كاتب الموضوع :
نيو فراولة
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
قال ذلك متأوها وإنحنى الى الأمام ليمسك بها وهي تمر أمامه ولكنها راغت منه وهرعت الى غرفة النوم ، وقالت تناديه وهي تغلق الباب:
" لن استغرق أكثر من دقيقة".
وإغتسلت وإرتدت بنطلونا فضفاض وبلوزة تريسل وراجعت في ذهنها ما ستقوله لديانا ، لا بد ان مشادة ستحدث بينهما ن ولكن مهما حدث فإنها تنوي ان تكون حازمة ، فلا فائدة من المداورة.
وبينما هي تضع بعض الحمر الخفيف على شفتيها إنفتح الباب وظهر نيكولاس على عتبته ، وقال ساخرا:
" إناء البخار يوشك أن ينفجر ، وقد أطفاته ولكن يحسن بك أن تتحققي بنفسك من ان كل شيء على ما يرام".
إبتسمت مادلين مداعبة وقالت:
" الا تعرف يا حبيبي إن كان الأمر على ما يرام ، أم إنك لا تفهم في شغل البيت؟".
فغمغم وهو يهز كتفيه:
" اعتقد إنني لا أفهم".
" سيكون الأمر على ما يرام... ولكن هل سيكون لي زوج عاجز تماما ؟".
فضيّق نيكولاس عينيه يساوره إستياء مشوب بالسرور وهي تنهض ، وقال وهو يتقدم نحوها:
" هذا يتوقف على ما تعنين ، بكلمة عاجز !".
فتراجعت وهي تضحك مداعبة ، وبينما كانت تفعل ذلك سمعت صوتا في غرفة الجلوس ، فتوقفت ونظرت الى الباب متجاوزة نيكولاس ، وتساءلت وهي مقطبة الجبين:
" لا تحاول إعاقتي...".
قال نيكولاس ذلك وهو يبتسم ويواصل التقدم نحوها ، فراغت منه وهي تفتعل الإنزعاج ، كانت عارية القدمين وكان يبدو بالغ الضخامة وهو يقترب منها وإصطدم باطن ركبتيها باحد الأسرة ففقدت توازنها وسقطت وهي تشهق على الفراش وإعتذرت له متوسلة ، لكنه قال:
" والآن ، اريد إعتذارا حقيقيا".
فقالت مقطعة الأنفاس:
" حسنا ، دعني انهض".
" لا ، قولي بعدي ، إنني آسفة للغاية يا سيدي ، ولن يحدث ذلك مرة أخرى!".
فضحكت مادلين في خفوت وقالت:
" إنني آسفة للغاية يا حبيبي ، ولن يحدث ذلك مرة أخرى".
" لم تكن الكلمات مني ان اغيرها؟".
فاطلق يديها وجلس بجوارها قائلا:
" لن يكون هذا ضروريا ، والواقع انني افضّلها بطريقتي".
ثم قال:
" ماذا ستظن إبنتك إذا وجدتنا هنا؟".
فرفعت جسمها وقالت في إرتعاشة يسيرة:
" ومن يلومها؟".
فأومأ نيكولاس براسه وإسترخى على ظهره وقال:
" لا عجب أن تساورها افكار غريبة عن الزواج إذا كنت انت وجو لم تتواجدا معا في غرفة واحدة".
جلست مادلين وقالت:
" لا أظن انها فكرت في ذلك ، ثم أن هناك كثيرا من الناس لهم فراش متباعد".
" اظن ذلك ، ولكنني أعتقد أنني لو كنت مكانها لتحريت الأمر قليلا ان هناك فارق رهيب بين سنيكما ، وعلى فكرة كم كان عمر ذلك الفتى ... بيتر؟".
" نحو السابعة عشرة على ما أعتقد ، لماذا؟".
فهز نيكولاس كتفيه وقال:
" لا ادري ، ربما كان مجرد فضول مني".
ثم إبتسم وجلس قائلا:
" كل ما يحيط بك يفتنني ".
فرمقته بإبتسامة راضية وقالت:
" أحقا ؟ هذا أمر لطيف".
" اليس كذلك ؟ إنني أتمنى لو كنت أعرف جو".
" لماذا؟".
" حسنا ، إنه يبدو لي شخصية أصيلة ، ليس هناك كثير من الرجال يمكن أن يفعلوا ما فعل".
تنهدت مادلين وقالت:
" كلا ، كان جو رائعا ، لا سيما عندما أفكر كم كنت حمقاء".
" لم تكوني حمقاء ، كنت فقط صغيرة جدا ، وخائفة جدا".
فنهضت وقالت:
" هذا صحيح ، من الأفضل ان اعد الغداء الآن ، فستكون ديانا هنا بين لحظة وأخرى".
وقطع كلماتها صوت الباب يغلق ، وتطلعت مادلين في إعياء الى نيكولاس ، فنهض على الفور وتقدم بسرعة الى باب الغرفة ، ودخل غرفة الجلوس وهو يتوقع أن يجد ديانا ، ولكن الغرفة كانت خالية ، فعاد الى مادلين قائلا وهو مقطب الجبين :
" لا يوجد أحد هنا".
إمتقع وجه مادلين بشكل واضح ، وقالت:
" أوه... كانت هي التي دخلت إذا عندما قلت لك إنني سمعت شيئا".
تجهم وجه نيكولاس ، وقال :
" هل تعنين ان ديانا كانت تقف هنا تسترق السمع طوال الوقت؟".
وضعت مادلين يدها على جبهتها وقالت:
" في الغالب يا نيكولاس ، هل تدرك معنى ذلك ؟ لا بد انها سمعت كل كلمة قلناها".
قال نيكولاس غاضبا:
" وماذا في هذا ؟ لا بد انها إرتاحت على الأقل لأننا لم نكن نفعل شيئا".
هزت مادلين راسها كالمحمومة وقالت:
" كلا ، كلا ... الا تذكر ، كنا نتحدث عن جو وعن والد ديانا الحقيقي ، ولست أتصوّر من حديثنا أنه كان من الصعب أن تجمع واحدا الى واحد".
أغلق نيكلاس للحظة وقال:
" يا إلهي ، إنني لآسف يا مادلين ، لقد نسيت ، إن معرفتي بديانا تجعلني أعتقد انها قد هوّلت الأمر أكثر على الأرجح".
ثم هز كتفيه قائلا:
" هذا على الأقل يحل مشكلة إبلاغها بحقيقة أصلها ونشأتها".
أشاحت مادلين عنه ، يا لهول ما حدث ، كان أجدر بها أن تعلم أن الهناء المثالي الذي كان لهما من قبل لا يمكن ان يدوم ، وقال نيكولاس بحسم وهو يرتدي معطفه:
" سأذهب لأحضارها".
إلتفتت اليه مادلين قائلة:
" هل لك أن تفعل ذلك؟إنني لا احب فكرة ذهابها على هذا النحو".
إبتسم لها نيكولاس مشجعا وقال:
" ولا انا ، لا تقلقي يا حبيبتي ، سيكون كل شيء على ما يرام".
وبعد أن ذهب أخذت مادلين تتطلع من النوافذ المطلة على الحي ، وشاهدت نيكولاس يخرج من المبنى ، ولكن لم يكن هناك اثر لديانا ، ونظر نيكولاس في إتجاهي الطريق ولم ير شيئا ، فمشى الى سيارته وإندس وراء عجلة القيادة وما لبث ان مضى بها بعد لحظات.
ومرت نصف ساعة قبل ان يعود وحده ، وذهبت مادلين تفتح له الباب وتطلعت في يأس اليه ، فقال وهو يفك أزرار معطفه:
" لقد تبخرت في الهواء على ما يبدو ، بحثت عنها في كل مكان ، من المستحيل أن تكون قد ذهبت بعيدا قبل أن أخرج ، ورايي انها خمنت أننا سنبحث عنها فإنتظرت في مكان ما من البناية حتى خرجت ثم تبعتني لترصد حركاتي بدلا من ان أرصد حركاتها".
غاصت مادلين في أحد المقاعد قائلة:
" وماذا نفعل الان؟".
" ننتظر ، نبدأ بتناول الغداء ، ولا بد أن تعود عاجلا أم آجلا ، فديانا ليست من الطراز الذي يهجر راحة البيت لوقت طويل".
" اتعتقد ذلك؟".
" بالطبع... تلقت ديانا صدمة سيئة بلا شك ، ولكن ليس في وسعنا أن نفعل شيئا حتى تعود".
صاحت مادلين في ياس:
" " ولكن ، هل ستتركني اساعدها ؟ فانا سبب مشكلتها في أي حال".
هز نيكولاس قائلا:
" لا اعرف ديانا كما تعرفينها ، ولكنني أقول إنها قادرة على أن تصمد لشيء كهذا ، إنها ليست فتاة مفرطة العصبية ، إعتادت فقط ان تحقق امورها بطريقتها ، ولسوف تألف هذا الأمر ، وقد يكون هذا أفضل للجميع ، فقد تنظر إليّ نظرة ارق بعد أن تعرف أن أباها لم يكن الشخص المثالي الذي ظنته".
وتطلع الى مادلين بفهم وتعاطف قائلا:
" هل أبدو كوحش لا قلب له؟".
رسمت مادلين على شفتيها نصف إبتسامة وقالت:
" كلا ، إنني أدرك انك تحاول فقط ان تجعلني أشعر بإرتياح أكثر فلنتناول الغداء إذا".
|