذهبي مزج بلونهما البني فجعلهما مصدر اغواء متعمد .. قصير ضيق يلف مفاتنها وكانه يعلن عن كنزوها الثمينة التي يحترق للوصول اليها .. بصدر مغلق لأسفل عنقها وكمين متسعين من عند الكتف يظهران ذراعيها من خلال شق طولي بهما .. يصلان لساعديها بأسواريتين ضيقتين ذهبتين اللون تنحت ساعديها وتعطيهما مظهرا مغريا لتقبليهما .. يديها خالية من الزينة ماعدا دبلته الذهبية التي تذكره دائما بانه امتلكها والى الابد !!
همس لنفسه " الصبر جميل وائل .. وانت دائما صبور "
لعق شفتيه بطريقة مثيرة يعلم تأثيرها جيدا على بنات جنسها ليتقدم منها ويهمس بصوت ابح : مرحبا تامي ، هل ستكتفي بتلك المرحبا كترحيب يليق بي ؟!
اقترب منها بخطوات متمهلة ليتبع : يليق بزوجك المستقبلي .
ابتسمت برقة لتأرجح شعرها بدلال وهي تقول بتسلية تشبعت بها حروفها : وكيف تريدها تلك المرحبا لتليق بك يا باشمهندس ؟!
اقترب منها حتى فصلت بينهما انفاسه اللاهثة في حين كتمت انفاسها هي وحدقتيها تومض بترقب اثاره فلمعت عيناه بإغواء تعمده وهو يهمس لها امام شفتيها في حين ضمها من خصرها اليه : اريدها بنكهة الكراميل .
اتسعت ابتسامتها في سعادة تراقصت بعينيها الذهبتين امتزجت بالثقة فومضت بنيران احرقت تعقله فاقترب منها متمنيا قربها ليفيق من غيمتها الاسرة على ارتطام قوي بظهره تأوه سريعا على اثره وهو يلتفت وكل امانيه تتحول لغضب يعصف بعينيه وهو ينطق من بين اسنانه : اللعنة ، ما هذا ؟!
عقد حاجبيه وهو يلتقط ذاك الصبي الواقف امامه عيناه تلمع بعنفوان قوي وخبث ذكره بزرقاوتين تؤرق عليه حياته وتجبره على التفكير في كيفية التخلص من وجودها بحياتها لعله يستطع ان يشعر ببعض السيطرة التي ينشدها عليها !!
نظر لذاك الصبي الذي لمعت ابتسامة ساخرة على شفتيه وهمس بخبث شديد : المعذرة لقد ارتطمت الكرة بك رغما عني .
اقترب في هدوء ليلتقط الكرة التي توقفت تحت قدمي وائل ليتبع : ولكن هذا لا يمنع ان اخبرك ان طريقة اقترابك منها لم تروق لي .
لمعت عينا وائل بغضب عاصف لتهمس فاطمة بتأنيب : احمد . لا تتدخل في امور الكبار .
اسبل وائل جفنيه ليهمس بغيظ تملك منه : لا يهمني ما يروقك اولا يروقك ايها الصغير
اتبع بصوت يكاد ان لا يسمع : فهي زوجتي رغما عن انفك وانف والدك .
اتسعت ابتسامة احمد بشكل استفزازي ليهمس بلا مبالاة وهو يعطيه ظهره ويهم بالانصراف : لم تصبح زوجتك بعد
توقف للحظات ليتبع وهو ينظر اليه من فوق كتفه : والى ان تصبح عليك ان لا تقترب منها بشكل لا يليق .
اتسعت عينا وائل بدهشة ممزوجة بعاصفة غضبه لتحتقن وجنتي فاطمة بقوة وتقول بغضب فعلي تسلل اليها : احمد تهذب ولا تتحدث مع عمو بطريقة لا تليق .
التفت احمد لينظر اليها بهدوء وقال باستخفاف وهو يهز كتفيه بتعجب : اوبس ، المعذرة عمو لم اقصد ان اضايقك ولكني تحدثت عما رايته صحيحا .
ابتسم بلباقة ذكرت وائل تلك المرة بوالدته : اتمنى ان لا تنزعج من حديثي .
اتبع سريعا وهو يرمي الكرة امامه ويركض من خلفها : بعد اذنكم .
ارتفع حاجبي وائل بدهشة لترمش فاطمة بعينيها سريعا في عدم استيعاب لما حدث من ابن اختها الصغير الان امامها لتنتبه على همس وائل المغتاظ : هل تخلصت من خالد لتنشق الارض عن ذاك الصغير الذي يشبه اباه بتلك الطريقة المغيظة .
تعالت ضحكات فاطمة من حوله لتذهب بضائقته فهمس بتسليه وهو يلتفت اليها: ارى انك مستمتعة تامي .
ابتسمت وهمست بصدق اثار رجفة قلبه : كم احب ان اراك مغتاظا فوجهك يصغر عشر سنوات على الاقل وهو محمر هكذا من الضيق .
ابتسم بشقاوة وقال : اعتبر هذا تصريح اعجاب من ابنة السفير .
همست ووجنتيها تتوردان : بل اعتبره اكثر من اعجاب يا ابن الوزير .
تنفس بعمق لتلتقط عيناه احمد وهو يتلاعب بالكرة فهمس دون وعي منه : هل اذا رزقت بطفل ذكر سياتي يشبهني كما يشبه هذا الصبي والده.
رفعت حاجبيها بعدم فهم لتقول : ولكن احمد لا يشبه والده انه اكثر الشبه بخالد .
عقد حاجبيه وهو يلتفت لينظر اليها ويقول : هذا ما قلته فاطمة انه يشبه خالد بطريقة تثير الاعصاب
قاطعته بتعجب وقالت : وهذا يؤكد ما اقوله انه يشبه عمه اكثر من اباه .
رفع حاجبه باستفسار لتتبع هي بتساؤل : لا تخبرني انك لا تعلم ان خالد ليس بأبيه .
اكملت بادراك : نعم خالد من رباه فعليا فاحمد لا يتذكر والده اصلا ولكن خالد ليس بابيه البيولوجي .
قاطعها وفكه يتصلب : مهلا .
اكمل وهو يحدق في ملامح وجهها وكأنها اتت من الفضاء للتو : انت تقصدين ان خالد تزوج شقيقتك وهي كانت متزوجة من اخيه قبله وان هذا الاخ التؤام الذي ذكره امامي من قبل هو والد كلا من احمد وهنا .
أومأت براسها سريعا لتتساءل بتعجب : هل يزعجك ذاك الامر ؟!
هز راسه نافيا وهو يهمس وملامح وجهه يرتسم عليها التفكير العميق : اطلاقا ،
اتبع يغمغم بشرود : ولكني لم اتوقع ذلك الامر بتاتا ،
رفعت حاجبها بشقاوة وقالت قاصدة اغاظته : الم تخبرني من قبل انك تعرف كل شاردة وواردة كيف لا تعلم بهذا الامر اذا ؟!
غمغم وهو يحدق بأحمد : لم اكن استفسر عن شقيقتك تامي كنت اتحرى عنك انت ثم ان ابي دفعني دفعا للتقدم لخطبتك فلم اقم بالسؤال عن عائلتك وخاصة ان سيادة السفير ذو تاريخ مشرف معروف
اكمل وهو يلتفت لينظر اليها : لذا لم اعلم عن ذاك الامر وتوقعت ان يكون خالد ابا الطفلين فاحمد نسخة مصغرة منه ما عدا لون العينين
مط شفتيه بتعجب وهو يتبع ويلتفت مرة اخرى لينظر الى هنا التي اتت بخطوات هادئة تتحدث الى شقيقها : ثم ان خالد يعشق شقيقتك وهي الاخرى تهيم به حبا فكيف تزوجت من اخاه وهما يهيمان ببعضهما هكذا .
انتظر قليلا ردها وعندما قابله الصمت التفت يحثها بعينيه ليعقد حاجبيه على الفور وهو يراها تعقد ساعديها امام صدرها ، تمط شفتيها باستياء ظهر على محياها وعقدة حاجبيها تنذر بعاصفة فاطمية قادمة في الطريق !!
ابتسم رغم عنه بتسلية وهو يراها بتلك الملامح التي يعشقها ، بحدقتيها التي تشعان بعواصف كرميلية ستنفجر بوجهه الان وتنثر عليه حمم الكراميل شهية المذاق سألها بنبرة يعلم جيدا انها تستفزها : ماذا الان فاطمة ؟!
كتم ضحكته التي تعالت بداخلة وهو يراها تجز على اسنانها بقوة لتهمس بحدة : اذا اباك دفعك دفعا لتخطبني .
اتسعت عينيه بدهشة ليقول بتعجب مبطن بسخريته المعهودة : من قال ذلك ؟!
اشاحت بكفها غاضبة : انت ، الان .
ضحك بخفة ليقترب منها ويحاوطها بذراعيه ، تحركت متمنعة لتبتعد عنه فأسرها بكفية اللذان اكتنفا خصرها برقه وهو يقربها منه ويهمس بنبرته الدافئة : لم اقصد ما فهمتيه انت ، لقد اخبرتك من قبل ان لا يوجد احد يدفعني للقيام بأمر لا اريده ولكن ،
همس متبعا عندما لامس ذقنها برقة امرة ليرفع راسها ويجبرها على النظر اليه : ابي تعجل الامور بعض الشيء ، وانا كان لدي ترتيب خاص للتعرف عليك يا ابنة السفير.
اشاحت بعينيها بعيدا عنه ليلامس وجنتها برقة وهو يهمس : لا تحرميني من الكراميل تامي ،
التفت اليه بانتباه ليهمس وهو يدور بعينيه على ملامحها يقبلها بنظراته لتبتسم هي بخجل وهي تشعر برفرفة شفتيه تلثمانها دون ان يقترب هو منها فعليا : نعم انا اقصد ذاك الكراميل الشهي المتدفق من حدقتيك يدعونني الى ان اخذك الان الى عالمي .. عالمي الذي ان دخلتيه لن تخرجي منه للابد تامي .
ضمها الى صدره بقوة وهو يقبل خصلاتها الثائرة : كم اريدك معي يا حوريتي .
ابتعد عنها على الفور عندما شعر بها تتملص من بين ذراعيه لينظر اليها بتعجب فينتبه لاحمرار وجهها وهي ترمش له بعينيها ، التفت الى الوراء وهو يرسم ابتسامة مغيظة يعلم جيدا مدى تأثيرها على الاخر ليتحرك مبتعدا عنها بارتباك وهو يقابل تلك البنيتين الثائرتين باعتراض صارم ونبرة معترضة ظهرت جيدا في صوتها وهي تقول بلباقة عهدها بها : مرحبا بك في بيتنا يا باشمهندس .
*************************
مطت شفتيها باستياء وهي تستمع الى طرقات على باب غرفتها فنهرت من وراء بابها بحدة وهي تقول : لا اريد تناول الطعام اذهبي ولا تعودي .
تلاعبت بخصلة شعرها الامامية وهي تنبطح على بطنها وتتأمل تلك العارضات بالمجلة التي تتصفحها بملل ليعاود الطرق مرة اخرى فتزفر بقوة وهي تصرخ تلك المرة : اذهبي يا امراه فانا لن انزل اليوم من غرفتي حتى اذا انطبق البيت على من فيه .
لوت شفتيها باستياء بالغ وهي تسب الخادمة اللحوحة التي اخرجتها عن طورها بسبب كثرة دقها على باب غرفتها ، تعلم جيدا ان والدها من بعثها اليها فهو لا يستطيع تناول طعامه بدونها ، هي فاكهة البيت كما يلقبها دائما .. قمره المكتمل كما يدللها .. وفرحة حياته كما يحب ان يخبرها وهو يراضيها .
ابتسمت برضا وهي ترفع قدميها لأعلى وتهزهما بطريقة رتيبة وهي مستمرة بنومتها وتصفحها للمجلة ولكن عقلها شارد في تلك الخطة التي تعدها للتخلص من دكتور الجفون ، فاذا كانت تريد ارضاء جدها سترضيه ولكنها لن تتزوج من ذاك الطبيب المتخصص بالمقالب .
عبست بوجهها عندما تذكرته وانتابها الغضب لفرضه لنفسه عليها ولكنها هدأت نفسها وهي تهمس داخليا " انتظري ديدي وفكري جيدا لتدفعيه ان يركض من امامك وذيله بين اسنانه "
لمعت عيناها بوميض قوي لتشهق بقوة وهي تنتفض على صوته وهو يهمس لها : لم الجميل عابس ؟!
انتفضت واقفة فوق الفراش وهي تشهق بقوة تفرد كفها فوق صدرها وتتمتم : سلام قول من رب رحيم .
ارتفعت حاجبيه بدهشة وهو ينظر اليها بتعجب ليجلس مكانها ويلتقط تلك المجلة التي كانت تتصفحها ويقول : هل رأيت جنيا ديدي انه انا ؟!
اتسعت عيناها بدهشة اثارت ضحكاته ليهمس بسخرية ماكرة : ام كنت تفكرين بي ولم تصدقي عندما رأيتني امامك .
عقدت الصدمة لسانها فهمست بصعوبة : كيف دخلت الى هنا ؟!
اجاب بلا مبالاة وهو يشير اليها : من الباب .
انقلبت رماديتيها لبحر من الغضب وهي تصر على حروفها : كيف جرؤت على الدخول الى غرفة نومي دون استئذان .
مط شفتيه باستياء ليهمس : ولم استئذن وانا ادخل الى غرفة نوم زوجتي ؟!
اتبع وهو يقلب صفحات المجلة : ثم لقد استأذنت بالفعل وطرقت الباب عدة مرات
قالت بغضب وهي تنزل من فوق الفراش وتتجه الى الباب: وانا اجبت بالرفض .
ابتسم بسخرية وقال وهو يعاود النظر الى المجلة باهتمام : كنت تصرفين الخادمة ليس انا فاعتبرت ذاك الامر كدعوة للدخول .
ضربت الارض بقدميها ، تمسكت بحافة الباب في اشارة منها بان يغادر وهي تزم شفتيها بغضب تجسد على ملامحها لتهمس بحدة : اخرج من هنا حالا .
زفر قويا ثم نهض واقفا تحرك بخطوات هادئة حتى اصبح امامها نظر اليها من علو ليحني عنقه بضع سنتيمترات قليله ويقول بلهجة امرة : سأنتظرك بالأسفل خمس دقائق فقط اريد التحدث معك والا سأصعد الى هنا مرة اخرى فلا تجبريني على ذلك .
اطبقت فكيها بقوة وهمت بالرفض لتلمع عينيه بوعيد اثار انتفاضة خوف داخلها ولكنها تحكمت بها قويا حتى لا تظهر بعينيها اتبع بهدوء حاد : لا امزح ديدي واذا استطعت فعلها مرة سأفعلها ثانية فلا تختبري صبري .
ابتسم بسخرية احرقت اعصابها وهو يعتدل واقفا ويكمل بهدوء وهو يناولها المجلة : ارى انك بدأت تتسوقين للعرس ، هذه خطوة هامة اهنئك على البدء بها فزواجنا لن يتأخر كثيرا
اتسعت عيناها برعب فعلي لم يخطئه ليهمس وهو يغادر فعليا : ولكن سنتناقش بالأسفل ،
اغلق الباب من خلفه وهو يقول بأمر صدح بنبرات صوته : سأنتظرك .
جلست على اقرب كرسي من ورائها حينما اغلق الباب وراءه وهي تشعر بشلل اصاب مخها فتبعثرت ، لم تستطع التفوه بحرف وشعرت بفقدانها على النطق امامه ، انها ليست المرة الاولى التي تشعر بهذا الاحساس الذي ينتابها ، ففي كل مرة يتقابلا تشعر به ، يغادر و يتركها من خلفه مبعثرة .. مشتتة .. تائهة .. فاقدة للنطق .. ومصابة بصداع نصفي جراء كثرة تفكيرها فيما تفوه به في لحظات قليلة ..
ليس الامر في حديثة ، تعلم هي ذلك جيدا ولكن كل الامر في نبرته التي يتحدث بها ، تلك النبرة المغايرة تماما لصوته الحقيقي ، تلك النبرة القوية .. الهادئة .. تحمل في طياتها الحدة ممزوجة بقوة تظلل عمق حدقتيه فيصبحا بلون اسود معتم يعكس ظلها بهما فلا تصل لما يفكر بل تشعر بانها امام مراتها التي تعريها وهي تكره ان تكون عارية امامه بل تريد ان تظل متمسكة برداء عنفوانها وقوتها وخاصة معه !!
قبضت كفيها وهي تسيطر على ارتجافهما ، لمعت عيناها بوميض غاضب لتنهض واقفة في كبرياء وحدقتيها تحوم بهما شرارات دخانية غاضبة
حدثت نفسها " أجرؤت محمود على ان تصعد الى غرفتي لتهددني ، حسنا يا ابن العم سنرى من سينفذ مقلبه بالآخر ويجلس ليستمتع بصوت ضحكاته التي تصدح في الافق "
تمتمت بقهر غاضب وهي تتجه لدولاب ملابسها : سنرى محمود سنرى .
***********************
وضعت كفها على فمها وهي تكتم شهقاتها المتتالية حتى لا تصدر صوتا تنبه ذاك الغافل بالخارج ، نظرت مرة اخرى لذلك الانبوب الابيض بيدها لتنهمر دموعها كالفيضان مغرقة خديها وهي تهز راسها بالنفي ، لا تعلم لم اتى لها هذا الهاجس الملح بعد كلمات مديحة التي المحت لها قبل ان تغادر انها من المحتمل ان تكون حامل للمرة الثانية !
حينها نظرت اليها باستنكار وهي تنفي ذاك الاحتمال وتفنيه من راسها ولا تعلم الى الان السبب وراء ابتياعها ذاك الاختبار في الصباح ضمن الادوية التي تشتريها دوريا لكريم وهي عائدة من عملها !!
لم تنتظر طويلا وكان الاختبار اصابها بحمى التسرع فاختلت بنفسها سريعا بعد ان اطمأنت على كريم في فراشه وتناولت الغذاء مع حماتها التي تغيرت كليا معها وفي غير وجود هشام الذي تأخر قليلا عن موعد عودته للبيت .
ولكنه اتى ليطرق الباب عليها وهي تنتظر النتيجة بترقب ، تراقبها عن كثب داخل دورة المياه تضع عينيها عليها ولا تستطيع تحريك حدقتيها ولا الرمش حتى تمضي الدقائق المعدودة التي تفصلها عن رؤية النتيجة
لتنتفض بقوة عندما طرق الباب وصوت هشام اتى لها من الخارج بعد ان ادار مقبض الباب وهو يقول : نودا ، ماذا تفعلين بالداخل ، ولماذا تغلقين الباب عليك ؟
ارتسمت ملامح وجهه امام عينيها عندما اتبع فشعرت به يبتسم والشقاوة تلمع بعينيه بعد ان اسند كتفه للباب وهمس بصوت اتقن نبراته لإغوائها : ان كنت تتحممين افتحي المزلاج فانا احتاج بشده لأُدلل على يديك .
رمشت بعينيها مرات متتابعة لتهمس بصوت حاولت ان يخرج طبيعيا قدر المستطاع : لا ،انا لا استحم ،
سحبت الهواء الى صدرها بقوة لتتبع هامسة : سآتي حالا .
استمعت الى زفرته القوية ليقول بهدوء والقلق يبطن نبرات صوته : حسنا سأنتظرك لا تتأخري .
ارتجفت بشدة وهي تعاود النظر لذاك الانبوب الابيض وهي تحدق بالخطين من امامها الملونين بلون بنفسجي قاتم اكد لها نتيجته الايجابية
كتمت شهقتها مرة اخرى وهي تتجه الى طرف المغسلة ، تفتح صنبور المياه لترمي الواء على وجهها بدفعات مرات متتالية حتى تستطيع ان تهدا من وجيب قلبها .
اغمضت عينيها وهي تحاول ان تستوعب طفل اخر مثل كريم ، سنوات مريرة ستقضيها تتنقل معه بين المستشفيات وجلسات العلاج ، طفل اخر مريض .. متأخر .. لن يكون طبيعي ينظر اليه الناس بنظرات شفقة تكون كالسهام تخترق روحها وقلبها لتدميه اكثر من رؤيتها له بتلك الحالة التي يظل عليها لكثير من الوقت .
طفل اخر لن يكون طبيعيا لن ينعم بطفولته لن تترقبه وهو يكبر ليغمغم بكلمات غير مفهومة ويصيح باسمها او اسم والده او اخاه ، طفل اخر لن تترقب خطواته الاولى عند اكتمال عامه الاول او تترقب وقوعه من على الفراش عندما يبدا بالتقلب في شهوره الست الاولى
طفل معاق لا يليق بهشام ولا باسم عائلته ولن يستطيع زوجها اوهي ان يتخذاه سندا وعونا لهما عند الكبر !!
ترقرقت الدموع بعينيها وهي تتذكر كلمات حماتها وهي تخبرها ان من حقها رؤية اطفال اصحاء لولدها الوحيد يحملون اسمه ويليقون باسم عائلته
شعرت بالندم يجتاحها وهي تشعر بصحة اقوال حماتها وانها كانت محقة منذ البداية وانها ترتكب اكبر خطا في حياتها باستمرارها مع هشام ، لابد ان تطلق صراحه وتبتعد عن طريقه لعله يهدي لوالدته حلمها الوحيد !!
دق الباب لتنتفض واقفة تغسل وجهها مرة اخرى وتغادر دورة المياه وعيناها تتقد بإصرار نبع من عمق دموع روحها .
************************
رمش بعينيه وهو ينظر اليها مليا ، يستطيع الشعور بان هناك شيئا مختلفا ولكنه لا يستطيع معرفته ، دق بسن قلمه على سطح مكتبه بحركة وتيرة وهو يحاول ان يستوعب ما تحدثت به منذ قليل
لا يفهم ماذا تريد منه ولكنه يحاول ان يسيطر على اعصابه ويتفهم موقفها
نظر لها بتفحص وهو يسالها بعينيه " هل هي تريد الاستقلال ؟! "
ليطبق فكيه بقوة وهو يراها ترفع راسها بكبرياء اوصل ردها اليه جيدا .
ابتسمت برقة كعادتها وهي تنظر اليه يجلس من خلف مكتبه يتأملها بنظرات حائرة ، يسالها بعينيه عما اصبحت عليه وعن حقيقة ما تفوهت به فابتسمت بثقة ورفعت انفها بكبرياء جعله يطبق فكيه ويقول من بين اسنانه : اذا انت تريدي ارثك من والدك ؟!
ابتسمت باتساع وهي تقول بهدوء غلل صوتها وشيئا اخر لم يستطع التوصل لماهيته ولكنه جعل صوتها اكثر صلابة عن ذي قبل و اكثر قوة : لم اقل ذلك كل ما قلته ان من حقي ان ادير نصيبي بتلك الشركة كما يحلو لي
هم بالحديث لتشير بيدها بحركة هادئة .. رقيقة .. ولكنها قوية جعلت ينظر اليها بعينين متسعتين على اخرهما وهي تقول بصوت جاد وملامح حيادية : اعلم بالطبع ان كرسي مجلس الادارة من حقك فانت الشريك الاكبر في تلك المجموعة فأسهمك انت وايني يشكلان اكثر من واحد وخمسون بالمائة لكن اسهم والدي رحمة الله عليه تليك بعددها فانا اطالب بحقي في كرسي يمثلني بمجلس الإدارة .
تنفس بعمق وقال : لم انكر حقك ذلك ولكني اتساءل عن السبب الان
اتبع وهو يعتدل بجلسته ويضع القلم من بين يديه : لطالما راعى ابي اسهم عمي بالشركة واتبعته انا والله اعلم اني لم افرط في حقوقك انت وعمتي .
ابتسمت برقة شديدة وقالت بلامبالاة : لا اقصد الاساءة بلال ولكن رعاية والدك لنا كانت لان ابي توفاه الله فهو قام بالحفاظ على ارثي انا ووالدتي وانت تابعت ذلك لأني كنت دون السن القانوني
رفعت عيناها اليه بنظرة مباشرة ونظراتها القوية تصعقه : لكني الان اتممت الواحد وعشرون عاما ومن حقي ان ادير اموالي بنفسي .
ارتد بجسده الى الوراء وهو يعيد النظر اليها ، يعيد تقييمها ويسال نفسه " من تلك التي امامه ؟! اهي حقا حبيبته الصغيرة التي كانت تختبئ من خلفه عندما تشعر بالخوف ؟!
اهي تلك الصغيرة التي كانت تأتي اليه ركضا حينما يظهر امامها ، كانت تعاتبه لغيابه عندما يذهب برفقة أصدقائه في رحلة ما او يقابلهم دون ان يصحبها معه ..
اهي تلك حبيبة عمره التي كانت لا تخجل من تصريحها الدائم بحبها له
نطق بخفوت دون وعي منه وهو ينظر اليها متسائلا : ماذا حدث ؟!
رمشت بعينيها والدم يهرب من وجهها وهي تنظر الى عمق عينيه وتفهم جيدا فحوى سؤاله الذي فاجئه كما فاجئها ، اشاحت بوجهها بعيدا عنه ليتبع بإصرار : هل توقفت عن الثقة بي سوزان ؟!
ابتسمت بألم ونظرت اليه بسخرية لتهمس : الا يحق لي ذلك ؟!
شحب وجهه بقوة وزاغت عيناه ليهمس وهو يطرق براسه ارضا : اسف .
زمت شفتيها وهي تشعر بدفاعتها تنهار كاملة لتتنفس بقوة وتقول بلهجة حادة اطلت حدتها من عينيها اللتان غامتا بلون بني قاتم : علام بلال ؟!
رفع راسه لينظر اليها بصدمة فاتبعت وهي تنظر اليه ببرود : انت تتأسف لي على أي شيء بالتحديد ؟!
اردفت بعد ان اشارت له بيدها ان لا يتحدث : على انك خذلتني ، ام على انك هشمت قلبي على مدار ايام وليالي طويلة كنت اتفنن انا بها في الاعتذار لك على ذنب اعترفت باني ارتكبته ولكنك ابيت ان تصدقني .
ارتسم الالم بوجهها وقالت : لقد اردت التصديق بانني خائنة احببت احدا اخرا ، لم تفهمني قط ولم تعرفني بلال فركنت بعقيدتك الى اني كاذبة خدعتك بحبي ولم تثق بقلبي ولا بي .
اشاحت بوجهها بعيدا عنه ، ثم رفعت راسها بكبرياء وقالت بمرارة : اعترف اني اخطئت عندما انبهرت بوليد وبوجوده من حولي ولكن قلبي ظل معلقا بك انت .
رمشت بعينيها وقالت بصوت خافت حمل الالم بطياته : حتى عندما حاولت ان ..
صمتت لتتنفس بقوة وتهمس : ولكن بفعلتك تلك أحرقت كل ما بيننا بلال والان تسال لماذا توقفت عن ثقتي بك ؟!
ابتسمت بسخرية شديدة : انت هشمت جسر الثقة بيننا بلال لطالما كنت انت ملاذي وامني .. وطني ومرفأي .
زفرت بقوة لتتبع بقوة وهي ترفع نظرها اليه بتصميم :ولكنك حطمت كل شيء وعليه لم اعد انا اثق الا بنفسي .
اتبعت بنبرة جامدة خاليه وعيناها تتألق بلمعة اخافته : نفسي فقط .
|