كاتب الموضوع :
نيو فراولة
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
10- نزيف الظلال
في الصباح التالي , وفي طريقها الى العمل ,حدثت نفسها بأنها لن تضطر لرؤية موراي لأنه سيتعمد الأبتعاد عنها , لكنها حين غادرت غرفة كليفورد بعد أن أملى عليها صفحات جديدة , ضبطها موراي على الدرج , وناولها مقود فليك بدون أن ينطق بكلمة ........شكرته بشفتين متيبستين , فأحتواها بنظرة باردة مهيتة وقال بصوت فاتر:
" هل وصلت البيت بخير؟".
" نعم , شكرا".
فأومأ برأسه وعاد الى غرفته مغلقا باباب بقوة , فتابعت هبوط الدرج فيما أخذت زخارف السجادة تمتزج وتتماوج تحت دعساتها على كل درجة........ دخلت الكوخ وجلست أمام الآلة الكاتبة تحدق الى مفاتيحها وشفتاها ترتجفان , لا يجب أن تسمح لدموعها بالأنهمار , فأمها سترى آثار البكاء على وجهها , ولن تطيق ما سيلحق ذلك من أستجواب.
وصلت غريتل ستيل في اليوم التالي وسمعت أدريان صوتها قبل أن تراها , كان خافتا لطيفا وضحكتها دافئة كشخصيتها ....... هكذا فكرت أدريان والغيرة تسحقها ........... وفي وقت لاحق ألتقتا صدفة في الردهة فعرفهما موراي الى بعضهما.
كانت غريتل بنية الشعر وجذابة , ذات عينين صريحتين ودودتين , وتصرفات تفيض بسحر عفوي , لقد أحبها موراي في باكورة شبابها , وأكيد أنه ما يزال يحبها لكونه لم يتزوج .... أما الآن وقد عادت حريتها اليها , فمن المؤكد أنهما سيكلالان حبهما يوما بالزواج.
نظرت غريتل الى أدريان متساءلة , وللحظة ألتقت عيناها بعيني موراي فأعطاها الرد بصمت كما لو أنهما تبادلا سؤالا وجوابا لفظيين ......... فقالت أدريان في نفسها " ( أنهما متناغمان , ويفسران أفكار بعضهما كما يفعل المحبون).
وقالت غريتل:
" ها أنا ألتقي أخيرا خطيبة كليفورد , متى موعد الزفاف؟".
ثم ألتفتت الى موراي باسمة وسألته:
" أتظن أننا سندعى اليه؟".
فسارعت أدريان تغطي الصمت المحرج بقولها :
" ليس قريبا يا دكتورة ستيل ......بل بعد بضعة أشهر على الأرجح ".
" ألا تعرفين الموعد؟ كنت أحسب أن الخطيبات لا يحصين الأيام فقط بل الساعات أيضا , هكذا فعلت أنا".
فغمغم موراي بجفاف وهو يقودها بعيدا:
" لم تتعرفي الى كليفورد , أن لقاءه متعة ...... حين يقرر النهوض من الفراش".
فضحكت غريتل وقالتلأدريان من فوق كتفها:
" أرجوك , ناديني غريتل يا عزيزتي وأنا سأناديك أدريان ".
فأبتسمت لها الفتاة شاكرة .
وذات صباح ألتقت بموراي على الدرج بمفرده , تطلعت اليه وعيناهاتناشدانه أن يكلمها كما كان يفعل سابقا , وأن ينظر اليها بدفء وليس بذلك الخواء وكأنه لا يعرفها ..... بادلها تحديقها بنظرة بعيدة منعزلة وعيناه الباردتان كالموت تصدانها من عمق العداء البادي فيهما ....... أرتجفت شفتيها حتى أضطرت للضغط عليها بظاهر يدها لتوقف أرتجافها.
منتديات ليلاس
وقبيل موعد أنصرافها في آخر النهار , قال لها كليفورد وهو يريها بطاقة دعوة:
" أنها من صديقي القديم أوغسطوس تشارلز يدعونا فيها الى أمسيته الأدبية , وكما سترين أنه يوجه دعوة خاصة الى ( سكرتيرته الصغيرة الحلوة) , يبدو أنك أحدثت لديه أنطباعا جيدا".
ففكرت أدريان في أسى : ( هذه عبارة بسيطة بالنسبة الى حقيقة الأنطباع الذي أخذه عني ذلك الرجل).
وتابع خطيبها يقول:
" هناك مقطع في الرسالة لا أفهمه تماما , فهو يدعو ( صديقك أيضا) , فمن يقصد يا ترى ما دام لا يعلم شيئا عن خطوبتنا؟".
شعرت بحرج وشرحت له بقولها أن أوغسطوس كان ألتقاها في مهرجان القرية , ولكونه رآها مع موراي فلا بد أنه أفترض أن موراي خطيبها.
فعبس كليفورد وسألها:
" وهل أفهمه موراي خطأه؟".
فأجابت في أرتباك:
" ليس تماما , أعتقد أن موراي لم يشأ أن يأتمن أوغسطوس على السر , فخطوبتنا لم تعلن رسميا كما تعلم , ولم تعرف وقتها أذا كنت ترغب في أعلانها....... أنها لغاية الآن لا أعرف موقفك".
فأخذ يدها في يده وأجاب:
" أدريان , هل تريديننا أن نعلنها؟ أذا كانت هذه رغبتك يا عزيزتي ........ وأنت على كل حال تلبسين خاتمي".
أومأت برأسها , لا يسعها أن تفعل أي شيء آخر , ومتى شاع الخبر سيرتفع بينها وبين موراي جدار أعلى من الأول ....... أليس هذا ما تبتغيه هي؟ حجر صلب فوق حجر , وسوف يرتفع الجدار حتى يأتي يوم ستعجز فيه عن رؤية موراي تماما....... وحين تعزز الخطوبة بأعلان رسمي فقد تتمكن مع الوقت من نسيانه كليا.
|