كاتب الموضوع :
عهد Amsdsei
المنتدى :
ملف المستقبل
السلام عليكم
الفصل الرابع ... الثلج
" أجسادهم لا تبث أية حرارة على الإطلاق ..."...
قالتها (نشوى)، وهى تشير إلى شاشة جهازها، فانعقد حاجبا (نور) فى شدة، وهو يتابع تلك الظلال الزرقاء على الشاشة الخاصة، التى تقيس الانبعاث الحرارى للأجسام، فى حين أضافت (سلوى) فى خفوت :
- إنهم على العكس، يبدون باردين كالثلج .
غمغم (أكرم) فى توتر :
- ربما كانوا مجرًَّد أشخاص آليين .
أجابته (نشوى) فى اهتمام :
- حتى الآلات، تبث محركاتها شيئاً من الحرارة، التى تعمل على تحريك أجسامها .
تساءل (رمزى) فى حيرة، تمتزج بالقلق :
- ماذا هم إذن ؟!
أجابه (نور)، وعقله يعمل فى سرعة :
- كائنات من عالم آخر ... عالم بارد، يناسب أجسادهم .
سألته (سلوى) مندهشة :
- وهل يمكن أن تنشأ الحياة، فى عالم بارد ؟!
أشار (نور) بيده، قائلاً :
- الحياة تنشأ فى كل مكان يا عزيزتى، وفى نهايات القرن العشرين، عثر العلماء على أنواع من البكتيريا والفطريات، تنمو فى الصقيع 1
هتف (أكرم) فى حدة :
- وماذا يريدون من عالمنا، ماداموا قد اعتادوا الصقيع كما تقول ؟!
صمت (نور) بضع لحظات مع السؤال، قبل أن يجيب فى بطء :
- تحويل عالمنا إلى ما يناسبهم .
اتسعت عيون (رمزى) و(سلوى) و(نشوى) فى ذعر، فى حين هتف (أكرم) فى حدة أكثر :
- أى قول هذا يا (نور) ؟!
التفت إليه (نور)، قائلاً فى حزم :
- ما تشير إليه كل الدلائل يا صديقى...لقد سرقوا جهازاً يبث طاقة سلبية جباًَّرة، وقاموا بتطويره؛ لتوجيه ضربة سلبية إلى شمسنا، فى محاولة لتخفيض درجة حرارة سطحها، ثم اختطفوا العالمين، اللذين توصلا إلى تلك الطاقة الجبًَّارة، ووسيلة إطلاقها، وهذا يعنى، مع كشفنا لطبيعتهم الباردة، أنهم يسعون إلى مزيد من الطاقة السلبية، فى محاولة مجنونة؛ لخفض حرارة شمسنا، وإسقاط عالمنا فى عصر جليدى جديد .
بدت (نشوى) شديدة التوتر، وانعقد حاجبا زوجها (رمزى) فى شدة، فى حين أشاح (أكرم) بوجهه فى عصبية، وتساءلت (سلوى) فى صوت مرتجف :
- أهذا ممكن يا (نور) ؟!
صمت (نور) طويلاً، وهو يتطًَّلع إليها، قبل أن يجيب فى بطء:
- من يدرى يا رفاق! ... من يدرى !
ثم استعاد حزمه دفعة واحدة، وهو يضيف :
- ولكن دعونا نطرح هذا السؤال جانباً الآن، وننتقل إلى الجانب العملى من مهمتنا... لقد عرفنا طبيعة خصمنا، وربما هدفه الأساسى أيضاً، وهذا يعنى أننا نواجه خطراً يهدًَّد كوكبنا كله، وحياة كل من عليه من مخلوقات حية، والسؤال الذى ينبغى أن نطرحه على أنفسنا الآن هو : فى ظل هذه المعلومات، أين يمكن أن نعثر على عدونا ؟!
أجابته (نشوى) فى سرعة :
- فى مكان شديد البرودة .
هتف مشيراً إليها :
- بالضبط .
قال (أكرم)، وهو يتحسًَّس مسدسه، كعادته كلما توترت أعصابه :
- فى أحد القطبين مثلاً .
أجابته (سلوى)، وهى تراجع خريطة الطقس على شاشة جهازها .
- ليسوا فى القطب الشمالى حتماً .
سألها فى عصبية :
- ولم لا ؟!
أجابته مشيرة إلى الخريطة :
القطب الشمالى له طبيعة خاصة، فمع دوران الأرض حول محورها، وحول الشمس أيضاً، يواجه القطب الشمالى الشمس لستة أشهر كاملة، ثم يغرق فى ليل يستغرق ستة أشهر أخرى، وهو الآن فى منتصف ليله الطويل، ولو بقوا هناك، لن يمكنهم مواجهة الشمس، ليطلقوا عليها تلك الطاقة السلبية .2
قال (نور) فى حزم :
- هذا صحيح ... ثم أن تحركاتهم السريعة، لا توحى بانتقالهم لتلك المسافات الطويلة، ما بين توجيه ضربة و أخرى؛ خاصة وأن أجهزتنا المتحفّزة، لم ترصد أية أجسام غريبة فى سمائنا .
قال (رمزى) فى اهتمام:
- إنهم فى مكان قريب إذن .
أجابه (نور)، فى حزم أكبر :
- وربما هنا ... فى (مصر).
هزًَّ (أكرم) رأسه فى قوة، قائلاً :
- وأين يجدون مكاناً شديد البرودة هنا، فى هذا الوقت من العام؟!
رفع (نور) سبًَّابته، وهو يقول :
- هذا هو السؤال...أين يمكن أن يكونوا ؟!
نعم ... هذا هو السؤال الحقيقى ...
أين يمكن أن يختبئ خصم، اعتاد العيش فى الصقيع ؟!
أين ؟!...
* * *
هزًَّ الدكتور (ريمون) رأسه فى قوة، وهو يجلس داخل تلك الحجرة الزجاجية الدافئة، فى ركن كهف الثلوج، الذى تعيش فيه المخلوقات الباردة، هامساً :
- لست أصدق ما تفعله .
غمغم الدكتور (كمال)، وهو يراجع حساباته، على جهاز كمبيوتر أرضى، فى ركن الحجرة الزجاجية:
- حاول أن تقنع نفسك بالأمر .
هزًَّ الدكتور (ريمون) رأسه مرة أخرى، هامساً :
- كيف ؟!...إننا نتعاون مع غزاة من عالم آخر، يسعون إلى وضع عالمنا فى عصر جليدى جديد، سيقضى على كل مخلوق حى فيه ... حتى نحن مع مرور الوقت .
صمت الدكتور (كمال) لحظات، ثم قال فى شئ من الحزم :
- راجع الحسابات، التى أرسلتها إلى جهاز الكمبيوتر الخاص بك .
سأله الدكتور (ريمون) فى عصبية :
- هل تحاول التهرًَّب من المناقشة ؟!
أجابه الدكتور (كمال) فى حزم :
- راجع الحسابات .
مرًَّر الدكتور (ريمون) سبًَّابته فى تبًَّرم، على شاشة الكمبيوتر الخاص به؛ لينقل إليه تلك الحسابات، التى أشار إليها زميله، وهو يغمغم :
- مهما كانت حساباتك؛ فأنا لا أتفق معها .
لم يعلق الدكتور (كمال) على عبارته، أو يلتفت حتى إليه، فى حين راح هو يراجع الحسابات فى سرعة، قبل أن تتألق عيناه ببريق خافت، سرعان ما اختفى، وهو يتمتم فى انفعال :
- هذا يعنى مصرع الجميع بلا استثناء .
تمتم الدكتور (كمال)، وهو يبعد نظره إلى الجانب الآخر :
- بالضبط .
صمت كلاهما لحظات، ثم عاود الدكتور (ريمون) العمل ...
وبكل حماس ...
* * *
نطقت (نشوى) الكلمة فى حماس شديد، فالتفت إليها الجميع فى لهفة، ورأوها تشير إلى بقعة بعينها، على خريطة لمنطقة (المقطم) القديمة، متابعة :
- لقد راجعت خرائط وصور الأقمار الصناعية، وبخاصة أقمار الطقس، وهذا ما وجدته .
حدًَّق الجميع فى الخريطة الهولوجرافية، المعلًَّقة فوق جهازها، وغمغم (اكرم) فى توتر:
- لست أرى شيئاً .
أجابته (سلوى) فى انفعال :
- ولكن جهاز (نشوى) يرى .
مال نحو الصورة أكثر، محاولاً أن يستشف ما يراه الآخرون، فى حين تساءل (نور) فى اهتمام :
- أتعنين تلك البقعة، التى تختلف لونياً عما حولها ؟!
أجابته فى حماس :
- بالضبط .
غمغم (أكرم) فى عصبية :
- إنه اختلاف ضئيل، كدت لا أتبينه .
فى حين تساءل (رمزى) :
- ما الذى يعنيه هذا يا (نشوى) ؟!
أجابته بنفس الحماس :
- إنه اختلاف درجات الحرارة، الذى سجًَّله أحد أقمار الطقس، وهو يعنى أن حرارة تلك البقعة، تنخفض بمقدار درجتين ونصف الدرجة فى المائة، عما حولها .
بدا (نور) شديد الاهتمام، وهو يغمغم :
- حقاً ؟!
أما (أكرم)، فاعتدل فى توتر، وهو يقول :
- أيعنى هذا الكثير؟!
أجابته (سلوى) :
- المفترض أن هذه المنطقة صخرية جبلية، وكًَّلما توًَّغلت فى عمقها، ينبغى أن تتزايد الحرارة، لا أن تنخفض .
هتف (أكرم):
- إذن، فانخفاضها يعنى ...
أكمل (نور) العبارة فى حزم :
- أن هذا قد حدث بوسيلة صناعية .
ران على الجميع صمت عجيب، بعد أن نطق (نور) عبارته، وتبادلوا نظرة مفعمة بالانفعال، قبل أن يغمغم ( رمزى):
- ولكننا نقول: إن خصومنا اعتادوا العيش فى الصقيع، وانخفاض بمقدار درجتين ونصف فقط، لا يتناسب وهذا !!..
أجابته (سلوى) فى سرعة :
- هذا ما سجلته حرارة السطح فحسب، بعد أن مرًَّت على مقدار كاف من الصخور، الأعلى فى درجة الحرارة .
أضافت (نشوى) :
- وهذا يعنى أن مصدر التبريد، يقع على مسافة كبيرة من السطح .
مال (نور) نحوها، يسألها:
- وكم تبلغ تلك المسافة فى رأيك ؟!
أجابت فى سرعة :
- يمكن حساب هذا .
ثم تراجعت، مستدركة :
- لو عرفنا كم تبلغ درجات البرودة الرئيسية.
عاد الصمت يلفًَّهم لحظة اخرى، قبل أن يقول (رمزى) :
- أظن أنه علينا إيلاغ الجيش؛ ليقوم باقتحام ذلك المكان .
اعتدل (نور) فى سرعة، قائلاً :
- خطأ يا صديقى ... خطأ .
هتف (أكرم) :
- ولماذا ؟!
أجابه (نور) فى حزم :
- أوًَّلاً؛ لأننا لا نعلم بعد، أية وسائل يستخدمونها؛ لحماية مكمنهم هذا، ولا أية أسلحة يمكن أن تواجهها قوات تسعى لاقتحامه ...وثانياً لأن مواجهة عسكرية ستثير ذعر المنطقة كلها، وقد يلجأ أولئك الغزاة إلى تدمير المنطقة، إذا ما شعروا بأنهم سيخسرون المعركة .
انعقد حاجبا (أكرم) فى شدة، وتحسًَّس مسدسه كعادته، فى حين غمغم (رمزى):
- لو أن علوم الطب النفسى تتشابه، بيننا وبينهم، فلست أستبعد هذا الإجراء، بعدما شاهدته منهم من قسوة وحشية، فى التعامل مع الأمور .
غمغمت (سلوى) بدورها :
- هذا صحيح .
شدًَّ (اكرم) قامته، وقال فى قوة، وهو يتحسًَّس مسدسه مرة أخرى :
- أنا أعرف البديل .
أومأ (نور) برأسه إيجاباً، وهو يقول بمنتهى الحزم :
- بالضبط يا صديقى ... إنها مهمة جديدة .
وادار عينيه فى وجوه الجميع، قبل أن يضيف :
- للفريق .
وفى هذه المرة، طال الصمت ...
كثيراً ...
* * *
راجع الجنرال تلك الحسابات، التى قدًَّمها له العالمان المصريان، ثم أشار إلى (أيسول)، وهو يقول بلغتهما غير الأرضية :
- دع خبراءنا يدرسون هذا .
لم يفهم العالمان حرفاً واحداً مما قيل، ولكنهما استنتجاه، عندما حمل (أيسول) حساباتهما، واتجه بها إلى فريق من الغزاة، راح يراجعها فى اهتمام، على جهاز كبير، شبيه بكرة ثلج ضخمة ...
وفى صرامة، واجه الجنرال العالمين، قائلاً بلغة ارضية :
- فلتأملا أن تكون حساباتكما صحيحة ...وإلا ...
لم يكمل عبارته، ولم يحاول أحدهما سؤاله عن ما تبقى منها، وإنما ظلا صامتين، يراقبان فريق الخبراء، وتلك الكرة الثلجية الضخمة، التى قامت بترجمة حساباتهما إلى رموز عجيبة، لا تشبه أية رموز معروفة أرضياً ...
ولم يمض وقت طويل، حتى عاد (أيسول) بالحسابات إلى الجنرال، وتحدًَّث معه بلغتهما حديثاً، يحمل سمات الغضب، فتمتم الدكتور (ريمون) فى عصبية :
- لقد كشفوا الأمر.
لم يحاول الدكتور (كمال) التعليق، فى حين بدا الجنرال شديد الغضب، وهو يقول فى وحشية :
- كان هذا اكبر خطأ ارتكبتماه .
امتقع وجه الدكتور (ريمون)، فى حين حاول الدكتور (كمال) أن يتماسك، وهو يقول فى خفوت :
لقد بذلنا قصارى جهدنا، و ...
قاطعه الجنرال فى عنف غاضب :
- هل تصوًَّرتما أننا لا نملك الوسيلة؛ لكشف صحة ما تقدمانه، وأننا سنستخدمه مباشرة، دون التيًَّقن منه .
حاول الدكتور (ريمون) أن يتمتم بشئ ما، ولكن الجنرال قاطعه، وهو يصرخ فى وجهيهما :
- خبراؤنا كشفوا أننا، لو طبقنا حساباتكما، فالطاقة السلبية الوليدة ستنطلق عكسياً، وتنسف الجهاز والمكان كله .
لم ينبس أحدهما بحرف واحد، فى حين قال (أيسول) مستنكراً، فى غضب مماثل :
- ألم تنتبها إلى أن هذا كفيل بقتلكما أيضاً ؟!
بذل الدكتور (كمال) قصارى جهده؛ ليبث الحزم فى صوته ولهجته، وهو يقول :
ولكن الأرض ستحيا .
لم يكن من الممكن أن يستوعب (أيسول) أو جنراله هذه الفكرة أبداً ...
فالتضحية بالنفس من أجل الآخرين، لم تكن سمة معروفة، فى العالم الذى جاءا منه ...
المبدأ الوحيد، الذى عرفاه هناك، هو التضحية بالآخرين ...
من اجل النفس ...
وفى شراسة وحشية مخيفة، قال الجنرال :
- لقد أخطأتما....وستدفعان ثمن هذا غالياً .
غمغم الدكتور (ريمون) فى عصبية :
- هل ستقتلنا برداً؟!
هزًَّ الجنرال رأسه نفياً، وقال فى قسوة :
- سأجعلكما تتمنيان هذا .
لم يدرك أحدهما ما يعنيه، إلا أنه أشار بيده فى الهواء، فانفتحت كوة صغيرة، فى سقف حجرتهما الزجاجية، وانساب منها شئ ما ...
شئ لم يريا فى حياتهما كله، ما هو أكثر منه بشاعة ...
ولا حتى فى احلك كوابيسهما ...
وعلى الرغم منهما، انطلقت من حلقيهما صرخة رعب ...
وانقض ذلك الشئ البشع ...
بلا رحمة ...
* * *
انتهت (سلوى) من تثبيت جهازها، على قمة السطح الصخرى، الذى يعلو تلك البقعة من (المقطم)، التى انخفضت حرارتها عما حولها، فى نفس الوقت الذى تطلعت فيه (نشوى) إلى جهازها، قائلة فى قلق :
- إنهم يحتلون مساحة كبيرة بالفعل، تكفى حياً سكنياً كاملاً .
تمتم (نور) :
- الله سبحانه وتعالى وحده، يعلم ماذا أعًَّدوا هناك .
أشارت (سلوى) إلى جهازها، قائلة :
- جهازى يمكن أن يكشف هذا .
ثم بدأت تعمل على الجهاز، مضيفة :
- إنه سيطلق موجات فوق صوتية، تمر عبر الصخور، حتى تبلغ أى فراغ فى طريقها، وعندئذ سترتد، حاملة معها كل البيانات والمعلومات، عما يحويه ذلك الفراغ .
سأله (نور) فى اهتمام، وهو يتابع عملها :
- وهل سيمكننا فى هذه الحالة، تحديد العمق، الذى صنعوا فيه مكمنهم ؟!
أجابته، وهى تعمل فى سرعة :
- بالتأكيد... وبشئ من الدقة، سيمكننا سماع كل ما يدور بينهم أيضاً .
غمغم، محاولاً إخفاء انفعاله:
- عظيم .
سالته (نشوى)، وهى مازالت تتابع جهازها :
- وماذا عن (رمزى) و(أكرم) ؟!
أجابها (نور) فى حسم :
- يقومان بالجزء الخاص بهما .
ولم يزد حرفاً واحداً ...
" ما الذى تتوًَّقع أن نجده ؟!.."..
ألقى (رمزى) السؤال على (أكرم) فى اهتمام، فأجاب هذا الأخير، وهو يمسك مقبض مسدسه فى تحفًَّز :
- أرضيين أو غير أرضيين، لابد لهم من مدخل، يقودهم إلى مكمنهم، على نحو أو آخر .
سأله فى دهشة :
- وهل يتًَّوقع (نور) أن نجده بهذه البساطة ؟!
غمغم (أكرم) :
- من يدرى ؟!
كان سيكتفى بهذا التعليق، إلا أنه شعر بضرورة توضيح وجهة نظره، فأضاف على الفور :
- لو أنهم لا يتوقعون كشف أمر مكمنهم هذا، فسيجعلون مدخل مكمنهم يبدو عادياً، لا يلفت الانتباه، ولكنه، وكما اقترح (نور)، سيكون متسعاً بما يكفى؛ لتمرير جهاز بحجم ذلك الذى استولوا عليه .
غمغم (رمزى) :
- مدخل بهذا الاتساع، سيثير انتباه الجميع .
لم يجد (اكرم) جواباً للعبارة، التى بدت له منطقية تماماً، فاكتفى بأن كرًَّر :
- من يدرى؟!
ثم توقف بغتة، على نحو جعل (رمزى) يسأله فى توتر:
- ماذا هناك؟!
رفع (أكرم) قدمه قليلاً، ثم عاد يضغط بها الصخور، التى يسير عليها، وهو يقول فى توتر :
- لست أفقه الكثير عن علم (الجيولوجيا)3 ، بخلاف ما درسته فى المرحلة الثانوية، ولكننى لست اظن أنه هناك صخور، لها مثل هذا الملمس العجيب !
انعقد حاجبا (رمزى) فى توتر، ودفع قدمه إلى الامام، يضغط تلك الصخرة ، التى أشار إليها (اكرم)، ثم تراجع فى حركة حادة، هاتفاً :
- رباه!... إنها تبدو كأية صخور عادية، ولكنها لدنة على نحو غير طبيعى .
تحًَّفز (أكرم) بمسدسه، وهو يقول بكل انفعاله :
- صدًَّق أو لا تصدًَّق يا صديقى، ولكن يبدو أننا قد عثرنا على ذلك المدخل بهذه السرعة .
لم يكد ينطقها، حتى تحًَّركت تلك الصخور اللدنة تحت قدمه، على نحو جعله يتراجع فى سرعة، ويشهر مسدسه، هاتفاً :
- ما هذا بالضبط ؟!
مع عبارته، ارتفعت تلك الصخور اللدنة فجأة ...
وتراجع الرجلان فى حركة عنيفة ...
ورفع (أكرم) مسدسه فى سرعة ...
ولكنه لم يطلقه، مع اتساع عيونهما فى مزيج من الذهول والفزع ...
فقد كان ما برز امامهما رهيباً ...
وإلى أقصى حد.
* * *
|