كاتب الموضوع :
نيو فراولة
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
إلتف بالسيارة حول الميدان وعاد الى حيث يقف جيف ،وفتحت ماريا النافذة لتلفت إنتباهه:
" هل تنتظر ديانا؟".
إتجه جيف نحوهما وقد بدا مدهوشا وإن لم يكن مستاء ، وقالت ماريا لوالدها بصوت خفيض ، وبسرعة:
" ألا يمكن ان نطلب منه ان يأتي معنا؟".
قال نيكولاس بغير تحديد:
" اعتقد ذلك".
" سيكون أمرا عظيما ان يكون معنا نتحدث اليه على سبيل التغيير ".
" أشكرك".
قال نيكولاس ذلك وهو يلقي اليها بنظرة جانبية ، فضحكت ، وقالت هامسة ، وجيف يصل الى السيارة:
" أنت تعلم أنني لم أقصد ذلك بطريقة مسيئة"
وقال جيف وهو يرتكن الى النافذة:
" نعم ، انا أنتظر ديانا".
وقيّم بنظراته الصورة الجميلة التي جسّدتها ماريا وهي تجلس في السيارة الفاخرة ، وقرر فجأة أنه لم يعد يعبأ إذا لم تحضر ديانا ، وقالت ماريا وعيناها تلمعان:
" إنها لا تزال في الفراش، ولن تحضر ، هل أصبحت الآن خاليا؟".
ضيق جيف عينيه وقال:
" أظن ذلك".
" لماذا لا تأتي معنا إذا ؟ لا أعرف بالضبط أين نذهب ، ولكنه سيكون أفضل من بقائك هنا".
إحمر وجه جيف ، وتطلع الى نيكولاس قائلا:
" ولكنني أعني... الن ... يعترض... صديقك؟".
فضحكت ماريا بمرح وقالت على سبيل التقديم :
" هذا والدي ، ولن يعترض ، إركب".
وافسحت له مكانا في المقعد الأمامي حتى يتمكن من الجلوس بجوارها ،وتذكّر نيكولاس أنه في الليلة السابقة فقط كانت مادلين تحتل هذا المقعد بجواره تماما ، وتصاعد غضبه من جديد وإنطلق بالسيارة بعنف أذهل حشدا من الشباب كانوا يرقبون السيارة عن كثب معجبين.
وكان نومه سيئا تلك الليلة على ما توقع ، اخذ يتقلب متململا في الفراش الكبير ،ونهض مرتين لتناول بعض الأسبرين بدون نتيجة ، وصحا في السابعة في مزاج سيء ، وراسه يوجعه على نحو فظيع.
ضيّع الوقت في قراءة الصحف ، ولم يظهر في المصنع إلا في الحادية عشرة ، وما كاد يخطو عبر الأبواب الزجاجية للمبنى حتى هتف به أحد موظفي الإستقبال:
" سيد فيتال ، هناك سيدة شابة تنتظر مقابلتك يا سيدي ، إنها تنتظر منذ العاشرة ، قالت إنها جاءت لمسألة شخصية ، لذلك جعلتها تنتظر في غرفة المقابلات.
إزداد نبض نيكولاس : مادلين ! شعر بالدم يطرق أذنيه ، من تكون غيرها ! وعبر المدخل الواسع وفتح باب غرفة المقابلات بقوة ، وعندئذ نهضت فتاة من المقعد بجوار المكتب ... كانت ديانا سكوت !
واذهلته خيبة أمله لعدة ثوان ، ولم يصدق أن ما رىه صحيحا ، وإقتضاه الموقف جهدا ليستجمع أمره ويغلق الباب ، وكانت عيناه في برودة الثلج وهو يتطلع الى الفتاة التي قبضت يديها في حجرها ، قالت في صعوبة وهي تغوص في مقعدها من جديد:
" صباح الخير يا سيد فيتال".
لم يرد عليها مباشرة ، بل مضى ببطء حول المكتب وجلس في مواجهتها في المقعد المنخفض ذي المسندين.
" لماذا انت هنا؟".
فإحمر وجهها وقالت:
" سأخبرك يا سيد فيتال ، إنني أريدك ان تكف عن مقابلة والدتي...".
ثم تنحنحت قائلة:
" الى الابد".
كانت التعبيرات على وجه نيكولاس مخيفة ، وتساءل بوحشية:
" هل انت جادة؟".
فإبتلعت ريقها بصعوبة وقالت:
" بالطبع ، إسمع... كنا سعيدتين حتى ظهرت ، فمزقت أوصال حياتنا وقلبت امي عليّ".
" انت التي قلبت أمك عليك وليس ذلك من فعلي... رباه... إنني لا أرى كيف يكون في وسعك أن تقولي ذلك وهي تفضلك في تفكيرها على سعادتها".
" حسنا ، إنها لم تتصرف على هذا النحو من قبل ، إنها تعاملني وكانني طفلة تعوق أمورها"
" هراء !".
" بل هو صحيح ، إنها تعتقد انك تفكر فيها جديا لمجرد أنك تعطيها إهتماما كبيرا".
قال بغضب وهو ينهض:
" لست أدري كيف تجرؤين على القدوم الى هنا والحديث عن والدتك بهذه الطريقة الشنيعة ، من تظنين نفسك في أي حال؟".
ضغطت ديانا شفتيها إزاء غضبه وقالت بإحتقار:
" أنا أحب والدتي ولا أريد ان يلحقها أذى ، إن عمي أدريان يريد الزواج منها ، فهل تعتقد انه سيظل يريدها... بعدك؟".
" إخرسي !".
قال نيكولاس ذلك وهو يشتعل غضبا ثم أردف:
" كيف تجرؤين على القول بانك تحبين والدتك ؟ إنك لا تحبين سوى شخص واحدد هو نفسك ! إنك تفزعين خوفا من أن تتزوجني والدتك ، ولا تهتمين إذا كانت ستضار ام لا ، كل ما يقلقك هو ان تفقدي مكانتك فقد تنجب أطفالا آخرين .... أليس كذلك ؟".
إمتقع وجه ديانا كأنما صفعها ، ونهضت وهي تترنح ، وهتفت بحدة:
" اعتقد أن الأمر كله مثير للتقزز ، كيف يمكنك أن تقول لي امورا كهذه؟".
" لأنها صحيحة ... لا تراوغيني ، هذا لن يفيدك ، أستطيع أن أستشفك كما ارى خلال الزجاج ".
ووضع يده على المكتب وهو يواجهها قائلا:
" ما هذا الذي يقزّز في الزواج ... في أي حال؟".
" لا ... شيء... ولكنك لست مثل أبي أوعمي ادريان ، إنك ... إنك لفظيع !".
تنهد نيكولاس في كلل ، وهو يحاول جهده ان يضبط نفسه ، وقال بهدوء:
" أخبريني لماذا؟ وإذا لم تستطيعي فساخبرك أنا".
لوت ديانا اصابعها معا وقالت:
" ماذا تعني؟".
" اعني أنك حتى هذه الأسابيع الأخيرة لم تفكري في والدتك كإمرأة لا تزال شابة جذابة ، بل إنك لا تقبلين ذلك حتى الآن... تظنين انني فظيع لأنني لا اتفق مع أفكارك التافهة بشان الرجل الذي يجب ان يتزوج والدتك ، ولا تهتمين إلا بنفسك يا ديانا كما قلت من قبل ، ولوكنت تهتمين بامر والدتك لتوقفت لتفكري في أنها ربما وجدت شخصا يجعلها سعيدة... سعيدة حقا".
صاحت ديانا ، وصدرها يعلو ويهبط:
" لن تكون سعيدة ابدا معك !".
لم يستطع نيكولاس أن يتحمل المزيد ، فصاح :
" إخرجي ! إخرجي قبل ان افقد اعصابي !".
نهضت ديانا وتراجعت الى الباب ، وصاحت بصوت مرتعش ، قبل ان تخرج بسرعة وتصفق الباب خلفها:
" إنك لبغيض !".
غاص نيكولاس في المقعد بجوار المكتب بعد ذهابها ، واشعل سيكارة باصابع مضطربة ، ييا لهول ما حدث ! وتساءل كم من الرجال واجهتهم بنات زوجاتهم المقبلات ، وهز رأسه في كلل ، لا يستطيع والأمور كما هي الآن ان يصف مادلين بأنها زوجته المقبلة ، فهما بعدما حدث بالأمس بالكاد يصبحان صديقين ، وتنهد ... سئم الأمر كله تماما ، إنه موقن أنه يريد الزواج من مادلين أكثر من أي شيء آخر في الدنيا ، ولكن كيف يقبل زواجا تلقى فيه ديانا أهمية أكثر منه؟
|