أجرى التعريفات المطلوبة ,ولاحظت أدريان أنه كان يقدمها الى المدعوين على أنها سكرتيرته , كذلك لاحظت أن بعضهم بادلها الأبتسام مصحوبا بشمخة أنف متعالية , يخص بها المعلوقات الأدنى منه ذكاء وتفكيرا.
أما أمها التي مارست سحرها المدروس وأستعانت بأسلوبها المتكلف الخاص , فسرعان ما أستطاعت أن ترسخ نفسها كعضو في ذلك المجتمع.........كانت تجلس الى جانب كليفورد , وتشق طريقها بذكاء في الحوار الدائر بينه وبين رجل آخر , مما جعل أدريان تتعجب من قدرة أمها على التكيف بمهارة مع جماعة كهذه , بالرغم من الحياة المغلقة الخاوية التي تعيشها في بيتها.
أمتدت ذراع موراي وأجلستها على الأريكة , ثم قال هامسا:
" لا حاجة لأن تبدي كأرنب مذعور , فهم ليسوا بأفضل منك يا حلوتي , أنهم يتوهمون ذلك ليس ألا ".
ألقى ذراعه على كتفها , فنظر اليه كليفورد مؤنبا لكنه أبقاها حيث هي , وتابع:
" لاحظي كيف يتجمعون في حلقات صغيرة ضيقة , تتيح لك أن تصنفيهم تقريبا , فبعضهم هو ما يسمى بتعبير لطيف , ( مؤلفون غير منشورين ) ينتظرون نتاجهم لكل من يوافق على شرائه , بعد ذلك هناك درجات متفاوتة من النجاح الى أن نصل الذين يتربعون على القمة وقد بلغوها بشيء من المقدرة وبكثير من الحظ".
فهمست في أذنه وهي تشعر بنظرات خطيبها مسلطة عليها:
" وأين يقع كليفورد في هذا التسلسل الهرمي؟".
فضحك وقال:منتديات ليلاس
" أذا أردت رأيي كشقيق وليس كناقد أدبي , فهو قريب من القاع من حيث المقدرة , ولكن على القمة من حيث النجاح , أختاري ما تشائين من الموقعين".
أنفتح الباب على مصراعيه فتألقت عيون كل الرجال , كانت الفتاة التي دخلت صغيرة في السنوات أنما تبدو في ضعف عمرها من حيث الخبرة , كان شكلها الخارجي ساحرا , ترتدي سترة وبنطالا مزينين بخيوط فضية , ويلتصقان بقوامها الفاتن.
" كليفورد يا عزيزي! كم يبهجني أن أراك ثانية".
تقدمت منه مفتوحة الذراعين وربتت على كتفيه ,ثم طوحت بصرها في أرجاء الغرفة وكان جميع الرجال قد وقفوا..... تأملتهم واحدا واحدا , وبدأت الأنشوطة تقترب حين قالت:
" أين أخوك الرائع الذي حدثتنا عنه؟".
سر كليفورد لخلاصه من دائرة النور فأشار الى حيث موراي الذي راح يرمق الفتاة بأعجاب تخالطه سخرية خفيفة وهي تتقدم منه.
سقطت الأنشوطة وأعتقلت عنق موراي , نهض ليصافح يدها الممدودة , فسارع شخص وأحتل مكانه الى جانب أدريان.
" ما أروع أن ألتقيك يا سيد ديننغ".
فأنحنى متأدبا وأجاب:
" وأنا كنت سأفقد فرصة نادرة لو ما تعرفت اليك".
ضحكت الفتاة بصوت جذاب أذ حسبته جادا في كلامه , جلس على مقعد وثير , وبدا مأخوذا بالفتاة التي كانت قد جلست على كرسي منخفض عند قدميه.
حدقت في عينيه وقالت بصوت مرتفع سمعته أدريان:
" أنا لست واحدة من هؤلاء الكتاب الشطار , أنا فنانة".
" وما هو أسمك؟".
" ديزيريه تشارترز وأسمك موراي تبعا لمعلومات كليفورد".
نظرت في عينيه من بين أهدابها الطويلة وسألته:
" هل تكتب مثل أخيك؟".
" أكتب رسائل فقط".
فرنت ضحكتها وعادت تستفسر:
" ماذا تشتغل ؟ هل أنت متفوق في عملك؟".
فأجابها متصنعا التواضع :
" أبذل أفضل ما لدي , أنني أعمل في الأبحاث".
تقلصت أدريان من الغيرة فأشاحت عنهما , وأذا بها تواجه رجلا قرّب محياه منها وقال:
" مرحبا , أنا أوغسطوس تشارلز , فمن أنت؟".
أبتعدت قليلا فأمكنها أن تتحقق من بشاعة وجهه , كانت عيناه منتفختين , ووجنتاه في حاجة الى حلاقة ,وشعره شائبا وطويلا بالنسبة الى عمره , أبتعدت في جلستها فأقترب منها مجددا , نظرا الى موراي متوسلة فرأته يعبس , أنما لم يحرك ساكنا لنجدتها.
أستدارت الى أوغسطوس وقالت:
" أنا أدريان غارون".
" هل تكتبين؟".
" لا , أنا أطبع".
أرتج بالطبع أذ حسبها تمزح , وقال في ألحاح:
" لنتكلم في جدية , ماذا تفعلين؟".
" أطبع كتب السيد ديننغ , فأنا سكرتيرته".
حسبت أن أهتمامه بها سيتضاءل ألا أنه تزايد , وعلق بنظرة ماكرة :
" هذا الصنف أحبه! السكرتيرة العصفورة , ذات المواهب المتعددة ".
أقترب منها فتراجعت , ونظرت الى موراي تطلب منه النجدة , كان ينظر اليها , أنما لم يكن عازما على أنقاذها , بل بدا مستمتعا بمراقبة محاولاتها الفاشلة للهرب من جارها الثقيل.
دخل شخص بأكواب شراب , فهجم أوغسطوس على الصينية حين أقترب حاملها منه وتناول كوبين , أعطي واحدا لأدريان وشرب الثاني في جرعتين.
أما صديقة موراي الجديدة , فكانت تلتصق به كما العسل بالملعقة...... قالت شيئا جعله يضحك , فشعرت أدريان بحسد فاتك من براعة الفتاة في أجتذابه , ووجدت نفسها مضطرة لتحمل رفيقها فترة أخرى.