كاتب الموضوع :
نيو فراولة
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
كان فندق كراون يقع على مسافة ثلاثة أميال فقط من أوتيرييري ، على طريق غيلفورد ، وكان يقدم الطعام والخدمة المناسبة اساسا للذين يريدون الإبتعاد عن صخب المدينة وإندفاعها ، كما كانت مطاعمه ذات كفاءة طيبة ، وكان الطعام الذي يتولاه طاه فرنسي لذيذا ومنوعا في مذاقه ولذلك إشتهر بالخدمة الحسنة ، وكانت مادلين تشعر وهي تتناول الطعام فيه بانها خبيرة ذوّاقة في إختيار أصنافه والحكم عليها.
وكان الطريق الى الفندق يمر بمصنع شريدان ، فشعرت بعينيها تنجذبان الى المكان وهي تمر عليه وتساءلت أي مركز يحتله الرجل ، لقد قال إنه يعمل بالمصنع ، فربما يكون أحد المديرين ، فرجل مثله يقود سيارة مثل سيارته ، لا يمكن ان يكون من طبقة العاملين في الورشة ، هذا إلى ان حلته كانت تنبىء بتفصيل راق ، حتى حلل أدريان لم تكن تناسبه على هذا النحو الجيد او تبدو غالية الثمن كهذه الحلة ، ومع ذلك فأدريان ناظر مدرسة ! ولكن ادريان كان يتوخى في شرائه الأشياء أن تدوم ، وكانت غالبا ما تدوم.
كان الفندق مزدحما ،ولكن مائدتهما كان يجري حجزها من أسبوع لأسبوع ، وذلك يعد شيئا مضمونا ، فمنذ وصول الإيطاليين والأميركيين ، بدت بلدة أوتيرييري وما يكتنفها وكانها تصغر تدريجيا ، وكان سكانها يتجاوزون الحدود في كل مكان ، وزمجر أدريان وقد إضطر الى أن يشق طريقه الى الباب ليحضر شرابهما ، وعاد يشق طريقه الى جانبها وهي تقف قرب المدخل.
قال وهويتخذ بجانبها وضعا مريحا:
" يا له من زحام ، لقد اصبح المكان أشبه بمباراة الركبي كل اسبوع ، ولم يكن ابدا هكذا من قبل".
قالت مادلين في سخرية:
" لا أظن ان اصحابه يشكون ، إنهم سيشعرون بالعرفان لرواج تجارتهم".
" أتوقع ان يشعروا بذلك ، ولكن.... حقيقة... ليس ثمة مكان للجلوس والدخان ناحية البار يثير الغثيان".
إبتسمت مادلين ، لم تكن تنفر من الزحام مثل ادريان ، لكنها مع ذلك لا ترى ان هناك أية متعة في الوقوف عند المدخل طيلة المساء ، قالت:
" فلنذهب لنتناول الطعام إذن ، ونستطيع هناك على اية حال ان نتناول الشراب في راحة نسبية".
قال أدريان على الفور:
" فكرة ممتازة ، تفضلي".
وكانت غرفة العشاء أيضا مزدحمة ، ولكن مائدة أدريان ، تحت النافذة ، كانت تنتظرهما ، فجلسا شاكرين ، وخلعت مادلين سترتها... واكلا سلمون مشويا وسوفليه الخوخ ، وتنهدت مادلين وهي تشعر بالمتعة غذ تحتسي قهوتها ، وتمتمت وهي تبتسم:
لقد كان هذا لذيذا تماما ، يجب ان تعترف يا أدريان اننا لوغيرنا الفندق فلن تستطيع الحصول على وجبة مثل هذه".
إبتسم ادريان:
" نعم لعلك على حق ، لقد تبدّل شعوري الا إزاء كل شيء".
أشعلا سيكارتين وشرعا يناقشان قصة كان كلاهما قد قراها ، عندما سقط ظل على المائدة ، تطلعت مادلين في دهشة لتجد رجلا متقدما في السن يبتسم لهما ، ونظر أدريان ايضا وما لبث ان نهض بسرعة وهتف:
" هيذر وينغتون ! لقد مرّت فترة طويلة منذ إلتقينا ".
إبتسم هيذر وينغتون في لطف وقال:
" هل لي أن أنضم إليكما؟".
قال أدريان في يسر:
" بالطبع ، إجلس .... أوه ... بالمناسبة ... هذه سكرتيرتي ، السيدة سكوت ، لا أعتقد انكما تقابلتما من قبل ، هذا السيد هيذر هينغتون يا مادلين ، ناظر المدرسة الثانوية".
قالت مادلين وهي تبتسم وتصافح السيد هيذر وينغتون:
" نعم ، أعرف ذلك ، تفضل بالجلوس".
" ارى أنكما تحبان الطعام هنا ".
قالت مادلين في حماسة:
" أوه... نعم ، هل تاتي هنا كثيرا؟".
رد هيذر وينغتون في بطء:
" كلما إستطعت ان أترك زوجتي في امان، إنها شبه مقعدة ، ولا احب أن أتركها وحدها ، ومع ذلك كان عندي الليلة موعد عمل ، وجئنا هنا بعد ذلك لنتناول العشاء...".
ثم إلتفت الى أدريان قائلا:
" انا سعيد لأنني إلتقيت بك يا سنكلير ، فنا أريد أن أتحدث اليك".
قال أدريان ،وقد أثير إهتمامه:
" أي نعم... عم تريد ان تتحدث؟".
قالت مادلين وهي تتطلع متسائلة الى هيذر وينغتون:
" هل أنصرف؟".
هز هيذر وينغتون رأسه نفيا ، وأخرج غليونه وأخذ يملأه قائلا:
" كلا... على الإطلاق... هل يضايقك ان أدخن؟".
قالت مادلين:
"كلا...".
فاشعل هيذر وينغتون غليونه وهو يبدو متأملا ، وقال بعد ان اتم إشعاله:
" والان... إنك تعرف كونراد ماسترسون يا سنكلير ،أليس كذلك؟".
قطب ادريان جبينه:
" كونراد ماسترسون ؟ كلا؟ أوه... إنتظر لحظة ، لعلك تعني الأمريكي الذي يدير الآن مصنع شريدان؟".
" هذا صحيح ، هل تعرفه؟".
هز أدريان رأسه نفيا:
" كلا ، سمعت بإسمه فقط سماعا عابرا ... لماذا؟".
" ستعلم انه إشترى ذلك البيت الذي كان يملكه اللورد اوتيرييري في هاينوك".
" نعم ، سمعت ذلك".
قال أدريان ذلك وهو يومىء براسه ، وأخذت مادلين تنصت بإهتمام ، عمّ يدور الحديث يا ترى؟
" حسنا... إبنه عندي في المدرسة _ كونراد الصغير وهو في الثالثة عشرة وهو لامع الذكاء جدا ،ولكن ليس هذا ما كنت اريد ان أخبرك به".
|