كاتب الموضوع :
سلافه الشرقاوي
المنتدى :
سلاسل روائع عبق الرومانسية
رد: 18- رواية امير ليلى بقلم Solafa El Sharqawey .. الفصل الـ 24 ..
مستلقي على أريكة مكتبه وهو يرفع يده أمامه وينظر إلى تلك الدبلة التي أهدته إياها يوم عيد مولده، ينظر من خلالها، يغلق عينه اليمنى وينظر من خلالها بنصف عين، يشعر بأنه يرى الكون كله من تلك الحلقة الضيقة.
رمش بعينيه وأطبق كفه عليها وهو يشعر بأنه مقيد بتلك الدبلة، بل إنها تتسع وتلتف حول عنقه لتزيد من الاختناق الذي لم يفارقه منذ أن أتت إليه ذلك اليوم ترجوه أن يجد حلاً لتلك المصيبة التي أوقعت نفسها بها.
يتذكر جيداً دموعها التي أغرقت خديها وهي تبكي وتخبره أنها استاءت من تصرفات وليد معها فقدمت الشكوى ضده إلى إدارة الإذاعة ، ولم تتخيل أن الأستاذة باكينام ستفعّل الشكوى وتبعثها للنيابة.
يومها كتم انفجاره، وعندما نظر إليها بجمود يسألها عما حدث، قالت بنبرة مرتجفة إن وليد لم يقترب منها ولكنه ضايقها بمغازلته الجريئة، وأن أكثر من فتاه شكون من تصرفاته وأنها ارتكبت إحدى حماقاتها الكثيرة التي اعتاد هو عليها.
نظر لها نظرة جعلتها ترتجف أمام عينيه ولكنها لم تتفوه بحرف زيادة!!
يعلم جيداً أنها كاذبة، يشعر بذلك ولا يستطيع أن يكذب حدسه وشعوره بها، فلطالما أنبأه حدسه بما تخفيه. كانت تخترع الحجج لوالديها وتقنعهما بها وعندما ينظر إليها يعلم أنها تخدعهم.
تنفس بقوة وهو يتذكر مواقف كثيرة لهما معاً، شريط سينمائي يعرض أمام عينيه ولا يستطيع أن يوقفه، بل يستمر بالعرض مراراً وكأنه يجلده بذكرياتهما معاً !!
أغمض عينيه وهو يشعر بفقدانه لها يعذبه، ولكنه لا يستطيع أن يقترب منها أيضاً. باتت علاقته بها كمعادلة عويصة استعصى عليه حلها !!
غمغم عقله " بل مستحيل حلها، لقد أغلقت أمامك كل الأبواب "
هز رأسه بأسى وهو يعود ويفكر " نعم طبيعته لا تحتمل أن يقترب منها مرة أخرى وهو يشك مجرد الشك بأن قلبها دق لأحد غيره، وخاصة أن ذلك الآخر لم يبثها عواطفه كما فعل هو، بل لم يشعر بها من الأساس فقلبه ملك أخرى "
أغمض عينيه وهو يدفع بصورته بعيداً عن مخيلته، فهو إلى الآن لا يعلم كيف سيطر على أعصابه ولم يوسعه ضرباً، ليس من اجل ما فعله بحبيبته الصغيرة، بل لأنه سرق قلب ياسمين أيضاً.
فتلك النظرة التي خصته بها ياسمين جعلت الاشتعال يزيد بصدره، فذلك الوقح المستهتر لا يستحق فتاه رائعة كياسمين، لا يستحق أن تمنحه حبها بتلك الطريقة.
ضرب بقبضته المتكورة على دبلتها ظهر الأريكة المستلقي عليها بقهر وهو يقول بعنف خافت: بل لا يستحق أن تصبح زوجته أو أن تتنازل وتحمل اسمه.
اشتعل الغضب في عينيه فتحولا لونهما البني إلى البني المحترق تماماً من الغضب. غاضب هو إلى أقصى درجة، غاضب من الآخر الذي حطم أحلام طفولته وصباه وشبابه، غاضب من أنه استولى على قلب ابنة عم أخته الكبرى والتي يعدها أختاً أخرى له، غاضب لأنه يرى أن ذلك المنحل لا يستحق.
تمتم بغضب أغشى عينيه: نعم إنه لا يستحق !!
***************************
اقترب من صديقه وهو يبتسم بهدوء، رماها بنظره عاتبة لترفع انفها بطريقة طفولية كاد أن يقهقه ضحكاً عليها، ابعد عينيه عنها مرغماً ليلتفت إلى صديقه ويقول بفخامة كعادته: مبروك يا عريسنا الغالي.
صاح وليد بقوة: يا مرحبا، أتيت أخيراً، توقعت ألا تأتِ وأنك لن تخرج اليوم من المشفى.
ابتسم وهو يرميها بنظرة عابرة ليقول في هدوء: لم أكن لأفوت خطبتك وليد.
تنحنح وليد قوياً وقال: عقد قراني من فضلك.
ضحك بخفة وردد: عقد قران سيادتك، مبروك يا صديقي.
ابتسم وهو ينظر إلى ياسمين: مبروك يا آنسة ياسمين.
لوت ياسمين شفتيها بملل وقالت: توقف عن طريقتك تلك فهي تصيبني بالحساسية، نحن نعرف بعضنا منذ أمد بعيد يا سيادة الرائد فأرجو أن تتعامل معي بطبيعية.
ابتسم وليد وقال مغيظاً: هذا هو أمير.. يُشعرك بأنه خارج لتوه من إحدى الأساطير القديمة، بل هو أسطورة في حد ذاتها.
رفعت حاجبيها بدهشة لتنظر إليه بحنق وهي تفكر " إنه يعرف ابنة عمها بل ووليد أيضاً "
ابتسمت بسخرية وهي تجز على أسنانها غضباً " انه ينتمي لتلك الطبقة المخملية، ليس هذا السائق الرائع الذي فخرت به لكفاحه وبنائه لنفسه وحياته "
انتبهت من أفكارها على ياسمين التي قالت: ليلى.
نظرت لها لترى أنها تُعرِفها به: سيادة الرائد صديق لوليد ومعرفة من النادي.
نظرت له وقالت: ليلى ابنة عمي يا كابتن.
هزت رأسها بعجرفة و قالت بلامبالاة: أهلاً.
احمرت أذناه بقوة وحياها برأسه وقال بغلظة: تشرفت بمعرفتك يا أستاذة.
نطقها من بين أسنانه فشعرت بأنها على وشك الابتسام بسبب غيظه الذي تجسد في احمرار أذنيه.
تبادل الحديث مع وليد بهدوء لتقترب منها ياسمين وتهمس بجانب أذنها: ماذا بك ليلى؟ لم تعاملت مع الرجل بتلك الطريقة الغريبة؟
نظرت لها باستنكار وهزت رأسها: لا شيء، لا تشغلي راسك.
عقدت ياسمين حاجبيها وقالت بصوت منخفض: حسناً توقفي عن العبوس وتلك النظرة الإجرامية التي تتألق بعينيك، والتي لم أرها من قبل.
هزت ليلى رأسها بالموافقة وابتعدت عن ابنة عمها لتسمح لعريسها أن ينفرد بها قليلاً. وقفت تنظر إلى بعض الأزهار الوردية وهي تستغفر ربها بهدوء وتدعو أن يذهب ذلك الضيق عنها، فهي لا تريد أن تقتل فرحة ياسمين.
أشاحت بوجهها عنه وحاولت أن تنسى انه هنا ولكنه كان حاضراً أمام عينيها بقوة، كيف تستطيع الخلاص من حضوره الطاغي، الذي يطغي دائماً على كل شيء حوله؟ أصبحت الرؤية عندها محيط وجوده فقط، يتنفس فتستمع لصوت أنفاسه الزافرة، يبتسم فتشعر بتلك الذبذبات السعيدة التي تصدر منه، يتحدث فتشعر بعقلها يتيه في نبرة صوته الفخمة وتغشى عيناها عن كل شيء إلا صورته التي يبثها عقلها أمام عينيها حتى عندما لا تنظر إليه !!
تأففت بقوة وهي تدعو الله أن تُرحم من تلك الدوامة التي تشعر بها تؤرجحها يميناً ويساراً. فإلى الآن لا تستطيع أن تتخذ موقفاً حازماً تجاهه، لا تعلم أهي حانقة عليه أم مشتاقة إليه !!
انتبهت من أفكارها على صوته يقول بدفء: ماذا بك يا أستاذة؟
عقدت حاجبيها ونظرت له باستفهام فقال وهو يبتسم بهدوء: لماذا تتأففين؟
قالت بعجرفة وهي تنظر إليه ببرود: الجو خانق هنا لدرجة لا استطيع معها أن أتنفس.
رفع حاجبيه بدهشة وقال ببراءة: خانق !! الهواء يعبث بحجابك بالفعل، كيف لا تشعرين به؟
ابتسم بمكر وهو يراها تعدل من وضعية حجابها لتقول بضيق طفولي: يوجد بعض الأشخاص ثقيلي الظل لدرجة أنك لا تشعر بأي شيء آخر في وجودهم.
حرك رأسه متفهماً وهو يقول: آها
اتبع باستفزاز: من ضايقك وأنا مستعد لأن اقتلع عينيه.
نظرت له بغيظ فقال وهو يضع يده على صدره بثقة: ثقي بي.
ابتسمت بسخرية وتألق الاستهزاء بعينيها: أثق بك؟ إنه لحلم مستحيل الحدوث. فأنا أثق بالجميع ما عداك أنت.
توقف عن الابتسام ونظر إليها فنظرت له بكبرياء وابتعدت عنه دون أن تكترث به مما جعله سينفجر غيظا منها ومن تعنتها معه !!
****************************
وقف ينظر إليهما معاً، كفاهما المتشابكتان بقوة، نظراتهما التي لا تنفصل لثواني معدودة، ذلك الحوار الدائر بينهما بشغف دون أن تنفرج شفتيهما إلا بالابتسام، ابتسامته التي تعد بكل شيء وتطلب كل شيء وابتسامتها الخجول التي تجعلها تزداد فتنة.
رمش بعينيه وهو يتذكر أخرى كانت تبتسم بتلك الطريقة فتجعله يفقد عقله وينسى كل شيء عن ذكرياته الأليمة !!
تنهد بقوة وهو يفكر أنها انضمت هي الأخرى إلى باقي الذكريات الأليمة.
ابتسم ساخراً وهو يتوقف عن التفكير فيما يراه أمامه وينهر نفسه على تلك الذكريات التي انهمرت دفعة واحدة إلى عقله.
تنفس بقوة ليمحو أي آثار سلبية ظهرت عليه من جراء اجترار الذكريات، وتحرك ليدخل ويعلن حضوره للحفل الرائع، ويقدم لأخيه الكبير وعروسه تهنئته
**************************
وقفت أمام طاولة المشروبات وهي تشعر بأنها ستنفجر من الغيظ، لا تستطيع النظر إليه ولا الحديث معه. استأذنت من ياسمين أن تنصرف ولكن الأخيرة أخبرتها أن تنتظر إلى أن ينتهي الحفل. تحاملت على نفسها وبقيت من اجل ياسمين ولكنها لا تستطيع أن تتحكم في ضيقها وخنقتها أكثر من ذلك. فهو لا ينفك أن يحادثها، و يدور من حولها ويرغمها على مشاركته الحديث. يحدثها بود ولباقة تجعلها تجز على أسنانها غيظاً. تنظر إليه بقوة فيبتسم تلك الابتسامة الجانبية التي باتت تكرهها الآن. لطالما زادته تلك الابتسامة جاذبية وغموضاً عشقته من قبل.
نهرت نفسها بقوة " ويحك ليلى، انتبهي جيداً إلى نفسك فنحن اتخذنا قرارنا، لن نغفر له "
هزت رأسها مؤكدة بقوة ذلك القرار، لتعود وتقول "ولكنها بالفعل إحدى ابتسامته الرائعة، تجعلني افقد عقلي عندما يبتسم".
لم تستطع التحكم في ذلك الصراع الدائر بداخلها فذهبت لتشرب كوباً من الماء لعله يهدئ حرة جوفها.
ابتسمت للعامل الذي ناولها كوب الماء لتنتفض بقوة على صوته الفخم وهو يهمس بجانبها " توقفي عن توزيع ابتساماتك يميناً ويساراً "
شرقت من الهواء، فكحت بقوة ثم التفت إليه وهي تضيق عينيها بتعبير شرس، ثم رفعت رأسها في كبرياء التقطه هو بسهولة لتنطق من بين أسنانها: عفوا، أتتحدث معي أنا؟
لم يستطع أن يتحكم في ابتسامته، فابتسم بخفة وقال وهو ينظر إلى عينيها: نعم يا أستاذة، أتحدث إلى سموك.
وضعت الكوب من يدها لتكتف ذراعيها أمام صدرها وقالت بأنفة واضحة: وما المناسبة؟
أشاح بوجهه عنها ونظر إلى الأمام: اممم، المناسبة؟
وضع يديه بجيبيه وقال في هدوء وهو يلتفت لينظر إليها مرة أخرى، هز كتفيه بلامبالاة: اعتقد أنني أخبرتك من قبل ألا تبتسمي لأحد آخر غيري.
احمرت وجنتاها بقوة ولمع الغضب بمقلتيها وقالت ساخرة: والله، وهذا وأنت تلعب أي دور في المسرحية يا بك؟
رفعت إصبعها في وجهه وهي تستمر بنفس النبرة الهازئة: آها تذكرت، أخبرتني بذلك وأنت تلعب دور الشاب الفقير.
صمتت قليلاً وهي تمثل التفكير العميق: أتعلم من رأيي دور السائق يليق بك أكثر، لا يليق عليك ذلك الدور، ابن العائلات الراقية والطبقة المخملية.
أشارت بيديها الاثنتين وهي تبعد المسافة بينهما قليلاً: انه متسع عليك قليلاً، فابن العائلات الراقية لا يتصرف بتلك الح..
لمع الغضب في عينيه ونظر إليها بقوة وقال من بين أسنانه: احترسي لما تتفوهين به ليلى.
لم تتوقف عن إتمام جملتها بسبب شرارات الغضب التي لمعت بعينيه ولكنها لم تستطع لفظها، لم تستطع أن تهينه رغم أنه أهانها مئات المرات.
رفعت رأسها وقالت بعجرفة استحضرتها: لن احترس يا اسطي ولعلمك لست خائفة من غيمة الغضب التي تتجمع في عينيك ولكنني لن أهين نفسي معك أكثر من ذلك.
ردد بتعجب: تهينين نفسك معي !!
ابتسمت بسخرية: نعم يا اسطي فأنا اعتبر حديثي معك إهانة لنفسي، بعد إذنك.
قبض كفيه بقوة وقال بفحيح غاضب: انتظري.
وقفت على الفور وانتظرت وهي تعطيه ظهرها فقال بجبروت: إذا أنت ترين أن تجاذب الحديث معي إهانة، حسناً.
اقترب منها ليقف على بعد انش واحد وانحنى هامساً بجانب أذنها بوعيد: سأرغمك على ما هو أكثر من الحديث ليلى ، واعلمي جيداً انك لست نداً لي.
__ أين الكابتن؟ ؟
نظر له وليد: لا اعرف، لماذا تسأل عنه؟ والاهم ماذا فعلت به لأنه لم يطق أن اذكر اسمك أمامه؟
قهقه الآخر ضاحكاً ثم هز كتفيه: لا شيء، لقد رأيته برفقة فتاه حسناء ووقفت أتحدث معه.
ضيق وليد عينيه وقال: فتاه، لا تخبرني أنها المنشودة.
هز الآخر رأسه: ربما.. لا اعرف ولكنه كاد يحطم أضلعي بسبب دفعته لي، لا اعلم كيف كان مريضاً وهو بكل تلك القوة البدنية؟
ضحك وليد قوياً وهم بالرد ليقاطعه الآخر وهو يقول بلهفة: إنها تلك الفتاه التي يتحدث معها.
التفت وليد سريعا لمكان إشارة وجيه، ليعقد حاجبيه مفكراً وتضيء عيناه بومضات سريعة متتابعة، ثم ابتسم باتساع وهو ينظر ملياً للموقف الذي يحدث أمامه.
اتبع وجيه وهو يقول بصوت هادئ: إنها تعاتبه على أمر ما، انظر.
نظر الآخر ملياً لصديقه والحديث الدائر بينه وبين ليلى ليبتسم ويقول في خفوت: إنهما يتشاجران.
عقد وجيه حاجبيه ونظر ملياً ليلتفت وينظر إلى وليد مستفهماً: انظر إلى وجه أمير وأنت تعلم أنها ليست معاتبة, انه يجز على أسنانه غضباً. من الواضح أن الآنسة تسمعه ما لا يعجبه وانه يسيطر على أعصابه بصعوبة.
تأمل الآخر الموقف ملياً ثم قال: ربما وربما يتحدثان ليس أكثر.
أكمل بحبور: انظر كيف انحنى عليها هامساً.
ليتبع ضاحكاً: انه يغازلها يا رجل. انظر إلى وجهها الذي احتقن بقوة.
ابتسم وليد وآثر الصمت فهو يعلم صديقه جيداً وما رآه في عينيه انه يتوعدها بشيء بل إن وجه ليلى احتقن غضباً وليس خجلاً. ولكنه ليس مهتماً بحديث وجيه الآن، كل ما يجول بعقله الآن، من أين يعرفان بعضهما؟ ولماذا لم يخبره أمير انه يعرف تلك الليلى؟
قفزت إلى عقله ردود أفعال أمير الغريبة عندما حدثه عنها في المشفى لتتسع ابتسامته ويتجه عائداً إلى ياسمين. نظر إليها ضاحكاً وهو يراها تنظر بعينين متسعتين لما كان هو يراقبه منذ قليل.
ابتسم لنظرة التفكير التي اعتلت عينيها وهمس بجانبها: هل أخبرتك أنها تعرفه؟
هزت رأسها نافية وقال بشرود: لا، أنا متعجبة لماذا أنكرت معرفتها به، فمن الواضح أنها تعرفه جيداً أيضاً.
ابتسم وقال: لا تشغلي راسك من المؤكد أنها ستخبرك.
هزت رأسها بآلية وقالت: بالطبع، ليلى لا تخفي عني شيئا ولكنها تنتظر الوقت الملائم فقط ليس أكثر.
هم بالحديث معها ليقاطعه صوت دافئ يعرفه جيداً يقول: مبروك يا أخي العزيز.
التفت هي في دهشة لمصدر الصوت ليبتسم هو باتساع وهو يحتضن الآخر بود: اشتقت إليك أيها السمج، لماذا تأخرت في الحضور؟
ابتسم وائل بود: للأسف لم أتمكن من اللحاق بالطائرة فأتيت بالسيارة.
نظر إلى ياسمين وابتسم باتساع: مبروك ياسمين.
نقلت نظرها بينهما وقالت بهدوء: لا افهم العلاقة بينكما.
اتسعت عينا وائل وقال بمرح مفتعل: ألم يخبرك الفنان عني؟
كح وليد بخفة: انه أخي الآخر ياسمين، لقد أخبرتك عنه.
نظرت له في دهشة لتنقل نظرها إلى الآخر وهزت رأسها وهي تطبق شفتيها بقوة وتنظر له بنظرة متسائلة يعلمها جيداً.
تنحنح الآخر في حرج وقال: من الواضح أنني قطعت حديثاً خاصاً بينكما.
خفض بصره بعيداً عنها وقال سريعاً: لا كان حديثاً عادياً، اخبرني عنك أنت.
ابتسم الآخر: أنا بخير والحمد لله.
اتبع: الحفل رائع ولكن لا افهم لماذا لم تقيموه في القصر؟
اقترب من ياسمين ليحتضن كفها بحنو وقال بفخر: انه اختيار ياسمين.
ابتسم الآخر ولم تغب عنه حركة أخيه – الذي من الواضح أنه يعتذر بطريقة ما على أمر لا يفهمه هو – قال بمرح: انه اختيار موفق.
قالت بجدية: أشكرك.
ابتسمت في وجه ليلى التي قالت سريعاً: ياسمين سأنصرف أنا.
ابتسم وليد باتساع وهو يجد الآخر يقترب منه فقال: لماذا ليلى ألن تأتي معنا؟
ابتسمت ليلى بحرج: لا أشكرك.
قال وليد: لماذا؟ إخوتي وأصدقائنا سيحتفلون بنا بطريقتهم بعيداً عن تعقيدات الكبار.
ابتسمت ليلى: لا شكراً سأنصرف، فانا لست ميالة لتلك الحفلات الصاخبة.
ابتسم بقوة وقال: المعذرة لم أعرفك.
أشار إلى وائل وقال بمرح: أخي المهندس وائل.
نظر إلى وائل وقال بابتسامة وهو ينظر إليه أن يجاريه فيما يفعل: إنها ليلى ابنة عم ياسمين وأكثر من شقيقتها.
هز وائل رأسه لتبتسم هي بحرج وتقول: تشرفنا.
قال وائل بابتسامة مدروسة: مرحبا يا آنسة بل الشرف لي.
اتبع بابتسامة ودود وهو ينظر إليها ملياً: وسأزداد شرفاً إذا وافقت على الحضور معنا، فأنا من اعد الحفل لاحتفل بأخي وعروسه.
احمرت وجنتيها بقوة وقالت بحرج: المعذرة لن استطيع.
قال وائل بود: من اجل ياسمين، هل ستتركينها بمفردها؟
همت بالرد لتنتفض على صوته الغاضب يقول بخشونة: أهلاً وائل.
كتم وليد ضحكته ونظر إلى ياسمين التي رفعت حاجبيها اعتراضاً على خشونة الآخر، ونظرت لليلى بتفحص لتجد الأخيرة تشيح بنظراتها بعيداً عنه !!
اتسعت ابتسامة وائل بقوة: مرحباً يا بك، أين أنت يا رجل؟ لا افهم إلى الآن أين تختفي وتظهر فجأة بتلك الطريقة؟ كيف حالك؟
ابتسم أمير وقال: بخير.
قال وليد بتلقائية: كان في المشفى. اعلم عندما يختفي بتلك الطريقة أنه مصاب بحادث ما وانه طريح الفراش.
ضحك وائل: حمداً لله على سلامتك.
ابتعدت الفتاتين تلقائياً عندما أتى أمير لتهمس ليلى: ماذا بك؟
هزت ياسمين رأسها: لا شيء.
قالت ليلى بإصرار: وجهك مختلف عن ذي قبل، هل حدث شيء ما؟
هزت ياسمين رأسها: لا لم يحدث شيء، ولكني مرهقة ليس أكثر.
صمتت الاثنتان وكل منهما تتحدث مع نفسها. فياسمين تفكر في كيف لغى وجود ذلك الوائل من حياته، كيف لم يخبرها عنه؟ والأدهى كيف نسيته هي ولم تسأله عنه ولا مرة. لم تتذكره في الأصل لتسأله عنه ولكنه هو تعمد ألا يذكره لها، كان يعلم أنها تعرفه وتعمد ألا يخبرها انه أخوه، اخبرها بالطبع أن لديه أخين احمد ووائل ولكنه لم يخبرها انه ذلك الوائل الذي كان يظهر أمامها كعفريت العلبة بل واخبرها صراحة انه معجب بها.
اتسعت عيناها وهذا الخاطر يجول برأسها " أمعقول انه كان يبعث أخيه ليتحدث معها؟ "
هزت رأسها نافية بإصرار " تعرف وليد جيداً وهذا ليس أسلوبه والمرة الوحيدة التي رأى وائل معها كاد أن يتشاجر مع الآخر "
زمت شفتيها بغضب "يوجد شيء لا تفهمه... حلقة مفقودة لا تفهمها. فاليوم يتعاملان معاً كأخين حقيقيين، المعاملة مختلفة كلياً عن المرة الماضية "
فكرت " ماذا حدث؟ "
ابتسمت بخفة " إذا لهذا السبب تحديداً كانت تتذكره عندما ترى وائل، كيف لم تلحظ تلك الابتسامة التي يتشابهان بها ولمعة العينين التي تجعل عيون وليد أكثر غموضاً، نفس تقاسيم الوجه تقريباً وشكل الجسد ولكن وائل أطول قليلاً منه "
زفرت بقوة وهي تفكر فيما يخفيه وليد عنها !!
|