كاتب الموضوع :
نيو فراولة
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
تطلع نيكولاس فيتال بسأم ساخر الى الحشد القائم في غرفة الجلوس ، كان هذا الطراز من الإجتماعات يسئمه ، إفراط في الشرب وكثرة فائقة في عدد الأناث المفترسات ، الملتفات حوله ، ولو لم يكن لديع عمل مع كونراد ماسترسون لما جاء الليلة ، فقد عثر على ناد صغير في لندن أقرب الى ذوقه ، ولكنه الآن هنا في أي حال ، ويتوقعون منه أن يبقى لفترة على الأقل.
بحثت عيناه الحادتان في رجاء الغرفة عن هارفي كامنغز ، كان هارفي مساعده الخاص ومسؤول العلاقات العامة لديه ، وكان هارفي يحب هذا الطراز من المناسبات.
رأى هارفي على الفور ، كان يقف مع ديف ماديسون وزوجته ، وفتاة اخرى ، وإفترض ان تكون الفتاة مع هارفي.
إعتذر لمضيفه وشق طريقه بين الحشود المثرثرة الى حيث كان يقف هارفي ، وبادل الضيوف الآخرين تحياتهم وهو يمر ، ولكنه لم يقف ليتحدث ، مما اشعر جماعة الأناث بالأسف والأسى ، كان الجميع يعرفون بالطبع من هو ، وكان يعلم أنهم سيثيرون التخمينات عن نشاطه ، ولم تكن لحياته الخاصة وجود تقريبا في بعض الأحيان وكان يعلمان له سمعة قاسية فيما يتعلق بالنساء ، والى حد ما كان لسمعته ما يبررها ، ولكن نيكولاس نفسه كان يدرك أن النساء اللواتي ورّطن أنفسهن في حياته لم يتوقعن أكثر مما اعطاهن ، ومن المؤكد انهن لو اردن أن يلعبن اللعبة على طريقته لما كان هو الرجل الحقيقي وراء قناع الدبلوماسية.
وكان هارفي ورفيقته مشغولين بالحديث عندما إقترب منهما ، وكان ثمة وقت اتيح له فيه أن يتساءل عمن تكون الفتاة ، وعن يتحدثان ، كانت طويلة نحيلة ، لشعرها لون جميل غير عادي ، ينسدل بطلاقة على كتفيها ويبدوكثيفا حريريا ، وقالت له خواطره أن هارفي يحسن إختيار رفيقاته ، وما لبث ان قال وهو يضع يده على كتف هارفي:
" هل يضايقك أن افض هذا الحديث الهامس بينكما؟".
إستدار هارفي فجأة ، وقال وهو يئن:
" يا الهي ! ظننتك شرطيا !ألا بد لك أن تقتحم أجواء شخص مثلي على هذا النحو؟".
إبتسم نيكولاس إبتسامة عريضة ، ثم ضاقت عيناه ، كانت الفتاة التي تقف مع هارفي معروفة له ، انها راكبة الدراجة البخارية عندما اصطدمت بسيارته يوم الجمعة الفائت ، وكان من الواضح أنها عرفته ايضا ، إذ امتلأ وجهها فجأة بالإحمرار ، قال متشدقا:
"حسنا ، حسنا ، العالم مكان صغير حقيقة".
بدت الحيرة على وجه هارفي.
" ماذا؟ هل يعرف كل منكما الآخر؟".
قال نيكولاس بطريقة جافة:
" السيدة سكوت وانا تصادمنا يوم الجمعة الفائت ، كنت في سيارتي وقتئذ وكانت هي تركب دراجة بخارية".
رفع هارفي حاجبيه:
" حقا... لم تذكري يا مادلين أنك تعرفين نيكولاس عندما دخل الغرفة؟".
شعرت مادلين بالحرج كانها تلميذة ، وقالت:
" إنني لا ... اعني ... أن السيد فيتال ساعدني على النهوض فقط هذا كل ما في الأمر ، ولم نجد الفرصة ليتعرف احدنا على الآخر".
بدا السرور على نيكولاس ، لقد ظن في الأسبوع الفائت ان لها وجها يثير الإهتمام ، ولكنها الليلة تبدو جميلة حقا ، واراد أن يعرف عنها المزيد ، فدوّن رقم دراجتها البخارية وهي تنصرف بها ، وكان ينوي أن يعرف المزيد عنها ، ماذا تفعل مع هارفي ؟ خاصة وأنها كانت متزوجة؟ لم يكن لديه شك في طراز النساء المتزوجات اللواتي يعرفهن ، وهن ضالعات مع رجل أو آخر ، ولكن هذه المخلوقة كانت تبدو مختلفة ، لم تكن على شاكلة ما ألف من معارف من النساء ، كانت لها قسمات واضحة سافرة ، يمكنك ان تقول أنها نزيهة ، وكانت لها عينان واسعتان جميلتان.. قال بلطف ، وهو يتجاهل التعبير الذي بدا على وجه هارفي:
" لوى هارفي قسمات وجهه ،وتساءل في لهجة عدوانية تمثيلية:
" الان لماذا جئت هنا أيها الرفيق القديم؟".
فقال نيكولاس بلهجة لطيفة مرضية:
" حتى تستطيع أن تشتري لي شرابا ... إنطلق الان ايها الرفيق القديم".
تنهد هارفي وتطلّع باسف الى مادلين ، وقال بصوت مفعم بالعاطفة:
" فليكن .. إن لكل منا مصيبته".
ضحكت مادلين وهو ينصرف متظاهرا بجرح شعوره ، وأخذت تدير كأسها بعصبية بين أصابعها ، وهي تشعر بلسانها معقودا ، وكانت تدرك أنه يدرسها بإمعان ، وما لبث أن قال:
" لم تتضايقي لأنني إقتحمت حديثك مع هارفي ، اليس كذلك؟".
تطلعت مادلين اليه وهزّت راسها نفيا بقوة:
" كلا... على الأطلاق ... لم أقابله إلا منذ نصف ساعة فقط".
" كنت أظن انك ربما تكونين آخر غزواته!".
إبتسمت مادلين:
" أوه ، كلا ، لا شيء من ذلك على الأطلاق".
"حسنا".
قال نيكولاس ذلك وهو يبدو جادا واخرج سكائره ، وعرض عليها ، فتناولت واحدة , وإستطرد قائلا:
" وزوجك ، أهو هنا الليلة؟".
" كلا ، زوجي مات منذ تسعة أعوام".
بدت عليه الدهشة البالغة وقال:
" تسعة أعوام؟ ارجو أن تغفري لي ، ولكنني ظننت انك حديثة الزواج".
تنهدت مادلين قائلة:
" أوه، أرجوك ، انا في الثالثة والثلاثين ، وارجو ألا تقول أنني ابدوكفتاة دون العشرين".
|