كاتب الموضوع :
نيو فراولة
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
قطب نيكولاس جبينه ، ورسم حاجباه المنسحبان مع بعضهما تقدم غاضبا ، ورد قائلا ببرود:
" لن يكون هذا ضروريا ، هارفي ، هل لك أن تشرح لبيلمونت كل ما يتعلق براس الموزع الجديد؟".
هزهارفي كتفيه قائلا:
" أجل يا نيكولاس .... هل اراك في الصباح؟".
" بالتأكيد ... ساذهب الى المكتب مبكرا ، فلا بد من الذهاب الى المطار بعد ذلك لمقابلة ماريا".
وافقه هارفي وهو يبتسم إبتسامة عريضة ويغمز بعينيه لمادلين ، ولكنها لم تكن في مزاج يسمح لها بتقدير دعابته ، لم تكن ثمة دعابة في هذا الموقف كما تمثل في ذهنها .
دهش آل ماسترسون وهم يرونهما ينصرفان معا ، ورأت مادلين أن لوسي ماسترسون بدت حقودة على نحو واضح وهي تودعها ، إتخذت من قبل سلوكا تملكيّا إزاء نيكولاس ، ولكن من الواضح انه مهما كان تفكيرها ، فلم يكن نيكولاس يبدي أي إهتمام بها.
سرّت مادلين عندما وجدت نفسها معه في الخارج ، إرتدت معطفها في القاعة ، كما إرتدى نيكولاس معطفه ، وكانت السماء تمطر بغزارة وهما يسرعان عبر الفناء الى حيث كانت تقف سيارة صالون بيضاء منخفضة ن كانت أيضا من طراز شريدان ، ولكن من نوع يختلف عن السيارة الحمراء.
ساعدها على الدخول ثم إلتف وإندس بجوارها ، وكانت المقاعد واسعة فاخرة ومريحة للغاية ، وشعرت مادلين بنفسها تسترخي وتستند في كسل الى ظهر مقعدها ، وكانت ياقة معطف نيكولاس مرتفعة ، وبالرغم من أنه أدار المحرك ، إلا أنه التفت اليها قبل ان يتحرك بالسيارة ، وتساءل نيكولاس فجأة :
" لماذا قلت إنك ستركبين سيارة أجرة؟".
إنتفضت مادلين من هدوئها ، وردت وهي تشعر بعصبية مثل قطة صغيرة :
" رايتك منهمكا في الحديث ، ولم اشأ ان أزعجك".
بدا عليه الشك ، كان قد أدار مفتاح النور الداخلي الان ، وكانت مادلين تدرك انها تبدو مذنبة للغاية ، فصاحت:منتديات ليلاس
" حسنا ، بصراحة انا مجرد ارملة عادية لا تدّعي الجمال ، لها إبنة اوشكت ان تكون كبيرة ، فاي إهتمام يمكن أن أثيره فيك ، أنا لست من طرازك على الإطلاق".
هز نيكولاس كتفيه بشكل غير ملحوظ تقريبا ، ثم اطفا النور ، وتحركت السيارة بسرعة عبر طريق الخروج الى طريق أوتيرييري ، وتساءلت مادلين ما إذا كانت ستعود الى طبيعتها من جديد ، وتساءل نيكولاس ببطء:
" لماذا تتخيّلين انني أهتم بك؟".
شعرت مادلين كان ركبتيها تهتزان ، وتمنت الا يلحظ ذلك ، كان أقل ما يقال في عبارته انها تثير الإرتباك ، ولم تعرف كيف ترد عليها ، فقررت أن تتجاهل سؤاله ، وقالت:
" اسكن غير بعيد من هنا ، عند المنعطف التالي على يمينك ، إنه في الحقيقة قرب انغلسايد تماما ، وإذا وقفت في نهاية الطريق ففي وسعي ان أمشي بسهولة".
لم يرد ، ولكن السيارة إنعطفت نحو الحدائق ومضت ، فقالت مادلين بصوت خفيض:
" ها هي الشقق".
فأوقف نيكولاس السيارة فورا ، وكانت الحدائق تبدو مهجورة ، والأمطار جعلت الناس يؤثرون البقاء في دفء منازلهم ، وتلمست مادلين حقيبة يدها وقفازها في إرتباك وهي تستعد للخروج ، ولكنه قال عامدا:
" إنك لم تردي على سؤالي".
سرّت مادلين لأن النور لم يكن مضاء في هذه اللحظة ، كان الظلام ودودا ، غير كاشف ، وكانت موقنة بأن وجهها اصبح في حمرة الطماطم.
" كلا ... هل تتوقع ردا؟".
قال وهو يلتفت نحوها:
" بالطبع ، اريد أن أعرف".
ايقنت الان بأنه يدرك تاثيره عليها ، وكان قربه منها يسلبها أنفاسها وينعش كيانها ، ورغم انها احست بانه يتعين عليها ان تظهر نحوه الغضب ، غذ كان كل شعورها هو الإحساس بأنها تتوق الى أن تكون أكثر قربا منه ، وما لبثت ان قالت وهي تحاول بغير نجاح ان تضفي على الحديث سمة أخف:
" اعتقد انك تداعبني....".
قال وهو يبدو مسرورا:
" كلا ، إنني لا أداعبك".
لم تكن تحلم أبدا بان يكون ثمة رجل على هذه الدرجة من الإزعاج ن ولم يسبق لها ابدا أن عالجت موقفا كهذا ، وكانت حياتها آمنة في كثير من النواحي ، أما نيكولاس فيتال فكان رجلا آخر مجهولا تماما ، ما لبث ان غمغم قائلا:
" اخبريني ، هل أنت خائفة؟هل هذا بسبب إرتعادك ؟ ماذا كان هارفي يقول لك؟".
مد ذراعه عبر ظهر المقعد خلفها وامسكت اصابعه بكتفها ، فاوقفت الرعشة التي المت بها.
"لا.... لا شيء....".
قالت ذلك وهي تتلعثم ، وقد إشتعل كيانها كله بالعاطفة ، عاطفة اثارتها لمسة يده ، وقال نيكولاس وهو يحدّق في جانب وجهها على ضوء مصباح الشارع :
" إنني موقف انه قال شيئا".
وكان قد اضحى قريبا منها على نحو إستطاعت معه أن تشم رائحة الرجولة النقيّة المحيط بها ، كان يتحداها عمدا ، ويجعلها تدرك كيانها كإمرأة ، فأحست بحرارة فيكل جسمها:
" يجب أن أنصرف......".
قالت ذلك بحزم ، ووضعت يدها على مسكة الباب ، فإنحنى نيكولاس الى جوارها ومنعها من فتحه ، لم يكن ينوي ان يتركها تنصرف هكذا ، ففي فترة قصيرة إستطاعت أن تثير في نفسه مشاعر كان يظنها خامدة ، غمغم في رقة:
" ليس بعد ، أريد ان أعرف متى اراك ثانية؟".
فحدّقت مادلين فيه وتساءلت:
" هل أنت جاد؟".
فقطب جبينه للحظة ، وقال:
" انا جاد بالطبع... هل تخيّلت ان أصاحبك الى البيت ثم أخرج من حياتك... بهذه البساطة؟".
" لا أعرف.... ربما تخيّلت انني......".
" سهلة ؟ لم افكر في ذلك لحظة ، متى إذا؟".
" لا استطيع أن أفكر لماذا تريد ان تراني...".
إبتسم في شبه سخرية وقال:
" الا تستطيعين ... ربما ... فأنت إمرأة سبق لها الزواج تبدين ساذجة على نحولا يصدق".
قالت مادلين ، وفي نبرة صوتها ما يوحي بجرح شعورها:
" أشكرك....".
" هذا إطراء من نواح كثيرة.... هل تعرفين انك إمرأة مرغوبة؟".
إرتعدت مادلين وقالت وهي تتنهد:
" انا مجرّد ربة بيت عادية ، مضطرة الى ان تعمل".
" ليس بالنسبة اليّ..".
قال ذلك وأصابعه تلوي طية من شعرها العنبري ن واردف قائلا:
" هيا يا عزيزتي ؟ مساء الغد إذن؟".
بدات مادلين تجد صعوبة في المنطق ، وقالت:
" لست أدري........".
"ولم لا ؟ لا تقاومي يا مادلين ، ليس هذا ضروريا بيننا أريدك ان تأتي واعلم أنك تريدين أن تأتي ، الأمر هكذا بهذه البساطة ، إنك لمضطربة بسببي كما أنني مضطرب بسببك".
حدّقت فيه قائلة:
" أنا... اسبب لك الإضطراب؟".
كانت عيتاه مظلمتين لا يمكن قراءتهما ، ولكنها احست بالقوة وراء كلماته وتقلّصت أصابعه بإحكام على كتفيها لحظة ، ثم أطلقها ، فغمغمت وهي تشعر بمقاومتها تنحسر:
" ربما لا توافق إبنتي على ذلك".
بدت في صوته الغطرسة من جديد:
" سيكون هذا سيئا .... إسمعي ....سآتي لصطحابك في السابعة والنصف ، إتفقنا؟".
أحنت مادلين رأسها ، وكانت اعجز من أن ترفض:
" أوه... لا بأس....".
" حسنا ...".
وتناول حفنة من شعرها وجذب راسها الى الخلف ونظر في وجهها وغمغم :
" كوني في الموعد تماما".
فرجت مادلين شفتيها وهي تحدّق فيه ن فقال وهو يئن:
" لا تدعيني ألمسك يا عزيزتي ... وإلا فلن اتركك تذهبين".
جذبت مادلين رأسها بعيدا عنه وإنسلت من السيارة في حركة واحدة ولدهشتها وجدته ينسل بدوره ، ووقفا معا لحظة تحت المطر ، وغمغم برفق وقد ذهبت الغطرسة عنه تماما.
" لا تنسي ...".
" كأن هذا في إستطاعتي !".
قالت ذلك هامسة في عجز ، ثم جرت بسرعة الى البناية.
|