كاتب الموضوع :
زهرة منسية
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
عندما خرجا فى تلك الليلة من ليالى الصيف رفعا رأسيهما وحملقا إلى السماء كانت هناك سحابة سميكة تغطى السماء أنفجرا فى الضحك وقهقه جيرمى:
-هل تبحثين عن ليلاس القمر الأزرق؟هذا ليس ميعاده
-مذنب وأيضاً أنت أعرف أن علماء الفلك يمكنهم التنبؤ بليلة ظهوره بشكل دقيق لكنى لا أريد المخاطرة بأن لا أرآه
سألها وهو يفتح باب السيارة الـ بى أم دبليو ذات اللون الرمادى :
-وماذا تعتقدين عن الأسطورة ليلاس التى صيغت عنه
-أوهـ...حسنا إنها....
رفعت كتفيها وهى تجلس فى السيارة ثم نظرت إليه :
-إنها عجيبة وغريبة إنها قصة خيالية وجميلة
قال وهو يقفل الباب محدثاً صوتاً :
-فهمت
دمدمت بينما كان يدور حول السيارة :
-هذا ليس حقيقياً الأساطير والحكايات الخرافية ليست سوى حكايات
بعد أن أنزلق وأدار المحرك تردد جيرمى ثم وضع ذراعه على ظهر مقعدها ومرر أصابعه ببطء فى شعر كلويه :
-كلويه ألا تعتقدين فى شئ غير علمى؟
أجابته وقد رفعت حاجباً وذقنها فى آن واحد :
-جيرمى ألا تعتقد فى شئ علمى؟
قهقه جيرمى وقد أثر فيه سؤال كلويه
-القمر الأزرق وعلم النفس موضوعان غير قابلان للمناقشة فى هذا المساء
-ليكن ذلك ومع ذلك فمن حقنا أن نظر إلى السماء من آن لآخر
-حسنا سيدتى
وملأت ضحكاتهما السيارة محدثة رنيناً سعيداً
وأصلا فى أثناء الطريق حديثهما العذب ومع هذا كان ينسج وراء الدعابات والضحكات تيار من الأحاسيس يغلفهما ويربط بينهما كالخيط الخفى
فعندما تلتقى العينان السمراوان بالعينين الخضراوين كانت الجمل تبقى مبتورة وتتبخر الأفكار بينما تتزايد خفقات القلب ويتزايد تجاذبهما العاطفى فيشعل فيهما حرارة يستطيع أن يتعرف عليها كل منهما دون أن يبوح بها للآخر تسرى رجفة فى جسد كلويه وتقطر حبات العرق فى ظهر جيرمى
قال رجل شاب يقف أمام باب المطعم:
-أسف يا سيدى مكان وقوف السيارات غير صالح للأستعمال لقد شق العمال فى هذا المكان مصرفاً هذا الصباح ومع ذلك لا يوجد أى إتلاف فى المطعم لكن تستطيع ركن السيارة فى الشارع الرئيسى او فى أى شارع جانبى
قال جيرمى وهو ينظر إلى كلويه:
-كلويه؟
-تمام يا جيرمى إنها ليلة جميلة ولا يهمنى إذا مشيت ولن أشير إلى أن المشى تمرين ممتاز
أستطرد:
-برافو حسنا سأركن السيارة بناءً على طلب الرجل الشاب ذى الزى الرسمى وسنرجع سيراً على الأقدام
-نعم سيدى
أول مكان وجداه كان يقع على بعد مجموعتين من البيوت فى شارع مظلم تحفه أشجار منخفضة الفروع
قالت كلويه بينما كانا يتجهان إلى المطعم :
-هذا مخيف...حتى امنازل غير مضاءة فتلك الأشجار تجعل الشارع يبدو كالقبو
-على الناصية تماماً سنجد الضوء والغذاء يا عزيزتى
-قدنى يا سيد هاريس إنى اتضور جوعاً
يشتهر هذا المطعم بالطعام الممتاز والجو الآليف كانت الشموع تتلألأ فوق المنضاد المكسوة بالمفارش البيضاء والندل يلبسون السترات الرسمية ويتحدثون بصوت منخفض .كانت المناضد مصفوفة بشكل يجعل العملاء لايشعرون بوجود بعضهم البعض.
بعد أن جلسا الأثنان وطلبا الطعام سأل جيرمى كلويه عن طفولتها
قالت:
-أن والدتها قد ماتت وهى فى الثانية عشر من عمرها وتحدثت عن والدها وابتسامة حانية تعلو شفتيها
كانت محادثة عادية وطبيعية كما كانت تتميز بأن كلاً منهما كان يثق بالآخر ثقة كبيرة هو يشعر بكل صفات المرأة فيها وهى تشعر بكل تفاصيل الرجل فيه
سألته كلويه آمله ألا يلاحظ نبرة صوتها :
-متى قابلت جيف كوبر؟
-ذهبنا معاً للمدرسة كنت أكبره بسنتين كنت أعرف فعلاً-عرفت منذو طفولتى-أننى أريد أن أكون مهندساً وكان جيف يعرف فقط أنه لا يريد أن يكون طبيباً
-كان بيل يتمنى دائماً أن يصبح جيف طبيباً
-أعرف لينهى الأمر صرح جيف أنه يستطيع الرسم جيداً هو أيضاً نظراً لأنى كنت أقضى وقت فراغى فى الرسم لقد أستهواه الرسم بسرعة كان موهوباً وهذه القدرة الطبيعية لم تكن ملاحظة من أحد بدأنا فى الحلم بمستقبلنا الحلم بشركة هاريس&كوبر المهندسان التى ستصبح من أحسن الشركات .أقترح جيف أن يأتى أسمى أولاً لأنى كنت أكبر منه سناً التحقت أنا بالجامعة والتحق بى بعد سنتين وأخيراً أنشأنا مكتبنا فى البداية كدنا نموت من الجوع . كم أفتقد جيف كان شاباً جيداً صديقاً طيباً أحد المهندسين الأكثر موهبة
-أن بيل يفتقده كثيراً أخبرنى والدى أنه انت من أخرجه من أنهياره عندما أسندت له وظيفة طبيب الشركة لقد انقذت حياته
-لقد منحته وسيلة ليخرج من الأنهيار هذا كل شئ كان موت جيف مؤلماً لنا جميعاً بشكل خاص ذلك أنه لم يكن ضحية سائق أخر بل ضحية لنفسه كان دائماً يقود بسرعة مائة كيلو متر فى الساعة وأنتهى الأمر بأن قتل لم يكن هذا ليحدث إذا ما كنت فقط....
وتوقف فجأة
-إذا ما فعلت ماذا يا جيرمى؟إذا ما أقنعت جيف أن يتغيير ؟أهو هذا؟تقول أنك تعمل بجد لأنك مدين لـ جيف بالحفاظ على شهرة وجودة شركة هاريس&كوبر هذا دينك لـ جيف لماذا؟
ظهر عرق غزير على صدغ جيرمى وهو يميل نحو كلويه :
-كنت أقرب الأصدقاء إلى جيف وشريكه رأيت ما يحدث وقلت يجب ان يكون لى معه حديثاً طويلاً لكنى كنت أؤجل دائماً هذا الحديث بسبب الوقت...ثم....ثملم يعد هناك وقت بما أن جيف قد مات
وضعت يدها فوق يده :
-أوهـ جيرمى كان جيف رشيداً مسؤلاً عن تصرفاته ربما كان سيستمع إلى نصائحك لكنى أشك فى ذلك غالباً ما كان سيصم أذنيه أمام كلامك ليست مديناً له حقا لست كذلك
نظر جيرمى إلى عينيها ثم نقل نظره إلى يديها ثم أغلق اصابعه على أصابع المرأة الشابة وهمس:
-سأفكر فيما قلت . شكراً كلويه
-عفواً.رأيت مفكرتك طاقة من العمل خلال تلك الساعات مدونة بها إنك مثل جيف مسؤول عن تصرفاتك أنت مخطئ فى حق نفسك بأن تتصرف هكذا
نظر إليها من جديد وهز رأسه ببطء ظلت عيناهما مثبتتان .أنهى قدوم النادل بالعشاء هذا الجو المفعم بالعواطف
وأصلا الحديث وهما يأكلان وعندما جاء النادل ليحمل الأطباق تبينت كلويه أنها لا تستطيع الإدلاء برأيها فى الطعام فعلى ضوء الشموع الذى أبرز ملامح جيرمى الحادة لم تكن ترى إلا وجهه كانت تلك السهرة رائعة وكان الليل لهما فقط
وهما يشربان القهوة استغرق جيرمى فى النظر إلى كلويه كان شعرها الذهبى يرسل دعوة صريحة لكى تغوص فيه يداه وتتزايد فيه الرغبة
للمرة المائة منذ تقابلا كان يتساءل كيف عرف أنه يحبها ؟
غريزة التملك التى يشعر بها تجاهها تخلف له رسالة لا يستطيع تفسيرها؟هل الرغبة التى كان يشعر بها لها تفسير أعمق مما كان يدركه؟الطريقة التى تشغل بها أفكاره فى النهار وأحلامه فى الليل هل كانت تلقى إليه بعلامات لا يفهمها ؟
هو! من كان ذكياً لا يستطيع إزالة الأرتباك عن عقله!!
سألته:
-جيرمى هل القهوة ليست طيبة؟أنت تنظر إليها وأنت عابس
-ماذا؟أوهـ كلا إنها طيبة كنت أفكر فى شئ آخر.أنت مستعدة للمشى حتى السيارة؟
قالت محدثة نفسها "كلما كان مبكراً كان أفضل"
ففى كل مرة كانت تنظر فيها إلى جيرمى كانت تشعر وكأنها ثلج يذوب فى ضوء الشمس كان يجب أن تترك المطعم الرومانسى لتتنفس جرعة من الهواء النقى
بعد ان دفعا الحساب خرجا إلى الشارع وكان مضاءاً بأنوار براقة ثم عادا إلى الظلام الحالك حيث مجموعة المنازل . قالت كلويه :
-مازال المكان مخيفاً
وضع جيرمى ذراعه فوق كتفيها وضمها إليه
-سأحميك من الأشباح , العفاريت .وكل ما يسكن الليل
قهقهت كلويه :
-هذا مريح
بمجرد أن تقدما بدأ وكأن الظلام يطبق عليهما كالباب الثقيل فجأة تصلب جيرمى عندما خرج شبح طويل من بين الأشجار وقال:
-أنتبهى
-ماذا هناك ؟أنا ....
وقبل أن تستطيع أن تكمل كلامها أحتضنها جيرمى وقفز بها على الحشائش فوق الرصيف أرتطم جيرمى بالأرض وصرخت كلويه وجمدها الفزع رفع جيرمى رأسه وحدق فى الظلام
قال صوت من بعيد :
-تيبى هيا يا عزيزى عدا إلى المنزل تيبى عد سريعاً يا كلبى
هدأ جيرمى وأقفل عينيه تاركاً رأسه يسقط فوق كتفى كلويه وتدحجر على جنبه وأدارها فى مواجهته
سألته بأدب :
-هل تريد تفسير ذلك؟
-أنا أسف.هل أنت بخير ؟ألم أصبك بسوء؟
لأبد أننى عصبى للغاية لقد أقتحم شخص ما شقتى بعد ظهر اليوم عندما رأيت هذا الشخص يخرج من الأشجار أعتقدت...أوهـ أبدو كالأبله
-كلا على الأطلاق كما أنك لم تصيبنى بسوء كانت مفاجأة هذا كل ما فى الأمر كنا نسير بهدوء ثم...
-أعرف أعرف أنا أسف ثم صحح كلماته وهو يضحك ليست أسفاً حقاً إننى أنام معك على تلك الحشائش العطرة الأمر ليس أمراً كريهاً أبداً
خفض شفتيه نحو شفتيها
-كلا على الأطلاق
بدأت القبلة ببطء ثم تصاعدت شيئا فشيئا
كانت الحشائش سريراً رخواً وعطراً والظلام شرنقة ودودة كانا متواجدين فى عالم ملك لهما وحدهما تملكتهما الرغبة المتزايدة رغبة مؤلمة لم يعرفها أحد منهما أبداً
أبعد جيرمى فمه عن فم كلويه :
-كلويه ليس هذا المكان المناسب ولا باللحظة المناسبة لو تعلمين كم أرغبك
همست وهى تتنفس بصعوبة :
-وأنا أيضاً يا جيرمى
نظر إلى عينيها فترة طويلة
-كلويه لنعد إلى المنزل
نهاية الفصل الرابع
قراءة ممتعة للجميع
|