كل عام وانتو بخير يا احلى ليلاسين وليلاسات بدي بس احكيلكم انه صار في تعديل صديقتنا امراة بطعم تشرين بتشاركني بكتابتها وهي اللي كتبت الفصل الخامس وان شا الله ما نكون تاخرنا عليكم بالتنزيل ^_^
****************************************************
الفصل السادس
كان سام متجها الى برايتونتلبية لدعوة عشاء, انتظرت كريسيدا مكالمة هاتفية منه بفارغ الصبر عند الواحدة, احست بوعكة صحية لتذكرها ان الاثنين معا سام ودومينيك يتناولان الطعام.
تمنت الا يفشي دومينيك سرهما. عند تمام الثانية والنصف رن جرس الهاتف فاذا بسام على الخط.
"كان غداء رائعا مع دوم العجوز تذكرنا خلاله ايامنا القديمة في سالوين. لم يتغير كعادته وقال ان وزنك ازداد عن السابق."
قالت كريسيدا منزعجة: "اه نعم."
وتابع سام بحماسه الدائم: "حبيبتي رائع جدا ان تكوني على معرفة جيدة بالصديق دوم."
وتابع سام كلامه: "في الحقيقة, الصديق دوم يقدرك ويشيد بذكائك وانت بلا شك درة نادرة كما قال."
"اشكرك حبيبي." وحاولت ان تخفي ارتباكها وانزعاجها من كثرة التكلم عن دومينيك, محاولة الظهور مرحة ومشرقة.
"ساراك غدا سام."
"انت تحاولين التملص من رؤيتي. اربع وعشرون ساعة بعيدا عنك مزعجة كفاية. وثمان واربعون ساعة تجعلني اكاد اجن."
ضحكت مليا واشرق وجهها من جديد, مع سام لا وجود للحزن.
اتفقا على الخروج لتناول الغداء في المدينة اليوم التالي. بعد ذلك ستنطلق الى لندن للتبضع اذ تحتاج الى لباس بحر جديد ونظارات شمس.
منتديات ليلاس
لم تعد الاشياء ما كانت قبل ان يظهر دومينيك في حياتها من جديد, فقد اصبح من الصعب محو ذكراه من مخيلتها.
بعد ظهر ذلك اليوم تركتها والدتها ترعى شؤون والدها لانها ستخرج في موعد مع صديقة قديمة للتوجه الى هوف بهدف زيارة. كانت والدتها ترفض الخروج دائما فهي تريد البقاء مع زوجها المريض, لكن كريسيدا كانت تعترض قائلة: "حين اغادر ستبقين معه ما تشائين, اخرجي رفهي عن نفسك في كل وقت يا امي, بعد الزواج لن اتركك لوحدك مع والدي وسيمون."
قبلت فريدا ابنتها بحرارة: "انت فتاة لطيفة."
ضحكت كريسيدا منقبضة وتذكرت ما مرت بها العائلة من آلام.
واخيرا ضحكت لنا الايام, سام هو السبب.
تغيرت كريسيدا يوم تعرفت على سام, بعد ان عانت حالة اكتئاب حادة, والدة كريسيدا كانت فرحة وتستعد للزواج المرتقب, بعد الغداء اصطحبت كريسيدا والدها الى الحديقة للتنزه.
نظر الدكتور راي الى ابنته الجالسة الى جانبه بحنان وغبطة من اعلى نظارتيه, سيفتقدها بعد مغادرتها المنزل غير انه سعيد لسعادتها.
سام بول شاب طيب ويتمنى له السعادة مع ابنته كريسيدا.
سالها بحرارة: "هل انهيت استعداداتك؟"
"نعم والدي, سازور لندن غدا وبعد يومين اخرين اتزوج, هل تصدق ما يحدث معي؟"
"بكل تاكيد." اجابها جون راي بعد ان تنهد مضطربا ثم تابع: "حين يزوج الرجل ابنته يشعر بنفسه عجوزا."
"اه والدي سيبقى سيمون الى جانبك وكذلك امي في غيابي."
"لا اثق بالفتيان مطلقا وبطبعي افضل الفتيات." قل جون راي ذلك ضاحكا وهو يشعل غليونه.
"ساظل احبك يا ابي."
"ارجو ان تستقر امورك في الحياة عزيزتي."
"اجابت قلقة:"لم تقول ذلك؟"
"لا اعلم." اغمض لدكتور راي عينيه للحظة ثم نفث من غليونه دخانا غليظا على شكل متقطع: "اعتقد انك عانيت خلال فترة حياتك السابقة كثثيرا, ولذلك لست متفتحة مثلامك واخيك بل مثلي انا, تحاولين التظاهر بما لست فيه."
نظرت اليه بعاطفة, بدا عاجزا كعجوز هرم, لكنه في الواقع لا زال شابا في داخله, الا ان مرضه قد اضناه على الرغم من تطمينات الاطباء لهم. وبدات كريسيدا تتذكر حين كان والدها طبيبا دائب الحركة, منشغلا طوال الوقت ومرتبطا بعمله ليل نهار. والدها مثلها الاعلى وهو مثلها يعاني وحدة قاتلة, تحس الان بقربه احساسا لم تعرفه من قبل.
"انك على حق يا والدي, صحيح انني عانيت حتى وصلت الى ما انا عليه الان, لكن تريثت قليلا ولم اتزوج في سن مبكرة كصديقاتي المعذبات. وجدت اخيرا من استحقه ويستحقني. سام يستحق الانتظار أليس كذلك؟"
"لكن حبيبتي, اعتقد ان قصة ما حدثت معك في روما, هل توافقينني الراي؟"
سالها والدها بحنان مما جعل قلبها ينبض بقوة ووجهها يتورد خجلا: "ما الذي جعلك تفكر على هذا النحو يا والدي؟"
"احساس غريب جعلني اتنبه للامر, لم اثر القصة بوجود والدتك, وجدت انك خضت تجربة مريرة اثر قصة حب فاشلة."
عضتكريسيدا شفتها السفلى تاثرا واجابت: "والدي العزيز لطالما اخفيت ما تفكر به عن عائلتك."
"انا اشبهك الى حد كبير كريس, حاولت اثارة تلك المسالة قبل زواجك كي تنجلي الامور ولا تسبب لك الاحراج فيما بعد."
"حسنا اعترف بانه كان هناك قصة حب عشتها وانتهت, والان لم يعد هناك ما يكدرني, فلا تقلق."
"لست قلقا الان ولم اكن لاقلق عليك في يوم من الايام."
"دعنا ننسى الماضي والامه ونفكر بالحاضر الجميل."
منتديات ليلاس
احس والدها ان شيئا سيئا يلوح بالافق. اشعل غليونه ثاني وبدا يفكر في حل المسالة. بدت له كئيبة على اثر ما حدث, ولا زالت تلك القصة تقلقها. والدها الطبيب المحب قطع محادثته عن روما وما يدور حولها وشرع يسالها بشغف عن شهر العسل الذي ستقضيه في ماجوركا. بعد مرور بعض الوقت اتت جوليا شالمرز احدى مرافقات العروس, مع فتاة اخرى لتسوية مسالة حفل الزفاف فتنحى الوالد جانبا وبدا جدال طويل.
في غرفة نوما وفيما كانت تستعرض فساتين السهرة مع جوليا وتستمع الى رايها بهم, عادت ذكرى دومينيك الى فكرها.
بدا لها من المحال المضي على هذا النحو. لم ولن تهتم سوى ليوم فرحها. وحين ياتي يوم السبت سوف تظهر لدومينيك كم هي سعيدة بزواجها. فقدت توازنها اذ رات مع صديقتها سيارة تتوقف امام المنزل. حدقت جيدا في سيارة المرسيدس الجديدة التي تلمع تحت اشعة الشمس, واذا بشاب يرتدي قميصا رمادي اللون يترجل منها ويتجه نحوهم.
قالت جوليا بحماس: "واو! يا لها من سيارة فخمة." ماذا يحدث الان, انه دومينيك! كيف يجرؤ ا نياتي الى داري, تقدم نحوها بخطى ثابتة ثم اخرج علبة سجائر من جيب قميصه ومن الاخرى ولاعة ذهبية. وهم باشعال سيجارة. شعرت بعدم الارتياح اذ نظرت اليه, كعادته بلونه الاسمر البني وعينيه الصغيرتين السوداويننظر اليها يتفحصها بلهفة.
"كريسيدا عزيزتي كيف حالك؟"
تلكات بعض الشيءثم اجابت: "اني بخير."
"حسنا لقدتركت خطيبك منذ ساعتين من الوقت, كنت اتناول الطعام مع سام في احد المطاعم على النهر. افترقنا واتيت بسيارتي المرسيدس التي اشتريتها قبل مغادرتي الى البرازيل. هل اعجبتك؟"
"يا لها من سيارة فخمة!"
لقد ظهر بمظهر الشاب الانيق الذيعرفته, وستقوم بمعاملته بشكل طبيعي وكانهما صديقان قديمان.
"اعتقد انك لن تمانعي حضوري الى هنا, تواعدت مع سام ان ازورك في منزلك ومن ثم نذهب معا الى حيث سيقام الاحتفال بالزفاف."
"بالطبع لم لا."
"هل بامكاني التعرف على اهلك؟"
"خرجت امي الى السوق, اما والدي فهو في الحديقة. تعال معي اعرفك عليه."
اشعل دومينيك سيجارة والتفت حول المكان ثم نظر اليها باعجاب: "تسريحتك جميلة, تعجبني."
باطرائه الخفيف, حرك فيها مشاعر وذكريات جميلة, امسك يدها وطبع قبلة عليها, تمتم قائلا: "لا تغضبي يا قطتي الصغيرة."
وقاحته جعلتها ترتجف: "حقا يا دومينيك!"
"لا اريد ان اؤذيك, ارى انك في اشد غضبك وليس من مبرر لما تفعلينه, نحن عاقلين كفاية لنتغاضى عن مثل هذه الامور."
"نتغاضى!!"
"اعرف ان قصتنا انتهت عند هذا الحد, فانت ستتزوجين افضل اصدقائي."
"لا شك فيما تقول."
"حبيبتي انا اعرفك جيدا. لكني لا استطيع معرفة شعورك الحقيقي نحوي, لذا آمل ام نبقى صديقين هذا كل ما في الامر. لم ادمر حياتك كما تتصورين, اذاً لم انت غاضبة مني؟"
انها غاضبة من نفسها قبل ان تكون غاضبة منه, وحاولت الابتسام وهي تقول: "لست غاضبة منك البتة, اشكرك على زيارتك, وساحاول الذهاب برفقتك لرؤية المكان الذي سيقام فيه حفل الزفاف, كيف حال سام حبيبي؟"
"سام بخير, لقد تناولنا طعاما شهيا وانا كما تعرفين لم اذق الا القليل."
هزت راسها مفكرة: "اذكر تلك اللحظات الحلوة في المقاهي الايطاليه, واذكر ايضا كيف كنت تنظر الى الطعام بعينيك خائفا ان تبدا بلقمة وتنتهي بوجبة كاملة."
فجاة ظهرت جوليا امامهما ونظرت الى دومينيك حائرة.
"جوليا اعرفك بدومينيك انه صديق سام الحميم."
"مرحبا." ومدت يدها مصافحة.
منتديات ليلاس
بطبعه اللعوب نظر الى جوليا بتمعن, وكانت مرتيدة فستانا اللون. تامل عينيها الزرقاوين الجميلتين وشعرها الاشقر الطويل. كانت ملفتة بكل ما فيه من انوثة وجاذبية, فلو لم تكن كريسيدا موجودة لكان رسمها بادق تفاصيلها, لكن حبه الاول بات واضحا على قسمات وجهه فكريسدا في نظره قد نضجت واصبحت اكثر جمالا من ذي قبل. انه يحسد سام عليها واحتار في اختيارها الذي يفتقر للذوق السليم.
عرف الكثيرات لكن كريسيدا كانت الوحيدة التي حركت فيه عواطف متاججة, وجدها فاتنة جدا في امتزاج انوثتها ما بين الخجل والشغف. تمنى لو كان متزوجا منها ولديه عائلة سعيدة. وقف مندهشا حائرا في امره.
نظرت حولها فوجدت والدها متكئا على كرسيه غافيا, قالت: "لن تتعرف على والدي الان فهو نائم ويحتاج للراحة."
اجابها: "بالطبع سوف انتظره ريثما يستيقظ."
نظرت جوليا الى الزائر الجديد باعجاب, فيما كان يستاذن بالذهاب الى الحمام, بعد ذهابه قالت جوليا باهتمام: "اه كم هو جذاب!"
تعجبت كريسيدا للسؤال وبدت حائرة ثم قالت: "حقا؟"
يعجبني, هل تعرفينه منذ مدة طويلة؟ لم اتعرف اليه من قبل, اعتقد انه صديق لسام."
"نعم كان معه يدرس في كامبريدج."
"ماذا يفعل الان؟"
"يرسم لوحات فنية وفي وقت الفراغ يقوم بعمل اضافي لصالح الاوبرا, اصله برازيلي."
هزت جوليا راسها وكانها ايقنت ما في الامر, ثم قالت: "رايته يقبل يدك, اعتقد انه لا يهتم لفتيات سواك. هل تعتقدين ان لدي فرصة معه؟ سوف اذهب الى فيكي واحضر نفسي لاكون جميلة في حفل الزفاف."
اجابتها كريسيدا منفعلة: "انتظري لا تذهبي الان, ابقي لتناول الشاي. لن يتاخر دومينيك في العودة, لاننا سنذهب بعد ذلك الى مكان الاحتفال ويمكنك المجيء معنا."
"اني اتشوق للذهاب معكما." فما كان منها الا ان سرحت شعرها بسرعة البرق وتبرجت امام المرآة.
تاملتها كريسيدا وفكرت, كم هو جميل ان تكون الفتاة في عمر التاسعة عشرة, فهي تكون بسيطة وغير متكلفة, وليس لديها تجارب كثيرة في الحياة.
سالت جوليا: "هل سياتي سيمون لحضور حفل الزفاف؟"
اجابتها: "اجل سياتي غدا."
في تلك الاثناء كان اخوها يقضي عطلته الصيفية بعد انتهاء مدرسته على البحر مع بعض الاصدقاء. واخيرا عاد دومينيك.
حدق دومينيك بكريسيدا وبادرها: "لقد رايت منزلك من الداخل, انه جميل ومرتب وموقعه مميز, كما انني رايت البحر من نافذة الحمام."
هرعت كريسيدا مسرعة وقالت: "اني ذاهبة لاحضر الشاي."
حاول ابقاءها بالغرفة بقوله انه لا يشرب الشاي,الا انها غادرت على الرغم منه وتركته مع جوليا.
بعد ذلك وبعد ان استيقظ الدكتور راي من نومه, اجتمعت العائلة على فنجان شاي في الحديقة. في تلك الاثناء وصلت والدة كريسيدا بعد زيارة الى احدى صديقاتها. بعد الانتهاء من الشاي اقترح دومينيك الذهاب مع كريسيدا للاطلاع على التحضيرات الخاصة بحفل الزواج, فطلبت كريسيدا من جوليا مرافقتهما الا انها بلباقتها المعهودة رفضت جوليا الذهاب بسبب اضطرارها للعودة الى البيت.
لم يبق امام كريسيدا الا الموافقة فانطلقا بسيارته الى حيث تقع الصالة ودخلاها من باب جانبي.
استوقفهما مسؤول هناك وكان له حديث قصير مع كريسيدا بعد ان عرفته الى دومينيك.
ابتسم مخاطبا دومينيك: "لديك عمل مهم جدا."
ابتسم دومينيك هاتفا: "ستكون التجربة الاولى بالنسبة لي, ارجوا لا اوقع خاتم الخطوبة من يدي, فالعروس اسرت لي البارحة ان اتشبث بهه الى ان يحين الوقت."
"تماما تماما."
ان افكاره كشخصه مميزة ولسانه سليط ولا يتغير, ما زال كما عرفته في روما, اخيرا بدات كريسيدا تسال عن بعض تفاصيل المناسبة.
قالت: "قبل ابتداء الحفل عليك انت وسام اعتلاء المرتبة هناك, وفيما اتقدم ويدي ممسكة بيد عمي, ستقفان انتما تنتظرانني, نشير اليك بتقديم الخاتم, عليك بتلبية الامر, ثم اعتقد ان سام اوضح بان عليك الاهتمام بنا ونقلنا فيما بعد الى المطار حيث ننطلق من هناك في رحلة شهر العسل."
قال دومينيك: "سوف اقوم بدوري جيدا."
"هذا اذا كنت لا تمانع بذلك." اجابته بعصبية وحيرة.
وقف ينظر الى شكلها يتاملها بلون بشرتها البنية وعنقها الجميل الذي طالما احبه دومينيك ورسمه بدقة في اكثر من لوحة. والان شعر بخجل يعتريه اذ ظهرت على وجهه علامات التاثر من فرط حبه لها. بالطبع كان يعرف كل المعرفة ان كريسيدا ستصبح زوجة لسام بعد ايام معدودة. كان بوده ان يعرف صدق العلاقة التي تربطها بسام, وهل ما زالت تتذكر تلك الايام الخوالي معه. تمن لو انها تنسى امر زواجها منه فيخطفها بسيارته المرسيدس الى المطار, ويطير بها ليس الى شهر العسل بل الى روما حيث تبقى هناك معه في الاستوديو.
منتديات ليلاس
فجاة انحنى بالقرب منها ووضع يده على كتفها وهمس: "فلنخرج من هذا المكان."
استدارت ونظرت اليه, الاحاسيس التي راتها في عينيه اخافتها وجعلت قلبها ينبض بقوة. ابعدت نظرها عنه وخرجت مسرعة.
بادرها للتو قائلا: "يتراءى لي انك ستحظين بحفل زفاف موفق. اتخيلك عروسا جميلة بفستان ابيض ممسكة بباقة زهر بيضاء تقفين الى جانبه وربما ترتجفين من فرحك."
"اخرس قلت لك اخرس دومينيك, كفى مهاترة وهزءا."
"لا داعي للتوتر والعصبية, سأكف عن مضايقتك."
مشت معه الى ان وصلا الى السيارة, هناك وقفت تبكي تاثرا وتمنت لو لم تعرفه قط. وشعرت بقرارة نفسها انها تكرهه. تكره ذكراه, تكره عودته الى حياتها وتتمنى ابتعاده في اقرب وقت ممكن."
اقترب منها قائلا: "انا جد متاسف لما حصل. ألا تفهمين قصدي."
"لماذا تعذبني؟ ماذا فعلت؟" وتابعت بكاءها. فلمعت عيناها من شدة الدمع, تمنى لو انه يمسك ريشة بيده يرسمها في تلك اللحظة باللون الذي تعكسه عيناها.
قال لها: "اعتذر منك يا قطتي الصغيرة, لن اسامح نفسي لانني جعلتك تبكي."
قال تتنهد: "اولا اطلب منك ان تكف عن مناداتي قطتك الصغيرة. ثانيا لو عرف سام حقيقة ما بيني وبينك اه... ألا تفهم ما اقول؟"
"اه سام." تمتم دومينيك ساخرا: "سام!"
"اجل ولا تتلفظ باسمه بهذه النبرة. ذكرت بنفسك انك تحبه وتحترمه. هل تريد اذيته؟"
"حسنا حسنا, اهدئي ولا تجزعي حبيبتي. لن اؤذيه أتفهمين. الحظ يبدو لجانبه وسيتزوج بك. وانا لا احسده بالطبع."
حاولت التستر وراء دموع كاذبة واجابته: "كلا بالطبع ولما تحسده!"
كادت تتلاشى من شدة حبها له وتمنت لو انه لم يات الى بريتون ولم يتسبب لها بالبؤس والكآبة.
ندمت لخروجها معه الان وندمت لانها تورطت معه في علاقة حب في الماضي. تمنت لو ان الاشياء تتبدل. ولكن ما من فائدة.
ما عرفته الان هو ان زواجها من سام يبنى على الصدق والصراحة, وان فستان العروس الذي سترتديه مجرد زيف لا اكثر.
اقتنعت اخيرا ان ما تقوم به مجرد تقليد ورثته عن من سبقها وارتداء الفستان الابيض ما هو الا عادات زائفة.
لكنها استجمعت قوتها وقالت بحزم: "دعني اوضح لك امرا, دومينيك اا احب سام وارغب الزواج منه ولن اتاثر بما تود عمله."
بادرها: "حبيبتي كريسيدا, لقد اسات فهمي... لم ات الى هنا بقصد سيء."
اجابته:"اذن لا تأت على ذكر الماضي."
"سامحيني كريسيدا لكنني ما زلت احبك."
"وانا لم اعد احبك."
لم يعجب دومينيك ما صرحت به الا انه صمت على مضض.
قال: "هيا اصعدي الى السيارة, لكن لن نذهب الى منزلك الان, ساخذك الى مكان نرتاح فيه ونتناول مرطبا منعشا."
"اجابت: "كلا افضل الرجوع الى المنزل."
"حبيبتي اتيت من مكان بعيد للمكوث معك. لن نبحث امورا تتعلق بماضينا فلنتحدث عن ساماو اي موضوع اخر اذا شئت."
"لا لا زلت مصممة على رايي."
"ألا زلت مصممة على رفضي؟"
"نعم اقولها بصدق."
"اسف." وفكر انها ربما ستبدل رايها بعد عودتها من شهر العسل, واضاف: "لا تاخذي كلامي على محمل الجد, لم اكن في يوم من الايام تقليديا, وكذلك انت, اعتقد انك تغيرت."
"نعم بالفعل." اجابته بذلك وهي تهم بركوب السيارة الى جانبه. واحست بالندم على انفعالها وعصبيتها بعد ان انطلقت بهما السيارة.
بادرها دومينيك قائلا: "خجلت لاني حشرت نفسي فيما لا يعنيني."
تابع بعد قليل: "جرت الامور عكس ما نشتهي, خطيبك ارادني مرافقا له."
اختلطت الامور على دومينيك وراح يتخيل المشهد حيث يقف بائسا الى جانب العريس والعروس, أي موقف هو هذا؟ بات عليه اخذ موقف حاسم والتصرف بحكمه, عليه الهرب من مثل هذه المسالة وترك الاثنين وشانهما.ٍ
تيقنت ان دومينيك بافكاره المتجددة والعديدة استطاع ان يسلب قلبها ويجعلها في حالة اضطراب دائمة, العواطف لا تعنيه كثيرا, هاجسه تحسين نوع عمله والانطلاق من جديد في سبيل التطور.
لم تعد تدري ما تقول وخافت في لحظة ضعف ان ترتمي بين يديه من الشوق.
"قطتي الجميلة كل ما فيك فاتن ومحبب الي, ابق كما انت الان, لا تجامليني فانت محبوبتي شئت ام ابيت."
سام اين انت الان لاختبئ بين ذراعيك واتخلص من افكار سوداء تلاحقني.
وفي طريق عودتهم الى بريتون بدا نقاش بينهما حول الفن واللوحات الفنية التي تباع خارج البلاد باسعار منخفضة. كريسيدا اعترضت فيما هو لم يبال للامر لانه حسب رايه ستعرض هذه اللوحات في احد متاحف العالم ليتفرج عليها عدد كبير من المعجبين من جنسيات متعدد, لكنه علق وله انه يعجب لم يقتنيها مليونير كبير ليعلقها فقط فوق المدفاة, كان عليه استبدالها بصورة فوتوغرافية بخسة.
منتديات ليلاس
توقفت بهما السيارة امام منزلها والتفت دومينيك اليها قائلا: "لم لا نتناول العشاء معا, اعدك اني سابقى محايدا ما لم تبدلي رايك."
قالت بغلاظة: "سوف لن ابدله."
نظر اليها باعجاب وقال: "ارى انك استعدت ثقتك بنفسك وتتخذين قرارك بحسم."
"كما ترى."
"اه كريسيدا, لا تقسي علي. اعتبريني مجرد صديق, ساكون الى جانبك في كل وقتك."
تورد خداها وتركت السيارة بعجل. ربما كان تصرفها مجرد عبث وطيش, لم تقو على كبح عواطفها امامه وهي التي احبته في الماضي بكل جوارحها, وسام لطيف معها لا تستطيع نسيانه, كما انها تدين له بالكثير.
"الى اللقاء دومينيك, يبدو اني متوترة ومرهقة كثيرا, انت تعرف جيدا كم يتطلب الزواج جهدا وتعبا, وانت لا تعني ما قلته أليس كذلك؟"
"بالطبع, اود فقط ان ابني علاقة وطيدة فيما بيننا ومعنا سام عند عودتكم الى لندن, سوف ابقى هنا للعمل في الصيف والخريف, وسترين حتما اعمالي التي انجزتها للاوبرا."
لقد اقام علاقة وطيدة مع مخرج الاوبرا آلدو وتحسر لعدم تمكنها من الحضور في ليلة الافتتاح.
للمرة الثانية اصابها ما يشبه الهلع, فقد راق لها حديثه اللطي ومعاملته الحسنة على الرغم من جهلها لمواضيع هو ضليع بها, بموهبته الفذة طغى على كل كيانها, وبلهجته الانجليزية التي اختلطت باللهجة الايطالية.
سالها مبتسما: "هل انت سعيدة انني انجزت لوحة؟ لنت حثثتني على العمل دون تافف."
اجابته: "عمل رائع قمت به."
"هل سام مولع بالفن؟"
ترددت حائرة حين طلب منها ان تختار لوحة من لوحاته لمنزلها فقالت: "يحبذ سام الفنون, وزوج والدته السيد غاي يملك واحدة, ساام سياخذك لتراها."
"طلب سام مني مرة ان ارسم والدته فراني."
"اعرف ان رسمها سيبدو جميلا, انها امراة رائعة.
نظر اليها دومينيك يتاملها, وقال: "حسنا, هل لي بمرافقة صديقتك جوليا في نزهة ومن ثم دعوتها الى عشاء, ارى ان من واجبي فعل ذلك."
لم تكن تعني لها دعوة العشاء شيئا, ولا سبب يجعلها تغار, لكنها لا تريد من دومينيك ان يبدا بعلاقة مع جوليا, منذ دقائق حاولت اقناع نفسها ان لائق ولا يقصد اذيتها لكن الان بدا يراوغ من جديد.
سالها: "هل يمكنك ان تعطيني رقم هاتف جوليا؟"
اجابت: "اجل, لكن ارجوك دومينيك لا تفعل..."
"لا افعل ماذا؟"
قرات نظرة ذكية في عينيه السوداوين واحمرت خجلا, اضااف يقول: "هل تخافين ان اتورط مع صديقتك؟"
ارتبكت ولم تجبه, ضحك وقال بصوت خافت: "كريسيدا قطتي المدللة, انت تاخذين الامور بشكل جدي, لا تنسي اني لاتيني الاصل واقيم مسالة الحب وارفع من شانه, لكن لو اعتبرنا الجدية في علاقاتنا فقد تنغص حياتنا."
فهمت القصد من كلامه لكنها تظاهرت بعدم الفهم, وقالت حانقة: "لا ادري عم تتكلم, علي الذهاب الان, الى اللقاء وشكرا للزيارة, اراك لاحقا يوم السبت."
انطلق بسيارته باسما وتركها وحيدة مع افكارها الضائعة.
تبين لها الان انه لا مجال في اعادة الامور الى سابق عهدها, فتصرفاته اليوم ما زالت كما كانت منذ ستة اشهر في روما, فهو شاب بطبع لا يتغير. احست بارتباك وحيرة من امرها.
التقت والدتها في الصالة الكبرى التي سالتها: "يا له من شاب مهذب السيد ميلن."
"انت تتصورين ذلك امي." اجابتها بذلك وهي تسير متجهة نحو غرفتها.
لاحظت والدتها ان كآبة استبدت بها من جديد, اعتراها خوف شديد اذ سالها زوجها جون سؤالا حيرها, قال: "هل لك بمعرفة ما يدور بخلدها, تبدلت بشكل كبير منذ عادت من روما..."
اظن انها عرفته هناك المسكينة.
بقيت فريدا تفكر في امر دومينيك للحظات, اما كريسيدا فدخلت تستحم وبعد ان انتهت ساعدت امها في المطبخ بتحضير وجبة العشاء, بدت منشرحة وهي تفكر في دومنيك وجوليا, قررت ان تنبه جوليا الى عدم التورط معه كي لا تندم في المستقبل على امر فعلته بطيش.
"بدات اشعر اني كبرت سنا لاني ساتزوج." خاطبت نفسها ضاحكة.
اتصلت كريسيدا بجوليا صباح اليوم التالي فاخبرتها انها لم تكن بصحبة دومينيك على العشاء, بل دعيت لمناسبة اخرى وكانت معها زوجة اخيها. هناك تعرفت الى شاب جذاب واضافت قائلة: "لكن اوافقك الراي فصديق سام شاب رئع جدا ورجل بكل معنى الكلمة."
اجابتها بحذر: "انظري جوليا لا تتحامقي, فدومينيك ليس بالشاب السهل حسبما تظنين, عليك ان تاخذي حذرك منه."
اجابتها جوليا ضاحكة: "انت تتكلمين مثل امي تماما."
"نعم جوليا, اني اقصد ما اقول."
ثم طرقت تفكر مليا, فهي ابنة الثالثة والعشرين بدات تتصرف تماما كوالدتها بوعي وتدبر للامور, ماذا فعلت والدتها من امر حيالها؟ فقد قادتها خطاها الى ما لم يكن في الحسبان.