" كلا , لأنني حين رأيت الفتاة المذكورة , لم أقدر أن أقف مكتوف اليدين , يا أعز الناس الي , لقد كنت بريئة وصريحة وصادقة الى حد جعلني أقرر حمايتك من مغبة غبائك , وبأي ثمن , وأعترف بأن تصرفاتي لم تخل من الأنانية , أذ أنني وقعت في حبك بدوري".
فتلوت بين ذراعيه وقالت:
" أذن لهذا السبب كنت تقضي الساعات في محاولة أقناعي بفسخ الخطوبة؟".
فشد ذراعيه حولها وقال:
" كفي عن التلوي يا حلوتي , أنك تشتتتين ذهني!".
ثم أجاب سؤالها:
" لم أفعل ذلك بدافع الحب فقط , ولأنني أعرف طبيعة أخي وخصائصه ظاهرا وباطنا فقد أستطعت التكهن بأن عواقب زواجك منه ستكون- – في عرف الطب- كارثة! وبغض النظر عن رغبتي الخاصة في أن تكوني لي , كان من واجبي كطبيب أن أحذرك , ولكن التحدث معك في ذلك الموضوع كان كمحاولة أقناع النهر بأن يغير مجراه , وهكذا كدت ألقي سلاحي".
ثم وضع خده على شعرها وقال:
" أتذكرين لما تركتك لألتقي غريتل ؟ كانت معنوياتي في أسفل درجاتها أذ كنت مقتنعا بأنني خسرت وأن كليفورد هو المنتصر الأخير".
رفعت يدها ومررتها على شعره فقبض عليها وألصقها بخدها وقال:
" أتذكرين كيف تأخرت كثيرا عن موعد رجوعي؟".
" نعم , وقد ظننت ليلتها أنني لن أراك أبدا".
" ما كنت بعيدة عن الحقيقة أذ كدت لا أعود أبدا".
" ولماذا؟".
" لأنني لم أحتمل أن أرى الفتاة التي أحب تضيع حياتها في سبيل رجل لا يحبها بل يحتاجها فقط لأسباب أنانية محضة, عندها قررت ألا أتخلى عنك من دون أن أناضل لأستردادك , وحتى لو لم أستطع أن أحملك على حبي , فيمكنني على الأقل القيام بمحاولة أخرى لأمنعك من تحطيم حياتك أذا تزوجته".
ثم تخلى عن جديته وقال:
" لكن حين أكتشفت كم أنت عنيدة , وأنني ما أستطعت أحداث شق واحد في درعك....".
" لكنك فعلت ذلك في الأخير".
"متى ؟ بعد حفلة أوغسطوس؟".
" نعم , كانت تلك القشة الأخيرة ولكن عملية الأقناع كانت تدريجية , ففيما كنت تظن طوال الوقت بأنك ما حققت أي أنتصار , كنت في الواقع تقنعني بالتدريج وتضعف مقاومتي , على أي حال , كان حبي لك يزداد في كل مرة , وهكذا كان لا بد من أن تنتصر في النهاية!".
فقال في رقة:
" تلك الليلة , بعد أن قطبت جرحك , هل كنت تحاولين أخباري .........بطريقتك الخاصة أنك تحبينني؟".
" نعم لكنك رفضتني".
"لو تعلمين يا حبيبتي كم كنت وقتها قريبا من التخلي عن تصميمي ومن أخذك بين ذراعي ....... أن رؤيتي لك تبكين , وعجزي عن التخفيف عنك بعد كل الذي عانيته تلك الليلة , كان جحيما صرفا بالنسبة الي".
فسألته وفي صوتها بقايا عذاب :
" لكن لماذا , يا موراي , لم تصارحني بحبك؟".
" لأنني كنت مقتنعا يا حبيبتي بأنك لن تصدقيني أذا صارحتك بحبي....... كنت واثقا من أنك ستتهمينني مجددا بأنني أقول ذلك لأغيظ أخي ولأسرقك منه".
" لكنني كنت مقتنعة بأنك تحب غريتل".
" أحببتها منذ وقت طويل جدا الى حد النسيان تقريبا , لا أعتقد أنها سوف تتزوج ثانية , وحتى أذا فعلت , فلن تتزوج شخصا مثلي".
" ولكن في حفلة أوغسطوس .....".
فقاطعها:
" لقد تعاونت معي وقتها على لجم ديزيريه ونجحت غريتل تماما , والآن , دعينا نبحث أمورا أهم من هذه , لقد حجزت لك غرفة لليلة واحدة في فندق قريب , وهذا المساء ننقل حقائبك اليه , أما الآن , فسنخرج لتناول الطعام ثم نبتاع الخاتم , وفي أقل من أربع وعشرين ساعة سوف يصبح بيتي بيتك وتصبحين زوجتي , حيث سأضطر الى أنجاز عمل مهم جدا".
فهمست وهي تحدق اليه:
" حاضر يا دكتور , أوامرك نافذة يا دكتور ".
فوجه كلامه الى الكلب الذي كان يراقبهما طوال الوقت بلا حراك:
" فليك , ها هي تعود الى العفرتة , أعتقد أنها تحاول أثارتي بالرغم من تحذيري لها".
ثم أخذ وجهها بين يديه , وسألها ناظرا في عينيها المشعتين:
" هل تستفزينني؟".
منتديات ليلاس
أبتسمت فأكتفى بذلك الجواب , وقال وفي صوته نبرة خطر:
" حذار يا فتاتي , أنك تلعبين بالنار , هل تعين ذلك؟".
أومأت برأسها فقال:
" الآن ستحترق أصابعك يا حبيبتي".
وبلباقة متناهية نهض فليك متثائبا في كسل ثم زحف الى المطبخ وتكوّر قريرا في الزاوية.
تمت