الفصل الثالث عشر
بعد مغادرة دومينيك انحسرت العاصفة. توقفت كريسيدا عن البكاء ثم صعدت الى غرفتها لتضع الزينة على وجهها من اجل سام. الا انها بدلت رايها في اخر لحظة فقد بدت عيناها حمراوتين كئيبتين.
فعادت الى غرفة الجلوس بعد ان هدات اعصابها, فتحت الباب ونظرت الى الحديقة فشاهدت الة التشذيب التي بقيت في الخارج ولم يدخلها سام. دخلت الى المطبخ لترى الوقت وبدات تضطرب قلقا.
كانت الساعة التاسعة ولم يات سام, فكرت بالاتصال بوالدته للاطمئنان.
اجابتها كاوت مرافقة فراني: "آلو."
اجابت كريسيدا محاولة التحدث بلطف: "اه كاوت كيف حالك؟"
"نشكرك انك تركت سام يزورنا. فراني بحاجة اليه الان لتخليص بعض المعاملات, فهناك اوراق كثيرة."
"هل لا يزال سام هناك؟" سالتها وقلبها ينفطر.
"لا يا حبيبتي, لقد ترك منذ وقت طويل."
وضعت اصبعا على شفتيها غاضبة ثم سالتها: "متى ترك كاوت؟"
"اه اظن في السادسة والنصف لموافاتك على العشاء. كان عليه ان يصل الى البيت حوالي الثامنة. ألم يصل بعد."
منتديات ليلاس
فكرت كريسيدا, مهما حصل لا يجب ان تعلم كاوت باي شيء عنهما كي لا تخبر فراني, وقررت التفوه بكذبة, لذا قالت: "اعلم اين هو, فقد قال فيما مضى انه في يوم ما حين يعود من البلدة سيزور صديقا له في رايغات. هذا ما حصل."
"لا بد ان العاصفة قد اخرته, هل شاهدتها؟"
"اجل اظن انه لا زال في رايفات منتظرا هدوء العاصفة, لا تقلقي, كيف حال فراني؟"
"افضل من ذي قبل, لكنها ما زالت مكتئبة."
بعد ان تحدثت الى كات ثم فراني وضعت السماعة من يدها وعادت حالة القلق اليها,وعلمت حينها ان سام لم يدلي يما حدث الى امه . غير انها علمت من كاوت انه كان مرهقا طوال الوقت.
بدات تقلق عليه وساورتها شكوك بشانه. العاصفة قوية وقد يحصل امر سيء على الرغم من عدم تهوره في القيادة. ازداد قلقها عليه, كانت تتمنى قضاء يوم الاحد معه بفرح, لكن دومينيك قد اخفق بما فعله, ليته يكرهها تنتهي قصتها. قامت تحضر فنجانا من القهوة السوداء ونظرت الى الطعام على الطاولة بغير شهية, ثم ارتشفت قهوتها مع قطعة حلوى.
منتديات ليلاس
رجعت الى غرفة الجلوس, نظرت الى اللوحة التي رسمها دومينيك. يوم غد سوف تحرقها او ترميها بعيدا عن البيت كي تتخلص من ذكراه, لكن كيفستحل الامور, هل سيعاقبها سام على ما فعلت؟ وفجاة لمع ضوء خافت امام الحديقة, ركضت لملاقاة سام الذي مشى بخطوات بطيئة نحو المنزل.
بادرته قائلة: "اه سام, لم تاخرت؟ كنت قلقة عليك."
اجابها: "نعم."
"لقد اتصلت بوالدتك فاجابتني كاوت بانك غادرت منذ الساعة السادسة."
"نعم."
ثم دخلا غرفة الجلوس حيث جلس قبالتها عاقدا اصابعه وتغيرت سحنته فبدا شاحبا وعيناه بدتا متورمتين من شدة الاحمرار.
"اه سام." قالت من جديد بصوت خشن "قلقت عليك طوال الوقت."
نظر اليها نظرة عرفت من خلالها انه يحبها لكنه ما زال حانقا عليها, فتاملت حاولت جاهدة محو تلك المسحة الحزينة من عينيه الزرقاوين لكنه بقي صامتا لا يجيب.
جلست على الارض بقربه ووضعت احدى يديها على ركبته ووجهها على الركبة الاخرى. حاولت اقناعه ان ينسى ما حصل.
نظرت اليه قائلة: "سام ارجوك سامحني. حاولت مرارا ان احدثك بهذا الشان لكني في كل مرة كنت اتردد فقد كنت اجدك متعلقا بصداقته, وهذا ما زادني صعوبة. انت تكرهني على ما فعلت أليس كذلك؟ علاقتي به كانت قبل معرفتي بك في روما. الان انت كل حياتي. ليتك تنسى وتعلم انه لا يعني لي شيئا الان."
قال لها: "لم يعد دومينيك يعني شيئا لاحد بعد الان."
تجمدت فزعا: "ماذا تعني؟"
"اسف اني لم اتريث في الجواب. سبب تاخري هو ازدحام السير والعاصفة التي هبت. على حافة الطريق كانت سيارته المرسيدس محطمة على اثر حادث مروع طال سيارتين اخريين. وقفت سيارات الشرطة وحشود الناس هناك تتفرج. ترجلت من السيارة وتقدمت للاستفسار عما حصل. فعلمت ان السيارة المرسيدس البيضاء عائدة لدومينيك.
"يا للهول." رددت قائلة وهي ترتجف.
"كان ملقى على حافة الطريق قد ضع غطاء ابيض عليه. منعتني الشرطة من التقدم نحوه لكني اعلمتهم انني صديقه, اقتربت منه محاولا مكالمته لكنه نظر الي لبرهة ثم اغمض عينيه ومات."
"أهذا كل ما في الامر. مات فحسب بكل بساطة." بدا وجهها شاحبا.
"نعم قال شاب تعرض للحادث ذاته ولم يصب باذى انه عانى من جراح ونزيف داخلي اثر الحادث. كان يقود بسرعة جنونية. لكن غريب يبدو انه اراد ان يموت. لكنه ليس من هذا النوع من الناس انه يحب الحياة, ألا توافقينني الراي؟"
هزت كريسيدا راسها وهي ترتجف. "ألم يهمس بكلمة البتة؟" سالته بصوت متهدج.
"في الحقيقة قال شيئين: اسف يا صديقي العزيز ولا تكن غبيا وتاخذ موقفا من كريسيدا."
هنا وقعت كريسيدا على الارض وغطت وجهها بيديها وبكت.
لم يستطع سام لمسها من شدة تاثرها والاقتراب منها. ثم نهض وبدا يسير في الغرفة وسمعته يقول: "لم يكن لدي ما اقوله, اعطيت تعليماتي الى رجل الامن وعنوان آلدو كونتلي زميله. كونتلي يعرف بمن يتصل في البرازيل, عمه هناك."
تحدث سام بهدوء على الرغم من ضخامة الحدث محاولا تهدئة كريسيدا قدر الامكان, ونهضت من مكانها تمسح عينيها وتجفف دموعها مذهولة لما حدث منذ دقائق معدودة كان هنا يكلمها وينظر اليها بعينيه الجريئتين اللتين تشعان ذكاء وحيوية وينعشها بلقبه المعتاد:
"قطتي الصغيرة."
قالت وهي تتاوه: "يا له من امر فظيع قد حدث."
"نعم يا للعواطف كيف انها تتبدل في لحظات قليلة, لم اتمنى له الموت يوما بل كنت اود ان ياخذ عقابه على اساءته لنا. كنت قد عزمت على الشجار معه بسبب ما تسبب لي ولك من اسى غير اني حين وجدته مرميا على الارض مضرجا بدمائه, لم استطع الا ان ارثي لحاله, مسكين دوم العجوز قد قضى."
"سام كنت استعد للبوح لك بكل شيء في هذه الليلة, كان ذلك حين كان دومينيك هنا معي. اما الان فقد مات وبات الامر مختلفا جدا."
قال سام: "نعم."
"انا اعرفك جيدا سام." قالت وهي ترتجف من شدة الخوف.
"لا زلت تقول انه صديقك العزيز وتنعته بدومينيك العجوز حتى الان. لم يعد بامكانك كرهه بعد اليوم لكني اعتقد بانك ما زلت تكرهني."
والان رمقها بنظرة متفحصة غريبة: "كلا لن استطيع ان اكرهك كريسيدا."
"اذاً انت لم تعد تحبني."
تردد ثم قال: "لن استطيع الاجابة على سؤالك الليلة. اني في حال مزرية. وافضل تاجيل النقاش الى الغد."
منتديات ليلاس
عندها ضحكت ضحكة هستيرية قائلة: "حسنا ان كنت تعتقد اني استطيع تحمل ليلة اخرى مثل ليلة الامس فانت مخطئ, انا اعلم ان الرجال يختلفون عن النساء, انت تستطيع ان تغفو لكن انا لا, فالقلق ينتابني ساعة بعد ساعة. انت تستطيع التحكم باعصابك لانك قوي. لم اكن لاصدق انك على هذا الشكل."
نظر سام اليها بتعجب وقال: "لا اعتقد انك تفهمين ما احس به."
نظرت اليه بمرارة وقسوة متذكرة دومينيك. قبل ا نياتي سام قررت تسوية ما تهدم بينها وبينه والانطلاق من جديد لبناءعائلة جميلة, لكن بعد موت دوم بدلت رايها, واخذت موقفا معاديا منه. اذ اصبحت اكثر عنفا وشراسة لموقفه القاسي الذي لم يعجبها حيال موت صديقه.
ثم انفجرت قائلة: "اعرف جيدا ما تشعر به, انت انسان طيب ولطيف لكنك لا تقدر ان تتصرف مثل دومينيك. اعرف اني قد اخطات اذ لم اصارحك بقصتي معه في روما, لكن ما جرى قبل ان اتزوجك من حقي وليس من حقك. انت حاولت بشتى الطرق ان ترمي بهالة بريئة حول شخصي. لطالما قلت لك ان تبعده عن هذا البيت ورفضت. مع كل هذا تعقدت الامور على الرغم من قسمي على ان اخلص لك بعد الزواج. دومينيك لم يكن يوما مثلك ولا يؤمن بما تؤمن به انت. أفهمت؟"
بعينين زائغتين ووجه احمر نظرت الى سام ثم تابعت حديثها قائلة: "لقد قرر زعزعة حياتي من جديد بعد زواجي منك. اعترف بذلك ورفضت ذلم بعنف لاني اغرمت بك. لقد تالمت كثيرا مررت بايام قاسية تعيسة هددت حياتي." ثم انفجرت بالبكاء.
تابعت: "ان اردت معاقبتي ولومي على ما حصل معي في الماضي... حسنا افعل, وان اردت الانفصال عني الان فافعل, وابحث عن فتاة اخرى تناسبك."
انجرت كريسيدا بالبكاء ثانية ثم تركت الغرفة بسرعة. وقف سام مذهولا ينظر اليها بلا حراك وقد شحب لونه.
ايقن ما كان بين زوجته وصديقه واحس بصدمة موجعة الى ان قضى دومينيك, حينها تذكر عبارته: "لا تلق اللوم على كريسيدا."
التعب انهك قواه ولم يعد قادرا على التمييز ما بين الصالح والطالح. كان يحس ان ما بينهما قد انكسر لكن فيما بعد, اذ سمع تاوهاتها فرثى لامرها واقتنع بمصيره.
مات دوم العجوز. مات المسكين وانتهى, بقي ان يسوي وضعه مع زوجته وان يرتاح من انانيته التي وصفها دوم بالجنون.
صعد الى غرفة النوك فوجد الباب مغلقا في وجهه. نظر جانبا فراى زي النوم الخاص به مرميا على كنبة المدخل. غضب اذ راى ان كريسيدا لا تريده تلك الليلة معها. وعاد يسال نفسه من المخطئ, عرف في النهاية انه المسؤول الاول عما حدث. فتح باب الغرفة وفي العتمة الحالكة شاهد النافذة مفتوحة وزوجته تكومت تحت غطاء السرير الحريري.
اقترب من السرير وجلس بجانبها ثم قبلها بلهفة وضمها اليه وقال: "حبيبتي, حبيبتي, حبيبتي."
كانت تبكي من المها وارتمت عليه تتنهد: "سام سام حبيبي." تمتمت باسمه بهدوء.
حضن راسها الى صدره وقبلها معتذرا: "اه كريسيدا, اني اكاد اجن على فراقك, لا اطيق نفسي وحيدا بعيدا عنك, لن اترك احدا يبعدنا عن بعض مجددا, سابقى الى جانبك ان اردت."
"انت لا تحبني سام."
"لم اقصد الاساءة اليك حبيبتي."
"لكنك اظهرت كرهك لي."
"لم تفهميني ولن تفهميني ابدا."
"لكنني فعلت." قالت متنهدة وارتجفت من راسها الى اخمص قدميها.
"لقد اسات اليك بزواجي منك."
"حبيبتي ما عساي افعل حين وجدت علاقة تربطك بدومينيك في روما؟ كنت اتساءل ان كنت ما تزالين تهتمين لامره."
دفعته عنها غاضبة: "بالطبع لا, يكفيني ما انا عليه, ابتعد عني."
"انا لست قاضيا اقاضيك لمجرد غلطة ارتكبتها."
مسح بيده جبينها وتابع: "امنحيني بعض الوقت كي اسامحك وانسى."
"لن تسامحني ولن تنسى. لكني لا اريد ان امضي بقية حياتي وانا ادفع ثمن غلطة ارتكبتها في الماضي. ستبقى تلك الغلطة في مخيلتك ابدا."
"انت مخطئة. اقسم لك ان ذكرى دومينيك لن تكدرني."
وضمها اليه بحنان. بدا سام يفكر, يا لها من طفلة مسكينة, عزيزتي كريسيدا..." لن يسمح لاحد بالتفريق بينهما, سيظلان معا دائما مهما حصل في الماضي. فهي ستبقى زوجته المحبة المخلصة.
"انا احبك كريسيدا وقد سامحتك على الماضي... لكن ان اردت البقاء ابق وان اخترت الرحيل ارحلي."
"لا لا اني احبك ولن ارحل. احببتك حبا جنونيا ودومنيك يعرف ذلك لكنه لم يكف عن مضايقتي. لطالما نبته فلم يرتدع."
"كم عانيت من الم. لم ادر حقيقة الامر. كل ما استطيع قوله هو, انا اسف."
"كنت اتمزق في كل مرة كان يحضر دومينيك الى هنا الى ان بحت بالسر."
عندها تنهد سام مرتاحا: "الان عرفت لم كنت تمانعين مجيئه الى هنا."
"يكفي سام لننسى ما حصل بروما. لكن ارجوك ساعدني لابقى الزوجة المحبة كما عهدتني ودعنا نعيش بسلام من الان فصاعدا."
"انت حبيبتي الى الابد. كنا سعيدين الى ان حصل الانفجار الكبير."
اخذت كريسيدا محرمة جففت بها دموع عينيها وهي تضحك وتقول: "من حسن الحظ ان الظلام يعم المكان حتى لا ترى وجهي البشع وعيني المتورمتين."
اخذ سام يؤانسها فلمس بيده انفها الصغير ثم همس في اذنها: "انت تملكين اجمل وجه في الكون."
قبلها بحب وتابع: "اما زلت تريدينني ان انام في الغرفة الثانية؟"
"لا, لا."
ان حبها لزوجها يفوق الوصف وقررت الاخلاص له مدى العمر, فقد اظهرت لها الايام انه الشخص المناسب بتسامحه وكرمه وحبه لها.
فقالت له: "من الان وصاعدا دعنا لا ناتي على ذكر دومينيك, فانا اسفة انك خسرت صديقك."
قال سام: "هذا لطف منك, انه وضع محزن للغاية."
في غياب دومينيك ماتت القطة الصغيرة والان كريسيدا الجديدة هي من تسكن خاطرسام.
الفصل الرابع عشر
ذات يوم من ايام تشرين الاول الجميلة وعقب سنة على انتقالها الى المنزل الجديد جلست السيدة فراني تخط رسالة الى ابنها.
كانت قطنت في ذلك المنزل منذ ثمانية اشهر في بارك هولاند.
بدات تكره حظها الذي جعلها تسكن في هذا المنزل, وتكره ما حولها حتى مديرة منزلها التي جلست مكان حشد خدمها الى جانب كاوت المقيتة.
في ذلك اليوم بدت في غاية الجمال والاناقة واصغر سنا على الرغم من تعاستها. قامت تكتب رسالتها لان وسائل الاتصال مقطوعة وينبغي عليها وضع ابنها سام على علم بكل ما لديها من شؤون. بقيت تردد على الريف لزيارة ابنها خلال عطل نهاية الاسبوع وراقت لها زوجته لاهتمامها وحفاوتها بها مع شلة من الاصدقاء.لكن شكواها ما انقطعت عن رغبة ابنها وزوجته في المكوث بمنزل رطب وبارد وحديقة تنتظر عملا شاقا, فهي تريد ان ينتقلا الى المدينة.
علمت بامر موت دومينيك فحظنت انذاك لتاثر سام. توقفت وهي تكتب عند رسم لرجل يتزلج وضعته على طاولة مكتبها. كانت قد حملت امضاء "الى حبيبتي فراني من صديقها ماكس."
تضمنت رسالتها اخبارا تتعلق بماكس.وقد ملات اربع صفحات من الكلام المنمق.
"ستدهش انت وكريسيدا حين تعلمان اني عزمت على الزواج من ماكس. ذلك الالماني الثري الذي كنت قد قابلته ذات مرة في حفل اقمته عندنا. ارجوك لا تكرهه لانه يفوق زوجيّ الاثنين ثراء. وساعيش معه في ريف المانيا بالقرب من ميونخ ونشتري شقة في باريس لعمله الدائم هناك. يقال انه يحب النساء غير اني غير آبهة, افوقه سنا لكن تدبرت امري معه.
اني اصغر منه بخمس سنوات, لا تخذلني من فضلك فقد حزمت امتعتي ولم يبق امامي سوى الرحيل.
سنتزوج في كاستوم وسننتقل بعدها الى ميونخ. هناك نبقى لبعض الوقت ثم نعود الى باريس. ليس عليك, لا تقلق! ساراسلك وارسل هداياي اليكما اضافة الى شيك مصرفي من حين الى حين. اذهب وخذ جميع الاواني الفضية والزجاجية من منزلي فانا ما عدت بحاجة اليها. اما بالنسبة لكاوت فقد منحته شقتي الصغيرة وساتكفل بدفع فواتيرها شهريا من هناك.
تمنياتي لكما بالسعادة لك ولزوجتك كريسيدا.
والدتك الجميلة الشابة فراني."
بدت سعيدة وهي تضع رسالتها في مغلف لترسلها اليه. نادت كاوت لتحضر لها حماما منعشا.
بدات تفكر, سوف احصل على لقب جديد, نظرت الى المرآة تحدث نفسها وقد بدت اصغر سنا ونحيلة اكثر من كريسيدا نفسها.
منتديات ليلاس
قررت استبدال ثيابها باخرى جديدة ومنحها للحبيبة كريسيدا, ما ان تنوي الرحيل هناك ماكس ينتظرها. فقد اعجب بها وبشعرها الفضي الجميل وبهرته عيناها بتلك النظرة البريئة التي اذابته منذ اللحظة الاولى. كل ما فيها بهره. ذوقها الرفيع في اختيار الثياب, اناقتها, لياقتها البدنية. كل ذلك قد حدا بها الى نسيان غاي بشكل تام.
دق جرس الهاتف.
انه ماكس فقد اخبرها بانه يريد اصطحابها الى حفل في السفارة الالمانية وسيرسل من يقلها بسيارته المرسيدس بصحبة آل رافنغدون منهم ماريل التي حسدتها على ماكس الاشقر الطويل.
اجابت فراني على الهاتف: "آلو."
اجاب سام: "الو هذا انا سام."
"اه حبيبي, كنت قد كتبت لك رسالة وانهيتها لتوي."
"كتبت رسلة! لماذا؟ هل عندك اخبار جديدة؟"
"كتبت بعض الاخبار السارة, على كل حال حاولت الاتصال بك لكن الخط مقطوع."
"ما هي اخبارك الجديدة؟"
"لا استطيع قولها الان, سوف تقرؤها في الرسالة صباح يوم الاثنين."
"حسنا امي وسازفك بدوري بنبأ سار. انا وكريسيدا سنرزق بمولود جميل حسب ما قاله الطبيب وستصبحين جدة."
اجابت: "متى؟"
"دعيني اتذكر, في اواخر شهر ايار او في اوائل حزيران. نحن متحمسان جدا وفريدا الى جانبها طوال الوقت."
"بالطبع." قالت ذلك وتملكها خوف شديد اذاك وغلبتها حيرتها اذ عرفت ان والدتها تهتم بها.
"حسنا اني جد فرحة." قالت فراني ذلك بصوت عال.
"امي لا تقلقي علينا فنحن نتمنى لك كل السعادة."
"بالطبع. اجل." قالت فراني ذلك وفي قلبها غصة.
"والدتي انا اريد فتاة, وكريسيدا تريد صبيا. ان جاءت فتاة ساسميها فرانسيس."
توقف عن الكلام فاحست فراني باكتئاب شديد ثم سمعته يقول: "ماذا في الرسالة؟"
"ستعرف حالما تصلك."
ثم انتزعت زوجته السماعة من يده قائلة: "فراني, ألم تفرحي؟"
"بالطبع اني سعيدة جدا." وتمنت الا يراها سام على حالها حزينة.
قالت كريسيدا: "اريده ابنا صالحا وجميلا مثل سام الرائع. الا توافقينني الرأي؟" تابعت تقول من دون ان تعلم بمشاعر فراني: "عظيم." اعادت الكرة من جديد.
ثم نادتها كاوت من خلف الباب: "الحمام جاهز عزيزتي."
منتديات ليلاس
جلست فراني على المقعد الوفير مضطربة ثم وقفت امام المرآة تسائلها عما يجري, منذ لحظات كانت تشعر بالحيوية والشباب اما الان فقد وعت على الحقيقة, حياتها وعمرها تملكا منها. ستصبح جدة عن قريب وماذا سيحل بها لو عرف ماكس؟ لو هي تزوجت به لحلت كارثة لا محالة.
دقت كاوت باب غرفتها ودخلت وراتها تبكي بحرقة.
في دوريونس جلست كريسيدا وزوجها يحتفلان بالمناسبة السعيدة.
قالت حينها كريسيدا: "يا له من طفل محظوظ."
قال سام: "ليتني كنت اعرف انك سترزقين بطفل لكنت زفيت الخبر لاصدقائي الاعزاء."
حينها ساد صمت رهيب وحزنت كريسيدا اذ تذكرت دومينيك. عرف سام من نظرة عينيها بمن فكرت, تقدم نحوها فقبلها على جبينها ثم عاد فجلس.
هناك جرى نقاش بين الزوجين عن تسمية الطفل فقال سام انه لا يهتم للاسم بقدر ما يهتم لمستقبله. سيسعى لتعليمه في ارقى المدارس والجامعات, وحياته ستكون مرفهة فوالده سام لم يعد فقيرا كالسابق.
ودخلت كريسيدا معه في نقاش حول رسالة والدته فاجابها انه لا يعلم محتواها غير انه منتظر قدومها يوم الاثنين التالي.
تــــمــــــــت
وبعتذر عالتأخير في انهائها