بدا غير مصغ تماما لكلامها , وقال:
" على كل حال سأعلمه هاتفيا , فلا يجوز من حيث المبدأ المهني أن أتدخل في علاجك قبل أعلامه".
فأعطته أسم طبيبها ورقم هاتفه , وسألها باسما:
" سأتركك لبضع دقائق كي أخابره , فهل تعدينني بألا تحاولي النهوض في غيابي؟".
" لن أستطيع ذلك حتى لو حاولت".
فتخلى عن تصرفه المهني وهمس لها:
" وجدتك أخيرا حيث أريدك أن تكوني".
أبتسمت له دامعة فخرج.
هبط الدرج مناديا أخاه , وبدا أنهما يتجادلان , ثم سمعت خطوات مترددة تصعد السلم , ودخل كليفورد , نظر اليها مرتبكا , وقال:
" ما مدى الضرر الذي لحق بك؟ ألا تستطيعين الجلوس في السرير؟".
فردت محتدة:
" بالطبع لا أستطيع!".
بدا خجلا من نفسه , فلان قلبها وقالت:
" أعذرني يا كليفورد , فظهري يؤلمني الى حد كبير".
" لكن ماذا عن عملي؟".
أذهلتها قسوته , فبدأت تهز رأسها ألا أن الألم جعلها تتوقف , قالت:
" لست أدري يا كليفورد , لا يمكنني فعل الكثير وأنا في هذه الحالة , أليس كذلك؟".
نظر اليها منجرحا فأعتذرت بقولها :
" ما عليك ألا أن تكتب النصوص بخطك , وحالما أتحسن سأكبّ على الطباعة حتى أنجز المطلوب".
سار الى النافذة وأولاها ظهره كما فعل أخوه , فقالت في نفسها: ( يبدو أنني أقترفت جريمة نكراء , فكلاهما يلومني وينسى أنني أنا التي أتألم".
وقال كليفورد محدّثا زجاج النافذة:
" الحق على ذلك الكلب الذي لا تعرفين كيف تؤدبينه بل تدللينه وتغرقينه بالحب وتعاملينه كما لو كان من البشر..".
لم تصدق أذنيها.... هل هو يغار من كلبها؟ وتابع كليفورد ملحا:
" عندما نتزوج , عليه أن....".
لم يكمل عبارته لأن موراي عاد عندئئذ , فخرج كليفورد كجندي متلهف الى تسليم موقع الحراسة الى جندي آخر , نظر اليها موراي وسأل في حدة:
" تبدين مضطربة ........ ماذا كان يقول؟".
" كان.......يتحدث عن فليك لدى دخولك , وأعتقد أنه كان ينوي أعلامي بوجوب .....قتله .......بعد زواجنا".
فرد موراي بلا أكتراث:
" هذا تحصيل حاصل كما أفهمتك مرارا وتكرارا حتى قرفت من الترديد".
أبتسمت ووضعت خدها على الوسادة الرطبة ثم قالت:
" أعتذر لكوني أغرقت وسادتك بدموعي".
فرد مبتسما:
" لن أموت بسبب وسادة مبللة! لقد تحملت أشياء أسوأ بكثير في خلال مهنتي".
" أكرر أعتذاري عن أزعاجك وأقلاق راحتك".
فهز كتفيه وأجاب:
" في سنواتي الأولى كطبيب كنت أستدعى ليلا ونهارا فأعتدت على عدم الراحة".
فتشجعت وسألت:
" هل كانت لك عيادة خاصة؟".
" لمدة سنتين كنت شريكا في عيادة للطب العام , ثم رغبت في التخصص , وبما أنني كنت عازبا , فقد درست بجد للحصول على الدكتوراة , لم يكن الأمر سهلا ألا أنني نجحت".
" والآن.......؟".
" أخصائي في أمراض القلب , ورئيس قسم العلاج السريري للقلب في الجامعة , وأشترك في أبحاث علمية حول أمراض القلب ,وبالأخص في ما يتعلق بتأثيرات الغذاء على ذلك العضو المهم جدا في جسم الأنسان ".
أحست نفسها ضئيلة أمامه , وقالت:
" أذن هذا سبب محاولاتك المستمرة لتطميني الى صحة كليفورد؟".
" والآن أؤكد لك مجددا ألا تقلقي على صحة قلبه بتاتا , فبناء على طلبه , أجريت له ثلاثة فحوصات شاملة , وأخبرته في كل مرة أنه لا يشكو شيئا".
" ومع ذلك لم يصدقك؟".
" كلا , هل لأنني أخوه أو لأن عدم تصديقه لي يناسبه أكثر , لست أدري , لكنني أشك في الشق الأخير".
" ولم لا يطلب رأي طبيب آخر؟".
فضحك وأجاب :منتديات ليلاس
" سؤال وجيه , أنما أعتقد أنه في هذه الحال سيضطر الى تصديق ذلك الطبيب ....سآتي لك بحبة مهدئة".
عاد بعد دقائق وساعدها على تناولها وقال:
" الآن ستنامين وتتوقفين عن الكلام".
" موراي , لماذا لم تقل أنك طبيب؟".
فأخذ يدها في كفه وأجاب:
" يا فتاتي الحلوة , أنا في أجازة , ومن صالحي البقاء مجهول المهنة , لأن الناس متى علموا بوجود طبيب في وسطهم , يسارعون الى أغراقه بشكواهم الى حد شعوره بالغثيان".
" الحبة بدأت تعطي مفعولها لكنني أريد الأستمرار في الكلام".
" ما عهدتك ثرثارة هكذا , يجب أن تعتادي على الأنفتاح , وها أنت بفعل حبة واحدة أصبحت فتاة أخرى , وأذا أخذت حبتين في ظرف أنسب فقد تجدين الجرأة على الأعتراف بالحب!".
ضحكت وردّت:
" على ذكر الحب , هل ستتزوج غريتل؟".
" هذا سؤال وقح ولست مضطرا للأجابة على كل أسئلتك , أنت ما تزوجت أخي بعد ولذا لا يحق لك أستجوابي بهذه الخصوصية".
ألصقت خدها بالوسادة وأغمضت عينيها , أنها لا تبتغي أبدا أن تكون زوجة أخيه بل تبتغي أكثر من ذلك بكثير .......بدأت الحبة تجرفها الى عالم النوم والأحلام ...فرأت نفسها في مكان مظلم , وكان هناك رجل يناديها بلهفة ,لا بد أنه كليفورد أذ لا أحد سواه يمكن أن يحتاجها هكذا حتى في المنام... ثم تراجع ذلك المجهول في الظلام وأختفى , حاولت اللحاق به لتكتشف هويته ألا أن ساقيها رفضتا التحرك , بعد ذلك أستسلمت لنوم عميق خال من الأحلام.