7- الحب من طرف واحد
أصطحبها كليفورد الى أغلى صائغ في البلدة وأبتاع لها الخاتم , كان الفص عبارة عن عنقود من الماس مصمم بشكل نجمة متألقة , وكان ثمنه باهظا.
عندما ألبسا أياه, كانا يجلسان على الأريكة , ولما رآها تنظر اليه في توقع , قال كما لو أنه يرجوها أن تتفهم:
" أدريان , تدركين على الأرجح أنه يستحيل عللي صياغة مشاعري نحوك في كلمات , كما لا يمكنني ترجمتها عمليا , ومع ذلك فأنا مولع بك , وأحتاجك أكثر مما تصورين , أنني أقدر كل ما فعلته من أجلي , فأنت أدخلت البهجة الى حياتي قبل أن نتزوج".
توقف ليأخذ نفسا عميقا ثم أنهى خطابه بقوله:
" أن مجرد وجودك هنا , كاف لأسعادي".
كلامه أحدث فيها تأثيرا عميقا , فوضع يدها على كتفه , وسألت لتخفف أرتباكه:
" هل نشرب نخب خطوبتنا؟".
أومأ موافقا فنهضت لتذهب الى المطبخ , وعندما دخل موراي وراح ينظر اليهما بالتناوب وقد شعر بتوتر الجو , رفعت يدها اليمنى تريه الخاتم بأبتسامة متحدية ونظرة قاسية متألقة:
فنظر الى الخاتم ثم اليها وقال ووجهه خال من التعبير:
" وأخيرا أرتبط أخي بعهد! لا بد أن ذلك الشيء البسيط قد كلّفه ثروة صغيرة".
أحتارت أمام لهجته وتعبير وجهه , فهو الذي كان يحثّ أخاه على أبتياع الخاتم منذ أسابيع ...... وقالت بصوت مضعضع :
" أننا نحتفل بالمناسبة , فهل لك أن تشاركنا يا موراي؟".
فرد في برود:
" لا حاجة لمشاركتي فهذه ليست خطوبتي".
ثم خرج صافقا الباب.
أطلّ يوم المهرجان غائما وعاصفا , ولكن ما أن أقترب موعد الأفتتاح حتى أشرقت الشمس وتبددت الغيوم , قبل الظهر أكملت أدريان طباعة بعض النصوص وذهبت لترى كليفورد قبل عودتها الى البيت ظهرا فوجدت موراي معه.
قال لأخيه بنبرة حازمة:
" هذا العصر سأستعير خطيبتك يا كليفورد , فأنا سأذهب الى القرية لحضور المهرجان وأريد شخصا يرافقني , هل لديك أعتراض؟".
فقالت أدريان:
" لكنني.....".
فقاطعها موراي:
" ما دمت عازمة على حضور المهرجان , فستذهبين معي".
بلغا مكان المهرجان وكانت الموسيقى المسجلة تنبعث من مكبرات الصوت , فهتف موراي للكلب وربط المقود في طوقه ,وحين لمحت أدريان أمها في كشك الحلوى , جرّت موراي خلفها الى الكشك فرحبت بهما لورنا , وطفق يستعرض قوالب الحلوى ثم قال:
" أنها تسيل اللعاب , بأي صنف من هذه المعروضات المغرية تنصحينني؟".
فأشارت لورنا الى قالب ( كاتو بالكريما) , فسألها سعره ودفع الثمن , فلفته في عناية وناولته أياه , فأنحنى بأحترام وأعاده اليها قائلا:
" تفضلي , أنه هدية مني الى حماة أخي العتيدة".
برقت عيناها وقالت:
" أتعني ذلك حقا ؟ لكنه باهظ السعر".
تهرّب من تشكراتها ونظر حوله قائلا:
" أين أوغسطوس تشارلز ؟ آه.......... أنه هناك".
كان أوغسطوس يصعد درجات المنبر بشيء من التعثر , وبوجه متورد وعينين زائغتين قليلا , ثم قدمه عريف المهرجان كروائي شهير رفيع المستوى , وبالرغم من هذا التعريف المضخم للواقع فقد أستقبله الجمهور بتصفيق حاد , وأنبرى يلقي خطابه الأفتاحي بكلمات متعثرة ومبهجة تقريبا ككلمات الكتب التي يؤلفها , لكن جميع المستمعين كانوا في مزاج صاف مرح , وهكذا أستطاع أن يحملهم على الضحك والحزن والتفكير بالتناوب , ثم أنهى خطابه بنكتى ضحكوا لها من جديد , بعد ذلك ساعدوه على هبوط الدرج فسار بين الجموع التي أدارت له ظهرها وقد نسيت أمره كليا في غمرة أندفاعها لشراء مبتغاها من المعروضات قبل أن تنفد.
وقال موراي:
" لم يكن خطابه كارثة كما توقعته أن يكون".
فأجابت أدريان ضاحكة:
" تبدو خائب الرجاء".
" أجل , أردته أن يفشل لأعود وأروي لأخي أن أحد أصدقائه الأدباء المبجلين قد جعل من نفسه مهزلة أمام مئات الناس".
توقفت أمام كشك المجوهرات وألتقطت قلادة ذات أحجار كريمة منقوشة , فوضعتها على صدرها وسألته:
" هل تعجبك؟".
فتأمل المشهد وقال:
" نعم , أنها تناسب شخصية الفتاة التي تحملها , هل تريدينها؟".
مد يده الى جيبه فأرجعت القلادة فورا وأشاحت عنها قائلة:
" لا تهتم للأمر".
فألتقطها ودفع ثمنها , وقال وهو يقدمها اليها باسما:
" أنها لك.........
دعيني ألبسك أياها".
شكرته وغطت القلادة بيديها كما لو أنها أغلى شيء في العالم بالنسبة اليها , وقالت:
" سأعتز بها ما حييت".
قرأ الأخلاص في عينيها , فقال في جدية:
" أنت صادقة فيما تقولين".