تتابعت الأيام وعجبت ساشا وهي ترى إنها قد أمضت ,
حتى الآن , حوالي ثلاثة أسابيع في منزل ( الاستراحة)
وفي انكلترا نحو أربعة أسابيع .
لم تستطع ساشا , حتى الآن , الإتصال بأمها. و لما كانت
تعلم أن سوزان وسايروس كونواي , والدتها وزوجها , قد
أصبحت عودتهما إلى البيت متوقعة في أي وقت الآن , لتنتهي
كل معاملاتها المالية ورسومها الجدرانية كذلك, فقد شعرت
بالألم يعتصر قلبها وهي تفكر في أنه لن يبقى أمامها ما
يجعلها تقيم بذلك البيت بعد ذلك. وفكرت في إنه حتى ذلك
الحين , تكون الأيام التي أمضتها فيه في منتهى السعادة,
وخصوصاً الأماسي بعد العشاء , عندما كانت شيلا والدة
ريكس تذهب إلى الإسطبلات لتفقد الخيول أو لتراجع آخر
التقارير عن مختلف الجمعيات الخيرية التي كانت مشتركة
فيها, لتبقى هي , ساشا , و ريكس وحدهما .
كانت وحدها تلك الليالي التي كانت ساشا تتطلع إليها
وإلى ما كان يتخللها من مساجلات طويلة تشمل المواضيع
الذهنية والمرحة بينها وبينه كانت أحياناً تمتد ساعات
طويلة .
لم يكن من عادتها من قبل الإستمتاع بالحديث مع أي
شخص كان أو الاستماع إليه بهذه الكثرة. وكانت إذا ما
حانت لحظة الافتراق لتذهب إلى فراشها , تحس بلوعة
غريبة . ولكن كانت بينهما دوماً نظرات صامتة وتلميحات
وضحكات أو حتى تأوهات . أحاسيس عاطفية مشتركة
على الدوام تجمع بينهما , وكانت تنذر أحياناً بالانفجار.
وكانت تعرف أنها إذا هي تجاهلت هذا الإنذار وبقيت , فأن
إرادة ريكس الحديدية ستنهار ويتوقف عن الحديث لتجد نفسها
متورطة في مشاكل مع رجل قد سبق أن ارتبط جزئياً بامرأة
أخرى , إنها مشاكل لا تريدها وليس لها طاقة على
مقاومتها .
منتديات ليلاس
من الغريب أن القدرة على كتابة
قصص الأطفال التي
كانت قد ظنت أنها ماتت مع موت بن, قد عادت فجأة بكل
زخمها لتجد نفسها أمام فكرة جديدة لكتاب من كتبها
الصغيرة. لقد فشل كتابها الأخير , لأن موضوعه كانت
تنقصه الحياة تماماً كما كان شعورها هي في ذلك
الحين. لقد أفعمتها روح منطقة سافولك الريفية بالإلهام ,
لتسبغ على عملها حيوية خلاقة, تماماً كذلك القمح
الأسطوري الذي يبعث في حياة جديدة . ولكنها في
أعماقها, كانت تعلم أن السبب لم يكن ذلك فقط , كان
مصدر ذلك الإلهام أقوى من أن يكون مجرد جمال
الطبيعة , كان شيئاً جديداً وأشد خطورة من أن تعترف
به... حتى لنفسها. ولكن لم تعد الحياة مجرد ساعات
عليها أن تمضيها. لقد أصبحت معه تشعر بالحياة حقاً
كان الشعور مصدر سعادة لها. برغم أن غايفن تشيز
كان قد حاول . عندما ذهبت معه ذات يوم إلى السباحة في
المدينة, أن يثبط من روحها تلك حين قال: (( ما الذي
تقصدينه بقولك إنك لا تستطيعين تناول الغداء معي لأنك
تتناولينه مع ريكس تمبليتون؟ )) ثم خرج من حوض
السباحة ليتبعها مجتازاً الأرضية المبللة , وقد شعر
بالغيظ من رشراش المياه والصرخات التي تتعالى من
السابحين. وقبض على ذراعها يمنعها من الوصول إلى
غرفة تغيير الملابس وقد بان عليه عدم الرضى عن
خططها لليوم التالي, وقال: (( منذ متى؟ لا أظنك متورطة
معه, أليس كذلك؟ إذا كنت حقاً فأنت إنما تتصرفين
بحماقة, ذلك أن من المعروف عنه ميله إلى ابنة عمه
الجميلة, والشيء الوحيد الذي يمنعه من الارتباط بها هو
إعاقته, حسن, إنك تعلمين حالته. ))
حاولت ساشا أن تتملص منه غير راغبة في الحديث عنه
أو عن لورين. ولكن غايفن لم يتركها تذهب وبقي مصراً
على متابعة حديثه ليقول: (( من الواضح إنه كان جاداً في
علاقته مع فتاة ابتدأت منذ أكثر من أربع سنوات قبل الحادث,
ولكن يبدو أنها تركته لتعمل في وظيفة في الخارج, عندما
علمت أنه قد لا يستعيد قدرته على السير مرة أخرى , وكانت
لورين الجميلة تنتظر بلهفة جمع الشمل, فلا تحاولي أنت حل
هذا الرباط العائلي المتين. ))
قالت ساشا وهي تسحب ذراعها من يده بقوة: (( ومن قال
إنني أحاول ذلك؟ مسكين ريكس. )) وشعرت برجفة لم يكن
سببها فقط الشعور بالبرد بسبب قطرات الماء الباردة التي
تتساقط على كتفيها من شعرها المبلول. كيف أية
امرأة أن تكون بتلك القســــوة ؟
منتديات ليلاس
عاد غايفن يقول بجفاء وعدم ذوق كما رأت ساشا: ((لا
أظنه مسكيناً, قد تكون عديمة الخلق حقاً . ولكن ذلك لا
يعطيه الحق في أن يحاول أن يستحوذ على مودة فتاتي
وحنانها , في حين أنه غير مؤهل كفاية كما هو حاله الآن .
فإذا كنت ستأتين إلى لندن للتسوق غداً , فيمكنك المرور
عليّ في مكتبي أنا , وليس مكتبه . ))
قالت وهي تشعر بالضيق من الماء المتناثر من جراء قفز
إثنين من المراهقين إلى حوض السباحة : (( كلا , لا استطيع
يا غايفن . إنني أحب الوفاء بالوعد . ))