كاتب الموضوع :
نيو فراولة
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
وفي الصباح ذهبت ديانا الى المدرسة بدون كلمة ، وتساءلت مادلين لماذا تتصرف ديانا هكذا؟ إنها لا تدرك إلا أنها هي ونيكولاس صديقان ، وليس هناك سبب لنفورها إلا الغيرة المحضة ، الأمر الذي يجب تحطيمه ، وفي المدرسة أدرت مادلين عملها بطريقة آلية ، وذهنها مشغول بذكرى عشاء الليلة السابقة ، وبينما كانت تتناول الطعام عند عودتها مع ديانا ، تساءلت الفتاة :
" هل ستخرجين الليلة مرة أخرى؟".
" كلا.... لماذا؟".
" إنني اتساءل فحسب ، هل أنت غاضبة مني؟".
" ولماذا تتصورين ذلك؟".
بدت ديانا خجلة قليلا من نفسها ، وقالت:
" لست أهتم بشيء في أي حال ، قلت لك أنه ليس في وسعي ان اتناول العشاء معهم ، إنهم ليسوا من طرازنا".
حدّقت فيها مادلين بغيظ ، وتساءلت في غضب:
" من هم طرازنا إذا ؟ أظن أنك ستقحمين إسم أدريان هنا مرة أخرى".
" حسنا ، أدريان على الأقل لا يسلي نفسه على حسابنا ، لا اراك تعتقدين أن نيكولاس فيتال سيكون له شأن جاد معك ؟".
" أعتقد أنك فتاة أنانية قاسية ، ولكن لا تتخيّلي ان ما تقولينه سيؤثر عليّ ، إنني في سن تسمح لي بان اتولى شؤوني بنفسي".
هتفت ديانا:
" إنك مصممة على أن تجعلي من نفسك حمقاء !".
أطبقت مادلين قبضتيها ، وكان شعورها الأول هو أن تصفع ديانا بشد فليس من حقها ان تتحدث الى امها بهذه اللهجة مهما كانت مشاعرها في هذا الشان ، ولكنها بدلا من ذلك نهضت عن المائدة وسارت الى غرفة النوم وأغلقت الباب ،وتركت ديانا وحدها ، والواقع ان ديانا شعرت بانها تجاوزت الحد ، ولكن كان ثمة شيطان بداخلها يدفعها دفعا.
وفي المساء التالي ، وبينما كانت مادلين تستعد للخروج تساءلت إذا كانت تتصرف بتهوّر وطيش وهي تخاطر بفقدان صداقة إبنتها من أجل رجل عرفته لأقل من أسبوع فقط ، ولكن شكوكها سرعان ما ولّت عندما نزلت الى لقائه ،وتوجها بالسيارة الى هاينوك ، وهي قرية على مشارف البلدة ، حيث كان هناك فندق لم تدرك مادلين وجوده من قبل ، وأوقف نيكولاس السيارة وإذ كان يتفحص المنطقة قال لها أن من الأفضل ألا يكونا وحدهما ولكنها أشعرته بطمأنينتها طالما أنه معها ، وأخبرها انه لا بد له من الذهاب الى روما لعدة ايام ، وفي موقف عاطفي وداعي أخذ وجهها بين راحتيه وعانقها ، وفي إنتظار إستجابتها له... اخذت يده ووضعتها على عنقها ، فاحست بوخز لشيء في أصبعه ، كان خاتما منقوشا مرصعا بالزمرد ، فتساءلت:
" إنه جميل ، هل أعطتك زوجتك إياه؟".
فهز راسه قائلا:
" جوانا وأنا تعارفنا قبل الزواج بشهور قليلة فقط ، قابلتها عندما ذهبت الى الفرع الأميركي لشركتنا ، كان والدها يدير الفرع في ذلك الوقت ، واحسبني كنت عندئذ شابا قابلا للتاثر ، ولم أدرك ان جوانا وجدت فيّ فرصة لتحيا حياة إجتماعية دولية ، وعندما حملت لم تكن مسرورة لذلك ولامتني على أنني حطمت حياتها ، وللأسف ولدت الطفلة قبل الأوان ، وبينما كانت في دار النقاهة اصيبت بفيروس تركها ضعيفة جدا ، وما لبثت ان ماتت بعد ذلك ، وقد لمت نفسي بالطبع على ذلك ولكن الزمن يشفي كل شيء ، كما ان ماريا نفسها كانت السبب في إستمرار حياتي".
" إنني آسفة".
" كان هذا منذ وقت طويل....".
قال ذلك ثم خلع الخاتم واخذ بيد مادلين وسحب خاتم زواجها وإستبدل به خاتمه المنقوش ، وعندما تطلعت اليه بدهشة قال:
" انت أول إمرأة تلبس خاتما وهبته لها عن حب ، اما الخواتم التي كانت تلبسها جوانا فكانت شيئا آخر ، وفي وسعك أن تقولي أن ابي هو الذي إشترى جوانا لي ، كانت تنحدر من أسرة أرستقراطية في بوسطن".
وقال لها انه سيتصل بها يوم الإثنين من روما وأنه قد يذهب الى فيلنتيا كذلك ، ولكنه سيتصل بها حيث كان ، وأنه سيسافر غدا وقد يعود الأربعاء أو الخميس ، وطلب منها أن تلبس الخاتم في غيبته ، فترددت ثم وافقت ، وهي تشعر بأن الأيام القليلة المقبلة ستكون بمثابة اعوام.
وكان نيكولاس يدرك إزدياد إنجذابه الى مادلين ، وكم اصبحت هامة بالنسبة اليه في مثل هذه الفسحة القصيرة من الوقت ، أراد ان يعرب لها عن شعوره ، وأن يرجوها الذهاب معه ، والزواج منه على الفور ، ولكنه قرر عكس ذلك ، إذ يبدو الأمر تعجلا من جانبه وقد تظن انه ينصب لها شركا ، لا بد ان ينتظر حتى يعود من إيطاليا ، وشعر بأنه لم يعد يريد الذهاب ، وان إهتمامه الدائم بعمله أصبح الان ذا أهمية ثانوية ، بالمقارنة الى مشاعره نحو مادلين ، إنه يريد أن يفعل لها الكثير ، وأن يريها اماكن كثيرة ، ولكنه يريد أولا ان يقول لها أنه يحبها ، وأن يسمع منها أنها تبادله الشعور ... وتركها عند باب الشقة وها هو يعدها بالإتصال في أسرع ما يستطيع ، واوشكت ان تبكي وهي ترى أضواء سيارته تختفي على الطريق الرئيسي ، ولكنها لمست الخاتم فشعرت بأنها لم تعد خائفة.
|